
صدام نتنياهو وزامير.. الأسباب والتداعيات!
الخلاف الظاهر لا يبدو عابرًا، بل أقرب إلى حملة إعلامية يقودها نتنياهو ومستشاروه، والهدف: تحميل الجيش مسؤولية الفشل الميداني، وتقديم نتنياهو على أنه "قائد الحسم" الذي تُعيقه المؤسسة العسكرية
حكومة في دائرة الفشل
بعد مرور 21 شهرًا على اندلاع الحرب في قطاع غزة، تجد حكومة بنيامين نتنياهو نفسها في مأزق إستراتيجي معقد؛ إذ لا تملك القدرة على تحقيق الحسم العسكري أمام المقاومة الفلسطينية، ولا إمكانية للتراجع دون كلفة سياسية وأمنية باهظة، في وقت تعاني فيه من انقسامات داخلية وتراجع حاد في ثقة الجمهور الإسرائيلي.
الوعود التي أطلقتها الحكومة في بداية الحرب بتحقيق "نصر كامل" و"سحق حماس" و"استعادة الأسرى" تبددت أمام مقاومة مرنة، وفشل ميداني متكرر، وضغوط دولية متزايدة. ومع اشتداد الأزمة، بدأت الخلافات الداخلية تتفجر على السطح، وآخرها الصدام العلني بين نتنياهو ورئيس أركانه الجديد، إيال زامير.
خلافات علنية داخل الكابينيت
في إحدى جلسات المجلس الوزاري المصغر مؤخرًا، وجّه نتنياهو انتقادات مباشرة وحادة لرئيس الأركان إيال زامير، متهمًا الجيش بالتباطؤ في تقديم حلول فاعلة لتأمين توزيع المساعدات في غزة، والتقاعس عن تنفيذ عمليات تؤدي إلى الحسم العسكري، وعلى وجه التحديد خطة تهجير سكان شمال غزة نحو الجنوب.
لكن زامير فاجأ الحضور بردٍّ عكسي، أحرج المستوى السياسي بالكامل، إذ قال: "أين هي هذه الأوامر؟ لم تُصدر لنا أهدافًا واضحة.. أنتم لم تبلوروا خطة حتى يتم التعامل معها عسكريًّا."
هذا الاشتباك الحاد كشف عن توتر كبير في العلاقة بين القيادتين السياسية والعسكرية، رغم أن زامير كان قد عُيّن مؤخرًا من قبل نتنياهو نفسه خلفًا لهرتسي هليفي. والأخطر من الخلاف، أنه يفضح غياب القيادة والتوجيه السياسي الفعلي، ويؤكد أن ما يجري ليس إلا تبادل اتهامات مكشوفًا لتحميل الجيش مسؤولية فشل حرب تُدار دون إستراتيجية واضحة.
نتنياهو، رغم تصعيده ضد الجيش، يوظف هذه الخلافات ليُظهر نفسه كمن "سعى للحسم حتى النهاية"، فيما الصفقة تُستخدم كغطاء سياسي للهروب من مأزق لم يعد ممكنًا تجاوزه عسكريًّا أو سياسيًّا
حملة منظمة لتصدير الأزمة
الخلاف الظاهر لا يبدو عابرًا، بل أقرب إلى حملة إعلامية منظمة يقودها نتنياهو ومستشاروه، والهدف منها واضح: تحميل الجيش مسؤولية الفشل الميداني، وتقديم نتنياهو على أنه "قائد الحسم" الذي تُعيقه المؤسسة العسكرية.
إعلان
في الخطاب العام الذي يُنقل إلى الجمهور الإسرائيلي، يُصوَّر نتنياهو على أنه يطالب بالحسم والتصعيد، بينما الجيش يتلكأ ويُبطئ التنفيذ. هذه السردية تُستخدم سياسيًّا لإعادة تشكيل الرأي العام قبيل أي تسوية محتملة، سواء كانت صفقة تبادل أسرى أو وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار.
الهروب نحو الصفقة: مخرج من المأزق
مع استمرار الحرب وتفاقم الأزمات، بات واضحًا أن نتنياهو وحكومته يسعيان إلى مخرج عبر صفقة تهدئة أو تبادل أسرى. هذا التوجه نابع من إدراك استحالة تحقيق حسم شامل عسكريًّا، وسط مقاومة شرسة تكبد الاحتلال نتيجتها خسائر كبيرة في الجنود والمعدات، وأفرزت تبعاتها الضغوط الدولية والأزمات الداخلية المتصاعدة.
نتنياهو، رغم تصعيده ضد الجيش، يوظف هذه الخلافات ليُظهر نفسه كمن "سعى للحسم حتى النهاية"، فيما الصفقة تُستخدم كغطاء سياسي للهروب من مأزق لم يعد ممكنًا تجاوزه عسكريًّا أو سياسيًّا.
لا يمكن فصل هذه الخلافات عن الترتيبات الإقليمية والدولية الجارية، خاصة في ظل تقارير عن صفقة تبادل محتملة تشمل تهدئة مؤقتة، وإدخال مساعدات، وإنشاء آلية جديدة لإدارة القطاع
أزمة خيارات وانعدام إجماع
تعيش الحكومة حالة شلل سياسي وإستراتيجي ناتج عن غياب الإجماع حول أي من المسارين: لا اتفاق داخل الحكومة على مواصلة الحرب، ولا توافق على الدخول في تسوية. وفي الحالتين، يتفاقم الاستنزاف على كل المستويات السياسية والعسكرية والمجتمعية.
فمن جهة، لا تستطيع الحكومة التقدم نحو الحسم العسكري الكامل بسبب الخسائر وتعقيدات الميدان، ومن جهة أخرى، فإن القبول بوقف الحرب دون استعادة الأسرى أو إعلان النصر سيُعد فشلًا سياسيًّا مدويًّا لنتنياهو وتحالفه اليميني.
ما وراء الخلاف مع زامير
رغم أن زامير محسوب على نتنياهو، فإن تصعيد الخلاف معه يبدو متعمدًا، وله وظيفة سياسية مزدوجة:
لتبرئة نتنياهو من الفشل المتراكم في إدارة الحرب.
ولإعداد الأرضية لجعل المؤسسة العسكرية كبش فداء في حال تم التوصل إلى صفقة لا تحقق "أهداف الحرب".
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هذه الخلافات عن الترتيبات الإقليمية والدولية الجارية، خاصة في ظل تقارير عن صفقة تبادل محتملة تشمل تهدئة مؤقتة، وإدخال مساعدات، وإنشاء آلية جديدة لإدارة القطاع.
يحاول نتنياهو حرف الأنظار عن مسؤوليته السياسية، وخلق سردية جديدة تبرّئه من الفشل، وتُلقي باللوم على مؤسساته التي طالما خدمته. لكنها لعبة محفوفة بالمخاطر، في وقت تنكشف فيه هشاشة الرواية الإسرائيلية
نتنياهو في الزاوية
تكشف المواجهة بين نتنياهو وزامير عن مأزق عميق تعيشه إسرائيل بعد 21 شهرًا من الحرب:
لا قدرة على تحقيق الحسم أمام المقاومة.
ولا إمكانية للتراجع دون كلفة سياسية فادحة.
ولا إجماع داخل الحكومة على أي من الخيارين.
في هذا الفراغ الإستراتيجي، يحاول نتنياهو حرف الأنظار عن مسؤوليته السياسية، وخلق سردية جديدة تبرّئه من الفشل، وتُلقي باللوم على مؤسسات الدولة التي طالما خدمته. لكنها لعبة محفوفة بالمخاطر، في وقت تنكشف فيه هشاشة الرواية الإسرائيلية أمام صمود غزة وتعاظم الضغوط الدولية.
فشل داخلي يتجاوز ساحة المعركة
في نهاية المطاف، لا يبدو أن حكومة نتنياهو قادرة على اتخاذ قرار واضح: لا حسم عسكريًّا ممكن، ولا تسوية تُرضي القاعدة اليمينية. وبينما تتراكم الخسائر، وتحترق شرعية القيادة، تتحول حرب غزة إلى أزمة داخلية مفتوحة، قد تكون مقدمة لانهيار أوسع في بنية الحكم داخل الكيان الإسرائيلي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 30 دقائق
- الجزيرة
كاتبة إسرائيلية غاضبة: لماذا يرسل الجيش ابنتي لحراسة المستوطنات؟
استغربت كاتبة إسرائيلية إرسال ابنتها الضابطة المتدربة في مهمة لحراسة المستوطنات بمنطقة الخليل في الضفة الغربية ، وقالت إنها قلقة، لأن قدرة ابنتها على صد أي تهديد لا تختلف كثيرا سواء حملت بندقية أو مكنسة. وأضافت الكاتبة موران ميشال -وهي ضابطة سابقة- في مقال لها بصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن ابنتها يفترض أنها ضابطة متدربة مخصصة لمنصب إداري، لكنها أُرسلت لحراسة مستوطنات الضفة مثلها مثل جميع الضباط المتدربين، دون تدريب ملائم، أو معرفة بالمنطقة، أو فهم للتهديد، ومن دون امتلاك أي خبرة ميدانية. وتابعت أن هذا الأمر مستمر منذ 20 عاما، حيث "يُحرك أطفالنا كقطع شطرنج في ما يسميه الجيش: منطقة يهودا والسامرة". وذكرت أنها سألت ضباطا نظاميين واحتياطيين بارزين بشأن هذه القضية، وكلهم أكدوا أنه لا يوجد للضباط المتدربين أي مهمة حقيقية هناك. وأضافت أن ما يزيد من خطورة الأمر مهاجمة مستوطنين متطرفين للفلسطينيين يوميا، لكن لا أحد يتحرك إلا عندما يخطئ المستوطنون ويعتدون على وحدة احتياط. وتساءلت: "لماذا يُكلّف جنود غير مدرَّبين بحراسة مستوطنات يمتلك كل سكانها أسلحة؟". وتساءلت هل القرار سياسي، وهل هو جزء من سياسة ترسيخ الربط بين الصهيونية والاستيطان؟ أم أنه مرتبط برفض وزراء يمينيين ك بتسلئيل سموتريتش مواجهة عنف المستوطنين اليهود؟ وخاطبت الأمهات الإسرائيليات بقولها "في إسرائيل 2025، حتى من لا تملك ابنا مقاتلا، لا يمكنها أن تنام مطمئنة، يجب على الجميع الاستيقاظ". حالات انتحار ومؤخرا سلط تقرير نشره موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي الضوء على المعاناة النفسية العميقة التي يعيشها الجنود الإسرائيليون بعد مشاركتهم في الحرب على قطاع غزة ولبنان، معتبرا أن ارتفاع حالات الانتحار يكشف حجم الكارثة في ظل تجاهل رسمي للإحصاءات المفزعة. وقال الموقع إن بيانات الجيش الإسرائيلي تؤكد زيادة مذهلة في حالات الانتحار بين الجنود، حيث تم تسجيل 38 حالة بين عامي 2023 و2024، من بينها 28 حالة بعد بدء الحرب على غزة، مقارنة بـ14 حالة عام 2022، و11 حالة عام 2021. وتابع إنسايد أوفر أن التعبئة الاستثنائية لـ300 ألف جندي احتياط عرضت الجنود لمستويات قصوى من العنف والضغط النفسي في غزة والمنطقة الحدودية مع لبنان، ويواجه الجيش الإسرائيلي حاليا عواقب إخضاع جنوده لتجارب تتجاوز حدود الاحتمال.


الجزيرة
منذ 30 دقائق
- الجزيرة
مؤسسة "هند رجب" تلاحق في البرتغال قناصا بالجيش الإسرائيلي
أعلنت مؤسسة هند رجب عن تقديم شكوى جنائية رسمية -أمام القضاء البرتغالي- ضد جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهمة قتل 4 مدنيين فلسطينيين في قطاع غزة. ووفقا لبيان المؤسسة فقد عمل الجندي داني أدونيا أديجا قناصا ضمن الفرقة رقم 252 الإسرائيلية، ونشر صورة له ممسكا ببندقية قنص وكتب مطلع العام الجاري "4 رصاصات، ولا خطأ". وقد عملت الفرقة 252 في محور نتساريم ، حيث كان يتم إطلاق النار بشكل منهجي على المدنيين، ومعظمهم من الأطفال، من قبل فرق القناصة والدوريات المدرعة الإسرائيلية. وبحسب المؤسسة، فإن "الجريمة لم تقع في ظروف اشتباك، بل كانت عملية قتل عمد لمواطنين عزل خلال سريان الهدنة" حيث استشهد في تلك الفترة نحو 170 مدنيا فلسطينيا، مؤكدة أن هذه الممارسات تشكل انهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جريمة حرب. أوضحت أنها جمعت أدلة موثقة حول وجود أديجا في العاصمة البرتغالية خلال شهر الجاري، مطالبة السلطات هناك باعتقاله فورا ومحاكمته وفقا لمبدأ الولاية القضائية العالمية. وقالت المؤسسة في بيانها "لن نكلّ، سنواصل ملاحقة المسؤولين عن الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، في كل مكان، وبغض النظر عن رتبهم أو جنسياتهم". وكانت قد رفعت دعاوى ضد عشرات الجنود في 8 دول، وقدّمت ملفات قانونية إلى المحكمة الجنائية الدولية تتضمن أدلة على ارتكاب أكثر من ألف جندي وضابط بجيش الاحتلال جرائم حرب في قطاع غزة وجنوب لبنان. وكانت "هند رجب" قد ذكرت بداية الشهر الجاري أن إسرائيل أصدرت قائمة عقوبات تستهدف 50 شخصية، في صدارتها رئيس المؤسسة دياب أبو جهجة واثنان من المؤسسين و3 محامين عملوا مع المؤسسة. وأوضحت في بيان أن الحكومة الإسرائيلية بدأت تخصيص موارد كبيرة لمحاولة تعطيل مؤسسة "هند رجب" وإيقاف عملها.


الجزيرة
منذ 40 دقائق
- الجزيرة
خبير عسكري: المقاومة أجبرت الاحتلال على التحول من الهجوم للدفاع
أصبح أسر جنود إسرائيليين خلال المعارك هدفا تكتيكيا جديدا لفصائل المقاومة، التي تواصل مباغتة قوات الاحتلال في مختلف مناطق قطاع غزة ، وتجبرها على التحول من الهجوم إلى الدفاع. وفي وقت سابق اليوم الاثنين، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش فعّل قانون هانيبال في منطقة جباليا شمالي القطاع، بعدما حاولت المقاومة أسر جندي خلال الاشتباك. ويقضي القانون بتكثيف القوة النارية في المواقع التي يُحتَمل أن يؤسر بها جنود إسرائيليون، لكن فحواه تعني منح تصريح بقتل الجندي قبل أسره، كما يقول الخبير العسكري العميد حسن جوني. وهذه هي المرة الثانية التي تحاول فيها المقاومة أسر جندي إسرائيلي بعد عملية نفذتها الأسبوع الماضي في خان يونس جنوبا، وانتهت بقتل الجندي، وفق ما أكده الجانب الإسرائيلي. ويمثل هذا السلوك تطورا في أهداف المقاومة التي تعمل بشكل رئيسي على إرباك قوات الاحتلال، وتكبيدها أكبر خسائر ممكنة في مختلف المناطق، وتحديدا في محيط مدينة غزة شمالا ومحيط خان يونس جنوبا، وفق ما قاله جوني في تحليل للجزيرة. وتدور غالبية عمليات المقاومة في الشجاعية وجباليا وحي التفاح شمالا، وفي عبسان الكبيرة والصغيرة جنوبا، وتستهدف قوات الهندسة بشكل أساسي منع قوات الاحتلال من التقدم. وبهذه الإستراتيجية، منعت المقاومة الإسرائيليين من تنفيذ عملياتهم وليس من مجرد الاستقرار في القطاع، لأنها حولتهم من الهجوم إلى الدفاع. وتعمل قوات الهندسة على كسح الألغام وتمهيد الطرق أمام القوات القتالية البرية، وهي تعمل تحت حماية هذه القوات، لكنها تعرضت للعديد من الاستهدافات خلال الأسابيع الأخيرة، مما يعني أن المقاومة تحدد أهدافها بدقة. كما أن استهداف الآليات وجرافات "دي 9″، التي تعمل مع قوات الهندسة، يعني -وفق جوني- تكتيكا دقيقا من جانب المقاومة، لأن هذه الآليات مدرعة بشكل كبير ومزودة بجهاز تروفي الذي يمنع وصول الصواريخ والعبوات إلى داخل الآلية. إعلان لذلك، فعندما تقوم المقاومة بتدمير عدد كبير من هذه الآليات، فإنها تعتمد في ذلك على استخدام نقاط الضعف التي يتطلب ضربها عملا فدائيا، بحيث يتم الاقتراب جدا من الآلية أو استهدافها من مكان مرتفع، حسب جوني. ورغم أن جيش الاحتلال يحاول دراسة تفاصيل كل عملية تقوم بها المقاومة فور وقوعها لتدارك الثغرات ومعالجتها، فإن العمليات التي وقعت اليوم في جباليا وعدد من مناطق القطاع تعني أن المقاتلين الفلسطينيين يطورون تكتيكات الهجوم بشكل متواصل. وقُتل 3 جنود إسرائيليين اليوم الاثنين، وأُصيب رابع بجروح خطيرة في كمائن للمقاومة شرق قطاع غزة، فيما قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي – إن مقاتليها دمروا آلية عسكرية صهيونية وجرافة من نوع "دي 9" بتفجير عبوات ناسفة بمنطقة عبسان الكبيرة شرق خان يونس.