د. سمر الأبيوكي هاوية الكبر! الأحد 29 يونيو 2025
إن أصل صراع البشرية قاطبة يجب أن يرد إلى الجذور عندما كان الخلاف بين قوى الخير والشر واضحا لا تشوبه خلافات وصراعات جانبية، ولن أسترسل في قصة هابيل وقابيل، بل سأرجع لما هو أقدم من ذلك، عندما كان عزازيل منعما في الجنة، إلا أنه رفض السجود لآدم عندما أمره المولى عز وجل، ورفض فقط كونه يرى نفسه أفضل.
'خلقتني من نار وخلقته من طين' هكذا صرح، وهكذا خسر الشيطان كل أوراقه الرابحة بسبب غروره وكبره لا لشيء آخر، وهو نفس المرض الذي أشعل قلب قابيل غلا لتقبل الرحمن قربان أخيه هابيل عنه، فما كان منه إلا أن قتله! وهكذا هي كل الصراعات منذ الخليقة، أساسها الغرور والكبر. فكل عرق يرى أنه الأفضل بلا منازع، فيرى شعب الله المختار نفسه عاليا متعاليا خلق الجميع لخدمته وخلق هو حتى يسيطر على الأرض ويحكمها. وهكذا أيضا يرى كل عرق نفسه دون أن يلمح خطيئة الغرور والكبر، دون أن يعي أنه يسقط في منزلق خطير وعظيم، أخرج الشيطان من رحمة رب العالمين وحوله من كائن مطيع يصفو إلى مراتب الملائكة إلى مطرود من رحمة رب العالمين، وخالد في النار إلى أبد الآبدين!
أتعي البشرية ما هي مقبلة عليه من غلو في الكبر والغرور من أبسط الأمور إلى أكثرها تعقيدا؟! لا أظن ذلك، فمازالت الصراعات تنشب بين أديان وأعراق وطوائف، وعزازيل يضحك من قلبه، فقد استطاع أن يتسرب إلى هؤلاء وأولئك من ثغرة طفيفة: ثغرة الأفضلية! كل يرى أنه على حق بلا منازع، كل يرى أنه مخير وأنه الصواب كله، والبقية واقعة في الخطأ دونه! إنه الفخ الذي نصب للبشر منذ الخليقة من قبل قوى الشر ممثلة في الشيطان وأعوانه من جن ومن اعتنق هواهم وشرورهم من إنس. هكذا هو الحال وسيبقى منذ الخليقة حتى فنائها، فلا نزاع أو خلاف أو حرب أو خراب يرد إلى أصله حتى تجد عزازيل متسيدا الموقف. ولا مفر إلا أن نعوذ بالله رب الكون أنفسنا وذريتنا وعقولنا، وندعوه أن تبقى الحكمة متسيدة العقول والأنفس والأهواء أبد الآبدين!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- البلاد البحرينية
د. سمر الأبيوكي هاوية الكبر! الأحد 29 يونيو 2025
إن أصل صراع البشرية قاطبة يجب أن يرد إلى الجذور عندما كان الخلاف بين قوى الخير والشر واضحا لا تشوبه خلافات وصراعات جانبية، ولن أسترسل في قصة هابيل وقابيل، بل سأرجع لما هو أقدم من ذلك، عندما كان عزازيل منعما في الجنة، إلا أنه رفض السجود لآدم عندما أمره المولى عز وجل، ورفض فقط كونه يرى نفسه أفضل. 'خلقتني من نار وخلقته من طين' هكذا صرح، وهكذا خسر الشيطان كل أوراقه الرابحة بسبب غروره وكبره لا لشيء آخر، وهو نفس المرض الذي أشعل قلب قابيل غلا لتقبل الرحمن قربان أخيه هابيل عنه، فما كان منه إلا أن قتله! وهكذا هي كل الصراعات منذ الخليقة، أساسها الغرور والكبر. فكل عرق يرى أنه الأفضل بلا منازع، فيرى شعب الله المختار نفسه عاليا متعاليا خلق الجميع لخدمته وخلق هو حتى يسيطر على الأرض ويحكمها. وهكذا أيضا يرى كل عرق نفسه دون أن يلمح خطيئة الغرور والكبر، دون أن يعي أنه يسقط في منزلق خطير وعظيم، أخرج الشيطان من رحمة رب العالمين وحوله من كائن مطيع يصفو إلى مراتب الملائكة إلى مطرود من رحمة رب العالمين، وخالد في النار إلى أبد الآبدين! أتعي البشرية ما هي مقبلة عليه من غلو في الكبر والغرور من أبسط الأمور إلى أكثرها تعقيدا؟! لا أظن ذلك، فمازالت الصراعات تنشب بين أديان وأعراق وطوائف، وعزازيل يضحك من قلبه، فقد استطاع أن يتسرب إلى هؤلاء وأولئك من ثغرة طفيفة: ثغرة الأفضلية! كل يرى أنه على حق بلا منازع، كل يرى أنه مخير وأنه الصواب كله، والبقية واقعة في الخطأ دونه! إنه الفخ الذي نصب للبشر منذ الخليقة من قبل قوى الشر ممثلة في الشيطان وأعوانه من جن ومن اعتنق هواهم وشرورهم من إنس. هكذا هو الحال وسيبقى منذ الخليقة حتى فنائها، فلا نزاع أو خلاف أو حرب أو خراب يرد إلى أصله حتى تجد عزازيل متسيدا الموقف. ولا مفر إلا أن نعوذ بالله رب الكون أنفسنا وذريتنا وعقولنا، وندعوه أن تبقى الحكمة متسيدة العقول والأنفس والأهواء أبد الآبدين!


البلاد البحرينية
منذ 2 أيام
- البلاد البحرينية
عاشوراء والهوية الوطنية
تُعرّف الهوية الوطنية بأنها مجموعة الخصائص والصفات التي تُميّز مجتمعًا أو أمة عن غيرها، وتشمل العناصر الثقافية، واللغوية، والتاريخية، والقيَميّة المشتركة، ما يعزز الانتماء والفخر بالوطن، ومما نعتزّ به ونفخر ويشكّل جزءًا من هويتنا البحرينية الأصيلة المتجذرة في هذا الوطن المعطاء، الإحياء المميّز لذكرى استشهاد سبط النبي الأكرم (ص) الإمام الحسين بن علي عليه السلام، وهو نهج يمثّل تاريخًا وامتدادًا توارثناه أبًا عن جدّ وتَعارف عليه أهل البحرين بكل تلاوينهم بانسجامٍ وطنيٍ أصيل عُرفت البحرين به. عاشوراء البحرين ليست موسمًا ناجحًا لشعائر تحتضن زخمًا جماهيريًّا كبيرًا تتكاتف بها جهود المخلصين من أهل العزاء مع جهود الجهات المختصة الأمنيّة والخدميّة وحسبْ، عاشوراء البحرين تتشّح فيها أزقة المدن والقرى بسواد الحِداد على سيّد الشهداء، عاشوراء البحرين خطباء لامعون بأساليبهم المتفرّدة في الوعظ والرثاء، عاشوراء البحرين ردّ وإنشاد رواديد شنّفوا أسماع الناس بأطوار الندْب والعزاء، عاشوراء البحرين قصائد وأدب ملأ أرشيف المكتبة الحسينية وبات مرجعًا للشعراء، عاشوراء البحرين مواكب سيّارة تجوب شوارع البحرين صُبحا ومساء، عاشوراء البحرين فن أُسست له الجمعيات والمراسم الحسينية لتقدّم واقعة الطف رسالة خالدة بأسلوب عصريٍ جميل، عاشوراء البحرين و'عيش الحسين' ومضائف أهل الكرم وبركات مآتم أمهاتنا وأخواتنا النساء. عاشوراء البحرين تلازم فيه كلمة 'مأجورين' التحية والسلام، وتعني الدعاء بأن ينال من يُشارك ويحيي العزاء الأجر الكثير والثواب الجزيل من الله تعالى نظير عمله الصالح بمواساته وحزنه واستذكاره مُصاب الإمام الحسين (ع) والثلّة الطيبة من أهل بيته وأنصاره. كل تلك النِعم تستوجب الشكر والثناء على الجهود الرسميّة التي تسخّر كل مؤسسات الدولة ذات الاختصاص لخدمة العزاء والمعزّين، وبدعم ورعاية وتوجيهات مباشرة من قيادتنا الحكيمة، وشكر النعمة بالحفاظ عليها وإبعادها عن كل مكدّرٍ بعيد عن غاياتها. هنيئًا لمن ارتبطت هويتّه بإحياء ذكرى سيد شباب أهل الجنة، وأدام الله بركات الشعائر الحسينية على هذا البلد الطيّب، والتي بها نستشعر التوفيق لحُبّ الله لنا استنادًا للحديث النبوي الشريف 'أحبّ الله من أحبّ حسينًا'.


البلاد البحرينية
منذ 3 أيام
- البلاد البحرينية
على أبواب إجازة الصيف
تبذل العائلات قصارى جهدها خلال العام الدراسيّ؛ فلا تدّخر جهدًا ولا فلسًا ولا فِكرًا لتأمين سنة دراسية ناجحة لأولادها، وتحلم كل عائلة ومعها سائر مكونات المجتمع بأن تحصد ثمار تخطيطها الجيد، بل وأن يجني أبناؤنا ثمار تعبهم وجدّهم أثناء العام الدراسي.. ثمّ نستقبل بكل سرور إجازة الصيف، نستقبل فترة من حياة أبنائنا يسميها البعض خطأ وقت فراغ، ويتفنّن الأطفال في أثنائها في 'قتل' وقت الفراغ وهدر الزمن. ولمّا كان الوقت موردًا مهمًّا للإنسان، ومسؤولًا عنه أمام الله وعباده، فإنّ إجازة الصيف ليست وقت فراغ بالنسبة إلى طلابنا وشبابنا. نعم هي فترة يحتاجها المتعلم لاستعادة أنفاسه، والاستعداد للعام الدراسي الجديد، لكنها فترة ليست قصيرة، فهي تناهز ربع العام، لذا تتطلّب تصوّرًا دقيقًا وواضحًا لإجازة الصيف، حيث يغتنم الأطفال والشباب هذا الزمن الطويل بشكل مفيد، فلا يمضي العمر سُدى. إنّ الإجازة الصيفية جزء مهمّ من حياتنا يحتاج تخطيطًا جيدًا يلبّي حاجات أبنائنا، لذا لابدّ أولًا من الاستماع إلى هؤلاء الأطفال والشباب وفهم نظرتهم إلى هذه الفترة المهمّة من السنة ومن حياتهم. إنّ المدرسة لا يمكن أن نحمّلها منفردة المسؤوليّة في بناء شخصية أبنائنا وإكسابهم العديد من المهارات؛ فالكثير من الأطفال والشباب بحاجة إلى اكتساب مهارات رياضية واجتماعية بالإضافة إلى تطوير مهارات القراءة السريعة أو الكتابة السريعة أو مهارات فهرسة المعلومات ومهارات الكتابة على الحاسوب، فضلًا عن مهارات الحياة عمومًا. ويمكن أن يكتسب الشباب هذه المهارات من خلال دورات تدريبية على غرار تلك التي تقوم بها مراكز الأطفال والمراكز الشبابية وغيرها. فضلًا عن الدخول في الحياة العملية مع الوالدين أو الأقارب في مجالات الصناعة والبيع والشراء، أو المشاركة في الأعمال التطوعيّة؛ حيث توفّر هذه المجالات فرصة كبيرة للشباب لتوسيع دائرة معارفهم، وتطوير ذواتهم من خلال ما يكتسبونه من مهارات متنوّعة ولا سيما في التعامل المباشر مع وضعيات حياتية واقعية. إنّه متى شعر الأطفال والشباب بالاستفادة من هكذا دورات وتجارب حياتية، واستشعروا الفروق الواضحة بين الخبرات المدرسية والمهارات الحياتية المكتسبة خلال الإجازة الصيفيّة، فإن النظر إلى وقت الإجازة الصيفية سيتغيّر؛ فلا مجال لقتل وقت الفراغ ولا هدر الزمن، إنما المجال لتصميم الأهداف وتحقيقها من أجل بناء الذات صيفًا وشتاء.