logo
العِلم خارج الخدمة!

العِلم خارج الخدمة!

رؤيا نيوزمنذ 17 ساعات
لم تكن ندوة الدكتور وليد عبد الحي عن مستقبل إيران بعد الحرب الأميركية/الإسرائيلية المحتملة (قبل يومين في منتدى الحموري للتنمية الثقافية) مجرد جلسة نقاشية عابرة، بل كانت مرآة صادقة لحال المعرفة السياسية في العالم العربي، وكاشفة ببراعة عن الفجوة الصارخة بين ما يجب أن تكون عليه التحليلات السياسية، وما هي عليه في واقعنا المؤسف.
لا يتلخص جوهر حديث عبد الحي في موقف أو تحليل سياسي، بل في محاولة جادة للارتقاء بفهمنا للأحداث من الانطباع إلى العلم، ومن الإنشاء إلى التحليل القائم على المؤشرات والمعطيات، وهو ما تفتقر إليه – للآسف الشديد- كثير من التقييمات والسياسات التي يفترض أن تتأسس على البحث العلمي ونتائجه الدقيقة، ليس فقط في السياسة الخارجية بل في جميع سياسات الحكومات.
استعرض الرجل جزءاً من مشروع بحثي متكامل، يشتبك فيه مع 112 مؤشراً لتحليل مستقبل النظام الإيراني، متتبعاً العلاقات المتداخلة بين المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السيكولوجية، وهو ما يُعد عملاً نادراً في المجال العربي، نظراً لغلبة التحليلات الإنشائية وتغليب كثير من الدراسات بالمواقف المسبقة لدى الباحثين أو مراكز الأبحاث.
صحيح أننا قد لا نتفق بالضرورة مع نتائج الدكتور عبد الحي، مثل توقعه وجود احتمال بنسبة 32% لانهيار النظام الإيراني من الداخل، لكن هذا ليس بيت القصيد. الخلاف مع باحث من هذا الطراز لا يجب أن يكون أيديولوجياً أو عاطفياً، بل علمياً ومنهجياً، يفتح أفقاً للنقاش والنقد البنّاء وهذا يتطلب تعزيزاً حقيقياً لدور الباحثين والعلماء في أروقة القرار والدولة، بل وقبل ذلك صناعة هذه النخبة المهمة في ترشيد وتطوير صناعة، وأستخدم مصطلح صناعة هنا، القرار في الأردن؛ لكن – ويا للأسف – لا يزال هذا النمط من التفكير ترفاً في فضائنا العام، حيث تهيمن الأحكام المسبقة والانطباعات الفورية، وتُقصى المنهجية لحساب «الحدس السياسي» و»الموقف الوطني».
إنّ الدرس الأهم من هذه الندوة لا يتمثّل بإيران فقط، بل بواقعنا العربي المأزوم معرفياً. فغياب المنهجية عن التحليل السياسي يفسّر بدقة لماذا تبدو معظم السياسات العربية كأنها تلهث خلف الأحداث لا تسبقها، ولماذا نفشل مراراً في بناء قرارات استراتيجية فاعلة ومستقرة؛ هذا ما يقودنا إلى الحديث عن مراكز الأبحاث والدراسات – أو بالأحرى غيابها. فقد أشار الدكتور عبد الحي إلى الفجوة الهائلة بين الدول العربية ودول مثل إسرائيل أو حتى إيران، التي تدرك أهمية المعرفة العلمية في صنع القرار. فمراكز التفكير في تلك الدول ليست مجرد «زينة» مؤسسية، بل أدوات إنتاج معرفة، وركائز استراتيجية تُغذي قرارات الدولة وتوجّه سياساتها. في المقابل، لا تزال المراكز البحثية في بلادنا تعاني من ضعف التمويل، وانعدام الاستقلالية، وضعف التأثير في عملية صناعة القرار، إن لم نقل الإقصاء الكلي.
ومن زاوية موازية، تتجلى أزمة أخرى أكثر خطورة: تراجع إنتاج وتطوير الباحثين في العلوم السياسية، وخصوصاً في الأردن. فالباحث القادر على إنتاج نماذج كمية وتحليل رقمي، هو أشبه بعملة نادرة؛ إذ غابت الحاضنات الأكاديمية الجادة، وضَعُفَ الاستثمار في الباحثين الشباب، وتراجع الطموح نحو البحث العلمي الرصين، لصالح «النجومية الإعلامية» أو «التحليل الانطباعي» الذي لا يُسمن ولا يُغني.
السؤال الذي لا يمكن تجاهله: لماذا لا نمتلك مشروعاً وطنياً يستثمر في علماء مثل الدكتور وليد عبد الحي؟ لماذا لا تُفرد لهم المساحات في الجامعات، ولا يُطلب منهم تدريب أجيال جديدة من الباحثين؟ من المحزن أن دولاً مثل الجزائر والصين تسعى إلى استقطاب عبد الحي لتدريس طلابها وبناء نماذج استشرافية لمستقبل البلاد، بينما نحن لا نحاوره، ولا نحتفي بمنهجه، ولا نعتبره أولوية في أي مشروع إصلاحي معرفي، في وقت يمثل هذا النموذج «الباحث المميّز» ثروة كبيرة للدول التي تقدّر قيمة المعرفة والبحث، وترى في هذه النخبة طبقة ضرورية ومهمة لبناء خارطة طريق لمستقبل البلاد!
نحن بحاجة إلى أن نعيد تعريف معنى «القوة» في الدولة الحديثة. فالقوة ليست في العتاد فقط، بل في العقل، في القدرة على الفهم العميق والاستشراف العلمي والتخطيط القائم على المعرفة. إن الانتقال من «الانطباع» إلى «العلم» ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة وجودية. وإذا لم ندرك ذلك اليوم، فسنظل ندفع ثمن الجهل غداً، سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كتلة الميثاق الوطني النيابية تزور الضمان الاجتماعي -صور
كتلة الميثاق الوطني النيابية تزور الضمان الاجتماعي -صور

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

كتلة الميثاق الوطني النيابية تزور الضمان الاجتماعي -صور

زارت كتلة الميثاق الوطني النيابية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لمتابعة أعمال المؤسسة والوقوف على أبرز التحديات والعقبات التي تواجه سير عملها، والاطلاع على آخر مستجدات الضمان الاجتماعي والوضع المالي للمؤسسة والقضايا المتعلقة بعملها ودورها على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ورحب مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بالوكالة الدكتور جادالله الخلايلة برئيس الكتلة النيابيّة الدكتور إبراهيم الطراونة وأعضائها، مؤكداً على أهمية هذه اللقاءات التي تُقرب وجهات النظر وتُوضح التشريعات النافذة التي تنظم عمل المؤسسة، لا سيّما وأن دور مجلس النواب ذو أهمية كبيرة يكمن في إقرار كافة القوانين والتشريعات بما فيها الضمان الاجتماعي، مؤكداً أن مؤسسة الضمان تعتبر مؤسسة الناس وهي بمثابة صمّام أمان للوطن والقوى العاملة والمتقاعدين، مبدياً جاهزية المؤسسة لاستقبال أي اقتراحات أو توصيات من مختلف الكُتل النيابية بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن. بدوره أكد رئيس كتلة الميثاق الوطني النيابية الدكتور إبراهيم الطراونة خلال الزيارة أن مؤسسة الضمان من المؤسسات الوطنية الريادية لما لها من أهمية كبيرة في بناء الاقتصاد الوطني، موضحاً أن هذه الزيارة تأتي في إطار الدور الرقابي لمجلس النواب لكافة المؤسسات الرسمية، وهي حريصة بتنفيذ زيارات ميدانية للمؤسسات الحكومية والاقتصادية للوقوف على تحدياتها وإيجاد الحلول لها. وأشار إلى دور مؤسسة الضمان الاجتماعي في حماية القوى العاملة وترسيخ أركان الحماية الاجتماعية في المجتمع، مؤكداً على أهمية استمرارها بتأدية رسالتها للأجيال الحالية والمستقبلية وأن تكون مؤسسة رائدة بتقديم أفضل الخدمات للمجتمع الأردني. بدورهم أكد أعضاء الكتلة النواب: الدكتورة إسلام العزازمة، رانيا خليفات، شاهر الشطناوي، عبد الناصر الخصاونة، عوني الزعبي، عثمان المخادمة، الدكتور هايل عياش، الدكتور حكم المعادات، فليحة الخضير، الدكتور عمر بني خالد، إن مؤسسة الضمان تعد من المؤسسات الريادية المهمة وتقدموا بمجموعة من المقترحات والتوصيات التي من شأنها تعظيم الدور الريادي لمؤسسة الضمان. ورداً على التساؤلات التي تقدم بها رئيس الكتلة وأعضائها للضمان الاجتماعي، بيّن مدير عام مؤسسة الضمان بالوكالة الدكتور جادالله الخلايلة أن الوضع المالي للمؤسسة جيد ونحن في صدد الخروج بنتائج الدراسة الإكتوارية الحادية عشرة وهي في مراحلها الأخيرة وخلال شهر سيتم الإعلان عنها وتزويد السادة النواب بها، مؤكداً أن الضمان مرتبط بالحماية الاجتماعية والاقتصادية التي تتأثر بالمتغيرات والظروف، وهو ما يستدعي الاستجابة لإجراء تعديلات تحاكي هذه المستجدات لإبقاء مظلة الضمان الاجتماعي ومركز المؤسسة المالي بالقوة والثبات المطلوبين لأداء دوره ورسالته. وفيما يتعلق بتطبيق التأمين الصحي، أفاد الخلايلة أن هناك توافق مع الحكومة على تطبيق نظام التغطية الصحية الشاملة لجميع المشتركين والمتقاعدين ودورنا كمؤسسة ضمان سيكون تنظيمي في هذا الجانب من حيث تزويدهم بأسماء المشتركين والاقتطاعات المترتبة عليهم ونحن حالياً بإنتظار إقراره من مجلس الوزراء. وأوضح أن المؤسسة على تنسيق كامل مع وزارة العمل لتوفير الحماية الاجتماعية لقطاع العمل غير المنظم، مبيناً أن مجلس إدارة المؤسسة أقر مؤخراً التعليمات التنفيذية لشمول العاملين في العمل المرن بكافة أنواعه وأشكاله وبالتالي شمولهم بمظلة الضمان لتوفير الحماية الاجتماعية لهم، مشيراً إلى أن الشمول بالضمان الاجتماعي اليوم مفتوح للجميع سواء من خلال العمل المرن أو الحيازات الزراعية أو الشمول الحرّ وغيرها. وأكد الخلايلة أن خدمات المؤسسة الإلكترونية مستمرة ومتجددة وغالبيتها مؤتمتة بشكل كلي، وكذلك الربط حالياً مع الجهات الخارجية لتسهيل الخدمات المقدمة للمنشآت والأفراد بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، مضيفاً بأن المؤسسة أصبحت قاعدة بيانات لكافة القطاعات الرسمية والخاصة وللمجتمع الأردني. وأضاف بأن المؤسسة بدأت بشمول المؤمن عليهم العسكريين والأجهزة الأمنية منذ 1/1/2003 وهناك فصل خاص بالقانون للعسكريين، حيث تم التغلب على جميع المعيقات المختصة بهذا الأمر من خلال اللجان المشتركة ما بين المؤسسة والأجهزة العسكرية. وحول الاستفسار المتعلق بمديونية المنشآت؛ أوضح الخلايلة أن المؤسسة ولأول مرة منذ نشأتها قامت بتقسيط المديونية للمنشآت المدينة بنسبة فائدة (0%) ومددت العمل بهذا القرار حتى نهاية العام الحالي 2025، وللمنشآت السياحية حتى نهاية حزيران من العام المقبل 2026 وبفترات سداد مناسبة جداً، كون أن المؤسسة تدرك أهمية تقديم تسهيلات تصب في مصلحة كافة الأطراف وتراعي ظروف المنشآت الاقتصادية. وأوضح الخلايلة أن شروط استحقاق راتب اعتلال العجز الطبيعي الدائم الكلي أو الجزئي هي انتهاء خدمة المؤمن عليه، وأن يتقدم المؤمن عليه بطلب تخصيص راتب الاعتلال خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتهاء خدمته، وأن لا تقل اشتراكاته الفعلية عن (60) اشتراكاً منها (24) اشتراكاً متصلاً، وثبوت حالة العجز بقرار من اللجان الطبية في المؤسسة، مبيناً أنه يجوز للمؤمن عليه التقدم للمؤسسة بطلب فحصه وهو على رأس عمله لبيان ما إذا كان ينطبق على حالته مفهوم العجز الكلي الطبيعي الدائم، وذلك لمرتين فقط خلال مدة شموله بأحكام القانون شريطة أن تزيد عدد اشتراكاته عن (60) اشتراكاً من ضمنها (24) اشتراكاً متصلاً.

الصفدي يؤكد أهمية التنسيق والتشاور البرلماني مع السعودية بما يخدم المصالح المشتركة
الصفدي يؤكد أهمية التنسيق والتشاور البرلماني مع السعودية بما يخدم المصالح المشتركة

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

الصفدي يؤكد أهمية التنسيق والتشاور البرلماني مع السعودية بما يخدم المصالح المشتركة

استقبل رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، اليوم الاثنين، القائم بالأعمال في السفارة السعودية لدى الأردن محمد بن حسن مؤنس، حيث جرى بحث العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات وسبل تعزيزها وتطويرها. وأكد الصفدي، أهمية إدامة التواصل والتشاور المشترك بما يخدم صالح البلدين والشعبين الشقيقين والبناء على العلاقة المتينة الراسخة بين المملكتين، وإدامة التنسيق والتشاور البرلماني بما يخدم المصالح المشتركة وقضايا أمتنا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والدفع بكل الجهود لوقف الحرب على غزة وإدخال المساعدات العاجلة للقطاع. فيما، أكد القائم بالأعمال للسفارة السعودية عمق العلاقات الأخوية، بفضل حرص وتوجيهات القيادة الحكيمة لكلا البلدين، مشيرا إلى أنها علاقات تعكس الروابط العميقة التي تجمع الشعبين الشقيقين، والتي تعتبر نموذجا للتعاون الإيجابي بين الدول العربية.

ملك بلجيكا: ما يحدث في غزة 'عار على الإنسانية'
ملك بلجيكا: ما يحدث في غزة 'عار على الإنسانية'

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

ملك بلجيكا: ما يحدث في غزة 'عار على الإنسانية'

وصف العاهل البلجيكي الملك فيليب، الوضع الراهن في قطاع غزة بأنه 'عار على الإنسانية'. وقال الملك فيليب في خطابه عشية العيد الوطني للمملكة، وفق ما نقلته وكالة 'يورونيوز' الأوروبية، اليوم الاثنين، إن المدنيين في غزة يموتون جوعا وقصفا والوضع الراهن مستمر منذ فترة طويلة وهذا عار على الإنسانية. وأضاف: 'أدعو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إنهاء هذه الأزمة التي لا تطاق فورا'، مشددا على ضرورة قيام أوروبا بحماية الكرامة الإنسانية من خلال الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store