
توفيق عكاشة: الصورة السلبية التي تُسوَّق عن الإسلام تعود إلى أفعال جماعات متطرفة
وأضاف خلال حواره في برنامج "السؤال الصعب" على قناة "سكاي نيوز عربية" أن الصورة السلبية التي تُسوَّق عن الإسلام اليوم تعود إلى أفعال جماعات مثل داعش والإخوان والحشد الشعبي، التي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الإسلام الحقيقي.
وأوضح عكاشة أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل منذ عام 1978، والتي يُطلق عليها مصطلح "السلام البارد"، لا تعكس بالضرورة موقف الشعب المصري بأكمله، مؤكدًا أن الإعلام يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل آراء الناس حول هذه القضية.
وتابع أن تحديد موقف الشعب المصري من هذا السلام يصعب قياسه بدقة، لأن هذه المسألة تُدار من قبل القيادات السياسية التي تمتلك الرؤية والحرية في اتخاذ القرارات.
وأشار إلى أن علاقته بالمجتمع اليهودي بدأت منذ عام 1999 من خلال مشاركته في مركز بريز السادات للسلام، حيث التقى شبابًا من مصر، الأردن، فلسطين، وإسرائيل، مؤكدًا أن هذه العلاقات استمرت دون انقطاع.
وأكد أن دعوته للسلام الشامل لا تعني تجاهل الحقائق التاريخية أو السياسية، بل تأتي من إيمانه بضرورة العودة إلى القيم الإنسانية والدينية التي تدعو إلى التعايش.
وأضاف عكاشة أن القرارات المتعلقة بالسلام ليست في يده، بل تُدار من قبل القيادات السياسية التي تملك الرؤية الاستراتيجية لإدارة شؤون البلاد.
وشدد على أن تحقيق السلام المتكامل يتطلب جهودًا مشتركة ترتكز على الحوار والتفاهم، معبرًا عن أمله في أن تتسع دائرة الدول المنضمة إلى اتفاقيات السلام لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بلادي
منذ 2 ساعات
- صوت بلادي
محمود عابدين يكتب: ماراثون الانتخابات البرلمانية 2025 ( 4 )
سمعنا كثيرا عن الثقافة البرلمانية، وأهميتها في تفعيل الحياة الديمقراطية بأي مجتمع ينشد الشفافية والارتقاء لتقديم الخدمات الأفضل لمواطنيه، ولكي نصل إلى هذا المستوى من الوعي، لابد وأن تشمل هذه الثقافة فهمًا عميقًا لدور المؤسسات البرلمانية، وكذلك آليات عملها، وحقوق وواجبات المواطنين تجاهها، نضف إلى ذلك ضرورة احترام الرأي الآخر، وتقبل الاختلاف، والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية. كما يمكن أن تساهم الثقافة البرلمانية في زيادة وعي المواطنين بحقوقهم ودورهم في العملية الديمقراطية، مما يشجعهم على المشاركة في الانتخابات، والمساءلة، والرقابة على أداء الحكومة والبرلمان معا، بعيدا عن الشعارات: الزائفة، المغرضة، التجارية التي تستخدمها بعض: الجهات أو الأفراد أو الأحزاب أو الجماعات كجماعة الإخوان وشعارهم: " الإسلام هو الحل "....!! وبحسب الدستور، فالثقافة حق تكفله الدولة، لذا فنحن الآن في أمس الحاجة إلى وعي بديل، تتكاتف فيه مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها وزارات: الثقافة، التربية والتعليم، التعليم العالي والبحث العلمي، الأوقاف، الكنيسة و.... بدورهم الفعال، خاصة أن هناك جيل في عام 2013 كان عمره 12 و13 عاما، وليس لديه أدنى معلومة بما تعرض له وطنه من مكائد ومؤامرات داخلية وخارجية، هذا الجيل هو من نعول عليه مستقبلا اختيار النائب الذي يخدم وطنه بعيدا عن المصالح والأهواء والتحزب و..... ، وخيرا فعل مجلس الشيوخ حينما طالب بعودة بيوت الثقافة، والمكتبات العامة في المناطق الشعبية التي تسكنها الأغلبية، فلدينا 25 مليون مواطن في سن العشرينيات، ولهم حق الانتخاب قريبا، ونحشى ما نخشاه من وقوعهم تحت تأثير الخطب المنبرية، أو أصحاب المال السياسي أو..... في هذا السياق، يمكننا طرح السؤال التالي: من يحاسب من ...؟؟!!، سؤال "مش" برئ خاااالص: فإذا كان البرلمان يحاسب الحكومة على تقصيرها تجاه قضايا تمس أمن واستقرار المواطن، فمن يحاسب البرلمان على مسئوليته الرقابية على الحكومة عندما يقع حدث جلل مثل حريق سنترال رمسيس، الذي أعقبه انعقاد جلسة عامة طارئة بمجلس النواب، والتي شهدت، هجوما حادا من الأعضاء على الحكومة بسبب تعطيل شبكات الاتصال والإنترنت والبنوك....؟؟!! وخيرا فعل رئيس المجلس حينما جميع البيانات العاجلة إلى لجنة الاتصالات، قائلا: «يعنى هناك أخطاء جسيمة يا سيادة الوزير وحضرتك اعترفت بهذا، وأى خطأ جسيم نتج عنه وفيات ينم عن أخطاء جسيمة للوزارة، هذا خطأ جسيم لا يمر مرور الكرام»، وتابع: - «بعد ان أوضح وزير الشؤون النيابية وجود وزير الاتصالات بالبلاد، يقرر المجلس إحالة جميع هذه البيانات العاجلة إلى لجنة الاتصالات، وعلى اللجنة عقد اجتماع عاجل عقب الجلسة، بحضور وزير الاتصالات، وسأقوم بنفسى بمتابعة مناقشات اللجنة فى هذا الشأن، ونقل الحقائق كاملة للرأى العام دون زيادة أو نقصان، وما يترتب على ذلك من آثار». أما النائب ضياء داود، فقال: "كان من المتوقع أن يكون اليوم آخر يوم فى دور الانعقاد الخامس، لكنى أطالب ألا يرفع مجلس النواب ولا يفض دور الانعقاد إلا قبل أن نعلن نتائج كارثة سنترال رمسيس، كيف حدث هذا الفشل المركب للحكومة"، منتقدا أداء الحكومة بقوله: "مصر اللي صرفنا عليها تريليونات، فمتى يتحمل المسؤولون فى هذا البلد مسؤوليتهم، متى تحضر الحكومة مجتمعة تقدم كشف حساب، هنروح نقول إيه للناس واحنا على أبواب الانتخابات، هى دى الحكومة اللى لسه واخدة ثقة من البرلمان، هذه الحكومة لابد من محاسبتها حتى واحنا فى آخر ساعة لدور الانعقاد»، وتساءل النائب: - "أمال لو احنا فى حرب وحد ضربلنا حاجة بالشكل ده، والأمن السيبرانى بتاعنا اتأثر، كانت الحكومة هتتصرف ازاي.. هل نفض دور الانعقاد ونترك النيران مشتعلة، أمان مصر فى هذا التوقيت أهم من أى شيء، أهم من الموازنة العامة للدولة، فهل هذه الحكومة هى اللى هتحل مشكلة الإيجار القديم، أتحدى، هذا التوقيت الصعب يتحمل كل منا مسؤوليته وفى المقدمة الحكومة، ونحن فى البرلمان ممتد عملنا حتى ١٢ يناير ٢٠٢٦". ده كلام جميل جدا، وحتى تتضح الأمور أكثر، فلابد من تسليط الضوء على أن السلطة التشريعية والرقابية، تتمتع دائما وأبدا بقوة ونفوذ، كما انها تخلق قدرا مهما من الحراك السياسي العام، وهي سلطة إن تمثلت بقدر من النزاهة والأمانة انعكس ذلك على أداء السلطات الأخرى، والعكس هو الصحيح. مع العلم، انه ليس بالضرورة أن كل من حصد عضوية البرلمان ممثلا للشعب، أن يكون هو الأفضل والأكثر نزاهة، بل إن هناك في السلطات الأخرى التي يفترض أن تحاسبها السلطة التشريعية من هو أكثر نزاهة وأمانة وصدقاً من بعض ممثلي الشعب، ولدينا عدد لا بأس به من الأمثلة بهذا الصدد، ولا نبالغ حين نؤكد بأن برلمانات العالم مملوءة بممثلين عن شعوبهم الذين انتفت عنهم صفات: الأمانة، النزاهة، الصدق، وذلك بسبب تضخم جيوبهم وزيادة فسادهم، وبالمقابل فإن هناك من كان منهم صادقا في تمثيله، نزيها في مواقفه، عاملا للصالح العام لا الخاص. ما سبق يمثل معضلة حقيقية في آلية محاسبة النواب على مواقفهم ومغانمهم، مشكلة - أحيانا – تكون أصعب من محاسبة السلطات الأخرى، فإذا كانت المجالس التشريعية، هي السلطة المكلفة والمخولة بمحاسبة السلطة التنفيذية، فمن هو المخول والمكلف بمحاسبة السلطة التشريعية عند تجاوز أعضائها مسئولياتهم...؟؟!!، إذا دور النواب في مراقبة الحكومة ومحاسبتها، يفتح تساؤلات حول كيفية مراقبة أداء النواب أنفسهم تحت قبة البرلمان، وكيفية تقييم دور كل عضو منهم، بما يضمن تفعيل الدور الإيجابي للنائب وتقديمه خدمة حقيقة للمواطن فى البرلمان. صحيح ان واقعنا الحالي، لا يوجد به طرق محددة وواضحة المعالم لكيفية محاسبة البرلمان ونوابه، سواء أكان ذلك قانونيا بمواد فى الدستور، أو من خلال جهات محددة تراقبه وتحدد آليات محاسبته سوى الناخب نفسه، فهو الجهة الوحيدة المخولة للقيام بهذا الدور، باعتباره ( الناخب )، هو صاحب الحق الأصيل والشرعي الذي منح النائب رخصة الفوز بعضوية البرلمان. ولكي تكون مراقبة الناخب لنائب فاعلة، فهي تحتاج إلى بوصلة لوضع آليات لهذه المراقبة، بما يضمن تحسين أداء النائب لصالح الناخب، الأمر الذي دفع العديد من المراكز البحثية، ومنظمات المجتمع المدنى إلى الحديث عن تأسيس حملات متخصصة لمراقبة البرلمان، وأداء نوابه في فترة ما، وعرض هذه المراقبة على الرأي العام، صاحب الحق في محاسبة النواب، أو بشكل أبسط وأيسر، يفترض ان يكون في دائرة كل عضو برلماني مجموعة من الشخصيات الوطنية المحترمة التي تفرض عليه طريقة ما للمحاسبة عن أدائه البرلماني كل 6 شهور مثلا، هذا بالنسبة للنواب الذين فازوا بالعضوية بشكل قانوني ودستوري وشعبي بعيدا عن نواب المال السياسي ومن على شاكلتهم.. وللحديث بقية.

مصرس
منذ 7 ساعات
- مصرس
الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)
وطبيعة الحياة متجددة ومتغيرة، ويقتضى أن تكون قواعدها مرنة ومطاوعة، وأحكامها وقوانينها تتوافق مع ما يستجد على الناس من تطور وتحضر يفرض على الناس فرضًا ما لهم فيه من قرار، وتظل الأحكام تساير كل العصور وإلا جمدت مكانها وتحايل وتماكر الناس عليها. وكنا فى المقال السابق قد استعرضنا «حد السرقة» وكيف كان الحكم يعامل فى زمن النبوة والصحابة معاملة القانون المدنى الوضعى، ليس ثابتا أو جامدا، بل أصبح وأمسى حسب الأحوال، وطبق ونفذ على قدر ما تفرضه سياسة الحكم والحاكم، فقد رأى الرسول عدم تنفيذ الحكم على من ينتهب (سرقة) أموال الغزوات (الغلول) حتى لا تهن عزيمة المقاتلين، ونفذ الحكم فى سرقة رداء (صفوان) الردىء المهلهل حين تفشت ظاهرة السرقة، وعفا عن المخزومية التى سرقت لمكانتها عند العرب لاستمالتهم واستقطابهم، ولتعلم عزيزى أن العدل المطلق ليس واقعا فى حياة الناس، بل هو العدل الممكن عند الأديان والقانون الوضعى على السواء.والآن إلى أحكام الرق والعبودية: ولقد عرف العرب الرق كما عرفه غيرهم من الأمم المجاورة، وقد كان لضرورة اقتصادية، ولم يكن هذا الأمر مخجلا أو معيبا، وكان الغزو أهم مصادره، والمهزوم يسترق وتسرى عليه أحكام العبيد، وهناك مصدر آخر هو شراء العبيد من أسواق النخاسة، وقد أباحه الإسلام كما أباحته كل الأديان، والتى رأت من الحكمة ألا تتصادم مع الأعراف والتقاليد القائمة والضاربة فى أعماق التاريخ، والمتوافقة ومصالح الناس، وقد كان العرب يواجهون مشكلة هروب العبيد من الرق وفرارهم من تحت أيدى من استرقوهم، وكانت عقوبة العبد الآبق «الهارب» إما قطع يده كحكم السارق، أو إهدار دمه أو حبسه بلا طعام حتى لا يفكر فى تكرار فعلته، ولقد كان الإسلام مواكبا ومرافقا لهذا كله، حتى تظل «مؤسسة الرق» قائمة ومتوافقة معه، بل ويؤصل للعقوبات القائمة شرعا ويرسى ويثبت أركانها بأحاديث على النحو الآتى: (أيما عبد أبق «هرب» من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم) وحديث (أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة)، أى أحلّ دمه، وحديث (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة) وحديث (أيما عبد أبق إلى أرض الشرك فقد حلّ دمه)، ولقد حاول الإسلام فى المقابل أن يخفف من حدة البغض التى يحملها العبيد للسادة بآيات قرآنية تحث على حسن معاملتهم، وبحديث «إذا أدّى العبد حق الله وحق مواليه كان له أجران» وإلى هنا فقد توافقت مصالح السادة مع الوافد الجديد وبين السادة والعبيد، وإذا كان الإسلام قد فتح الباب للعتق، فإن العتق كان معروفا قبل الإسلام أيضاً تقربًا للآلهة، ولقد فتحت الغزوات مصادر للرق فاقت العتق بمراحل، فقد أغلق بابا وفتح مقابله أبوابا.وكان الرسول يتعامل مع العبيد كما يتعامل أهل قبيلته، فتملّك من العبيد والإماء كما تملك غيره، أما عن أعدادهم فالكتب اختلفت حول هذا، المهم أن النبى تعامل مع مؤسسة الرق باعتراف وإقرار، بل تذكر الكتب أن أسرى وسبايا بنى قريظة قد تم بيعهم فى أسواق النخاسة بالشام، وبالمقابل تم شراء أسلحة ومعدات للحروب والغزوات.ولنا فى الرق مثال نرى فيه إدارة الأزمات تحكمها سياسة التوازنات والمواءمات: فقد حدث تمرد وهروب لعدد كبير من العبيد والأرقاء فى العهد النبوى نتيجة إحساسهم بالغبن والظلم الواقع عليهم من أسيادهم، وفر وهرب منهم الكثير إلى (كنانة ومزينة) وشكلوا جماعات سلب ونهب فى جبل تهامة، يسطون ويغيرون منه على القوافل والقبائل، حتى أصبح وجودهم خطرًا على الدولة الجديدة، فما حاربهم الرسول ولا طالب بإقامة حد المفسدين فى الأرض «الحرابة»، ولا أعتبرهم آبقين أحلاء الدم، لكن فرضت السياسة قواعدها على الموقف برمته، واستجاب النبى لها، وأرخى بظلاله على الجميع أسيادًا وعبيدًا، وفرض عليهم المصالحة والمهادنة، فحررهم الرسول من العتق وأطلق حريتهم من أسيادهم، حتى يأمن شرهم، ويحمى مؤسسة الرق من الانهيار، وجاء فى كتابه (أن هؤلاء العتقاء «أعتقهم الرسول» إن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر، وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، سامحهم فيما نهبوه ومن قتلوه، وما كان لهم من دين فى الناس رد إليهم، ولا ظلم عليهم ولاعدوان) هكذا تصنع السياسة فى الأحكام، وتميل لها ميلا شديدا.ولو خرج فى دولة حديثة مجموعة من المطاريد واحتلوا جبلا من الجبال وأغاروا منه على الناس، لفزعت الدولة ودكت هذا الجبل دكا على رأس من فيه، حتى تعود للدولة هيبتها، فكانت أحكام القرآن أكثر نعومة ومدنية من أحكام الدولة المدنية ذاتها.فإذا كانت أحكام الرق والعبيد والتى استحوذت على الكثير من آيات الله، قد بانت ومالت مع أحوال السياسة ومنطق الحكم، حتى ألغيت وعطلت كل أحكامه نتيجة الثورات التحررية دون نسخ إلهى، فماذا لو انسحب هذا الأمر إلى باقى الأحكام أو بعضها وحل محلها قانون وضعى يرتضيه الناس ويقبلونه وينتخبونه برضا واختيار، دون تحايل أو مراوغة أليست حقا تفرضه الظروف والمصالح؟.(الدولة المدنية هى الحل)


المصري اليوم
منذ 8 ساعات
- المصري اليوم
الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)
وطبيعة الحياة متجددة ومتغيرة، ويقتضى أن تكون قواعدها مرنة ومطاوعة، وأحكامها وقوانينها تتوافق مع ما يستجد على الناس من تطور وتحضر يفرض على الناس فرضًا ما لهم فيه من قرار، وتظل الأحكام تساير كل العصور وإلا جمدت مكانها وتحايل وتماكر الناس عليها. وكنا فى المقال السابق قد استعرضنا «حد السرقة» وكيف كان الحكم يعامل فى زمن النبوة والصحابة معاملة القانون المدنى الوضعى، ليس ثابتا أو جامدا، بل أصبح وأمسى حسب الأحوال، وطبق ونفذ على قدر ما تفرضه سياسة الحكم والحاكم، فقد رأى الرسول عدم تنفيذ الحكم على من ينتهب (سرقة) أموال الغزوات (الغلول) حتى لا تهن عزيمة المقاتلين، ونفذ الحكم فى سرقة رداء (صفوان) الردىء المهلهل حين تفشت ظاهرة السرقة، وعفا عن المخزومية التى سرقت لمكانتها عند العرب لاستمالتهم واستقطابهم، ولتعلم عزيزى أن العدل المطلق ليس واقعا فى حياة الناس، بل هو العدل الممكن عند الأديان والقانون الوضعى على السواء. والآن إلى أحكام الرق والعبودية: ولقد عرف العرب الرق كما عرفه غيرهم من الأمم المجاورة، وقد كان لضرورة اقتصادية، ولم يكن هذا الأمر مخجلا أو معيبا، وكان الغزو أهم مصادره، والمهزوم يسترق وتسرى عليه أحكام العبيد، وهناك مصدر آخر هو شراء العبيد من أسواق النخاسة، وقد أباحه الإسلام كما أباحته كل الأديان، والتى رأت من الحكمة ألا تتصادم مع الأعراف والتقاليد القائمة والضاربة فى أعماق التاريخ، والمتوافقة ومصالح الناس، وقد كان العرب يواجهون مشكلة هروب العبيد من الرق وفرارهم من تحت أيدى من استرقوهم، وكانت عقوبة العبد الآبق «الهارب» إما قطع يده كحكم السارق، أو إهدار دمه أو حبسه بلا طعام حتى لا يفكر فى تكرار فعلته، ولقد كان الإسلام مواكبا ومرافقا لهذا كله، حتى تظل «مؤسسة الرق» قائمة ومتوافقة معه، بل ويؤصل للعقوبات القائمة شرعا ويرسى ويثبت أركانها بأحاديث على النحو الآتى: (أيما عبد أبق «هرب» من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم) وحديث (أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة)، أى أحلّ دمه، وحديث (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة) وحديث (أيما عبد أبق إلى أرض الشرك فقد حلّ دمه)، ولقد حاول الإسلام فى المقابل أن يخفف من حدة البغض التى يحملها العبيد للسادة بآيات قرآنية تحث على حسن معاملتهم، وبحديث «إذا أدّى العبد حق الله وحق مواليه كان له أجران» وإلى هنا فقد توافقت مصالح السادة مع الوافد الجديد وبين السادة والعبيد، وإذا كان الإسلام قد فتح الباب للعتق، فإن العتق كان معروفا قبل الإسلام أيضاً تقربًا للآلهة، ولقد فتحت الغزوات مصادر للرق فاقت العتق بمراحل، فقد أغلق بابا وفتح مقابله أبوابا. وكان الرسول يتعامل مع العبيد كما يتعامل أهل قبيلته، فتملّك من العبيد والإماء كما تملك غيره، أما عن أعدادهم فالكتب اختلفت حول هذا، المهم أن النبى تعامل مع مؤسسة الرق باعتراف وإقرار، بل تذكر الكتب أن أسرى وسبايا بنى قريظة قد تم بيعهم فى أسواق النخاسة بالشام، وبالمقابل تم شراء أسلحة ومعدات للحروب والغزوات. ولنا فى الرق مثال نرى فيه إدارة الأزمات تحكمها سياسة التوازنات والمواءمات: فقد حدث تمرد وهروب لعدد كبير من العبيد والأرقاء فى العهد النبوى نتيجة إحساسهم بالغبن والظلم الواقع عليهم من أسيادهم، وفر وهرب منهم الكثير إلى (كنانة ومزينة) وشكلوا جماعات سلب ونهب فى جبل تهامة، يسطون ويغيرون منه على القوافل والقبائل، حتى أصبح وجودهم خطرًا على الدولة الجديدة، فما حاربهم الرسول ولا طالب بإقامة حد المفسدين فى الأرض «الحرابة»، ولا أعتبرهم آبقين أحلاء الدم، لكن فرضت السياسة قواعدها على الموقف برمته، واستجاب النبى لها، وأرخى بظلاله على الجميع أسيادًا وعبيدًا، وفرض عليهم المصالحة والمهادنة، فحررهم الرسول من العتق وأطلق حريتهم من أسيادهم، حتى يأمن شرهم، ويحمى مؤسسة الرق من الانهيار، وجاء فى كتابه (أن هؤلاء العتقاء «أعتقهم الرسول» إن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر، وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، سامحهم فيما نهبوه ومن قتلوه، وما كان لهم من دين فى الناس رد إليهم، ولا ظلم عليهم ولاعدوان) هكذا تصنع السياسة فى الأحكام، وتميل لها ميلا شديدا. ولو خرج فى دولة حديثة مجموعة من المطاريد واحتلوا جبلا من الجبال وأغاروا منه على الناس، لفزعت الدولة ودكت هذا الجبل دكا على رأس من فيه، حتى تعود للدولة هيبتها، فكانت أحكام القرآن أكثر نعومة ومدنية من أحكام الدولة المدنية ذاتها. فإذا كانت أحكام الرق والعبيد والتى استحوذت على الكثير من آيات الله، قد بانت ومالت مع أحوال السياسة ومنطق الحكم، حتى ألغيت وعطلت كل أحكامه نتيجة الثورات التحررية دون نسخ إلهى، فماذا لو انسحب هذا الأمر إلى باقى الأحكام أو بعضها وحل محلها قانون وضعى يرتضيه الناس ويقبلونه وينتخبونه برضا واختيار، دون تحايل أو مراوغة أليست حقا تفرضه الظروف والمصالح؟.