logo
منطق أي تسوية!

منطق أي تسوية!

البيانمنذ يوم واحد
يتعين على كل من قرر أن يقاتل من أجل قضية ما أن يعرف 3 أمور:
1 - أن القتال يجب أن يكون له هدف، بمعنى أن القتال العسكري ليس عملاً لا نهائياً بلا سقف زمني.
2 - أن القتال إن لم يحقق أهدافه العسكرية ميدانياً فإنه يجب عدم المكابرة والاستمرار في دفع فاتورة خسائر لا نهائية.
3 - أن أي قتال سواء كان عملية عسكرية، أو حرباً محدودة، أو حرباً شاملة يجب أن تنتهي – حكماً – وحتماً إلى مرحلة تفاوض سياسي من أجل تثبيت النتائج، والاتفاق على شكل العلاقة بين المتحاربين مستقبلاً.
لا شيء اسمه حرب لا نهائية أو قتال أبدي، فلنتأمل كل الحروب والصراعات، التي واجهت التاريخ البشري من حرب بيزنطة واليونان، والهكسوس والمصريين، والرومان والفرس، وهولاكو والمشرق، والحربين العالميتين، وحرب الكوريتين، وحرب فيتنام، وحرب الهند وباكستان.
والآن هناك انتظار للتوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا.
وحدها حالة الصراع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، التي يفشل فيها السلام، ويتصدع فيها أي اتفاق للهدنة.
سبب هذا الفشل يرجع إلى أن الطرفين والوسيط الأمريكي كلهم غير جادين في تحقيق سلام حقيقي، وغير راغبين في دفع فاتورة هذا السلام.
لا يمكن أن تدخل أي مفاوضات وأن تريد الفوز بكل شيء وحدك دون غيرك.
التفاوض بهذا المنطق لا يعتبر تفاوضاً، لكنه طلب بالتوقيع على وثيقة استسلام.
علم المفاوضات يقوم أساساً على استبدال لغة الحرب بلغة الحوار، ويقوم على قيام كل طرف بقدر من التنازلات، من أجل الوصول إلى حل وسط يؤدي لتسوية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ملامح شرق أوسط يتشكل على وقع الضربات والتفاهمات
ملامح شرق أوسط يتشكل على وقع الضربات والتفاهمات

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

ملامح شرق أوسط يتشكل على وقع الضربات والتفاهمات

مع تصاعد التوترات الإقليمية الممتدة من الجنوب اللبناني إلى طهران، تتسارع التحركات الدبلوماسية الأميركية الإسرائيلية لرسم ملامح ما يُوصف بـ"الشرق الأوسط الجديد". لكن على خلاف مشاريع سابقة اتسمت بالطموحات النظرية أو الرؤية المثالية، يبدو هذا المشروع أكثر ارتباطًا بموازين القوة الميدانية، وأقرب إلى صفقة أمنية–سياسية تُصاغ بأدوات الردع، وإعادة التموضع. في هذا السياق، استضافت "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية عددًا من الخبراء والسياسيين، أبرزهم الدكتور مهند العزاوي، المستشار الجمهوري غبريال صوما، الباحث السوري عباس شريفة، والأكاديمي الأردني حسن المومني، حيث قدموا قراءات متباينة حول أهداف زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن ، ولقائه بالرئيس دونالد ترامب ، والأجندة التي يحملانها للمنطقة. يقرأ الدكتور مهند العزاوي، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، خلال استضافته، السياق الراهن ضمن ما يسميه "إعادة تموضع استراتيجي شامل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط". ويشير إلى أن الحرب الأخيرة في غزة ، وما تلاها من تقويض لنفوذ الفصائل المدعومة من إيران ، شكلت أرضية مثالية لواشنطن كي تطرح خريطة سياسية جديدة، قوامها الأمن أولا، وتفكيك البُنى المسلحة العابرة للحدود ثانيا، والتطبيع ثالثا. وفي رؤيته، فإن زيارة نتنياهو إلى واشنطن ليست خطوة رمزية أو استعراضية، بل تجسد بداية فعلية لمشروع متكامل يتم عبره إعادة هندسة الإقليم، عبر دمج إسرائيل ضمن منظومة أمنية إقليمية ذات طابع رسمي. ويؤكد العزاوي أن إيران باتت في موقف دفاعي، لا بسبب الضربات العسكرية فقط، بل بسبب المتغيرات البنيوية التي أصابت حلفاءها في سوريا و لبنان و العراق. لكنه في الوقت ذاته يحذر من المبالغة في تصوير إسرائيل كقوة قادرة على فرض إرادتها منفردة، مشيرًا إلى أن تل أبيب تعاني من أزمات داخلية مركبة: ديمغرافية، اقتصادية، وسياسية، تجعلها تعتمد على المظلة الأميركية أكثر من أي وقت مضى. وفي تحليل العزاوي، فإن واشنطن اليوم لم تعد تقود المنطقة عبر سياسة العصا والجزرة فقط، بل عبر "التفكيك وإعادة التركيب"؛ أي تفكيك الأذرع العسكرية لإيران، وإعادة تركيب المشهد عبر اتفاقات أمنية شاملة، تُرضي الشركاء العرب، وتحيّد الخصوم، وتُحجم طموحات طهران. من جانبه، قدّم عضو الحزب الجمهوري والعضو السابق في الفريق الاستشاري للرئيس ترامب، غبريال صوما، قراءة داعمة بوضوح للأجندة الأميركية–الإسرائيلية، معتبراً أن ما يجري اليوم يمثل امتدادا طبيعيا لخطة الرئيس ترامب التي أسست للاتفاقيات الإبراهيمية، وأن زيارة نتنياهو تهدف إلى تفعيل هذا المسار، وتوسيعه ليشمل السعودية وسوريا لاحقا. وفيما يتعلق بغزة، يصف صوما المرحلة المقبلة بأنها "بداية لشرق أوسط أكثر استقرارا"، مشيرًا إلى أن واشنطن تدعم إقامة كيان فلسطيني منزوع السلاح، بدعم عربي، يتكامل اقتصاديا مع دول الجوار، ويفتح المجال أمام مشاريع سياحية واستثمارية، فيما وصفه بـ"الريفييرا الفلسطينية". تصريحات صوما لم تخل من الجدل، خصوصا عندما تحدث عن وجود "رغبة لدى الكثير من الفلسطينيين في مغادرة القطاع"، وهو ما يُفهم منه أن هناك مساعي لإعادة هندسة ديمغرافية ضمنياً، أو على الأقل، تمهيد لتصفية الصراع من خلال تهجير ناعم. وأكد صوما أن إدارة ترامب، ورغم تغير الظروف، لا تزال تعتقد أن إيران تمثل التهديد الأكبر للأمن الإقليمي، وأن دعم إسرائيل في عملياتها "الوقائية" ضد المنشآت الإيرانية، يأتي ضمن خطة أوسع لتطويق النفوذ الإيراني دون الانجرار لحرب شاملة. وبمنظور مغاير تماما، يرى الكاتب والباحث السياسي، عباس شريفة، أن الزيارة الإسرائيلية إلى واشنطن هي محاولة لتسويق انتصار سياسي بعد فشل عسكري في غزة، معتبراً أن الحرب لم تحقق أهداف إسرائيل المعلنة، وأن الدعم الأميركي هو ما أنقذ تل أبيب من مأزق استراتيجي. ويصف شريفة خطاب نتنياهو بـ"الاستعراضي"، معتبرا أن ما يُحكى عن "تطبيع مع دمشق" هو وهم دعائي يراد منه تحقيق اختراق في الرأي العام الإسرائيلي والعربي على حد سواء، مؤكدًا أن القيادة السورية لن تقدم أي تنازلات دون انسحاب كامل من الجولان، وضمانات دولية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية. وفي تحليله، يذهب شريفة إلى أن تل أبيب تحاول ترميم صورتها عبر استثمار الحرب في غزة كمبرر لإعادة صياغة علاقاتها مع بعض الدول العربية، وحتى مع أنظمة كانت حتى وقت قريب في معسكر الخصوم، معتبرًا أن إسرائيل تريد شرق أوسط يقوم على "هندسة الأقليات" و"تصفير القضية الفلسطينية"، وهو مشروع لن يصمد طويلا أمام صلابة الشعوب وذاكرة الصراع. من جهته، قدم رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، حسن المومني، رؤية أكثر توازنا وواقعية، محذرا من مغبة التعويل على ما سماه "السلام المفروض من الخارج"، مشددا على أن أي عملية إعادة ترتيب في الشرق الأوسط يجب أن تمر عبر تفاهمات شاملة لا تتجاوز الفاعلين الإقليميين الأساسيين. واعتبر المومني أن إيران، رغم الضغوط، لا تزال لاعبًا مركزيًا لا يمكن تجاهله، وأن محاولة تهميشها بالكامل ستُفضي إلى ردود فعل تصعيدية في أكثر من ساحة. كما شدد على أن غياب رؤية عادلة لحل القضية الفلسطينية سيبقي المنطقة رهينة عدم الاستقرار. وفي نظر المومني، فإن مسار التطبيع، إذا لم يُرافقه حل حقيقي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيبقى هشا وسهل الانهيار، مؤكدًا أن على العرب ألا يقفزوا فوق التاريخ، بل يعيدوا توجيه دفة السياسات الإقليمية نحو تكامل حقيقي يعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد، لا إلى أرشيف المؤتمرات. تباين الرؤى حول مستقبل الشرق الأوسط تعكس الآراء المتباينة التي طرحها الضيوف في برنامج "غرفة الأخبار" طيف واسع من التحليلات حول التطورات الجارية في الشرق الأوسط. بينما يؤكد بعض المحللين على أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل استراتيجي شامل بقيادة أميركية، يرى آخرون أن هذه التحركات تفتقر للأسس الصلبة للاستقرار طويل المدى. تواجه المشاريع الهادفة إلى إعادة ترتيب الشرق الأوسط تحديات متعددة المستويات. فعلى الصعيد السياسي، تتطلب هذه المشاريع توافقا واسعا بين الأطراف الإقليمية والدولية. وعلى الصعيد الاجتماعي، تحتاج إلى قبول شعبي يضمن استمراريتها. أما على الصعيد الاقتصادي، فهي تتطلب استثمارات ضخمة وبرامج تنموية شاملة.

تفاؤل حذر يخيّم على جهود الهدنة في غزة
تفاؤل حذر يخيّم على جهود الهدنة في غزة

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

تفاؤل حذر يخيّم على جهود الهدنة في غزة

يسود بعض التفاؤل الحذر بشأن احتمالات التوصل إلى هدنة في قطاع غزة، حيث عقد لقاءان بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تحدث عن قرب التوصل لاتفاق، بالتوازي مع مباحثات الدوحة، في حين وصلت ميناء حيفا، أمس، شحنة من المعدات العسكرية الأمريكية هي الأكبر في تاريخ العلاقات بين الجانبين. ووفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، تشمل الشحنة العسكرية الأمريكية أسلحة وذخائر ومعدات لدعم العمليات البرية وعشرات الجرافات من طراز D9، كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن منعت توريدها لإسرائيل. وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية: «إن الشحنة تعد جزءاً من جهود تسليح تقدر بمليارات الشواقل، وإن قرار رفع التجميد اتخذ في أواخر يناير، بعد أيام من تولي دونالد ترامب منصبه، ما مهد الطريق لنقل المعدات المتوقفة». وأكد المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، اللواء (احتياط) أمير برعام، أن المعدات ستستخدم لتعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي خلال ما وصفه بـ«الحملة الحالية» على غزة، واستعداداً لاحتياجات العقد المقبل، مضيفاً أن إسرائيل استقبلت في الأسابيع الأخيرة العديد من السفن وطائرات الشحن ضمن ما وصفه بـ«أكبر قطار جوي وبحري في تاريخ إسرائيل»، حيث نقل أكثر من 100 ألف طن من المعدات العسكرية عبر 870 رحلة جوية و144 بارجة. ووفقاً لـ«يديعوت أحرنوت»، ستستخدم الشحنة الأخيرة، التي أشرفت على تنسيقها بعثة المشتريات الإسرائيلية في الولايات المتحدة ووحدات التخطيط والنقل العسكري، في توسيع العمليات البرية الإسرائيلية في غزة، متحدثة عن مؤشرات على استعداد لمعركة واسعة طويلة الأمد. تفاؤل نتانياهو في الأثناء، أعرب نتانياهو عن تفاؤله، رغم الخلافات وعدم تحقيق اختراق في المحادثات حتى الآن. وقال في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية: «نتحدث عن وقف لإطلاق نار لمدة 60 يوماً، يعاد فيه نصف الرهائن الأحياء ونصف الرهائن القتلى إلى إسرائيل... نعم، أعتقد أننا نقترب من التوصل إلى اتفاق». وأضاف نتانياهو على منصة إكس أنه وترامب ناقشا تبعات ما أسماه «النصر الكبير الذي حققناه على إيران» والإمكانات التي يتيحها، وذلك في أعقاب الحرب الجوية التي دارت الشهر الماضي وانضمت فيها الولايات المتحدة إلى إسرائيل في شن هجمات على مواقع نووية في إيران. ونقل موقع أكسيوس عن مصدر مطلع على التفاصيل قوله، إن وفداً من قطر، التي تستضيف محادثات غير مباشرة بين مفاوضين من إسرائيل وحماس، اجتمع مع مسؤولين كبار من البيت الأبيض قبل وصول نتانياهو أول من أمس. وقال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، إن عدد القضايا التي تمنع إبرام اتفاق انخفض من أربع قضايا إلى واحدة، معبراً عن تفاؤله حيال التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بحلول مطلع الأسبوع المقبل. وقال ويتكوف للصحافيين إن الاتفاق المتوقع سيشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، مع إطلاق سراح 10 أسرى أحياء وتسليم رفات تسعة من المتوفين. جولة جديدة وانطلقت جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين الأحد في الدوحة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنها لم تسفر عن اختراق حتى الآن. واتهم مصدران فلسطينيان مطلعان على المحادثات إسرائيل بعرقلة مفاوضات الدوحة. وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته إن الوفد الإسرائيلي يرفض «قبول التدفق الحر للمساعدات الإنسانية إلى غزة» وسحب جنوده من القطاع. وألقى المصدر الفلسطيني الثاني باللوم على «سياسة نتانياهو في العرقلة»، مضيفاً «كان هناك تبادل لوجهات النظر ولكن لم يحدث أي اختراق». ويستمر القصف الإسرائيلي في غزة. ولقي 22 فلسطينياً على الأقل حتفهم نهار أمس، جراء الغارات، بينهم عشرة في مخيم الشاطئ (شمال)، ستة منهم أطفال، بحسب المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل. وفي جنوب القطاع، تم نقل عدد من الأطفال المصابين إلى مستشفى ناصر، إثر قصف على خيام النازحين في المواصي. وقالت أم أحمد في المواصي: «نحن متعبون للغاية. يتحدثون يومياً عن وقف إطلاق النار، لكن المجازر مستمرة». وشككت أم محمد شعبان، وهي جدة فلسطينية فقدت ثلاثة من أحفادها في الهجوم، في وقف إطلاق النار المقترح، وقالت: «بعدما خلّصوا علينا، يقولون لنا هدنة؟».

فضيلة «الغوغائية»..!
فضيلة «الغوغائية»..!

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

فضيلة «الغوغائية»..!

إذا ما سلّمنا جدلاً بأن الأخلاق ليست دائماً وليدة وعي داخلي مستقل، فإننا نفتح الباب أمام فرضية مقلقة وهي أن ما يُعرَف بالضمير الجمعي قد يُنتِج فضائل مشوهة، متقلبة، ومفرغة من المعنى الأخلاقي العميق، ففي لحظات الانفعال الجمعي، تُولد أخلاقيات بديلة ومؤقتة، لكنها فاعلة ومؤثرة، وهنا تتجلى طبيعة الضمير الجمعي في أوضح صورها، فهو ليس مجرد تجمع لأفراد ذوي ضمائر متشابهة، بل هو كيان نفسي مستقل، يعيد صياغة الخير والشر وفق منطق الحشد لا معيار العقل، هكذا تنشأ ما يمكن تسميته بـ«الفضيلة الغوغائية» والتي أُعَرفها بأنها منظومة أخلاقية تتأسس على التكرار والمحاكاة..! وفي كتابه «سيكولوجية الجماهير» يرى جوستاف لوبون أن «الفرد حين ينخرط في جمهور منظم، يُصاب بعدوى نفسية تجرده من شخصيته الواعية، ويفقد قدرته على التفكير المستقل، فينقاد بالعاطفة والعدوى لا بالعقل والمنطق»، وهذا الرأي يطرح أمامنا نمطاً مغايراً لتكوّن الحُكم الأخلاقي، حيث تُستبدل المحاكمة العقلية بعدوى شعورية، ويتحول الضمير من صوت داخلي إلى صدى جماعي. وبذلك لا تطلب الجماهير الحقيقة، بل تسعى وراء الإحساس بالحق، وهنا تنقلب العلاقة بين الفعل الأخلاقي والتأمل العقلي، فما يُعلَن ويُصفّق له يُمنح صفة الفضيلة، حتى وإن افتقر إلى العدالة..! وفي هذا السياق، لا تكون الفضيلة معياراً ثابتاً، بل قيمة نسبية تُحدَّد زمنياً بحسب المزاج الجمعي، فالجماهير تُعيد تعريف القيم بحسب اللحظة، فالصمت قد يُعَد خيانة إذا صرخ الحشد، والمبالغة قد تُرى بطولة إن وافقها الصوت الجمعي، إنها أخلاق ظرفية، تتخلق من الاصطفاف لا من المبادئ، ومن هنا يصبح فعل الخير مشروطاً بالعلنية، ويُقاس بالصوت لا بالنية. وتتجلى هذه الحالة اليوم بوضوح في الفضاءات الرقمية، حيث تُبنى الأحكام الأخلاقية عبر «تفاعل جماهيري سريع» يجعل من الإدانة طقساً، ومن التباهي بالانحياز الأخلاقي استعراضاً، وهكذا تفقد الأخلاق معناها التأملي، وتتحول إلى فعل علني، مفرغ من العمق، لكنه مشحون بالعاطفة، وفي هذه البيئة يصبح العدل تابعاً للضوضاء وصوت القطيع لا للمعايير، وتُقاس النزاهة بعدد المشاركات، لا بمدى احترامها للكرامة الإنسانية. وهذا ما نشهده بكل شفافية خلال التقلبات السياسية والإعلامية تجاه قضايا الهجرة واللجوء في أوروبا، حيث لا تُبنى المواقف على تقييم عقلاني ثابت، بل على استجابة انفعالية آنية، ففي لحظات معينة، تُرفع شعارات الترحيب والتعاطف، وتُستدعى أشكال الإنسانية وحقوق الإنسان، ويُبنى خطاب أخلاقي جامع يَعِد بالاحتواء والعدالة، لكن ما إن يتغيّر المزاج الجمعي بفعل أزمة اقتصادية، أو حادثة أمنية، أو حملة إعلامية مضادة، حتى ينقلب الخطاب إلى نقيضه، فنستطيع تمييز التصاعد في اللهجة، والتبرير للرفض، والذهول أمام «بروباغندا» إعلامية تصور المهاجر كتهديد ثقافي أو اقتصادي..! وهكذا، لا تُلغى المبادئ بل تُعلّق ضمنياً، كما لو أن حضورها الكامل يُربك إيقاع الجماعة، أو يعرقل انسجامها النفسي، وفي هذا السياق، لا يعود الموقف الأخلاقي نتاج قناعة عقلية ثابتة، بل يصبح انعكاساً لمزاج جمعي متقلب، ويرتجل السياسي من كونه حارساً للقيم التي يتبنّاها، ليصبح مرآة لما يريد الحشد أن يكونه، ففاعليته تُقاس بمرونته في التكيّف لا بثباته على مبدأ، وبمدى انفعاله لا بقدرته على التبصّر، وهكذا تُعاد صياغة الأخلاق كوظيفة خطابية لا كمسؤولية داخلية. وتُحيلنا هذه الظاهرة إلى مسألة فلسفية أعمق وهي: هل ما يُصنّف جماعياً كخير هو خير بالفعل؟ وهل تتحمل الجماعة مسؤولية أخلاقية كما يتحملها الفرد؟ أم أن الجماعة تعفي الفرد من ذاته وتمنحه تبريراً للهروب من الوعي؟ ومن هنا نفهم بأن الفضيلة الغوغائية تُمثّل لحظة انقطاع عن الفعل الأخلاقي الحرّ، فهي لحظة يُعلَّق فيها الضمير، وتُستبدل المسؤولية الشخصية بما يشبه «النية الجماعية»، ومتى ما تكرّست هذه الحالة، تتحول المجتمعات إلى أنظمة انفعالية لا عقلانية، تستبدل النقد بالتبعية، والفهم بالموقف المعلن. ولعلّ السؤال الأخطر هنا ليس ما الصواب؟ بل من يملك حق تعريفه؟ وهل ستبقى الأخلاق مرهونة بصوت الجمهور؟ أم يمكن استعادتها من تحت الركام، كفعل فردي واعٍ، لا كصرخة ضمن جوقة من الأصوات المتشابكة..!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store