
لماذا المسلمون وحدهم يحرمون من السلاح النووي؟
الخطاب الشعبوي العربي، منذ عقود مضت وإلى الآن، يعتقد بأن الفيتو، الذي عادة ما يرفع، في وجه أحلام، أي دولة عربية (أو مسلمة) في دخول نادي الكبار النووي، يمثل امتدادا لحقبة الحروب الصليبية القديمة (1096 ـ 1291).
استقى هذا الخطاب ـ المؤسس على "تديين الفيتو" ـ شرعيته الجماهيرية، من "شواهد" عززت فيه هذه النزعة، نحو "التفسير الديني" للإجابة عن هذا السؤال الكبير: لماذا المسلمون وحدهم، الذين تُقمع أشواقهم في هذا الإطار؟! لا سيما أن "مبدأ المعاملة بالمثل" المتأصل في القانون الدولي والعلاقات بين الدول لا يُصادر حقهم قانونيًا وأخلاقيًا في امتلاك أسلحة دمار شامل؛ بما فيها السلاح النووي؟
والحال أن الغرب ذاته، عزز من "صدقية"، هذا الخطاب الشعبوي، بما يكفي، سواء بالتطبيق غير المتكافئ، للقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل، أو لمعرفته بأن الشريعة الإسلامية، لا تتمتع بنفوذ كبير في مجال التطبيق في الدول الشرق أوسطية ، وأن الصناعات النووية الوظيفية، لا تزال على بعد سنوات عديدة من تحقيقها في أغلب البلدان العربية.
ومع ذلك فإنه ـ أي الغرب ـ ما انفك يثير الشكوك والمخاوف، بادعائه أن إضفاء الشرعية، على أسلحة الدمار الشامل، بين المثقفين الدينيين ذوي التوجهات الحكومية، يظهر مستوى جديدًا من القلق الغربي، إزاء ما يشير إلى سعي المنطقة، إلى الحصول على الطاقة النووية، تحت غطاء من المؤسسة الدينية الرسمية.
ليس بوسع "الشعبويين"، أن يلجوا إلى مساحات أخرى، تتخطى الديني إلى ما هو سياسي، يتعلق ببنية الدولة، والنظم السياسية المتعاقبة على الحكم بها. وما إذا كان الفيتو الغربي، يستند إلى مخاوف، من أن تمتلك نظم غير ديمقراطية السلاح النووي، ورهن قرار استخدامه في يد شخص واحد "الزعيم" الذي لا يخضع لأي مساءلة برلمانية أو قضائية؟!
بيد أن التفسير السياسي، يفتقر إلى أسس الإقناع، إذ تمتلك نظم غير ديمقراطية، مثل الصين وكوريا الشمالية وروسيا السلاح النووي، فيما تظل تجربتا الهند وباكستان، محل تساؤلات مشروعة، بشأن تفلتهما من الرقابة الدولية، الصارمة والقلقة من انتشار الأسلحة النووية، وانضمامهما إلى نادي الكبار النوويين.
وإن كان ثمة تفسير يرى أن نجاح إسلام آباد "المسلمة"، في امتلاك أسلحة نووية، حدث خلال فترة وجيزة، من عدم الاستقرار الجيوسياسي، عقب سقوط جدار برلين. ولعل بُعد باكستان الجغرافي، ومحدودية مدى القوة الجوية الغربية، هما السببان الوحيدان في تجنّبها التدخل العسكري.
وتبقى إسرائيل وحدها، أسهل نموذج يمكن استدعاؤُه، للتدليل على "الانحياز الديني"، أو " الفرز الديني" للدول التي تتلقى "المساعدات النووية"، من الغرب الذي يملك وحده فتح "طاقة القدر" لأية دولة في العالم، ترغب في امتلاك السلاح النووي، أو منعها ولو باستخدام القوة والتدخل العسكري (العراق وإيران نموذجان).
ليس بوسع أي مراقب، إنكار أن إسرائيل، أيًا كان نظام الحكم بها، هي دولة "أقلية دينية/اليهود"، يتمتع فيها اليمين المتطرف، بنفوذ كبير، وربما يخضع قرار الحرب والسلام فيها، لإرضاء هذا التيار المتوحش والعدواني، وأثناء العدوان على غزة، طُرح خيار "القنبلة النووية" للخروج بنصر، استعصى عليهم تحقيقه، بعد دخول الحرب عامها الثاني، دون أن تحقق تل أبيب هدفًا واحدًا من أهدافها المعلنة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قال وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، إن أحد الخيارات هو إلقاء قنبلة نووية على غزة، للرد على هجوم حماس، على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
ومع ذلك شاركت الدول الغربية بحماس لم يفتر، في بناء ترسانتها النووية وعلى سبيل المثال:
بنت فرنسا مفاعل ديمونة النووي، ووفرت المملكة المتحدة والنرويج الماء الثقيل للمفاعل، ووفرت الولايات المتحدة – بشكل مباشر وغير مباشر – اليورانيوم المخصب، والصمامات النووية، وتقنيات التوجيه (تكنولوجيا نظام توجيه صاروخ بيرشينج-2) لصاروخ أريحا-3، وقاذفات مقاتلة طويلة المدى متطورة، لإطلاق القنابل النووية (طائرات إف-15 وإف-16).
كما زودت واشنطن إسرائيل، بأجهزة كمبيوتر فائقة السرعة، تُستخدم لمحاكاة التجارب النووية والتحقق من حيوية الترسانة، وزودت ألمانيا إسرائيل، بغواصات متطورة (دولفين)، قادرة على إطلاق صواريخ كروز ذات رؤوس نووية، وزودت بلجيكا الدولة اليهودية، بخامات اليورانيوم، من مستعمرتها السابقة زائير.
وفي عام 1979، قامت أجهزة المخابرات الفرنسية، بمساعدة الموساد، بتخريب قلب المفاعل النووي الذي باعته فرنسا للعراق قبل شحنه، وأطاح حلف شمال الأطلسي بالقذافي، كما خضعت ليبيا لعقوبات اقتصادية من الغرب.
لا يعجز منظرو السياسات الغربية، عن "الشوشرة" على أي تفسيرات منطقية، تبرئ ساحتهم، من الاحتكام إلى "الفرز الديني" كلما تطرق الأمر إلى الفيتو الغربي على الشرق المسلم، على وجه الخصوص، كلما شاء أن يمتلك السلاح النووي، إذ يعتقد المبررون له "أن الشرق الأوسط النووي ليس شرقًا أوسط آمنًا".
ويجادل "دانيال سيروير" الأستاذ بمعهد السياسة الخارجية بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، بأن أي خطوة حاسمة من جانب إيران ـ مثلًا ـ نحو الأسلحة النووية، قد تفتح الباب على مصراعيه.
لافتًا إلى أنه إذا حدث ـ والحال كذلك ـ فإنه، في غضون أشهر، قد نشهد أربع قوى نووية جديدة في المنطقة، بالإضافة إلى القدرات النووية الحالية في إسرائيل.
وحذر من أن دقائق فقط من زمن إطلاق الصواريخ، تفصل عواصم القوى النووية المحتملة في الشرق الأوسط، حيث ينتشر العداء المتبادل، وعدم الفهم في جميع أنحاء المنطقة.
لا أحد هنا في الشرق، يصدق ما يقال هناك في الغرب، خاصة أن الخلط بين الديني والسياسي، مع ترجيح الأول على الثاني، له ما يبرره، إذ إن ما يتردد من شعارات، ما بعد الحرب العالمية الثانية- ومن بينها أن هوية أوروبا "مسيحية ـ يهودية"- ما زال حاضرًا، في الخطاب السياسي الرسمي الغربي، كلما تنامى في العواصم الغربية، جدل المخاوف من التمدد الإسلامي الرمزي.
على سبيل المثال، كتب حزب الشعوب الأوروبي – أكبر كتلة سياسية في أوروبا – في بيان له، أن القارة الأوروبية، تشترك في "ثقافة وتراث يهودي- مسيحي مشترك"، وأن "علينا حماية أسلوب حياتنا الأوروبي بالحفاظ على قيمنا المسيحية".
وفي مقال رأي، أكد رئيس الوزراء الفلمنكي جان جامبون، على هذا "التراث اليهودي المسيحي"، واضعًا إياه جنبًا إلى جنب، مع الديمقراطية اليونانية، وسيادة القانون الرومانية باعتبارها المبادئ الأساسية الثلاثة للهوية الأوروبية.
وأثناء الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران، ترددت في بعض المواقع الإسلامية آراء تستند إلى ما استقر في الضمير الشعبوي العربي والمسلم، بشأن الفيتو الغربي، على أي أحلام عربية، بامتلاك مظلة نووية، مشيرة إلى أن إسرائيل ليست امتدادًا لهذه الهوية الغربية المزعومة وحسب، وإنما تخدم أيضًا طموحات الحركات الدينية في الغرب، التي تخشى إحياء الحضارة الإسلامية، ووصولًا إلى الحركات المسيحية الصهيونية، التي تؤمن بأن الهيمنة اليهودية على الشرق الأوسط، ضرورية للمجيء الثاني للمسيح.
هذه الجماعات، ذات التأثير العميق على صنع القرار الأميركي، ترى في كل دولة عربية أو إسلامية – بغض النظر عن هوية قادتها تهديدًا يجب احتواؤه.
وفي نهاية المطاف، فإن التطورات المُحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، أكدت حقيقةً أكبر، وهي أن الصراع على الطاقة النووية، جزءٌ من صراع حضاري أوسع. وأن الغرب قد عزم، على حرمان العالم الإسلامي، من الوصول إلى الطاقة النووية، حتى لو استلزم ذلك اللجوء إلى الحرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
تعديل ضريبة القيمة المضافة في مصر يهدد برفع الأسعار
القاهرة – أقر مجلس النواب في مصر تعديلات جديدة على قانون ضريبة القيمة المضافة تشمل المقاولات، والسجائر، والمشروبات الكحولية، إلى جانب استحداث ضريبة قيمة مضافة على البترول الخام، ما يفتح الباب لتساؤلات حول التداعيات المتوقعة لهذه السياسات الضريبية على أسعار السلع والخدمات. وأوضحت مصلحة الضرائب المصرية، في أعقاب إقرار مجلس النواب التعديلات، أن الهدف منها هو إجراء تعديلات محدودة في ضريبة القيمة المضافة، وأن هذه التعديلات تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية وإصلاح بعض التشوهات، بما يدعم القدرة على تمويل زيادات الإنفاق على التنمية البشرية. وأكدت المصلحة في الوقت نفسه عدم المساس بالإعفاءات الضريبية للسلع الأساسية والغذائية، وكذلك الخدمات الصحية والتعليمية، مشيرة، في بيان، إلى أن إخضاع البترول الخام لضريبة الجدول بفئة 10%، بدلا من المنتجات البترولية، لن تترتب عليه أي زيادة إضافية في أسعار المنتجات البترولية بالسوق المحلية. ما علاقة صندوق النقد؟ تأتي هذه التعديلات الضريبية بعد نحو شهر من إعلان صندوق النقد الدولي الشهر الماضي الانتهاء من المراجعة الخامسة لبرنامج التمويل المصري، البالغ قيمته 8 مليارات دولار والموقّع في مارس/آذار 2024، لكن الصندوق أشار إلى أنه سيتم استكمال مراجعة بقية السياسيات لاحقا. وقال الصندوق الأسبوع الماضي إنه يعتزم جمع المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج إقراض مصر في خريف العام الجاري، وذلك لمنح السلطات مزيدا من الوقت لتحقيق الأهداف الأساسية لبرنامجها للإصلاح الاقتصادي. وقالت المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك، في إفادة صحفية دورية، إن خبراء الصندوق يعملون مع السلطات المصرية على وضع اللمسات الأخيرة على الإجراءات الرئيسية للسياسة الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بدور الدولة في الاقتصاد. ومن شأن قرار دمج المراجعتين تأخير صرف دفعة جديدة من الأموال لمصر لنحو 6 أشهر، وقالت كوزاك إنه من السابق لأوانه مناقشة حجم أي مبلغ متوقع صرفه فيما يتعلق بالمراجعتين المجمعتين. تعديلات مراقبة تتوافق تعديلات مجلس النواب مع خطط مصر لتنفيذ إجراءات تهدف إلى زيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة، ويتضمن ذلك ضم قطاعات جديدة أو تطبيق الضريبة على سلع وجهات كانت معفاة منها سابقا، وفق توصيات صندوق النقد. كان رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فخري الفقي كشف في تصريحات سابقة لـ"الجزيرة نت" أن ثمة تعديلات تهدف إلى إعادة النظر في قائمة السلع والخدمات المعفاة من ضريبة القيمة المضافة (نحو 57 سلعة وخدمة)، لزيادة الحصيلة الضريبية، وأرجع ذلك إلى تغير الظروف التي استدعت هذه الإعفاءات سابقا. كم توفر الضرائب الجديدة؟ تتيح التعديلات الجديدة على قانون ضريبة القيمة المضافة للحكومة ما يلي: زيادة أسعار السجائر المحلية والمستوردة بنحو 23% والمشروبات الكحولية 15%. إخضاع قطاع المقاولات وأعمال التشييد والبناء للسعر العام للضريبة بنسبة 14% بدلا من 5%. استحداث ضريبة قيمة مضافة على البترول الخام بنسبة 10%. تهدف التعديلات الضريبية الجديدة، التي أقرها البرلمان، إلى زيادة الحصيلة الضريبية بنحو 105 مليارات جنيه (2.1 مليار دولار)، وفق تصريحات وكيل لجنة الخطة والموازنة بالمجلس ياسر عمر. الجباية تزيد الأعباء انتقد الخبير الاقتصادي أحمد خزيم، رئيس منتدى التنمية والقيمة المضافة، توسع الحكومة المصرية في ما أسماه "سياسة الجباية"، مؤكدا أن "العجز المزمن في الموازنة العامة يدفع الحكومة لزيادة الضرائب والرسوم، حيث يذهب أكثر من 64% من الموازنة لسداد الديون وفوائدها، ولن تتوقف عند هذا الحد". وأشار إلى أن الحكومة تمول العجز من جيوب المواطنين، مع تشكيل الضرائب أكثر من 80% من الإيرادات. وأوضح المتحدث، لـ"الجزيرة نت"، أن الحكومة تقصد بالضرائب الجديدة الضرائب المباشرة، في حين تؤدي الضرائب غير المباشرة (مثل الرسوم ودمغة وضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات) إلى زيادة الأسعار بشكل مباشر على المواطن. وتوقع خزيم أن تواصل أسعار العقارات ارتفاعها نتيجة التعديلات. وتُعَد الموارد الضريبية من أهم مصادر تمويل الموازنة العامة للدولة 2026/2025، وتأتي أرقام الموازنة على النحو التالي: تزيد الإيرادات الضريبية إلى 2.6 تريليون جنيه (52.78 مليار دولار) تعادل 83.4% من إجمالي الإيرادات المتوقعة البالغة 3.1 تريليونات (62.93 مليار دولار). من المتوقع أن ترتفع حصيلة الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 34.4%، لتصل إلى 1.103 تريليون جنيه (22.39 مليار دولار). من المرجّح أن تزيد حصيلة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 55.3%، لتسجل 640.4 مليار جنيه (13 مليار دولار). لا خيار في المقابل، رأت الخبيرة المصرفية سحر الدماطي أن "التعديلات الأخيرة على ضريبة القيمة المضافة إجراء ضروري لسد العجز المالي، بالنظر إلى أن جزءا كبيرا من القطاع غير الرسمي لم يدخل المنظومة الضريبية بعد، ولم تكلل محاولات الحكومة بالنجاح بشكل كبير حتى الآن". وأضافت لـ"الجزيرة نت" أن توجّه الحكومة لضريبة القيمة المضافة كمصدر للإيرادات يأتي في ظل غياب حلول أو خيارات أخرى لتوفير موارد إضافية للإنفاق، وفي ظل العجز الحالي بالموازنة. وتوقعت الدماطي أن تؤثر تعديلات ضريبة القيمة المضافة على المستهلكين في نهاية المطاف، وأن تشكّل عبئا ماليا على المواطنين. وحذرت الخبيرة المصرفية من تنامي بند الفوائد في الموازنة، والذي يدفع الحكومة لمثل هذه التعديلات التي ترهق الدولة والمواطن معا، وفق قولها، مشددة على ضرورة توسيع القاعدة الضريبية وضم الاقتصاد غير الرسمي، وعلى أن ذلك سيكون أكثر فعالية وأنجع في توفير الإيرادات.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
كيف يرى الإسرائيليون مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟
القدس المحتلة- تتفق معظم التحليلات الإسرائيلية على أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة ، رغم موافقتها الشكلية على المقترح الأميركي لوقف القتال لمدة 60 يوما، لا تبدي أيّ رغبة حقيقية في إنهاء الحرب على القطاع. وتُجمع على أن اليوم الـ61 بعد الهدنة قد يشهد استئنافا حتميا للقتال، انسجاما مع الأهداف المعلنة للحكومة، وأهمها "القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)" وتجريد القطاع من السلاح، ومنع أي تهديد مستقبلي ينطلق من غزة نحو إسرائيل، على حد قول مسؤوليها. وينص المقترح الأميركي، الذي ردت عليه الحركة بالإيجاب مع تسجيل بعض التحفظات، ينص على وقف إطلاق النار مدة شهرين، تُنفذ فيها 5 دفعات من تبادل الأسرى، تشمل إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء وجثث 18 تم الإعلان عن وفاتهم، مقابل عدد غير محدد بعد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب انسحاب جيش الاحتلال من القطاع، وضمانات لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية. تحفظات وشملت تحفظات حماس قضايا جوهرية عن كيفية توزيع المساعدات، وضمانات الانسحاب الإسرائيلي الكامل، وتأكيدات على أن وقف إطلاق النار يجب أن يؤدي إلى وقف دائم للحرب، لا مجرد هدنة مؤقتة يعقبها عدوان أشد. في المقابل، يتمسك نتنياهو وحكومته بأهداف الحرب الأصلية، وعلى رأسها نزع سلاح غزة، وإقصاء حماس من الحكم، في سياق رؤيتهم الأمنية والعقائدية التي تدعي أن القطاع "جزء من أرض إسرائيل الكبرى"، ما يجعل فكرة الانسحاب الكامل ووقف القتال خيارا مرفوضا من حيث المبدأ لدى اليمين الإسرائيلي المتطرف. في الأثناء، تتواصل -وبدعم أميركي- مساعٍ إسرائيلية لدفع "خطة الهجرة" التي تهدف إلى تقليص عدد سكان غزة إلى النصف، كجزء من مشروع تهجير قسري طويل الأمد يسعى إلى إحداث تغيير ديموغرافي جذري في القطاع، تمهيدا لإعادة تشكيل الواقع الجغرافي والسياسي فيه، بما يتماشى مع العقيدة اليمينية. وتناولت التحليلات الإسرائيلية مقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، واستعرضت الدوافع السياسية والعقائدية والأمنية التي تُرجح كفة استئناف الحرب، حتى بعد تنفيذ مراحل الهدنة المؤقتة، واستذكرت مشروع التهجير القسري كخيار إستراتيجي لحكومة نتنياهو في معركتها الممتدة على مستقبل غزة. وتحت عنوان "بين صفقة المحتجزين وإعادة إعمار قطاع غزة: زيارة حاسمة لواشنطن"، كتب محلل الشؤون السياسية والأميركية في صحيفة "يسرائيل هيوم" أرييل كهانا، أن تمسك نتنياهو بأهدافه المعلنة للحرب في غزة، وفي مقدمتها إبعاد حماس عن الحكم وتجريد القطاع من السلاح، يأتي لضمان ألا يعود أي مصدر تهديد لإسرائيل. ورغم إعلان ترامب رغبته في إنهاء الحرب في غزة، يوضح كهانا أن مصادر في البيت الأبيض تؤكد تمسكه برفض أي دور لحماس في حكم القطاع بعد الحرب، وربط إعادة إعماره بنزع سلاحها وإبعاد عناصرها. وأشار إلى أن نتنياهو جدد التزامه بإقصاء الحركة. هيمنة أميركية ويلفت كهانا إلى أن نتنياهو اضطر سابقا إلى تقديم تنازلات محدودة لحماس لإنجاز صفقات تبادل الأسرى، لكنه يعتبر وقف إطلاق النار مرحلة مؤقتة ستنتهي باستئناف القتال إذا لم تُسلّم الحركة السلطة وتُجرّد من سلاحها. ويضيف أن التقديرات الإسرائيلية ترجح استعداد الجيش للعودة إلى القتال بعد شهرين أو أكثر، كما حدث في صفقات 2023 و2025، بينما تواصل إسرائيل والولايات المتحدة الترويج سرا لخطة هجرة واسعة من غزة. وبحسب كهانا، أبدت 3 دول موافقة مبدئية على استقبال أعداد كبيرة من سكان غزة، وتدرس 3 أخرى الفكرة بجدية، لكن هذه الخطة لن تتبلور إلا بعد توقف الحرب. تحت عنوان "ترامب يُملي ونتنياهو يتراجع: ملامح صفقة قد تغيّر وجه الحرب"، تقدم المراسلة السياسية لصحيفة "معاريف" آنا بارسكي، قراءة لصفقة تبادل الأسرى التي تتبلور بدفع مباشر من البيت الأبيض. وتقول إنها قريبة من الاكتمال، بينما يعيد الرئيس الأميركي بلاده إلى قلب المشهد في الشرق الأوسط بأسلوبه المفضل: عقد الصفقات. توضح بارسكي أن ترامب يركز في ولايته الثانية على إنجازات مهمة، منها مواجهة الصين وكبح إيران، والآن وقف إطلاق النار في غزة 60 يوما، وإطلاق سراح المحتجزين، وربما بدء اتفاق أوسع لاحقا. وتصف الهيمنة الأميركية على إسرائيل بأنها سلاح ذو حدين؛ "فدعم واشنطن وضغطها ضروريان"، لكن ترامب يتصرف وفق مصالحه الخاصة، ويرى وقف إطلاق النار مع حماس إنجازا وليس تنازلا. وتتابع "المنطق الأميركي واضح، إذا أراد نتنياهو استمرار الدعم في قضايا كبرى مثل إيران و مجلس الأمن و اتفاقيات أبراهام ، فعليه قبول الصفقة أو على الأقل عدم عرقلتها". ويسود في إسرائيل -وفق بارسكي- قلق من اعتبار وقف إطلاق النار استسلاما، ومن فرض اتفاق دائم يبقي حماس في الحكم دون تحقيق أهداف الحرب. بينما يُطمئن نتنياهو داخليا وخارجيا بأنه يدعم وقفا مؤقتا، لكنه يرفض تنازلات تبقي الحركة مسلحة. وتختتم بأن الصفقة، إذا تمت، ستكون إنجازا إستراتيجيا لترامب يعيد النفوذ الأميركي في المنطقة ويمنحه انتصارا دبلوماسيا كبيرا. من جانبها، تقول، مراسلة الشؤون السياسية والدبلوماسية، تال شنايدر، في موقع "زمان يسرائيل" إن نتنياهو يدرك أن ترامب يتوقع منه إتمام الصفقة "مهما كلف الأمر". وأشارت إلى أن حكومة نتنياهو غير معنية بإنهاء الحرب، لكن جزءا كبيرا من جهود وقف إطلاق النار يجري تحت ضغط أميركي مباشر، خاصة من الرئيس الأميركي الذي خالف وعوده بعدم خوض حروب جديدة وهاجم إيران رغم انتقادات قاعدته. وحسب شنايدر، يضغط ترامب لتنفيذ الصفقة رغم تهديدات داخلية من وزراء إسرائيليين مثل إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش ، بينما يؤكد نتنياهو أنه غير معني بإنهاء القتال ويكرر "لن تكون هناك حماس". وتقدّر أن وقف إطلاق النار المعروف بـ"خطة ويتكوف"، يثير حيرة في إسرائيل، إذ يسمح بتوسيع إطلاق سراح الأسرى، لكنه يبقي كثيرين في يد حماس. ويحاول نتنياهو إظهار أن الحرب وتحرير المحتجزين هدفان متكاملان، لكنه عمليا يخفي التناقض بينهما. بيني غانتس للانضمام أو التوجه إلى انتخابات جديدة في الخريف المقبل.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
البنتاغون يطلب أموالا لدعم قسد وفصائل أخرى بسوريا
طلبت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تخصيص 130 مليون دولار في ميزانية العام المالي 2026 لدعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وفصائل سورية أخرى. وأظهرت وثيقة صادرة عن البنتاغون أن المبلغ المخصص يهدف لتمويل برامج التدريب والتجهيز لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية وتقديم رواتب للمقاتلين التابعين لقسد، إلى جانب قوات "جيش سوريا الحرة" المنتشرة في جنوب البلاد. وشمل الدعم المالي الذي طلبته وزارة الدفاع الأميركية أكثر من 7 ملايين دولار لصالح فصيل "جيش سوريا الحرة"، مع الإشارة إلى إمكانية توسيع عملياته ضد خلايا تنظيم الدولة في منطقة البادية السورية. وحذّرت الوثيقة من أن تقليص هذا النوع من الدعم قد يتيح لتنظيم الدولة استعادة نشاطه، بما قد يشكل خطرا على أمن الدول والمصالح الأميركية في المنطقة. وأظهرت الوثيقة نفسها أن حجم الدعم الأميركي لهذه الفصائل في سوريا يتراجع تدريجيا، إذ بلغ 156 مليون دولار في موازنة 2024، ثم انخفض إلى 147 مليون دولار في 2025، لينخفض مجددا إلى 130 مليون دولار في مشروع موازنة 2026. ولطالما دعمت الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية بالمال والسلاح، إذ تعتبرها رأس الحربة في مكافحة تنظيم الدولة الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا، قبل أن يتعرض للهزيمة بعد ذلك بـ5 سنوات. ومؤخرا تحدث مسؤولون أميركيون عن انسحاب 500 جندي أميركي وإغلاق 3 قواعد في سوريا ضمن خطة لتقليص القوات إلى ألف جندي بحلول نهاية العام الجاري. بيد أن مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية قللوا من أهمية هذه الخطوة، مشيرين إلى أن ما يجري عملية إعادة انتشار وليس انسحابا. تجدر الإشارة إلى أنه في العاشر من مارس/آذار الماضي، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي اتفاقا يقضي باندماج قوات "قسد" في الجيش السوري ومؤسسات الدولة الأخرى، والتأكيد على أن المجتمع الكردي مكون أصيل من مكونات الشعب والدولة. وشمل الاتفاق ضم كافة المنطقة الواقعة تحت سيطرة "قسد" ضمن أجنحة الإدارة السورية الجديدة، بما في ذلك المعابر والمطارات وحقول النفط، إلى جانب عودة السوريين المهجّرين إلى بلداتهم وقراهم شمالي شرقي سوريا، على أن يكتمل تنفيذ الاتفاق قبل نهاية العام الجاري.