
تحت تأثير السلام
اضافة اعلان
ومن لم يثمل بخمر الزرقاء، ثمل بخمر السياسة؛ ذاك الذي يحرم الاغنية ويستمرئ القصف، يلعن العري ويبارك الجوع، ويقيم الدنيا معارضا لمهرجان الألوان، بينما يغض الطرف عن سقوط الانسان.
على عكس مصنع الزرقاء «الهاوي في عملية الغش»، فإن أول قواعد الغش المؤسسي أن يكون السم على جرعات صغيرة، ينتشر شيئا فشيئا في ذهن وضمير الأمة، حتى إذا قوي الجسم على مقاومته ببقاء هزيل، يكون قد أجهز على الروح وفتتها حتى عادت كالعرجون القديم.
أتذكر، يا رعاك الله، عندما كان تحرير فلسطين حالة وطنية عربية، عندما كانت معركة التحرير للإنسان قبل الأرض، وعندما كان يقود المعركة الأدباء والفنانون وقادة الرأي، يرسمون بوصلة العمل الوطني باعتباره توقًا للحرية والاستقلال، وليس كما يجري الآن إدارة للتبعية والاستعمار.
لا بد أنه خمر مغشوش، هذا الذي قُدِّم للأمة منذ الخمسينيات، فكل تجارب التحرر العربي – ولا أستثني أحدًا– شاهدة على ضياع البوصلة وزيغ نظر الأمة.
هل تصدق أن جناحي حزب قومي تناحرا وتآمرا على بعضهما أكثر مما حاربا انتشار إسرائيل وتمددها في تلافيف عقل الأمة؟
أيُعقل أن تجربة الوحدة العربية أغفلت فقه الأولويات السياسية، وتقديم هدف لمّ شمل الأمة وبناء اتحاد عربي فعّال كأولوية على مناكفة السعودية واليمن والأردن؟!
أيعقل أن تتوجه دبابات النظام السوري إلى ثغرة عصفور على طريق جرش إربد بدلا من أن تتمركز في الجولان..؟
أيعقل أن تحارب الانظمة العربية الفكر التقدمي والتنويري بزجاجات «التأسلم» السياسي، فإذا هي الآن من مأمنها تؤتى، لتستمر اللعبة بين من يدعو لشرعية الدولة ومن يدعو لشرعية لأمة متخيلة، وينتهي الأمر أن كلاهما يرابط الآن على تخوم أمة متخلفة علمًيا وقانونًيا وحضاريا واستقلالا اقتصاديا... أمة مستعمرة استعمارًا سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا.
وأكيد أن هذا الخمر المغشوش «مُعدِ» ومنتشر، فما يَرشَّح عن عملية السلام بين سورية وإسرائيل الآن كأس جديدة مغشوشة من ذهن الواقعية الانهزامية وفن الممكن اليائس، ومن الصدور في كل العمل السياسي العربي عن عقيدة فاسدة في أن تشظي هذه الأمة قدر، وأن إدارة موتها أولى من خلق الحياة لها.
لا، لا أريد أن أُفتي على الرئيس الشرع كثيرًا، ولكني أدعوه بصدق لأن ينظر في كأس السلام المغشوشة الذي قُدِّم للأمة العربية.
إسرائيل ليست شريكًا للسلام، بل هي عدو في نزاع وجودٍ، وليس نزاعَ حدود.
أعرف كم صارت هذه العبارة إنشائية، ولكن الواقع يثبتها يومًا بعد يوم كحقيقة واضحة في ذهن المشروع الصهيوني.
أنه سلام مغشوش، هذا الذي يجعل هذه الكتلة البشرية العربية بمليوناتها المئة تسكت عن قتل من يُطاردون طرد خبزٍ للبقاء على قيد الحياة في غزة.
ضحايا بخمر الزرقاء المغشوش انتهت رحلتهم – الله يرحمهم – أما نحن، فلم نستحق بعد هذا الرحمة بالموت.
طوبى لمن وجد النصر في التشفي بموت ضحايا المصنع وقبلها ضحايا غزة، لا شك أن خمركم من نوع ممتاز، ولن يمنحكم شرف الموت والخروج من المشهد،
مشهد يدعو للكآبة، جنابك...
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 3 ساعات
- الغد
عنف لمستوطنين ليس حدثا.. إنه بنية..!
اضافة اعلان نسمع كثيرًا في الخطاب العام عبارات مثل «إدانة عنف المستوطنين» أو «فرض عقوبات على قادة الاستيطان المتطرفين». لكننا لا ننتبه غالبًا إلى أن هذا الخطاب ينطوي على خدعة. إنه يختزل العنف الاستيطاني، ببساطة، إلى حوادث متفرقة، توصف في الغالب بأنها أفعال «متطرفة» أو «هامشية»– تتضمن الاعتداء الجسدي على الفلسطينيين، وحرق زيتوناتهم ومنازلهم– وهم أنفسهم- وتسميم أو قتل مواشيهم، وطردهم ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم بالقوة الغاشمة.هذه الأفعال، الفظيعة بوضوح، هي في العديد من الطرق التعبيرات الأكثر وضوحًا ومشهدية عن شكل أكثر عنفًا وخبثًا وتستُّرًا من العنف. ويعني فهم العنف الاستيطاني فقط من خلال هذه الفصول تفويت الحقيقة التأسيسية للاستعمار الاستيطاني نفسه: أن وجود المستوطن نفسه هو فعل عنف، حتى في غياب فعل العدوان الظاهر.ليس الاستعمار الاستيطاني طورًا مؤقتًا أو انتقاليًا يندمج خلاله المستعمِرون بالمجتمع المضيف. إنه، بحسب المُنظر باتريك وولف في وصفه الشهير، بنية دائمة وليس حدثًا عابرًا. إنه ليس مصممًا للتعايش مع السكان الأصليين، وإنما للقضاء عليهم والحلول محلهم. وفي هذا السياق يتأسس وجود المستوطن نفسه على فعل قَبْلي– ومستمر- من الطرد ونزع الملكية. وليس انتزاع ملكية الأرض، وتحويل الجغرافيا، وإعادة تعريف الفضاء القانوني والسياسي، ومحو طرائق الحياة الأصلية سوى أشكال من العنف –المنهجي، البنيوي، المتواصل. إنها ليست ملحقات لمشروع الاستعمار الاستيطاني وإنما مكوناته المركزية.بذلك، حتى عندما لا يكون المستوطن منخرطًا في اعتداء جسدي على فلسطيني، فإن مشاركته في- واستفادته من- نظام بني على تهجير وتهميش السكان الأصليين يجعله متورطًا في اقتصاد أوسع للعنف: الطرق التي يقود عليها سيارته، المستوطنات التي يقطنها، الحماية العسكرية التي يتمتع بها، النظام القانوني الذي يميزه ويخصه بالأفضلية– هذه كلها بنى تحتية عنيفة، وأدوات تُمارَس من خلالها الهيمنة، بطريقة غير مرئية. والمستوطن، بمجرد إقامته على أرض مسلوبة تحت نظام يفرض تفوقه، يصبح مستفيدًا من هذا العنف وممارِسًا له، بغض النظر عن النية أو السلوك الشخصي.غالبًا ما يكون العنف الاستيطاني مموهًا بلغة بيروقراطية وقانونية بطريقة تمكّنه من الإفلات من الإدانة الأخلاقية التي تُدخَر عادة للهجمات الجسدية. لا يمكن إنكار أن هدم المنازل بذريعة قوانين البناء، وسحب وإلغاء تصاريح الإقامة، وحرمان السكان الأصليين من المياه أو الرعاية الصحية، هي كلها أفعال عنيفة تفضي إلى المعاناة والموت، لكنها تُنفَّذ بطرق تُخفي يد المستوطن وتلقي بالمسؤولية على الدولة أو القانون. لكن العلاقة بين الدولة والمستوطن في السياقات الاستعمارية الاستيطانية مثل حالة فلسطين، وثيقة، مشتبكة، وعميقة. ولا تكتفي «الدولة» هناك بحماية المستوطن فقط، وإنما تُجسد المشروع الاستيطاني ذاته، وتُضفي الشرعية على ما هو، في جوهره، فعل مستمر من الغزو.إن الخطاب الذي يُميّز بين «مستوطنين طيبين» و»مستوطنين سيئين»، أو الذي يُلقي اللوم على بعض العناصر المتطرفة، يخدم في الحقيقة إخفاء الطابع البنيوي للعنف الاستيطاني. إنه يسمح للمراقبين الليبراليين بإدانة أفعال معينة بينما يؤوون إيمانًا بشرعية المشروع ككل. لكن هذه مجرد أوهام. لا يمكن إزالة عنف المستوطن جراحيًا من دون تفكيك البنية التي تجعل الاستيطان ممكنًا من الأساس. وبذلك لا يعني القضاء على عنف المستوطنين مجرد كبح جماح الأفراد، وإنما يتطلب تفكيك النظام السياسي والقانوني والإقليمي الذي يُمكّن– ويتطلب- وجودهم. إنه يعني الاعتراف بأن العدالة لا يمكن أن تتعايش مع الاستعمار، وأن السلام لا يجوز اختزاله بوقف الهجمات، وأنه يتطلب استعادة الأرض، وردّ الحقوق، وإنهاء نظام استعماري بُني كله على السرقة والهيمنة.من هذا الفهم، لا بد من مواجهة خلاصات منطقية يبدو أن المعظم يتجنب مواجهتها:أولاً: كل «إسرائيلي» هو مستوطن. سواء أكان «الإسرائيلي» يقيم في تل أبيب أم في بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية؛ يعمل جنديًا أو صحفيًا متحمسًا يعتقد بصلاحه الذاتي ويكتب عن العدالة للفلسطينيين، فإنه ينتفع ويشارك في منظومة قامت على سلب شعب آخر وتجريده من أرضه. الأرض التي بُني عليها بيته -أو كان قد بناه فلسطيني- والطرق والمؤسسات والأرض والسماء، انتُزعت كلها بالقتل والتهجير والمصادرة. وحتى لو لم يشارك مباشرة في هذه الأفعال، فإن وجوده وامتيازاته تجعله جزءًا لا ينفصل عن بنية استعمارية، بما يعنيه الاستعمار من شر مطلق، تواصل إقصاء الفلسطينيين وقمعهم. وبذلك، لا يعدو التمييز الرائج بين «الإسرائيليين» داخل «الخط الأخضر» و»المستوطنين» خارجَه، كونه خرافة قانونية لا قيمة لها من الناحية الأخلاقية أو التاريخية، أمام حقيقة أن «الدولة» بكامل مؤسساتها هي وليدة الاستيطان ومُكرّسة لاستمراره.ثانيًا: كل مستوطن عنيف، أي كل «إسرائيلي» عنيف، حيث فعل الاستيطان يتطلب، بالضرورة، فعل إبادة: إزاحة السكان الأصليين أو تقييدهم ومحو وجودهم ماديًا ورمزيًا. وهو عنف متشعب: مكاني، وقانوني، واقتصادي، ونفسي، تُديره سياسات ومؤسسات تستبطن الهيمنة وتُعيد إنتاجها يوميًا. وبذلك، ليس العنف في السياق الفلسطيني ليس انحرافًا عن النظام، وإنما هو شرط إمكانه. ولا يمكن تبرئة المستوطن بحجة نواياه أو سلوكه الشخصي، لأن وجوده بحد ذاته يُعيد إنتاج فعل السطو الأصلي ويكرّسه. وهو يلعب دورًا لا يمكن فصله عن منظومة قمع واستعمار مستمرة.المستوطن في السياقات الاستعمارية الاستيطانية ليس فردًا، وإنما وظيفة- دَور ضمن آلة أكبر للإحلال والإقصاء. وعنف المستوطن ليس انحرافًا بقدر ما هو شرط وجوده نفسه. والاعتراف بهذه الحقيقة وإدراكها أساسي لفهم الطبيعة الحقيقية للاستعمار الاستيطاني الذي يجسده الكيان الصهيوني وأفراده في فلسطين، وأيضًا لتصور نهايته.


رؤيا نيوز
منذ 5 ساعات
- رؤيا نيوز
نقابة الصحفيين تتخطى مطالب المواقع الالكترونية وتضع مهلة حتى 30 آب لتوقيع تسويات مالية
ناقش مجلس نقابة الصحفيين امس السبت خلال جلسة ادارية ، المقترحات الواردة من 'تنسيقية المواقع الإلكترونية' و'ائتلاف المواقع الإلكترونية'، مؤكدا احترامه لما ورد في المذكرتين واللقاءات السابقة، انطلاقًا من مبدأ الحوار مع أصحاب المصلحة وحرصًا على ديمومة عمل المؤسسات الإعلامية. وثمن المجلس المبادرات الإيجابية من المواقع الإلكترونية التي سارعت إلى تصويب أوضاعها، مرحبًا بجميع المؤسسات الراغبة بإجراء تسويات مالية. وأكد أن النقابة منفتحة على أية تسوية أو تصويب للأوضاع على أسس مريحة وميسرة وفقا للاستشارات القانونية، وذلك حتى نهاية يوم 30 آب 2025.


رؤيا نيوز
منذ 6 ساعات
- رؤيا نيوز
لكي نضمن مقعداً على طاولة «التفاهمات» القادمة
يبدو أن ملامح الشرق الاوسط الجديد بدأت تتشكل؛ القوة العسكرية المفرطة التي تم استخدامها، على مدى نحو عامين، استنفدت أغراضها، لكنها فرضت وقائع (حقائق) على الأرض، وقد حان الوقت لكي تتحرك ماكينة السياسة لتثبيت هذه الوقائع بمنطق «جني» الأرباح، أو تقسيم الغنائم، غداً (الاثنين ) يجلس ترامب مع نتنياهو على الطاولة، وبالتنسيق مع بعض الأطراف في المنطقة سيتم ترسيم حدود النفوذ، وتوزيع الأدوار، «وعد» ترامب سيكون بمثابة «وعد بلفور» جديد، عنوانه نزع صفة الاحتلال عن اسرائيل وإعلان سيادتها الكاملة على فلسطين. ما حدث منذ 7 أكتوبر وحتى الهدنة التي من المتوقع الإعلان عنها في واشنطن، لم يكن صدفة أبداً، لقد جرى التخطيط له ثم تنفيذه وصولاً إلى هذه اللحظة التاريخية، البعض بيننا يفهم ما جرى بمنطق الرغبات، ويرد عليه بالانفعال، ويفسره بالنصوص الدينية والتاريخية، ثم يتعامل معه وكأننا انتصرنا، أو مهدنا الطريق لانتصارات قادمة، لكن الواقع، للأسف، عكس ذلك تماماً، المشروع الصهيوني، في هذه الجولة، تمدد بما يكفي لتحقيق (حلم) إسرائيل الكبرى، الهيمنة، أولا، على المنطقة، وانتزاع يهودية الدولة، ثم فرض التطبيع بدون أي مقابل، القوة هذه المرة فرضت «السلام»، كما تراه تل أبيب، بلا شروط. يمكن أن ندقق في الخريطة لتتكشف أمامنا صورة الواقع، إيران خرجت من المنطقة ومن معادلات الردع، سوريا تحولت إلى حديقة خلفية تعبث بها دبابات الاحتلال، العراق يبحث عن التعافي من سطوة بقايا العصائب الإيرانية، لبنان يلملم أوراقه وأسلحته بحثاً عن النجاة، مصر تناور على جبهات التهديد التي تحيط بها، وثمة من يدفع لإخراجها من معادلات (الدور)، النظام العربي لفظ أنفاسه الأخيرة، وحدها الشقيقة السعودية تحاول أن تضبط ساعة المنطقة على توقيت توازنات، وربما تسويات، تخرج المنطقة من رعب الصراعات والحروب إلى استراحة ولو مؤقتة. أمام هذا الواقع تبدو الخيارات أمام بلدنا ضيقة، صحيح نجونا، طيلة العاملين المنصرفين، من ويلات الحرب وتداعياتها، الدولة، الآن، أقوى والمجتمع يتمتع بقدر من العافية، صحيح، أيضاً، لنا أدوار يمكن الاعتماد عليها إذا تمكنا من ترسيخ معادلة المصالح العليا، وتجاوزنا حمل أعباء ثقيلة يُراد لنا أن نحملها من إرث التاريخ والجغرافيا، لكن الصحيح، أيضا، أننا أمام وقائع لابد أن نحسم أسئلتها بإجابات واضحة وحازمة، أهمها سؤال العلاقة مع ملف التحولات التي طرأت على القضية الفلسطينية، خاصة بما يتعلق بالضفة الغربية، أعرف أننا نرفض التهجير والوطن البديل والتوطين، لكن ما يجب أن نعرفه هو كيف نواجه ذلك، وكيف نحمي بلدنا من أي محاولة تستهدف فرض حلول قادمة على حسابنا؟ لدينا مع تل أبيب أزمة عميقة، وخطوطنا مع واشنطن، بسبب هذه الأزمة، تحتاج إلى ترميم، الضفة الغربية ستكون في المرحلة القادمة ساحة لتصفية حسابات ما بعد الحرب، نحن معنيون بما سيجري فيها، ربما لا يكون التهجير القسري وارداً، لكن أكيد سيكون أمامنا قائمة استحقاقات ومطالب، نحتاج معها إلى خطوات استباقية، أقصد المواجهة السياسية والاشتباك مع كافة الأطراف، ومع تل أبيب تحديداً، نحن في موقع قوة يسمح لنا أن نخترق، سياسياً، هذه الجبهات، لكي نضمن أمن بلدنا ومصالحه واستقراره، ولكي نحجز مقعداً على طاولة «التفاهمات» في المرحلة القادمة. أما كيف؟ هذا يحتاج إلى كلام آخر.