logo
التعريفات الأميركية على جنوب أفريقيا تضرب مصالح المزارعين البيض

التعريفات الأميركية على جنوب أفريقيا تضرب مصالح المزارعين البيض

الجزيرةمنذ 7 ساعات
قال مراقبون إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جنوب أفريقيا بنسبة 30% من المتوقع أن تلحق ضربة اقتصادية كبيرة بمجتمع البيض الذي رفع راية الدفاع عنه واعتبره مضطهدا.
واستنادا إلى مزاعم تقول بأن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد، أقدم ترامب على قطع المساعدات عن البلاد، وانتقد رئيسها علنًا في المكتب البيضاوي، ودعا "الأفريكانيين" (أحفاد المستوطنين الأوروبيين الأوائل) إلى الهجرة نحو الولايات المتحدة كلاجئين مرحب بهم.
وبالنسبة للمزارعين الذين لا يزالون متجذرين في وطنهم، ويسعون لمواصلة كسب رزقهم داخل أرضهم، فإن التعريفات الجمركية المقرر دخولها حيز التنفيذ في بداية أغسطس/آب المقبل تمثل قضاء على أحلامهم.
ونظرًا لأن حوالي 75% من الأراضي الزراعية الحرة في جنوب أفريقيا مملوكة للبيض، فإن مزارعيهم سيتكبدون الخسائر المباشرة رغم أنهم ليسوا وحدهم المتضررين.
وقال بوإيتشوكو نتشابيل، الرئيس التنفيذي لجمعية مزارعي الحمضيات في جنوب أفريقيا، إن الرسوم المفروضة بنسبة 30% ستتسبب في دمار للمجتمعات التي تخصصت لعقود من الزمن في الإنتاج والتصدير للسوق الأميركية.
وبسبب موقع جنوب أفريقيا الواقع في نصف الكرة الجنوبي، فإنها تنتج الحمضيات في أوقات لا تكون فيها متاحة في السوق الأميركية، مما يسمح بتوفير الفاكهة للمستهلك الأميركي على مدار العام.
ورغم أن الولايات المتحدة تمثل نحو 6% فقط من صادرات الحمضيات الجنوب أفريقية، فإن بعض المناطق الزراعية تعتمد كليًا على السوق الأميركية، ولا يمكن توجيه تلك المنتجات بسهولة إلى أسواق أخرى بسبب اختلاف متطلبات الحجم والسلامة النباتية من دولة إلى أخرى.
ووفقا لبعض الجمعيات التجارية في جنوب أفريقيا، فإن عدم القدرة على التنافس في مجال تصدير الحمضيات إلى الولايات المتحدة سيؤدي إلى فقدان 35 ألف وظيفة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أكبر 10 دول منتجة ومصدّرة للنحاس في العالم.. ماذا عن الدول العربية؟
أكبر 10 دول منتجة ومصدّرة للنحاس في العالم.. ماذا عن الدول العربية؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

أكبر 10 دول منتجة ومصدّرة للنحاس في العالم.. ماذا عن الدول العربية؟

أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا فرضَ رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس من بداية أغسطس/آب المقبل صدمة في الأسواق العالمية، إذ تجاوزت النسبة المعلنة معظم توقعات المحللين، وأثارت تساؤلات بشأن مستقبل الإمدادات العالمية وسلاسل الإنتاج الأميركية، وفقا لوكالة بلومبيرغ. وارتفعت أسعار النحاس في الولايات المتحدة بشكل حاد منذ يناير/كانون الثاني الماضي عندما بدأ ترامب التلويح بفكرة فرض الرسوم. واستغل المتعاملون في السلع هذا الوضع لتحقيق أرباح ضخمة من خلال شحن مئات آلاف الأطنان من النحاس من الأسواق الأرخص نحو الولايات المتحدة، مستفيدين من فروق الأسعار. وارتفعت العقود الآجلة للنحاس في بورصة نيويورك إلى مستويات قياسية، وبلغ الفارق السعري بينها وبين بورصة لندن نحو 28%، في ظل تسابق التجار لإدخال الشحنات إلى الموانئ الأميركية قبل دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ. من أين تحصل الولايات المتحدة على النحاس؟ أنتجت الولايات المتحدة 1.1 مليون طن متري من النحاس عام 2024، وفقا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وهو ما يزيد قليلا على نصف استهلاكها السنوي من النحاس المكرر. ويُستخرج أكثر من ثلثي هذه الكمية (70%) من ولاية أريزونا، حيث توقف تطوير منجم جديد ضخم لأكثر من عقد من الزمان. أما الكمية المتبقية من النحاس المكرر، التي تقل قليلا عن مليون طن متري سنويا، فتُستورد من الخارج، وفقا لوكالة رويترز. وفي حين صاغ البيت الأبيض التعريفات الجمركية الجديدة كوسيلة لمواجهة هيمنة الصين على السوق العالمية، فإن الولايات المتحدة تستورد في الواقع معظم احتياجاتها من النحاس المكرر من الأميركيتين. وحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، بلغت واردات الولايات المتحدة من النحاس عام 2024 نحو 810 ملايين طن متري، واستحوذت تشيلي وكندا وبيرو على أكثر من 90% من واردات النحاس المكرر العام الماضي، وفقا لرويترز. قلق عالمي زاد القلق العالمي بشأن استقرار إمدادات النحاس، عام 2024، خاصة مع تقدم عمر المناجم الرئيسية المُنتِجة بالعالم دون تطوير مناجم جديدة تعوض النقص المتوقع. وتُشير تقديرات السوق إلى أن الطلب على النحاس مرشح للارتفاع الكبير في السنوات المقبلة، مدفوعا بشكل أساسي بالتحول العالمي نحو الطاقة الكهربائية، وفقا لموقع إنفيستنغ نيوز نيتورك. وساهمت التوترات بين العوامل الاقتصادية الكلية من جهة، وتقلص العرض وارتفاع الطلب من جهة أخرى، في حدوث تقلبات حادة بأسعار النحاس خلال العام الماضي. وبلغ المعدن الأحمر ذروته التاريخية في مايو/أيار 2024، عندما تجاوز سعره 5 دولارات أميركية للرطل للمرة الأولى، وفقا لـ"إنفيستنغ نيوز". وتُجمع التوقعات على أن سوق النحاس يسير نحو عجز في الإمدادات خلال السنوات المقبلة، مما قد يدعم استمرار ارتفاع الأسعار، ويُعزز أرباح الشركات العاملة في هذا القطاع، وفقا لناسداك. سوق النحاس بلغ حجم سوق النحاس العالمي 236.09 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 362.28 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5.6% خلال الفترة المتوقعة، وفقا لمنصة "داتا بريدج ماركت ريسيرش". ويعود هذا النمو إلى عدة عوامل، منها الطلب المتزايد على الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، وتوسع البنية التحتية والتوسع الحضري، والتقدم التكنولوجي. تحليل السوق النحاس مادة أساسية تُستخدم في مختلف التطبيقات الكهربائية والإلكترونية، ويتميز بتوصيل كهربائي وحراري ممتاز، وهو ضروري لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها، بالإضافة إلى استخدامه في مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية. وفيما يلي تحليل موجز لسوق النحاس العالمي وفقا للمصدر السابق: يتزايد الطلب على النحاس بشكل كبير بسبب التركيز العالمي المتزايد على الكهرباء والتحول في مجال الطاقة، إلى جانب التقدم في التقنيات التي تعتمد بشكل كبير على خصائصه الموصلة. من المتوقع أن تهيمن منطقة آسيا والمحيط الهادي على سوق النحاس بسبب التصنيع القوي والطلب المرتفع من قطاعي البناء والإلكترونيات. من المتوقع أن تكون منطقة آسيا والمحيط الهادي أسرع المناطق نموا في سوق النحاس خلال فترة التوقعات بسبب النمو السريع للبنية التحتية للسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة في دول مثل الصين والهند. من المتوقع أيضا أن يُهيمن قطاع الأسلاك على السوق بحصة سوقية تبلغ 29.63%، بفضل توسعه في مشاريع الطاقة المتجددة، وكهربة أنظمة النقل، مما يزيد الحاجة إلى أسلاك نحاسية فعالة. كما يُسهم التوسع الحضري السريع وتطوير البنية التحتية بالاقتصادات الناشئة في نمو هذا القطاع. أكبر 10 دول مُنتجة للنحاس في العالم بلغ إنتاج النحاس العالمي 23 مليون طن متري في عام 2024، وتعتبر تشيلي أكبر دولة منتجة للنحاس في العالم، حيث تنتج 23% من مجمل الإنتاج العالمي. وفيما يلي قائمة بأكبر 10 دول منتجة للنحاس في العالم عام 2024، وفقا لأحدث بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية: تشيلي: 5.3 ملايين طن متري. الكونغو: 3.3 ملايين طن متري. بيرو: 2.6 مليون طن متري. الصين: 1.8 مليون طن متري. إندونيسيا: 1.1 مليون طن متري. الولايات المتحدة: 1.1 مليون طن متري. روسيا: 930 ألف طن متري. أستراليا: 800 ألف طن متري. كازاخستان: 740 ألف طن متري. المكسيك: 700 ألف طن متري. أكبر 10 دول مصدرة للنحاس في العالم بلغ إجمالي المبيعات العالمية لصادرات خام النحاس من مختلف دول العالم نحو 102.4 مليار دولار في عام 2024، ويُظهر هذا الرقم نموا ملحوظا بنسبة 76.1% مقارنة بعام 2020، حيث بلغت قيمة صادرات النحاس آنذاك 58.1 مليار دولار، وفقا لمنصة وورلد توب إكسبورتس. وفيما يلي قائمة بأكبر 10 دول مصدرة لخام النحاس في العالم عام 2024 مقدرة بالدولار الأميركي، وفقا للمصدر نفسه. تشيلي: 30.1 مليار دولار. البيرو: 20.7 مليار دولار. إندونيسيا: 8 مليارات دولار. البرازيل: 4.2 مليارات دولار. أستراليا: 4.1 مليارات دولار. المكسيك: 3.9 مليارات دولار. كندا: 3.8 مليارات دولار. منغوليا: 3.3 مليارات دولار. كازاخستان: 3.2 مليارات دولار. الكونغو: 3 مليارات دولار. أكبر 10 دول مستوردة للنحاس في العالم وفيما يلي قائمة بأكبر 10 دول مستوردة لخام النحاس في العالم عام 2023 مقدرة بالدولار الأميركي وفقا لبيانات البنك الدولي. الصين: 59.94 مليار دولار. اليابان: 11.7 مليار دولار. كوريا الجنوبية: 5.8 مليارات دولار. ألمانيا: 3.3 مليارات دولار. الفلبين: 3.3 مليارات دولار. الهند: 3.1 مليارات دولار. إسبانيا: 2.5 مليار دولار. بلغاريا: 1.9 مليار دولار. المكسيك: 1.2 مليار دولار. فنلندا: 917 ملايين دولار. النحاس في الوطن العربي.. ثروات واعدة وفرص غير مستغلة تزخر عدة دول عربية باحتياطات مهمة من خام النحاس، إلا أن استغلال هذه الثروة لا يزال دون المستوى المطلوب. ويُعد تكوين الدرع العربي الجيولوجي، الذي يغطي جزءا كبيرا من غرب المملكة العربية السعودية، من أبرز المناطق التي تحتوي على رواسب معدنية هائلة غير مستغلة حتى الآن. وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر بن إبراهيم الخريف إن قيمة الثروات المعدنية المقدرة في المملكة، تبلغ 9.37 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت. وذكر الخريف أن قيمة الثروات المعدنية المقدرة في المملكة ارتفعت بنسبة 90%، لتصل إلى ما يعادل 9.375 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، صعودا من تقديرات 2016 البالغة في ذلك الوقت 5 تريليونات ريال (1.33 تريليون دولار). وتأتي الزيادة، من كميات إضافية تشمل اكتشافات جديدة للعناصر الأرضية النادرة والمهمة كالفوسفات، والنحاس، والزنك، والذهب، وغيرها من المعادن، كما تشمل الزيادة إعادة تقييم الأسعار العادلة، حسب الوزير السعودي. ويعد المغرب من أبرز منتجي النحاس في المنطقة، ويمتلك نحو 5 ملايين طن متري، ويوجد معدن النحاس في عدد آخر من الدول العربية منها سلطنة عُمان وموريتانيا والأردن. أكبر 5 دول عربية مُصدرة للنحاس وفيما يلي قائمة بأكبر 5 دول عربية مُصدرة لخام النحاس عام 2023، وفقا لبيانات البنك الدولي: السعودية: 590.6 مليون دولار. المغرب: 156.9 مليون دولار. موريتانيا: 127.5 مليون دولار. الإمارات: 1.3 مليون دولار. سلطنة عمان: 190 ألف دولار. أكبر 5 دول عربية مستوردة لخام لنحاس وفيما يلي قائمة بأكبر 5 دول عربية مستوردة لخام النحاس عام 2023 وفقا لبيانات البنك الدولي: سلطنة عمان: 2.2 مليون دولار. الإمارات العربية المتحدة: 1.7 مليون دولار. قطر: 1.5 مليون دولار. السعودية: 297 ألف دولار. الكويت: 6 آلاف دولار.

الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن
الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

الرابح والخاسر في اتفاق الكونغو ورواندا برعاية واشنطن

وقّع وزيرا خارجية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الجمعة السابع والعشرين يونيو/ حزيران الماضي، اتفاق سلام ومصالحة تاريخي في العاصمة الأميركية واشنطن، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية. جرت مراسم توقيع الاتفاق في مقر وزارة الخارجية الأميركية، وقال مبعوث الرئيس الأميركي، مسعد بولس، في حفل التوقيع، إن اتفاقَ سلامٍ نهائيًا سيُوقَّع رسميًا نهاية شهر يوليو/ تموز الجاري، بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي، بمشاركة الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض. لم تعلن واشنطن بعد عن تفاصيل الاتفاق المُوقَّع بين الغريمين التاريخيين، لكن المعلومات القليلة التي رشحت تفيد بأن الاتفاق ينص على وقف دعم الحركات المسلحة الناشطة في منطقة شرق الكونغو، ويضمن مصالح كلٍّ من رواندا والكونغو، الاقتصادية والأمنية، ويوقف سيل الدماء النازف في هذه المنطقة الغنية بالمعادن النادرة، منذ أكثر من ثلاثين عامًا. وبغض النظر عن محتوى الاتفاق، فإن هذا الحدث في حد ذاته يُعتبر تطورًا نوعيًا مهمًّا في الصراع الدامي المتطاول في شرق الكونغو الديمقراطية، ويُعد نجاحًا كبيرًا جدًّا للدبلوماسية الأميركية، عجزت عن تحقيقه قوى إقليمية ودولية كثيرة. ولا شك أن استقرار شرق الكونغو سيؤدي إلى استقرار إقليم البحيرات الكبرى المضطرب منذ سنوات، وسيعزز مسيرة التنمية، ويدفع حركة اقتصاد المعادن، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة لرعاية اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا. وفي سبيل التوصل إلى هذا الاتفاق، فإن الولايات المتحدة لم تبدأ من الصفر، لكنها اعتمدت على مخزون وافر من التجارب والاتفاقات التي تبنتها جهات أفريقية ودولية عملت منذ سنوات على هذا الملف، أهمها جهود أنغولا الطويلة باسم الاتحاد الأفريقي، وجنوب أفريقيا، ومحاولات المجموعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا، وانتهاءً بالمبادرة القطرية التي نجحت في جمع الرئيسين الكونغولي والرواندي في الدوحة، برعاية أمير دولة قطر. لكن الولايات المتحدة استفادت من كل ذلك التراث التفاوضي ونسبته لنفسها في اتفاق واشنطن. وكما يقول المثل الأفريقي: يجمعها النمل ويطؤها الفيل. انتهازية تشيسيكيدي السياسية كيف ولماذا التقطت أميركا القفاز ورمت بثقلها في هذه المبادرة المحفوفة بالمخاطر؟ ومن الذي وضع الطُعم المغري الذي جذب أميركا إلى أتون هذا الموضوع المعقّد؟ مرةً أخرى، هو اقتصاد التعدين والمعادن الثمينة والنادرة التي تزخر بها أرض الكونغو الديمقراطية. للإلمام برأس الخيط، علينا أن نستذكر التطور الدرامي للأحداث في شمال كيفو منذ مطلع هذا العام، والتي دارت بعكس ما تشتهيه حكومة الكونغو الديمقراطية. فقد استطاعت حركة M23 المتمردة، والمدعومة من الحكومة الرواندية، إلحاق هزيمة نكراء بالجيش الكونغولي في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وسيطرت على مدينة غوما الإستراتيجية، عاصمة إقليم شمال كيفو، ثم واصلت مسيرتها الظافرة وسيطرت على مدينة بوكافو، وبذلك أصبحت تسيطر على الوضع العسكري تمامًا في إقليم مهم سياسيًا، وغني بالموارد الطبيعية النادرة. وجد الرئيس تشيسيكيدي نفسه في موقف لا يُحسد عليه، وكان أمامه خياران أحلاهما مرّ: إما التفاوض مع حركة M23 وتقديم تنازلات سياسية مؤلمة، وهو ما ظل يرفضه منذ وصوله إلى السلطة، أو فقدان السلطة كلها، لأن الحركة المتمردة كانت قادرة على الزحف نحو العاصمة، مقتفية ذات الطريق الذي سلكه الرئيس السابق جوزف ديزيريه كابيلا في العام 1995، عندما استولى على إقليم كيفو، ثم واصل زحفه نحو العاصمة كينشاسا. في تلك الفترة، كان كثير من المراقبين يعتقدون أن أيام تشيسيكيدي في السلطة باتت محدودة. ولما كانت الحاجة أم الاختراع، توجه الرئيس الكونغولي نحو أميركا مباشرة، وقدم لها عرضًا مغريًا جدًا: المعادن الثمينة مقابل السلام والأمن في شرق الكونغو. ولما كانت حكومة الرئيس ترامب تفكر بعقل التجار، فقد كانت البيع رابحًا بالنسبة لها، وقبلت الرهان، وما خفي أعظم. عودة الى ممر لوبيتو تُعتبر منطقة البحيرات الكبرى منطقةً مهمةً جدًا لأميركا، لما تختزنه من ثروات طبيعية هائلة، وما تحويه أرضها من معادن نادرة وثمينة، ولقربها النسبي من أميركا عبر المحيط الأطلسي. لذلك، اهتمّت الإدارات الأميركية المختلفة بهذه المنطقة. ونذكر زيارة الرئيس الأميركي السابق بايدن إلى أنغولا، وزيارات وزير خارجيته المتعددة إلى دول جنوب وشرق أفريقيا. كان الهدف الرئيس هو السيطرة على موارد هذه المنطقة ومحاصرة النفوذ الصيني المتجذّر فيها. وهكذا، بلورت الولايات المتحدة مشروعًا اقتصاديًا طموحًا أُطلق عليه "ممر لوبيتو"، وهو طريق سكة حديد يمتد من أنغولا إلى زامبيا فالكونغو الديمقراطية، ومنها إلى المحيط الأطلسي. الغرض الرئيس من هذا المشروع هو نقل المعادن النفيسة في هذه المنطقة إلى الولايات المتحدة. ويُعتبر ممر لوبيتو هو الطريق "الضرار" لقطار "الحرية" الذي أنشأته الصين، والذي يربط زامبيا والكونغو وتنزانيا، ومنها إلى الصين عبر المحيط الهندي. وتُعتبر الصين المستثمر الأكبر في شرق الكونغو في مجال المعادن، باستثمارات إجمالية تتجاوز ستة مليارات دولار. فرص أمام الاتفاق وهكذا نرى أن هناك مصالح كبيرة لطرفي الاتفاق الأساسيين، وهما الولايات المتحدة الأميركية والكونغو الديمقراطية. ولما كانت مصالح أميركا كبيرة ومغرية، فقد استخدمت كل أدواتها الدبلوماسية، الناعمة والخشنة، لجرّ رواندا إلى قبول الاتفاق والتوقيع عليه. وهي في ذلك استخدمت سياسة "العصا والجزرة" المعروفة، حيث ضمن الاتفاق لرواندا مكاسب ليست بالقليلة. يحمل اتفاق واشنطن فرصًا عديدة لنجاحه، منها: الثقل السياسي للولايات المتحدة، راعية الاتفاق، التي سترمي بكل ثقلها العالمي للضغط على كل الأطراف المعنية للالتزام بما وقّعت عليه. ولدى أميركا أدوات كثيرة يمكن أن تستخدمها في سبيل ذلك. كثافة الضغوط الدولية على رواندا لرفع يدها الطويلة والكفّ عن تأجيج الصراع في شرق الكونغو. فقد جاهرت عدة جهات دولية نافذة، مثل فرنسا والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، باتهام رواندا بالتدخل السافر في دعم حركة "M23". وعليه، لم يعد إنكار كيغالي لتدخلها في الصراع مجديًا، ولذلك فإن رواندا نفسها بدأت تبحث عن مخرج مشرّف من هذا الصراع. أقرّ اتفاق واشنطن تكوين آلية مشتركة بين الكونغو ورواندا لمتابعة التنفيذ، والتأكد من وفاء كل طرف بالتزاماته، وربما تتطور هذه الآلية مستقبلًا لتصبح قوات مشتركة لمراقبة الحدود. كما أقرّ الاتفاق تكوين مجموعة مراقبة ثلاثية تضم أميركا وقطر والاتحاد الأفريقي، تسهر على التأكد من التزام كل الأطراف بما وقّعت عليه. ضمن اتفاق واشنطن لرواندا مكاسب اقتصادية مهمة، منها السماح بتصدير المعادن الثمينة عبر رواندا، وهو ما تقوم به الحركات المتمردة الآن بشكل غير رسمي، وكذلك التزام الشركات الأميركية بتطوير المناجم الموجودة داخل رواندا، بما من شأنه أن ينعش الاقتصاد الرواندي. تحديات أمام الاتفاق بالمقابل، فإن اتفاقية واشنطن تواجه صعوبات ليست بالهينة، قد تنعكس سلبًا على مصالح الراعي والرعية، منها: مدى استعداد الشركات الأميركية الكبرى للمجازفة بالعمل في منطقة ذات مخاطر أمنية عالية، يصعب السيطرة عليها. ويؤكد ذلك أن الشركات الصينية التي تعمل في هذه المنطقة كثيرًا ما تعرّضت لهجمات من الحركات المسلحة، وفقدت العديد من العاملين، لكنها تحمّلت تلك المخاطر بصبر كبير. لم يتحدث الاتفاق بوضوح عن الحركات المسلحة المنتشرة في هذه المنطقة منذ سنوات. ويبدو أن أميركا تعتمد في هذا الجانب على الجهود القطرية، وتتابع نتائج مفاوضات الدوحة الجارية بين حكومة الكونغو وحركة M23، وربما يُضمّن هذا الاتفاق كملحق لاتفاقية واشنطن. لكن ماذا عن قوات الجبهة الوطنية لتحرير رواندا، التي تصر الحكومة الرواندية على تصفيتها؟ وهل ستنظم الدوحة لقاءات أخرى بين هذه الجبهة وحكومة رواندا؟ وماذا عن الحركات الصغيرة الأخرى، التي أصبحت تعيش على فوهة البندقية؟ لم يرشح حديث بعد عن طبيعة اتفاق المعادن بين الكونغو وأميركا، وصرّح الرئيس الكونغولي الأسبوع الماضي أن الاتفاق لم يُوقّع بعد، لكنه سيكون اتفاقًا مرضيًا لشعب الكونغو، ويحفظ حقوق الدولة والأجيال القادمة. لكن المعلوم أن منطقة شرق كيفو تعمل فيها شركات صينية كثيرة منذ زمن بعيد، واستثمرت الصين أكثر من ستة مليارات دولار، كما أن دولًا أخرى مثل جنوب أفريقيا لها شركات عاملة في ذات المنطقة. فكيف ستوفق الحكومة الكونغولية بين كل هذه الفسيفساء دون أن تخلق صراعًا مبكرًا بين أميركا والصين على الموارد؟ وهل سيرضي هذا الاتفاق طموح مؤسسات المجتمع المدني الناشطة بقوة في إقليم كيفو؟ وهل سيرضي الاتفاق الأحزاب والتكتلات المعارضة التي تنشط بقوة في هذه المنطقة؟ خسارة دبلوماسية لقد حققت الولايات المتحدة الأميركية مكسبًا دبلوماسيًا مهمًا بنجاحها في إخراج اتفاقية واشنطن بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. ويُعدّ الصراع في الكونغو، الذي تجاوز عمره الثلاثين عامًا، واحدًا من أكثر الصراعات تعقيدًا، ولا شك أن تسويته ستحقق استقرارًا كبيرًا في منطقة البحيرات الكبرى وشرق أفريقيا عمومًا. وهذا مكسب كبير يُحسب للدبلوماسية الأميركية. ولكن الخاسر الأكبر في ذلك هو الدبلوماسية الجماعية الأفريقية، التي عجزت على مدى ثلاثين عامًا عن جمع الفرقاء وتسوية هذا الصراع المتطاول، واكتفت فقط بالحضور والتصفيق في حفل التوقيع الكبير في واشنطن، وعادت من الغنيمة بالإياب.

التعريفات الأميركية على جنوب أفريقيا تضرب مصالح المزارعين البيض
التعريفات الأميركية على جنوب أفريقيا تضرب مصالح المزارعين البيض

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

التعريفات الأميركية على جنوب أفريقيا تضرب مصالح المزارعين البيض

قال مراقبون إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جنوب أفريقيا بنسبة 30% من المتوقع أن تلحق ضربة اقتصادية كبيرة بمجتمع البيض الذي رفع راية الدفاع عنه واعتبره مضطهدا. واستنادا إلى مزاعم تقول بأن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد، أقدم ترامب على قطع المساعدات عن البلاد، وانتقد رئيسها علنًا في المكتب البيضاوي، ودعا "الأفريكانيين" (أحفاد المستوطنين الأوروبيين الأوائل) إلى الهجرة نحو الولايات المتحدة كلاجئين مرحب بهم. وبالنسبة للمزارعين الذين لا يزالون متجذرين في وطنهم، ويسعون لمواصلة كسب رزقهم داخل أرضهم، فإن التعريفات الجمركية المقرر دخولها حيز التنفيذ في بداية أغسطس/آب المقبل تمثل قضاء على أحلامهم. ونظرًا لأن حوالي 75% من الأراضي الزراعية الحرة في جنوب أفريقيا مملوكة للبيض، فإن مزارعيهم سيتكبدون الخسائر المباشرة رغم أنهم ليسوا وحدهم المتضررين. وقال بوإيتشوكو نتشابيل، الرئيس التنفيذي لجمعية مزارعي الحمضيات في جنوب أفريقيا، إن الرسوم المفروضة بنسبة 30% ستتسبب في دمار للمجتمعات التي تخصصت لعقود من الزمن في الإنتاج والتصدير للسوق الأميركية. وبسبب موقع جنوب أفريقيا الواقع في نصف الكرة الجنوبي، فإنها تنتج الحمضيات في أوقات لا تكون فيها متاحة في السوق الأميركية، مما يسمح بتوفير الفاكهة للمستهلك الأميركي على مدار العام. ورغم أن الولايات المتحدة تمثل نحو 6% فقط من صادرات الحمضيات الجنوب أفريقية، فإن بعض المناطق الزراعية تعتمد كليًا على السوق الأميركية، ولا يمكن توجيه تلك المنتجات بسهولة إلى أسواق أخرى بسبب اختلاف متطلبات الحجم والسلامة النباتية من دولة إلى أخرى. ووفقا لبعض الجمعيات التجارية في جنوب أفريقيا، فإن عدم القدرة على التنافس في مجال تصدير الحمضيات إلى الولايات المتحدة سيؤدي إلى فقدان 35 ألف وظيفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store