
انبعاثات عالمية قياسية للكربون رغم الجهود البيئية
وتعد الصين والولايات المتحدة والهند أكبر 3 دول من حيث انبعاثات الكربون، إذ تمثل مجتمعة أكثر من نصف الانبعاثات العالمية. وفي حين أظهرت الولايات المتحدة انخفاضات كبيرة منذ عام 2000، شهدت الصين والهند زيادات كبيرة مرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ووفقا ل لمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2025 التي أصدرها معهد الطاقة (EI) في أواخر شهر يونيو/حزيران، تتوسع الطاقة النظيفة لكنها لا تزال غير قادرة على استبدال الوقود الأحفوري بالقدر اللازم لخفض الانبعاثات الإجمالية، مما يشير إلى أن نمو الطلب العالمي أو الإزاحة الكبيرة للوقود الأحفوري أمر ضروري لانخفاض الانبعاثات.
اتجاه مقلق
وأكدت المراجعة استمرار الاتجاه المُقلق للتلوث. فرغم الاستثمارات التاريخية في مصادر الطاقة المتجددة وتعهدات تحقيق صافي انبعاثات صفري من جميع الاقتصادات الكبرى، فقد بلغت انبعاثات الكربون العالمية مستوى قياسيا في عام 2024.
وتُقسّم المراجعة انبعاثات الكربون إلى فئات، إلا أن المقياس الأكثر شمولًا هو إجمالي مكافئات ثاني أكسيد الكربون التي تشمل الانبعاثات الناتجة عن استخدام الطاقة، والحرق، والعمليات الصناعية، والميثان المرتبط بإنتاج الوقود الأحفوري ونقله وتوزيعه.
ويقدم هذا النهج صورة أشمل لإسهام كل دولة في مستويات الكربون الجوي. ورغم أن التغيرات في استخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات لم تُدرج، فإن إدراج غاز الميثان -وهو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون- يجعل هذا المقياس أكثر دقة لتأثيره على الغلاف الجوي.
وبناء على الدراسة، بلغت انبعاثات الكربون العالمية أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2024، لتصل إلى 40.8 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وهذا يمثل ارتفاعا من 40.3 مليار طن متري في عام 2023، بزيادة قدرها 0.5 مليار طن عن العام السابق.
ويأتي ذلك على الرغم من الاستثمارات القياسية في مصادر الطاقة المتجددة والتعهدات الجريئة بتحقيق صافي انبعاثات صفري من الدول والشركات على حد سواء. وقد استمر هذا النمو بمعدل ثابت نسبيا منذ عام 2021.
وعلى مدار العقد الماضي، زادت الانبعاثات العالمية بنحو 1% سنويا في المتوسط، على الرغم من تزايد قائمة التعهدات الدولية المتعلقة بالمناخ.
وشهد عام 2024 نموا قياسيا في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتشير بيانات الانبعاثات بوضوح إلى أن الطاقة النظيفة آخذة في التوسع، ولكن ليس بالسرعة الكافية لمواكبة الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.
وتبقى أكبر 3 دول مُصدرة للكربون في العالم هي الصين والولايات المتحدة والهند. وتمثل الانبعاثات في هذه الدول مجتمعة أكثر من نصف إجمالي الانبعاثات العالمية. ومع ذلك، فقد سلكت مسارات مختلفة للغاية خلال العقود القليلة الماضية، حسب المراجعة.
تناقض الريادة الصينية
فعلى الرغم من زيادة عدد السكان بنسبة 37% خلال هذه الفترة، كانت انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة في عام 2024 أقل مما كانت عليه في عام 1990. وعلى مدار العقد الماضي، انخفضت بمعدل سنوي متوسط قدره 1%. ولم تخفض أي دولة انبعاثاتها الكربونية أكثر من هذا المعدل خلال هذا القرن.
ومنذ عام 2000، انخفضت انبعاثات الولايات المتحدة بمقدار 913 مليون طن متري، لكن تراجع الرئيس دونالد ترامب عن السياسات المناخية ودعوته للتوسع في الاعتماد على الوقود الأحفوري ينذر بارتفاع في الانبعاثات في المستقبل.
وفي المقابل، تضاعفت انبعاثات الكربون في الصين 5 أضعاف منذ عام 1990، إذ ارتفعت بمقدار مذهل بلغ 8.8 مليارات طن متري منذ عام 2000 وحده.
ففي عام 2024، أصدرت الصين ما يقارب 12.5 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يقارب 31% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وأكثر من إجمالي انبعاثات أميركا الشمالية وأوروبا.
ورغم كونها الرائدة عالميا في نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تُعد الصين أيضا أكبر مستهلك للفحم في العالم. هذا التناقض -قيادة التوسع في الطاقة النظيفة مع استمرار الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري- يُفسر استمرار ارتفاع انبعاثات الكربون العالمية، حتى مع نمو مصادر الطاقة المتجددة بمعدلات قياسية.
كذلك تضاعفت انبعاثات الهند 5 أضعاف منذ عام 1990، بزيادة قدرها 2.2 مليار طن متري منذ عام 2000، لتحتل المرتبة الثانية بعد الصين من حيث النمو المطلق. وفي عام 2024 بلغت انبعاثات الهند 3.3 مليارات طن متري، بزيادة قدرها 24% عن العقد الماضي.
وترتبط انبعاثات الهند المتزايدة بالتنمية الاقتصادية، حيث يزداد الطلب على الطاقة. ولا يزال الوقود الأحفوري يُلبي جزءا كبيرا من هذا الطلب.
وبشكل عام، تكشف المراجعة عن اختلالات هيكلية أعمق في معدل الانبعاثات. فعلى مدى العقد الماضي شهدت أفريقيا ارتفاعا في الانبعاثات بنسبة 25%، وارتفعت انبعاثات الشرق الأوسط بنسبة 15%، وأضافت منطقة آسيا والمحيط الهادي، التي تضم الصين والهند، أكثر من 9%.
وسجلت أميركا الجنوبية والوسطى زيادة قدرها 9.3%، وفي المقابل شهدت أوروبا انخفاضا ملحوظا في الانبعاثات، بمعدل 1.4% سنويا على مدار العقد. وانخفضت انبعاثات الاتحاد الأوروبي إلى 3.7 مليارات طن متري بحلول عام 2024، بانخفاض قدره 15% عن العقد السابق.
لكن هذا النجاح يبقى متفاوتا. ففي شرق أوروبا وجنوبها، استقرت الانبعاثات، بل إنها في ازدياد، وأخرت الضغوط الاقتصادية بعض خطط التخلص التدريجي من الفحم. وبينما تُعتبر أوروبا رائدة في مجال المناخ، تُظهر انقساماتها الداخلية صعوبة في الحفاظ على الزخم بين تكتل متنوع من الدول.
تعكس هذه الاتجاهات مستويات متفاوتة من طموحات السياسات، ويأتي جزء كبير من نمو الطلب العالمي على الطاقة من دول لا تزال في طور بناء البنية التحتية الأساسية، وتوسيع شبكات النقل، وزيادة الإنتاج الصناعي، وتوسيع الطبقة المتوسطة.
كما تشير البيانات إلى أن التحول في مجال الطاقة، الذي رُوّج له بكثافة، لا يزال يسير ببطء شديد، وذلك يحول دون وقف نمو الانبعاثات، إذ تتزايد استخدامات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكنهما لم تحلا بعد محل الوقود الأحفوري بالمستوى اللازم لخفض إجمالي الانبعاثات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
انبعاثات عالمية قياسية للكربون رغم الجهود البيئية
وصلت الانبعاثات الكربونية العالمية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2024، إذ بلغت 40.8 مليار طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المكافئة، على الرغم من النمو الكبير في الطاقة المتجددة والتعهدات المناخية الدولية العديدة بالحياد الكربوني. وتعد الصين والولايات المتحدة والهند أكبر 3 دول من حيث انبعاثات الكربون، إذ تمثل مجتمعة أكثر من نصف الانبعاثات العالمية. وفي حين أظهرت الولايات المتحدة انخفاضات كبيرة منذ عام 2000، شهدت الصين والهند زيادات كبيرة مرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري. ووفقا ل لمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية لعام 2025 التي أصدرها معهد الطاقة (EI) في أواخر شهر يونيو/حزيران، تتوسع الطاقة النظيفة لكنها لا تزال غير قادرة على استبدال الوقود الأحفوري بالقدر اللازم لخفض الانبعاثات الإجمالية، مما يشير إلى أن نمو الطلب العالمي أو الإزاحة الكبيرة للوقود الأحفوري أمر ضروري لانخفاض الانبعاثات. اتجاه مقلق وأكدت المراجعة استمرار الاتجاه المُقلق للتلوث. فرغم الاستثمارات التاريخية في مصادر الطاقة المتجددة وتعهدات تحقيق صافي انبعاثات صفري من جميع الاقتصادات الكبرى، فقد بلغت انبعاثات الكربون العالمية مستوى قياسيا في عام 2024. وتُقسّم المراجعة انبعاثات الكربون إلى فئات، إلا أن المقياس الأكثر شمولًا هو إجمالي مكافئات ثاني أكسيد الكربون التي تشمل الانبعاثات الناتجة عن استخدام الطاقة، والحرق، والعمليات الصناعية، والميثان المرتبط بإنتاج الوقود الأحفوري ونقله وتوزيعه. ويقدم هذا النهج صورة أشمل لإسهام كل دولة في مستويات الكربون الجوي. ورغم أن التغيرات في استخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات لم تُدرج، فإن إدراج غاز الميثان -وهو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون- يجعل هذا المقياس أكثر دقة لتأثيره على الغلاف الجوي. وبناء على الدراسة، بلغت انبعاثات الكربون العالمية أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2024، لتصل إلى 40.8 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وهذا يمثل ارتفاعا من 40.3 مليار طن متري في عام 2023، بزيادة قدرها 0.5 مليار طن عن العام السابق. ويأتي ذلك على الرغم من الاستثمارات القياسية في مصادر الطاقة المتجددة والتعهدات الجريئة بتحقيق صافي انبعاثات صفري من الدول والشركات على حد سواء. وقد استمر هذا النمو بمعدل ثابت نسبيا منذ عام 2021. وعلى مدار العقد الماضي، زادت الانبعاثات العالمية بنحو 1% سنويا في المتوسط، على الرغم من تزايد قائمة التعهدات الدولية المتعلقة بالمناخ. وشهد عام 2024 نموا قياسيا في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتشير بيانات الانبعاثات بوضوح إلى أن الطاقة النظيفة آخذة في التوسع، ولكن ليس بالسرعة الكافية لمواكبة الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. وتبقى أكبر 3 دول مُصدرة للكربون في العالم هي الصين والولايات المتحدة والهند. وتمثل الانبعاثات في هذه الدول مجتمعة أكثر من نصف إجمالي الانبعاثات العالمية. ومع ذلك، فقد سلكت مسارات مختلفة للغاية خلال العقود القليلة الماضية، حسب المراجعة. تناقض الريادة الصينية فعلى الرغم من زيادة عدد السكان بنسبة 37% خلال هذه الفترة، كانت انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة في عام 2024 أقل مما كانت عليه في عام 1990. وعلى مدار العقد الماضي، انخفضت بمعدل سنوي متوسط قدره 1%. ولم تخفض أي دولة انبعاثاتها الكربونية أكثر من هذا المعدل خلال هذا القرن. ومنذ عام 2000، انخفضت انبعاثات الولايات المتحدة بمقدار 913 مليون طن متري، لكن تراجع الرئيس دونالد ترامب عن السياسات المناخية ودعوته للتوسع في الاعتماد على الوقود الأحفوري ينذر بارتفاع في الانبعاثات في المستقبل. وفي المقابل، تضاعفت انبعاثات الكربون في الصين 5 أضعاف منذ عام 1990، إذ ارتفعت بمقدار مذهل بلغ 8.8 مليارات طن متري منذ عام 2000 وحده. ففي عام 2024، أصدرت الصين ما يقارب 12.5 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يقارب 31% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وأكثر من إجمالي انبعاثات أميركا الشمالية وأوروبا. ورغم كونها الرائدة عالميا في نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تُعد الصين أيضا أكبر مستهلك للفحم في العالم. هذا التناقض -قيادة التوسع في الطاقة النظيفة مع استمرار الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري- يُفسر استمرار ارتفاع انبعاثات الكربون العالمية، حتى مع نمو مصادر الطاقة المتجددة بمعدلات قياسية. كذلك تضاعفت انبعاثات الهند 5 أضعاف منذ عام 1990، بزيادة قدرها 2.2 مليار طن متري منذ عام 2000، لتحتل المرتبة الثانية بعد الصين من حيث النمو المطلق. وفي عام 2024 بلغت انبعاثات الهند 3.3 مليارات طن متري، بزيادة قدرها 24% عن العقد الماضي. وترتبط انبعاثات الهند المتزايدة بالتنمية الاقتصادية، حيث يزداد الطلب على الطاقة. ولا يزال الوقود الأحفوري يُلبي جزءا كبيرا من هذا الطلب. وبشكل عام، تكشف المراجعة عن اختلالات هيكلية أعمق في معدل الانبعاثات. فعلى مدى العقد الماضي شهدت أفريقيا ارتفاعا في الانبعاثات بنسبة 25%، وارتفعت انبعاثات الشرق الأوسط بنسبة 15%، وأضافت منطقة آسيا والمحيط الهادي، التي تضم الصين والهند، أكثر من 9%. وسجلت أميركا الجنوبية والوسطى زيادة قدرها 9.3%، وفي المقابل شهدت أوروبا انخفاضا ملحوظا في الانبعاثات، بمعدل 1.4% سنويا على مدار العقد. وانخفضت انبعاثات الاتحاد الأوروبي إلى 3.7 مليارات طن متري بحلول عام 2024، بانخفاض قدره 15% عن العقد السابق. لكن هذا النجاح يبقى متفاوتا. ففي شرق أوروبا وجنوبها، استقرت الانبعاثات، بل إنها في ازدياد، وأخرت الضغوط الاقتصادية بعض خطط التخلص التدريجي من الفحم. وبينما تُعتبر أوروبا رائدة في مجال المناخ، تُظهر انقساماتها الداخلية صعوبة في الحفاظ على الزخم بين تكتل متنوع من الدول. تعكس هذه الاتجاهات مستويات متفاوتة من طموحات السياسات، ويأتي جزء كبير من نمو الطلب العالمي على الطاقة من دول لا تزال في طور بناء البنية التحتية الأساسية، وتوسيع شبكات النقل، وزيادة الإنتاج الصناعي، وتوسيع الطبقة المتوسطة. كما تشير البيانات إلى أن التحول في مجال الطاقة، الذي رُوّج له بكثافة، لا يزال يسير ببطء شديد، وذلك يحول دون وقف نمو الانبعاثات، إذ تتزايد استخدامات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكنهما لم تحلا بعد محل الوقود الأحفوري بالمستوى اللازم لخفض إجمالي الانبعاثات.


الجزيرة
منذ 21 ساعات
- الجزيرة
5 كتب ترسم ملامح القيادة بالمؤسسات في عصر الذكاء الاصطناعي
بينما تمضي الحياة اليومية بإيقاعها المعتاد في العالم، وتزدحم الأجندات الإعلامية بقضايا السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، اختار عدد من كبار الرؤساء التنفيذيين بكبرى الشركات الأميركية التفرغ لقراءة 5 كتب تشبه في حرارتها ما يدور من نقاشات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، وتحولات الاقتصاد، ومفهوم القيادة الفكرية في عالم سريع التبدل. ووفقًا لتقرير نشرته مجلة فوربس، فإن قائمة القراءات المفضلة لقادة الشركات هذا الصيف تعكس قلقًا متزايدًا من التعقيدات التي يفرضها عصر التكنولوجيا، وعدم اليقين، وتحولات القوة العالمية. الذكاء الاصطناعي.. الإمكانيات بدل التهديدات ويتصدر قائمة القراءة كتاب "الوكالة الخارقة: ما الذي قد يسير بشكل صحيح في مستقبلنا مع الذكاء الاصطناعي" للمؤلفين ريد هوفمان (المؤسس المشارك لمنصة لنكدن) وغريغ بيتو. ويتميز هذا العمل برؤية متفائلة بعيدًا عن سيناريوهات "يوم القيامة" التي تهيمن على النقاش العام، ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تعزيز القدرات البشرية بدلًا من استبدالها. ويرى هوفمان أن السؤال الأهم ليس ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيغير شكل الأعمال، بل مدى سرعة تأقلم القادة مع هذا التغيير. ويُعد هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا لكل مدير تنفيذي يطمح إلى تجاوز الضجة الإعلامية والوصول إلى الفرص الحقيقية. من هو ألتمان؟ الكتاب الثاني الذي استحوذ على اهتمام القادة هو "المتفائل: سام ألتمان وأوبن إيه آي وسباق اختراع المستقبل" للكاتبة كيتش هايغي. ويقدم هذا العمل، المؤلف من 384 صفحة، نظرة متعمقة على شركة "أوبن إيه آي" التي أشعلت موجة الذكاء الاصطناعي. ورغم وصول المؤلفة إلى ألتمان شخصيًا، تجنّب الكتاب الوقوع في فخ التمجيد، بل ركّز على القرارات الإستراتيجية والتقنية التي قادت إلى إطلاق "شات جي بي تي". كما يسلّط الضوء على كيفية تعامل الشركة مع الضغوط التنظيمية والاهتمام العام غير المسبوق. إعلان ويُعد هذا الكتاب ضروريًا لفهم المشهد التنافسي في الذكاء الاصطناعي. التعامل مع المجهول أما كتاب "فن عدم اليقين" لعالم الإحصاء ديفيد سبيلغهالتر فيُعد بمثابة دليل عملي لاتخاذ القرار في عالم تزداد فيه الأزمات والمفاجآت. ويتناول المؤلف، بلغة سهلة وأمثلة تطبيقية، كيفية التفكير في الاحتمالات والمخاطر والمصادفات، متجاوزًا مناهج كليات الأعمال التقليدية. وفي عصر تتكرر فيه الأحداث المفاجئة مثل الأوبئة والأزمات الجيوسياسية، يوفر الكتاب أدوات عقلانية وعملية لكل مدير عليه اتخاذ قرارات مصيرية في ظروف غامضة. التاريخ السري لحرب الأفكار وفي كتاب "نادي قراءة وكالة المخابرات المركزية" يروي الصحفي تشارلي إنغليش كيف قامت وكالة الاستخبارات الأميركية بتهريب أكثر من 10 ملايين كتاب إلى دول الكتلة الشرقية خلال الحرب الباردة. ويُظهر هذا العمل، كما وصفه قائد العملية، كيف أن "الهجوم الفكري الحر والنزيه" كان أقوى من أي حملة عسكرية. ويكشف عن القيمة الإستراتيجية للمعلومة في إدارة النفوذ، وهو ما يجعله مصدر إلهام للمديرين زمن صراعات السرديات الرقمية. باكلي والإرث الفكري وختام القائمة مع السيرة الضخمة بعنوان "باكلي: الحياة والثورة التي غيّرت أميركا" من تأليف سام تاننهاوس. ويمتد العمل على أكثر من ألف صفحة، ويوثق كيف استطاع المفكر المحافظ وليام باكلي تغيير المشهد السياسي الأميركي بقوة قناعاته وقدرته على صياغة الأفكار المعقدة بلغة جذابة وحجج محكمة. ويُعد هذا الكتاب مرجعًا في كيفية ممارسة القيادة الفكرية والتواصل المبدئي في ظل التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة. وتتفق الكتب الخمسة، رغم اختلاف موضوعاتها، على محور واحد: أن الأفكار الواضحة والإستراتيجيات المدروسة قادرة على إحداث تحولات كبرى، من الرؤية المتفائلة لهوفمان حول الذكاء الاصطناعي، مرورًا برحلة ألتمان وتحدياته، ووصولًا إلى دروس سبيلغهالتر في التعامل مع الخطر، ثم الاستخدام الإستراتيجي للمعرفة كما بعمليات "سي آي إيه" وانتهاءً برؤية باكلي لأثر الفكر الأيديولوجي، وكلها أعمال تؤكد أن التفكير العميق لم يكن يومًا رفاهية بل ضرورة في عالم متغيّر.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
قنبلة التعتيم الصينية سلاح غير فتاك يُعطّل البنية التحتية الكهربائية
نوع متطور من قنابل الغرافيت غير الفتاكة، كشف عنها عبر محاكاة نشرها التلفزيون المركزي الصيني في يونيو/حزيران 2025، تعمل على تعطيل شبكات الكهرباء عبر خيوط كربونية دقيقة تُحدث دوائر قصر كهربائية، فتشلّ بنى تحتية حيوية على مساحة تتجاوز 10 آلاف متر مربع من دون تدمير مادي. الكشف نشر التلفزيون المركزي الصيني "سي سي تي في" في أواخر يونيو/حزيران 2025، مقطع فيديو تضمن محاكاة لصاروخ يُطلق من منصة أرضية، يحمل 90 قذيفة تعتيم فرعية أسطوانية الشكل، مزودة بخيوط كربونية دقيقة تُطلق في الجو بعد انفجارها. وتؤدي هذه الخيوط إلى إحداث دوائر قصر كهربائية ضمن شبكات الطاقة، مما يسبب تعطيلا فوريا وشاملا للبنية التحتية الكهربائية في المنطقة المستهدفة. ووفقا للمحاكاة، فإن تأثير هذا النوع من الذخائر يمتد على مساحة تتجاوز 10 آلاف متر مربع (نحو 2.5 فدان)، مما يشير إلى أن السلاح يمثل جيلا جديدا من قنابل الغرافيت، وهي فئة من الأسلحة غير الفتاكة مخصصة لتعطيل أنظمة الطاقة والاتصالات من دون تدمير مادي مباشر. وكانت الولايات المتحدة أول من استخدم "قنابل الغرافيت" في حروبها ب العراق و صربيا ، إذ نجحت الذخائر الفرعية من طراز "بلو-114/بي" في تعطيل ما يصل إلى 85% من قدرة شبكات الكهرباء أثناء المراحل الأولى من تلك الحروب. وفي الصين، نُسبت فكرة تصميم السلاح إلى "شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية"، وهي مؤسسة حكومية أسست عام 1999، وتُعد الجهة المسؤولة عن تطوير أبحاث الأنظمة الفضائية في الصين وتصميمها وتصنيعها. وأثار هذا الكشف تكهنات واسعة، خاصة في ظل غياب معلومات رسمية عن مدى تطور السلاح أو دخوله الخدمة الفعلية في الجيش الصيني ، في وقت ربط فيه مراقبون ظهوره بالتوترات حول مضيق تايوان. مواصفات السلاح المدى: يراوح مدى الصاروخ ما بين 80 و290 كيلومترا. الرأس الحربي: يحتوي على 490 كيلوغراما من الألياف الكربونية الموصلة للكهرباء. الحمولة: 90 قذيفة فرعية تنتشر في الجو. حجم التأثير: تغطي خيوط الكربون مساحة تتجاوز 10 آلاف متر مربع من البنية التحتية الكهربائية. آلية العمل تعتمد قنابل الغرافيت أو ما يُعرف بالقنابل التعتيمية على مبدأ الهجوم الكهرومغناطيسي المحدود والتعطيل غير التدميري، إذ تستهدف البنية التحتية للطاقة من دون استخدام تفجيرات تقليدية تلحق ضررا ماديا مباشرا. وبحسب وسائل إعلام صينية، يطلق صاروخ يُعرف باسم "المدافع 600" من منصة برية أو بحرية، وبعد وصوله إلى المنطقة المستهدفة، يُطلق 90 قذيفة فرعية تنتشر على نطاق واسع فوق الأهداف المحددة. وقد صممت كل قذيفة فرعية لترتد عند ملامستها الأرض أو الأجسام الصلبة، ثم تنفجر في الهواء على ارتفاع منخفض، مطلقة مئات من خيوط الكربون الدقيقة المعالجة كيميائيا، والمعروفة أيضا باسم "ألياف الغرافيت" الموصلة للكهرباء. بعد ذلك، تسقط هذه الخيوط فوق الأسلاك ومحوّلات الضغط العالي والمكونات الحساسة في منشآت الطاقة العالية الجهد، مما يتسبب في إغلاق الدوائر الكهربائية عن طريق وصل الأسلاك أو المكونات غير المفترض أن تتصل، وهو ما يُحدث دوائر قصر تؤدي إلى أعطال مفاجئة أو انقطاع شامل للتيار الكهربائي. ويُقدر أن تأثير هذه القذائف يغطي مساحة تزيد على 10 آلاف متر مربع، وهو يكفي لتعطيل منشآت عسكرية أو مدنية بأكملها، من دون الحاجة إلى تدمير مادي للبنية التحتية.