
عقارات الموت في مصر... أنقاض المنازل تدفن سكانها
انهار عقار مكون من خمسة طوابق على رؤوس ساكنيه في حي حدائق القبة الواقع في قلب القاهرة صباح 20 يونيو/حزيران الماضي، وتبعه بعد أقل من 24 ساعة
انهيار العقار المجاور
، مخلفين مأساة جديدة تُضاف إلى السجل المصري المثقل بكوارث "
عقارات الموت
" التي تحول أحلام السكان في لحظات إلى كوابيس، إذ باتت رائحة التراب الممزوج بالموت تملأ المكان الذي كان قبل ساعات يعج بالحياة.
تتكرر الحوادث، إذ انهار يوم الاثنين 23 يونيو، عقار مكون من ثلاثة طوابق في حي شبرا، وعقار ثان في حي السيدة زينب، ما يجعلها أعراضا واضحة لأزمة بنيوية عميقة تهدد بكارثة أوسع، في ظل غياب شبه تام للإحصائيات الرسمية، وتعامل حكومي يراه كثيرون قاصراً، ومجرد رد فعل من دون استراتيجية وقائية حقيقية.
وكشف تقرير برلماني، قبل أسبوع، عن وجود نحو 5000 منزل
آيل للانهيار
في العاصمة القاهرة، ونحو نصف هذا الرقم في مدينة الإسكندرية، ثاني أكبر مدن البلاد، وجميعها توصيفها القانوني "عقارات آيلة للسقوط الفوري، وشديدة الخطورة على من فيها".
وأكدت دراسة سابقة لكلية الهندسة في
جامعة القاهرة
، صدرت في عام 2015، لا تزال أرقامها تتردد بمثابة جرس إنذار، وجود ما يقرب من مليون عقار آيل للسقوط في مصر، وأن هناك 132 ألف قرار إزالة صادرة بحق مبانٍ خطرة، لم ينفذ منها سوى نسبة ضئيلة، ما يجعلها قنابل موقوتة موزعة على الخريطة السكانية، يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
وخلف كل انهيار قصص إنسانية مفجعة. طاولت كارثة عقار حدائق القبة المنهار أسرة الرائد في الجيش المصري ضياء مصطفى، والذي لقي حتفه تحت الأنقاض، تاركاً خلفه طفلين وزوجة. بينما يقول رجل أربعيني بالقرب من الركام: "خرجت من البيت صباحاً إلى العمل، وعدت لأجده كومة تراب. زوجتي وأطفالي لا أعرف عن مصيرهم شيئاً".
ولا تنتهي المأساة عند انتشال الضحايا والمصابين. ففي كل عقار منهار عدد من الأسر الناجية التي تجد نفسها في العراء. وتشير التقديرات الأولية لحوادث شهر يونيو الحالي، إلى تشريد ما لا يقل عن 30 أسرة فقدت كل ما تملك، المأوى، والأثاث، ومدخرات العمر، والذكريات.
قرب العقار المنهار في السيدة زينب، يقول السبعيني سيد، الذي نجا بأعجوبة: "كل ما أملكه الآن هو ملابسي التي أرتديها. 50 سنة من الشقاء ذهبت في لحظة. أين أذهب بأولادي الآن؟".
انهيار المنازل يتكرر في القاهرة، 10 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
في المكان نفسه، تقول الشابة حياة: "نطالب الدولة بالإسراع في تدبير سكن بديل للإيواء العاجل، حتى لا نبقى في الشارع. سنبقى عند الجيران لحين تدبير سكن آخر، لكني أخشى من الانتظار لسنوات، إلى أن يحين موعد للحصول على شقة من الدولة، مثلما حدث مع الأهالي الذين انهارت منازلهم خلال العقدين الماضيين".
وتمول الحكومة المصرية برنامجاً لحماية الأسر المتضررة من تهدم المنازل، ضمن مشروع "تكافل وكرامة" الممول من الاتحاد الأوروبي، لكن تظل قدرته على إنقاذ المتضررين من التشرد محدودة في ظل تكرار حالات الانهيار، وغالبيتها ناتجة من عدم صيانة المنازل القديمة، حيث يتنازع الملاك والمستأجرون على تكاليف الصيانة، بينما يرغب الملاك في هدم بيوتهم للتخلص من أعباء صيانة عقارات محدودة العائد.
يقول الاستشاري الهندسي، إسلام أحمد، لـ "العربي الجديد": "ندور في حلقة مفرغة، فالأسباب واضحة ومعروفة للجميع منذ سنوات. أولاً، لدينا آفة التعليات المخالفة، إذ يقوم ملاك العقارات القديمة بإضافة طوابق من دون أي دراسة إنشائية، ما يضع أحمالاً قاتلة على أساسات وهياكل متهالكة أصلاً. ثانياً، غياب الصيانة الدورية؛ فالقانون يلزم اتحادات الشاغلين بالصيانة، لكن هذا لا يحدث في غالبية العقارات القديمة. وأخيراً، هناك غش واضح في مواد البناء في قطاع المقاولات غير الرسمي، والكارثة أننا نتعامل مع كل انهيار بما هي حالة منفصلة، بينما هي في الحقيقة عرض لمرض واحد يصيب جسد العمران في مصر".
قضايا وناس
التحديثات الحية
مصرع 10 مصريين وإصابة 4 آخرين جراء انهيار عقار في كرداسة
يضيف: المشكلة ليست هندسية فقط، بل هي أزمة اجتماعية واقتصادية بامتياز، مشيرا إلى وجود طلب هائل على السكن في المدن الكبرى لا تقابله الدولة ببدائل آمنة وبأسعار معقولة، ما يدفع محدودي الدخل للقبول بالسكن في عقارات متهالكة أو مخالفة لأنها الخيار الوحيد المتاح والمناسب لهم مالياً. ضعف أجهزة الرقابة في المحليات وفساد بعض الموظفين يسمح لهذه المخالفات بالانتشار كورم سرطاني، و"قانون التصالح في مخالفات البناء، الصادر مؤخراً، رغم أنه أدخل مليارات الجنيهات إلى خزينة الدولة، إلا أنه قونن أوضاع مبانٍ خطرة، ما أعطى شعوراً خاطئاً بالأمان لسكانها".
ويتكرر السيناريو الحكومي مع كل كارثة، إذ يهرع مسؤولو الحماية المدنية إلى الموقع، ويتم تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقار المنهار والعقارات المجاورة، وتصدر توجيهات بصرف تعويضات عاجلة لأسر الضحايا والمصابين، وتوفير وحدات سكنية مؤقتة للأسر المشردة. ورغم أهمية هذه الإجراءات، إلا أنها تظل "مسكنات" لأزمة تتطلب "عملية جراحية" كبرى.
تقول أم محمد، وهي إحدى المتضررات من انهيار عقار: "أعطونا شقة في مساكن بديلة بعيدة عن عملي ومدارس أولادي، والتعويض المالي لا يكفي لشراء أبسط الأجهزة التي فقدناها. لم نكن نريد تعويضاً، كنا نريد أن تمنع الدولة الكارثة قبل وقوعها".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
فنلندا تنسحب من اتفاقية حظر الألغام الفردية.. مزيد من عسكرة البلطيق
تتجه فنلندا في سياق تزايد العسكرة الأوروبية ، تحديداً تحت سقف حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي انضمت إليه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، نحو الانسحاب من اتفاقية حظر نشر الألغام المضادة للأفراد، مع المزيد من العسكرة على حدودها مع جارتها روسيا . وخلال الأسابيع الأخيرة بدأت هلسنكي بزيادة انتشارها العسكري على حدودها، بعد أن كانت خلال فترة الحرب الباردة منذ 1949 شبه محايدة بين المعسكرين، الشرقي والغربي. ويبدو أن هذا البلد المنتمي إلى الاتحاد الأوروبي و"الأطلسي"، وهو جزء من مجموعة "دول الشمال" إلى جانب السويد وفنلندا والدنمارك والنرويج وأيسلندا، يحول "الخوف" من الجار الروسي إلى ذريعة لتسويق دخوله حالة سباق تسلح وانتهاج مواقف أكثر تصلباً في علاقاته بموسكو. ويُعتبر انسحاب فنلندا من اتفاقية أوتاوا لحظر انتشار الألغام الأرضية ضد الأفراد (تضم الاتفاقية الموقعة عام1997 نحو 160 دولة) أحد تجليات هذه التطورات، بحجة "الدفاع عن النفس"، بعد أن وافقت أغلبية برلمانية في هلسنكي (157 مقابل معارضة 18)، في 19 يونيو/حزيران الجاري، على الانسحاب من الاتفاقية، على اعتبار أنها خطوة أخرى نحو "حماية الحدود" مع روسيا، الممتدة على طول أكثر من 1300 كم. وخاضت فنلندا خلال عهد الاتحاد السوفييتي السابق حربين مع الجيش الأحمر. الأولى تسمى "حرب الشتاء"، بين نوفمبر/تشرين الثاني 1939 وحتى مارس/آذار 1940، وتكبد فيها السوفييت خسائر كبيرة، وانتهت الحرب بعقد اتفاقية سلام مع هلسنكي. وإبان الحرب العالمية الثانية دخل البلدان في "حرب الاستمرار"، بين 1941 و1944. وتعلم الفنلنديون من الحربين، والحرب الداخلية في عام 1918، الانتقال إلى صيغة "الشعب المسلح" بحيث يعتبر مواطنو البلد جميعاً (نحو 5.5 ملايين نسمة) جزءاً رئيسياً في صد أي غزو خارجي. وأقامت فنلندا طوال عقود الحرب الباردة ملاجئ وأنفاقاً تحمي السكان حتى من القصف النووي. ومن الواضح أن فنلندا، التي تقدمت بطلب مشترك مع جارتها السويد لعضوية الحلف الأطلسي في مايو/أيار 2022، غيرت قراءة علاقاتها بروسيا. وبعد نيل عضويتها في الحلف في إبريل/نيسان 2023 أطلقت روسيا مزيداً من التصريحات الممتعضة والغاضبة من توسع الحلف الغربي نحو حدودها، ما دفع هلسنكي نحو عسكرة حدودية وبحرية أكثر، وتخلت بالتالي عن سياسات استرضاء الكرملين. وجدير بالذكر أن علاقة البلد بموسكو بقيت جيدة في الفترة التي ترأسها مارتي أهتيساري، الحاصل على "نوبل للسلام"، بين 1992 و2000. تقارير دولية التحديثات الحية فنلندا في حلف شمال الأطلسي... تغيير قواعد اللعبة مع روسيا وحتى مع تقرب هلنسكي من الغرب، بعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في 1995، إلا أنها حافظت على علاقة جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن توسع الأطلسي في منطقة بحر البلطيق، مع عضوية دوله السوفييتية السابقة، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، وتنسيق فنلندا أكثر معها ومع إسكندنافيا، زاد من مخاوف روسيا. واعتبرت موسكو التقارب المتزايد، منذ 2014 (بعد ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية) على مستويات عسكرية ودفاعية، بين هلسنكي و"الأطلسيين" تحدياً حقيقياً في وجه سردية روسيا بشأن خرق الحلف الغربي قضية عدم توسعه شرقاً إلى أبعد من حدود ألمانيا الشرقية، بعد وحدتها مع الغربية في 1991. ودفعت التصريحات الروسية بعد بدء الحرب الأوكرانية، وبعد تحركات عسكرية على طول حدودها مع فنلندا واتخاذ الأخيرة خطوات متشددة بشأن دخول الروس عبر الحدود البرية، على ما يبدو فنلندا إلى مزيد من التنسيق العسكري مع دول الجوار الشمالية ومع واشنطن. وتبنت هلسنكي تدريجياً خطوات دفاعية على الأرض، من بينها تسييج الحدود وتعزيز مراقبتها عسكرياً بمشاركة قوات غربية. وتشهد العلاقات توترات إضافية منذ نهاية العام الماضي، بعد اتهام هلسنكي لموسكو بتعمد تخريب كابلات بحرية في أكثر من مناسبة، والدفع بتحركات بحرية مريبة في المياه التي تربطها بدول البلطيق والسويد. وذلك في مقابل اتهامات روسية لهلسنكي بتسهيل أعمال تخريبية يقوم بها الأوكرانيون في مناطق روسية شمالية. ويُعد انسحابها من اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد خطوة إضافية في رفع التوتر، وتشنجاً يتوسع نحو منطقة البلطيق. فدوله المتشاطئة، وبصورة خاصة بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، باتت أيضاً تنشر الألغام المضادة للأفراد، بعد تزايد منسوب التحذير من أن روسيا قد تقدم بعد الحرب في أوكرانيا أو في أثنائها إلى "اختبار" حدود "الأطلسي" الشرقية. وأشار وزير الدفاع الفنلندي، أنتي هاكانين، إلى أن بلاده ستخصص نحو ثلاثة مليارات يورو إضافية للقضايا الدفاعية، وكذلك ستنتج وتخزن الألغام بصورة كبيرة، مشدداً على أن الانسحاب من الاتفاقية ونشر الألغام الفردية بمثابة "خطوات لازمة للحد من خطر تعرض فنلندا للهجوم"، مضيفاً في تصريحات صحافية محلية أنها خطوة أولوية "لحماية البلد من التهديد الروسي". وأشار الرئيس الفنلندي، ألكسندر ستاب، إلى تهديد روسيا لبلاده، وأنه "في نهاية المطاف لدينا دولة مجاورة عدوانية وإمبريالية، وهي ليست عضواً في اتفاقية أوتاوا وتستخدم بنفسها الألغام الأرضية بلا رحمة"، في سياق الدفاع عن موقف بلده الجديد. أخبار التحديثات الحية فنلندا تبني سياجاً على حدودها مع روسيا بعد الانضمام لـ"الناتو" وفي ضوء تزايد عدد الدول المنسحبة من اتفاقية أوتاوا، المجاورة لروسيا وبيلاروسيا، دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى التشديد على ضرورة امتثال الدول لاتفاقية حظر استخدام الألغام ضد الأفراد. وقال غوتيريس إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التصريحات الأخيرة من عدة دول والخطوات التي اتخذتها للانسحاب من الاتفاقية. ورد وزير الدفاع الفنلندي على غوتيريس بالقول إن هدف الانسحاب "حماية المدنيين". وفي نهاية المطاف، تشير مساعي هلسنكي نحو العسكرة، وخصوصاً الخروج من اتفاقية دولية بشأن الألغام ضد الأفراد، إلى زيادة منسوب خوف بعض دول الأطلسي مما يمكن أن تقدم عليه روسيا، وإلى تحول كبير في سياسات البلد المسالم والداعم للاتفاقيات الدولية ولدعوات الحد من سباق التسلح.


العربي الجديد
منذ 19 ساعات
- العربي الجديد
عقارات الموت في مصر... أنقاض المنازل تدفن سكانها
انهار عقار مكون من خمسة طوابق على رؤوس ساكنيه في حي حدائق القبة الواقع في قلب القاهرة صباح 20 يونيو/حزيران الماضي، وتبعه بعد أقل من 24 ساعة انهيار العقار المجاور ، مخلفين مأساة جديدة تُضاف إلى السجل المصري المثقل بكوارث " عقارات الموت " التي تحول أحلام السكان في لحظات إلى كوابيس، إذ باتت رائحة التراب الممزوج بالموت تملأ المكان الذي كان قبل ساعات يعج بالحياة. تتكرر الحوادث، إذ انهار يوم الاثنين 23 يونيو، عقار مكون من ثلاثة طوابق في حي شبرا، وعقار ثان في حي السيدة زينب، ما يجعلها أعراضا واضحة لأزمة بنيوية عميقة تهدد بكارثة أوسع، في ظل غياب شبه تام للإحصائيات الرسمية، وتعامل حكومي يراه كثيرون قاصراً، ومجرد رد فعل من دون استراتيجية وقائية حقيقية. وكشف تقرير برلماني، قبل أسبوع، عن وجود نحو 5000 منزل آيل للانهيار في العاصمة القاهرة، ونحو نصف هذا الرقم في مدينة الإسكندرية، ثاني أكبر مدن البلاد، وجميعها توصيفها القانوني "عقارات آيلة للسقوط الفوري، وشديدة الخطورة على من فيها". وأكدت دراسة سابقة لكلية الهندسة في جامعة القاهرة ، صدرت في عام 2015، لا تزال أرقامها تتردد بمثابة جرس إنذار، وجود ما يقرب من مليون عقار آيل للسقوط في مصر، وأن هناك 132 ألف قرار إزالة صادرة بحق مبانٍ خطرة، لم ينفذ منها سوى نسبة ضئيلة، ما يجعلها قنابل موقوتة موزعة على الخريطة السكانية، يمكن أن تنفجر في أي لحظة. وخلف كل انهيار قصص إنسانية مفجعة. طاولت كارثة عقار حدائق القبة المنهار أسرة الرائد في الجيش المصري ضياء مصطفى، والذي لقي حتفه تحت الأنقاض، تاركاً خلفه طفلين وزوجة. بينما يقول رجل أربعيني بالقرب من الركام: "خرجت من البيت صباحاً إلى العمل، وعدت لأجده كومة تراب. زوجتي وأطفالي لا أعرف عن مصيرهم شيئاً". ولا تنتهي المأساة عند انتشال الضحايا والمصابين. ففي كل عقار منهار عدد من الأسر الناجية التي تجد نفسها في العراء. وتشير التقديرات الأولية لحوادث شهر يونيو الحالي، إلى تشريد ما لا يقل عن 30 أسرة فقدت كل ما تملك، المأوى، والأثاث، ومدخرات العمر، والذكريات. قرب العقار المنهار في السيدة زينب، يقول السبعيني سيد، الذي نجا بأعجوبة: "كل ما أملكه الآن هو ملابسي التي أرتديها. 50 سنة من الشقاء ذهبت في لحظة. أين أذهب بأولادي الآن؟". انهيار المنازل يتكرر في القاهرة، 10 ديسمبر 2024 (فرانس برس) في المكان نفسه، تقول الشابة حياة: "نطالب الدولة بالإسراع في تدبير سكن بديل للإيواء العاجل، حتى لا نبقى في الشارع. سنبقى عند الجيران لحين تدبير سكن آخر، لكني أخشى من الانتظار لسنوات، إلى أن يحين موعد للحصول على شقة من الدولة، مثلما حدث مع الأهالي الذين انهارت منازلهم خلال العقدين الماضيين". وتمول الحكومة المصرية برنامجاً لحماية الأسر المتضررة من تهدم المنازل، ضمن مشروع "تكافل وكرامة" الممول من الاتحاد الأوروبي، لكن تظل قدرته على إنقاذ المتضررين من التشرد محدودة في ظل تكرار حالات الانهيار، وغالبيتها ناتجة من عدم صيانة المنازل القديمة، حيث يتنازع الملاك والمستأجرون على تكاليف الصيانة، بينما يرغب الملاك في هدم بيوتهم للتخلص من أعباء صيانة عقارات محدودة العائد. يقول الاستشاري الهندسي، إسلام أحمد، لـ "العربي الجديد": "ندور في حلقة مفرغة، فالأسباب واضحة ومعروفة للجميع منذ سنوات. أولاً، لدينا آفة التعليات المخالفة، إذ يقوم ملاك العقارات القديمة بإضافة طوابق من دون أي دراسة إنشائية، ما يضع أحمالاً قاتلة على أساسات وهياكل متهالكة أصلاً. ثانياً، غياب الصيانة الدورية؛ فالقانون يلزم اتحادات الشاغلين بالصيانة، لكن هذا لا يحدث في غالبية العقارات القديمة. وأخيراً، هناك غش واضح في مواد البناء في قطاع المقاولات غير الرسمي، والكارثة أننا نتعامل مع كل انهيار بما هي حالة منفصلة، بينما هي في الحقيقة عرض لمرض واحد يصيب جسد العمران في مصر". قضايا وناس التحديثات الحية مصرع 10 مصريين وإصابة 4 آخرين جراء انهيار عقار في كرداسة يضيف: المشكلة ليست هندسية فقط، بل هي أزمة اجتماعية واقتصادية بامتياز، مشيرا إلى وجود طلب هائل على السكن في المدن الكبرى لا تقابله الدولة ببدائل آمنة وبأسعار معقولة، ما يدفع محدودي الدخل للقبول بالسكن في عقارات متهالكة أو مخالفة لأنها الخيار الوحيد المتاح والمناسب لهم مالياً. ضعف أجهزة الرقابة في المحليات وفساد بعض الموظفين يسمح لهذه المخالفات بالانتشار كورم سرطاني، و"قانون التصالح في مخالفات البناء، الصادر مؤخراً، رغم أنه أدخل مليارات الجنيهات إلى خزينة الدولة، إلا أنه قونن أوضاع مبانٍ خطرة، ما أعطى شعوراً خاطئاً بالأمان لسكانها". ويتكرر السيناريو الحكومي مع كل كارثة، إذ يهرع مسؤولو الحماية المدنية إلى الموقع، ويتم تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقار المنهار والعقارات المجاورة، وتصدر توجيهات بصرف تعويضات عاجلة لأسر الضحايا والمصابين، وتوفير وحدات سكنية مؤقتة للأسر المشردة. ورغم أهمية هذه الإجراءات، إلا أنها تظل "مسكنات" لأزمة تتطلب "عملية جراحية" كبرى. تقول أم محمد، وهي إحدى المتضررات من انهيار عقار: "أعطونا شقة في مساكن بديلة بعيدة عن عملي ومدارس أولادي، والتعويض المالي لا يكفي لشراء أبسط الأجهزة التي فقدناها. لم نكن نريد تعويضاً، كنا نريد أن تمنع الدولة الكارثة قبل وقوعها".


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
ترامب يلوح باستئناف الحرب الجمركية.. هذا ما يعتزم فعله خلال 10 أيام
لوح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الجمعة، بعودة سياسة الرسوم الجمركية إلى الواجهة، معلناً أنه سيرسل خلال عشرة أيام خطابات رسمية إلى عدد من الدول، تتضمن تحديد معدلات الرسوم التي سيتعين عليها دفعها مقابل دخول صادراتها إلى السوق الأميركية. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض، حيث أكد ترامب أيضاً أنه يعمل على إبرام صفقات تجارية جديدة مع عدة دول، بحسب رويترز. ورغم أن ترامب لم يحدد الدول المستهدفة أو نسب الرسوم المتوقعة، يعيد توقيت الإعلان وطرحه بصيغة "الإخطار" وليس "التفاوض" إلى الأذهان استراتيجية فترة رئاسته الأولى، حيث كان يعتمد الرسوم الجمركية سلاحاً تفاوضياً ضد كل من الصين، و الاتحاد الأوروبي ، والمكسيك، وكندا. وفي وقت سابق الجمعة، كشف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن إدارة ترامب تعمل حالياً على إنهاء سلسلة من الاتفاقات التجارية مع 18 شريكاً تجارياً رئيسياً، معرباً عن تفاؤله بإتمام تلك الصفقات بحلول عيد العمال الأميركي في 1 سبتمبر/ أيلول، وهو الموعد الذي حدده البيت الأبيض لتكون خريطة الرسوم الجديدة واضحة ومعتمدة. وقال بيسنت في مقابلة على شبكة (فوكس بيزنس): "لدينا 18 شريكاً تجارياً مهماً... إذا تمكنا من إبرام 10 أو 12 من الثمانية عشر المهمين، وهناك 20 علاقة مهمة أخرى، فأعتقد أننا يمكن أن ننتهي من مسألة التجارة بحلول عيد العمال". وأوضح أن المفاوضات مع الصين "شهدت تحديثاً لاتفاق سابق لتسريع شحنات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة". اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب وإيران: هل بدأ تفكيك سياسة "الضغط الأقصى"؟ وفي السياق ذاته، أرسلت الهند وفداً تجارياً رسمياً إلى واشنطن هذا الأسبوع، بينما أرسلت إدارة ترامب مقترحاً تجارياً جديداً إلى الاتحاد الأوروبي يتضمن تعديلات على الرسوم القائمة. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي تلقى رسمياً "الوثيقة الأحدث" من الولايات المتحدة بشأن ملف الرسوم الجمركية، وذلك في إطار مفاوضات مستمرة تهدف إلى تجنب التصعيد التجاري بين الطرفين. ورغم أنها لم تكشف عن تفاصيل المقترح الأميركي، أوضحت خلال مؤتمر صحافي أعقب قمة زعماء الاتحاد في بروكسل، أن "جميع الخيارات لا تزال مطروحة"، مؤكدة أن المفوضية تدرس حالياً العرض الأميركي بعناية. وأضافت: "نحن مستعدون للتوصل إلى اتفاق، لكننا في الوقت نفسه نستعد لاحتمال عدم الوصول إلى نتيجة مرضية". وتكشف تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي يتعاطى مع التصعيد بحذر، من دون إغلاق باب التفاوض. كما يشير إلى أن بروكسل تخشى من فرض رسوم مفاجئة على سلع أوروبية رئيسية مثل السيارات، الأدوية، أو المواد الغذائية، وهو ما قد يفتح جبهة تجارية جديدة بين ضفتي الأطلسي، في وقت يسعى فيه الطرفان للحفاظ على توازن دقيق بين التعاون والمنافسة. وتظهر هذه التحركات أن البيت الأبيض يراهن على استخدام الرسوم الجمركية سلاحاً تفاوضياً شاملاً، وليس فقط أداة عقابية.