logo
الملكية الفكرية... محرك خفي لنمو اقتصاديات الدول

الملكية الفكرية... محرك خفي لنمو اقتصاديات الدول

عكاظمنذ 3 أيام
لم تعد الأصول الملموسة هي العنصر الوحيد الذي يصنع الفارق في ميزان التنافس بين الدول، بل أصبحت الملكية الفكرية تمثل إحدى الركائز الأساسية لاقتصاد المعرفة، وواحدة من المحركات الخفية التي تصوغ مستقبل الاقتصاد العالمي.
في عصر التحوّل الرقمي، لم تعد الاقتصادات تُقاس فقط بما تنتجه من سلع وخدمات، بل بما تبتكره من أفكار وحلول وإبداعات. وهنا تتجلى أهمية حماية الملكية الفكرية، التي تشمل براءات الاختراع، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية، والتصاميم الصناعية وغيرها، باعتبارها أداة إستراتيجية لتشجيع الابتكار وتحفيز الاستثمار في البحث والتطوير.
تشير تقارير منظمة الويبو (WIPO) إلى أن الدول التي تستثمر في بناء أنظمة قوية للملكية الفكرية تحقق معدلات أعلى في الناتج المحلي الإجمالي، وتستقطب استثمارات أجنبية أكبر، وتتمتع بقدرة تنافسية أعلى على مستوى الأسواق العالمية. فحماية الحقوق الفكرية تمنح المبتكرين الثقة، وتُشجّع الشركات على المخاطرة في تطوير تقنيات جديدة، مما يعزز خلق فرص العمل ويساهم في التنوع الاقتصادي.
وتزداد أهمية الملكية الفكرية في القطاعات عالية النمو مثل التكنولوجيا والبرمجيات، والصناعات الدوائية، والطاقة النظيفة، وصناعات المحتوى الإبداعي. ففي هذه القطاعات، تكمن القيمة الأساسية في الفكرة لا في المنتج المادي، مما يجعل حماية الحقوق الفكرية ضرورة اقتصادية لا ترفاً قانونياً.
وليس أدلّ على ذلك من تجربة الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وسنغافورة، التي وضعت الملكية الفكرية في قلب إستراتيجياتها الاقتصادية، واستطاعت من خلالها جذب شركات التقنية الكبرى، وبناء بيئات حاضنة للابتكار وريادة الأعمال. أما على مستوى الدول النامية، فإن تعزيز أنظمة الملكية الفكرية لا ينبغي أن يُنظر إليه كاستجابة لضغوط دولية فحسب، بل كأداة لتمكين اقتصاداتها المحلية من الانخراط في سلاسل القيمة العالمية، وحماية تراثها الثقافي والمعرفي، وتحقيق عائد عادل من إبداعاتها.
في السعودية، تتصدّر الهيئة السعودية للملكية الفكرية هذا التحوّل من خلال دور محوري يتجاوز الإطار التنظيمي التقليدي، ليشمل التمكين والتحفيز والتوعية، إيمانًا منها بأن حماية حقوق الملكية الفكرية تمثل ركيزة أساسية لنهضة الدول اقتصاديًا، ودافعًا رئيسيًا نحو بناء اقتصاد قائم على الابتكار والمعرفة، بما يتوافق مع التحوّلات الاقتصادية الطموحة التي تعيشها المملكة في ظل رؤية 2030.
إن المستقبل الاقتصادي للدول لن تحدده فقط الموارد الطبيعية أو حجم السوق، بل مدى قدرتها على احتضان المبدعين، وتأمين حقوقهم، وتحويل الأفكار إلى أصول اقتصادية قابلة للتداول والاستثمار. ولهذا، فإن بناء ثقافة تحترم الملكية الفكرية، وتشجع على الابتكار، لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية وإستراتيجية.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد
ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

الشرق الأوسط

timeمنذ 36 دقائق

  • الشرق الأوسط

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده ستفرض رسوماً جمركية على دول الاتحاد الأوروبي، بنسبة 30 في المائة في الأول من أغسطس (آب) المقبل، في ضربة قوية لأبرز شريك تجاري للولايات المتحدة. وكتب ترمب، السبت، على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»: «العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي يشكل تهديداً كبيراً لاقتصادنا ولأمننا القومي»، مشدداً على أنه إذا قرر الاتحاد الأوروبي رفع الرسوم الجمركية على البضائع الأميركية والرد بالمثل «سنزيد الجمارك بنفس القدر إلى نسبة 30 في المائة المفروضة حالياً». وأضاف ترمب أن «الاتحاد الأوروبي لا يجب أن يفرض أي رسوم جمركية على البضائع الأميركية». كما هدّد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على المكسيك، في إطار حربه التجارية. وقال ترمب، في رسالتين منفصلتين، إن الرسوم ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من أغسطس، مشيراً إلى دور المكسيك في تدفق مخدرات إلى الولايات المتحدة، واختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي. وردت على الفور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قائلة إن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه إذا مضت الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على السلع الأوروبية اعتباراً من أول أغسطس. وأضافت فون دير لاين، التي ترأس الذراع التنفيذية للتكتل، في بيان، أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مستعداً «لمواصلة العمل من أجل إبرام اتفاق بحلول أول أغسطس». وتابعت: «قليل من الاقتصادات في العالم تضاهي مستوى انفتاح الاتحاد الأوروبي والتزامه بالممارسات التجارية العادلة». وأردفت قائلة: «سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد تدابير مضادة متناسبة إذا لزم الأمر». يأتي ذلك فيما تعتزم المفوضية الأوروبية التراجع عن خططها لفرض ضريبة على الشركات الرقمية، فيما يشكل انتصاراً للرئيس الأميركي وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل «أبل» و«ميتا»، وفق وثيقة نشرتها مجلة «بوليتيكو». وقال كبار المفاوضين التجاريين للاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، إن المحادثات التجارية بين الجانبين تسير في الاتجاه الصحيح. ودخلت الرسوم الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ، الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي تريد فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الشركاء التجاريين تقديم أفضل العروض؛ لتجنب دخول رسوم استيراد عقابية أخرى حيز التنفيذ. وسيُمثل قرار التراجع عن فرض ضريبة رقمية تحولاً جذرياً للاتحاد الأوروبي، الذي طرح في مايو (أيار) الماضي فكرة فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة كوسيلة لسداد ديونه، وقد ذُكرت هذه الفكرة في وثيقة حول الميزانية ناقشها مفوضو الاتحاد الأوروبي الـ27. وقد يكون هذا التراجع خطوة استراتيجية من الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى جاهداً للحصول على شروط تجارية تفضيلية مع الولايات المتحدة. كان ترمب قد فرض ضريبة استيراد بنسبة 20 في المائة على جميع المنتجات المصنّعة في الاتحاد الأوروبي في أوائل أبريل (نيسان)، وذلك جزءاً من سلسلة من الرسوم الجمركية استهدفت الدول التي تعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً معها. لكن بعد ساعات من دخول الرسوم النوعية حيز التنفيذ، جمَّدها حتى 9 يوليو (تموز)، مكتفياً بمعدل قياسي قدره 10 في المائة؛ لتهدئة الأسواق المالية وإتاحة الوقت للمفاوضات. ومع ذلك، عبّر ترمب عن استيائه من موقف الاتحاد الأوروبي في المحادثات التجارية، وقال إنه سيرفع معدل الرسوم على الصادرات الأوروبية إلى 50 في المائة؛ ما قد يجعل أسعار كل شيء - من الجبن الفرنسي والسلع الجلدية الإيطالية إلى الإلكترونيات الألمانية والأدوية الإسبانية - أغلى بكثير في الولايات المتحدة. وقالت المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة في التكتل المؤلَّف من 27 دولة، إن قادتها يأملون في التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترمب. وفي حال تعثّرت المفاوضات، قالت المفوضية إنها مستعدة للرد بفرض رسوم جمركية على مئات المنتجات الأميركية، من لحوم البقر وقطع غيار السيارات إلى الطائرات من طراز «بوينغ». من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الأحد، إن «الاتحاد الأوروبي كان بطيئاً جداً في الجلوس إلى طاولة المفاوضات»، لكنه أضاف أن المحادثات الآن تشهد «تقدماً جيداً جداً». التجارة الأميركية الأوروبية وصفت المفوضية الأوروبية العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها «أهم علاقة تجارية في العالم». وبلغت قيمة التجارة في السلع والخدمات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 1.7 تريليون يورو (تريليونا دولار) في عام 2024، أي ما يعادل في المتوسط 4.6 مليار يورو يومياً، وفقاً لبيانات وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات). وكانت أكبر صادرات أميركية إلى أوروبا، النفط الخام، ثم الأدوية، والطائرات، والسيارات، والمعدات الطبية والتشخيصية. أمّا أكبر صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة فشملت الأدوية، والسيارات، والطائرات، والمواد الكيميائية، والأدوات الطبية. ولطالما اشتكى ترمب من فائض الاتحاد الأوروبي في الميزان التجاري السلعي، الذي بلغ 198 مليار يورو؛ ما يعني أن الأميركيين يشترون سلعاً أوروبية أكثر من الأوروبيين الذين يشترون سلعاً أميركية. غير أن الشركات الأميركية تعوّض بعض هذا العجز من خلال تحقيق فائض في تجارة الخدمات، مثل الحوسبة السحابية، وحجوزات السفر، والخدمات القانونية والمالية. وأسهم هذا الفائض في الخدمات في تقليص العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي إلى 50 مليار يورو (59 مليار دولار)، أي ما يقل عن 3 في المائة من إجمالي التجارة الثنائية.

ترمب يفرض رسوماً جمركية على بضائع المكسيك والاتحاد الأوروبي بنسبة 30%
ترمب يفرض رسوماً جمركية على بضائع المكسيك والاتحاد الأوروبي بنسبة 30%

الشرق للأعمال

timeمنذ 37 دقائق

  • الشرق للأعمال

ترمب يفرض رسوماً جمركية على بضائع المكسيك والاتحاد الأوروبي بنسبة 30%

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بواقع 30% على واردات بلاده من المكسيك والاتحاد الأوروبي، بدءاً من 1 أغسطس، مهدداً بأن البضائع الأوروبية التي ستتهرب من التعريفات الجمركية ستخضع لرسوم أعلى. ترمب كشف عن الرسوم الجمركية الأحدث في رسالتين نشرهما على موقعه "تروث سوشيال" يوم السبت، إذ أبلغ شركاءه التجاريين الرئيسيين بالتعريفات الجديدة التي سيتم تطبيقها حال عدم تمكنهم من التفاوض على شروط أفضل. تجدر الإشارة إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب لا تشمل أي تعريفات جمركية قطاعية محددة سبق أن فرضتها الإدارة أو تعتزم فرضها بشكل منفصل على السلع المستوردة في قطاعات رئيسية. وفي خطابه الموجه للاتحاد الأوروبي، قال ترمب "الاتحاد الأوروبي سيفتح أسواقه بالكامل للولايات المتحدة الأميركية"، وأضاف أنه إذا ما قرر التكتل الرد برسوم انتقامية إضافية "ستتم زيادة النسبة المُضافة إلى الثلاثين بالمائة التي نفرضها". رد الاتحاد الأوروبي على رسوم ترمب وكان الاتحاد الأوروبي يأمل في التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الولايات المتحدة لتجنب فرض الرسوم الجمركية، لكن رسالة ترمب خففت من التفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة بين الاقتصادات الكبرى. ورداً على خطاب ترمب، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيان رسمي إن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي من شأنه أن "يعطل سلاسل التوريد الأساسية عبر الأطلسي، مما يضر بالشركات والمستهلكين على جانبي الأطلسي". وأكدت على استعداد الاتحاد الأوروبي "مواصلة العمل نحو التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من أغسطس". وفي الوقت نفسه، "سنتخذ جميع الخطوات اللازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد تدابير مضادة متناسبة إذا لزم الأمر". في سياق متصل، قال أنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي، في منشور على موقع "إكس" إن الاتحاد مستعد لحماية مصالحه مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية تُغذي التضخم وتخلق حالة من عدم اليقين وتعيق النمو الاقتصادي، وأكد أن التكتل يريد اتفاقاً عادلاً مع أميركا. وأوضح أن التجارة الحرة والعادلة تعمل على تعزيز الرخاء، وخلق فرص العمل، وتعزيز سلاسل التوريد. ومن شأن تطبيق الرسوم الجمركية بجانب التعريفات المفروضة على قطاعات السيارات والصلب أن تضع الاتحاد الأوروبي في وضع تنافسي غير مواتٍ أمام الصادرات الأميركية. تجدر الإشارة إلى أن الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب تأتي أعلى من المعدلات الأولية التي تم الكشف عنها في أبريل، إذ رفع المعدل للاتحاد الأوروبي من 20% إلى 30%، كما لم تتضمن قائمة أبريل تعريفة للمكسيك. وعن المكسيك، قال ترمب في رسالته: "لم تتمكن المكسيك بعد من إيقاف الكارتلات التي تسعى لتحويل أميركا الشمالية بأكملها إلى ساحة لتجارة المخدرات. من الواضح أنني لن أسمح بحدوث ذلك!". أنشأت المكسيك والولايات المتحدة مجموعة عمل ثنائية جديدة، يوم الجمعة، لمعالجة قضايا الأمن والهجرة والاقتصاد، وفقاً لبيان نشره وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرارد يوم السبت على موقع "إكس". وجاء في البيان أن المهمة الرئيسية الأولى للمجموعة ستكون إيجاد بديل للرسوم الجمركية و"حماية الوظائف على جانبي الحدود". المكسيك تجري مفاوضات مع أميركا لتجنب رسوم ترمب إعلان ترمب عن الرسوم المفروضة على المكسيك والاتحاد الأوروبي، يأتي بعد الكشف عن تعريفات على عدد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بما فيهم البرازيل (50%)، ولاوس وميانمار (40%)، والعراق والجزائر وليبيا وسريلانكا وجنوب أفريقيا (بواقع 30%)، واليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وكازاخستان وبروناي ومولدوفا وتونس (25%)، والفلبين (20%). وفيما يلي جدول يتضمن مقارنة معدلات الرسوم الجمركية التي كشف عنها ترمب بالتعريفات الأولية التي أعلن عنها في أبريل.

سكوت بيسينت... وزير الخزانة الأميركي ثري يميني مرشح لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي
سكوت بيسينت... وزير الخزانة الأميركي ثري يميني مرشح لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي

الشرق الأوسط

timeمنذ 37 دقائق

  • الشرق الأوسط

سكوت بيسينت... وزير الخزانة الأميركي ثري يميني مرشح لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي

رغم أن وزير الخزانة الأميركي يعد الخامس على خط الخلافة الرئاسية في حالات الطوارئ، لكن نادراً ما كان من بين الشخصيات السياسية البارزة التي تحظى بالأضواء، واهتمام الرأي العام، والإعلام الأميركي. مع هذا، قفز سكوت بيسينت، وزير الخزانة الحالي في إدارة الرئيس دونالد ترمب الثانية، إلى دائرة الاهتمام منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، ليس فقط لكونه أول وزير مثلي يُعيّنه مجلس الشيوخ في إدارة جمهورية، أو لأنه أحد الوزراء من أصحاب الملايين الذين عيّنهم ترمب، أو حتى من ولائه المطلق له، ولكن على الأرجح بسبب استمرار اضطراب سوق الأسهم. إذ إن الجدل الذي اندلع حول رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الحالي، جيروم باول، واستقلالية مجلس محافظي البنك برمته، الذي اختار بيسينت الانخراط فيه عُد مخالفة لتقليد أميركي عريق، حين أعلن انحيازه للرئيس ترمب، الذي شن، ولا يزال يشن، هجمات مستمرة على باول وسياساته المتعلقة بخفض الفائدة، رغم الأخطار التي يحذّر منها الخبراء على الاستقرار المالي والأسواق، ليس فقط في أميركا، بل وفي العالم كله. وفقاً لتقرير حديث لوكالة «بلومبرغ»، ناقش بعض مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب إمكانية تولي سكوت بيسينت منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي بجانب منصبه الحالي، وزير الخزانة. وعند سؤاله عن ذلك في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع، اعترض بيسينت، لكنه قال إنه على دراية بسابقة تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي لمثل هذا الدور المزدوج، والذي قام به هنري مورغنثاو الابن. فمن هو سكوت كينيث هومر بيسينت (63 سنة)، الذي غير انتماءه السياسي ككثيرين غيره، من «الحزب الديمقراطي» إلى «الحزب الجمهوري»، وتحول إلى واحد من أبرز حلفاء الرئيس ترمب؟ وُلد بيسينت في 21 أغسطس (آب) 1962 في كونواي، بولاية ساوث كارولينا. وهو الأكبر بين ثلاثة أبناء لباربرا ماكلاود -التي تزوجت خمس مرات- وهومر جاستون بيسينت الابن، وكيل العقارات، الذي أفلس بسبب استثمارات عقارية سيئة. بيسينت يتحدّر من أصول فرنسية واسكوتلندي يتبع كنيسة الهوغونوت (بروتستانت فرنسا). ولقد تخرّج من مدرسة نورث ميرتل بيتش الثانوية في ليتل ريفر بساوث كارولينا. ثم فكر في الالتحاق بالأكاديمية البحرية الأميركية–أنابوليس في ولاية ماريلاند، لكنه عدل عن ذلك لأنه -وهو المثلي جنسياً- «لم يكن على استعداد للكذب بشأن توجهه الجنسي» حسب قوله. ولكن عام 1984، حصل على درجة بكالوريوس الآداب متخصصاً في العلوم السياسية من جامعة ييل العريقة، وكان رئيساً لصندوق خريجيها في ذلك العام، ومساعداً لمدير الألعاب الرياضية. وخلال دراسته الجامعية، عمل محرراً لصحيفة «ييل ديلي نيوز». بعد التخرج، عمل بيسينت في شركة «براون براذرز هاريمان»، ثم عمل مع جيم تشانوس في شركة «كينيكوس أسوشيتس». وعام 1991 انضم إلى شركة «سوروس» لإدارة الصناديق المالية، وكان عضواً بارزاً في الفريق الذي حقّق رهانه على ما يسمى «الأربعاء الأسود»، المعروف أيضاً بأزمة الجنيه الاسترليني عام 1992، أرباحاً بأكثر من مليار دولار للشركة، إبان عمله في العاصمة البريطانية لندن. يُشير إفصاح بيسينت المالي الشخصي لدى مكتب أخلاقيات الحكومة عام 2024 إلى أن أصوله تبلغ قيمتها 521 مليون دولار على الأقل. وتشير مصادر أخرى إلى أن استثماراته تتجاوز قيمتها 700 مليون دولار، وقد اضطر إلى التخلي عنها عند توليه منصب وزير الخزانة بسبب تضارب المصالح. ثم إن بيسينت اشترى منزله في ولاية ساوث كارولينا، وهو قصر تاريخي يُعرف باسم «القصر الوردي»، بـ6.5 مليون دولار عام 2016. وكان المنزل، الذي بُني لأول مرة عام 1848 على يد المزارع والتاجر الهوغونوتي جون رافينيل، قد طُرح للبيع مقابل 22.25 مليون دولار! من ناحية ثانية، على الرغم من سياسته المحافظة «تزوّج» بيسينت من المدعي العام السابق لمدينة نيويورك، جون فريمان، عام 2011. ويعيش «الزوجان» حالياً في ولاية ساوث كارولينا مع طفلين أنجباهما عن طريق «الأم البديلة». وخلال مقابلة له عام 2015 مع مجلة خريجي جامعة ييل، قال بيسينت: «في منطقة جغرافية معينة وعلى مستوى اقتصادي معين، لا تُعتبر المثلية الجنسية مشكلة. المذهل الآن هو أن الناس في بقية أميركا، سواءً كانوا من الديمقراطيين او الجمهوريين، أصبحوا قادرين على الوصول إلى كل شيء. لو أخبرتني عام 1984، عندما تخرّجنا وكان الناس يموتون بسبب «الإيدز»، أنني بعد 30 عاماً سأكون متزوجاً بصفة قانونية، وسننجب طفلين عن طريق أم بديلة، لما صدقتك». عام 2000، استضاف سكوت بيسينت حملة لجمع التبرعات لصالح المرشح الديمقراطي آل غور في منزله بضاحية إيست هامبتون الفخمة، خارج مدينة نيويورك. وفي العام نفسه، تبرع أيضاً بمبلغ 1000 دولار لللمرشح الجمهوري جون ماكين. ثم عام 2007 وتبرع بمبلغ 2300 دولار لباراك أوباما، وفي عام 2013 تبرع بمبلغ 25000 دولار لحملة هيلاري كلينتون. ووُصف آنذاك بأنه «ديمقراطي يدعم القضايا الليبرالية». بعد انتخاب ترمب رئيساً عام 2016 تبرع بيسينت بمليون دولار للجنة تنصيب ترمب الرئاسية لعام 2017. وخلال عامي 2023 و2024، تبرّع بأكثر من مليون دولار لحملة ترمب الرئاسية. واستضاف عام 2024 حملة تبرعات في غرينفيل (ساوث كارولينا) جمعت ما يقرب من 7 ملايين دولار، وحملة تبرعات في بالم بيتش (فلوريدا) جمعت 50 مليون دولار لحملة ترمب. بعدها، في يوليو (تموز) 2024، صار بيسينت مستشاراً اقتصادياً بارزاً لترمب، واقترح خطة اقتصادية من ثلاث نقاط مستوحاة من سياسة «السهام الثلاثة» الاقتصادية لرئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي. يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أعلن الرئيس المنتخب ترمب عن نيته ترشيح بيسينت ليكون وزير الخزانة في إدارته الثانية. ويوم 16 يناير (كانون الثاني) 2025، مثل بيسينت أمام لجنة المالية بمجلس الشيوخ، حيث دافع عن خطط فرض الرسوم الجمركية، وأيد تمديد تخفيضات الضرائب، ودعا إلى سياسات اقتصادية أكثر صرامة تجاه الصين وروسيا. وفي 21 يناير، وافقت اللجنة على ترشيحه بأغلبية 16 صوتاً مقابل 11 صوتاً. وفي 27 يناير ثبّت مجلس الشيوخ تعيين بيسينت وزيراً في تصويت بغالبية 68 صوتاً مقابل 29. وبعد ذلك بوقت قصير، عُيّن بيسينت مديراً بالإنابة لـ«مكتب حماية المستهلك المالي» في فبراير (شباط)، قبل أن يأمر الوكالة فوراً بوقف جميع أعمالها. وواجه بيسينت إدانة واسعة النطاق بعد رده أخيراً على رسوم ترمب الجمركية، عندما حذر الدول الأخرى من الدفاع عن نفسها. وقال في برنامج «تقرير خاص» على قناة «فوكس نيوز» التي استضافته «نصيحتي لكل دولة الآن هي: لا تردّوا. اجلسوا، وتقبّلوا الوضع، ودعونا نرَ كيف ستسير الأمور. لأنكم إن رددتم، فسيكون هناك تصعيد. وإن لم تردوا، فهذه هي ذروة الأزمة». أيضاً، رفض بيسينت فكرة أن الأميركيين العاملين سيتضرّرون من خسائر سوق الأسهم البالغة 6 تريليونات دولار، والتي ستؤثر على حساباتهم التقاعدية. وقال في مقابلة مع برنامج «ميت ذا برس» على قناة «إن بي سي نيوز» معلقاً «أعتقد أن هذه رواية خاطئة. لا أظن أن الأميركيين الراغبين في التقاعد الآن، والذين يدّخرون لسنوات في حسابات التوفير، يولون اهتماماً بالتقلبات اليومية». من جهة أخرى، وصف بيسينت الولايات المتحدة بأنها ذات «اقتصاد ضعيف»، وأنها على الرغم من امتلاكها قطاعات مالية ومواد خام قوية؛ فإنها تعاني أيضاً من ضعف الطبقة الوسطى. وهو، من ثم، يعارض رفع الحد الأدنى للأجور فيدرالياً، بحجة أنها «قضية تخص الولايات». ويدعم تقليص تدخل الحكومة في الاقتصاد، بحجة أن وظائف القطاع الخاص توفر نمواً أسرع للأجور، بينما يدعو إلى تخفيف لوائح نسبة الرفع المالي التكميلي على البنوك. ويدعم خفض أسعار الفائدة باعتبارها وسيلة لتخفيف تكاليف الإسكان، وبطاقات الائتمان، وقروض السيارات لذوي الدخل المحدود. كما يدعم سياسة الدولار القوي، على عكس ترمب ونائبه جيه دي فانس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store