logo
الشرع وتحدي الأقليات.. هل يرضخ لضغوط الفيدرالية في سوريا؟

الشرع وتحدي الأقليات.. هل يرضخ لضغوط الفيدرالية في سوريا؟

سكاي نيوز عربيةمنذ يوم واحد
وبينما تصر دمشق على وحدة الدولة، تطالب مكونات كردية ودرزية بهوامش أكبر للحكم الذاتي، مما يثير قلقًا مركزيًا من " الفيدرالية كغطاء للانفصال".
فهل يرضخ الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع لهذه الضغوط؟ أم أنه سيتشبث بالمركزية التاريخية للدولة السورية؟
اجتماع باريس: انتقال سياسي أم فرض أجندات؟
الاجتماع الثلاثي غير المسبوق في باريس، والذي ضم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الفرنسي، برعاية المبعوث الأميركي توم باراك، جاء في توقيت مفصلي. فقد أكد البيان الختامي على دعم "الانتقال السياسي" و"وحدة سوريا"، ودعا إلى مشاورات مباشرة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية " قسد" في باريس، في إشارة إلى دعم ضمني لتمكين الأقليات الكردية.
اللافت، وفق الكاتب السياسي مؤيد غزلان قبلاوي، أن البيان تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب، ولم يضع شروطًا واضحة على القوى المسلحة غير النظامية، خصوصًا في السويداء ، ما يجعله، برأي قبلاوي، خطوة نحو "خفض التصعيد وليس إنهاءه".
الفيدرالية لا تعني فقط إدارة ذاتية.. بل تفكيك الدولة
اعتبر قبلاوي، في مداخلته عبر "غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية، أن بعض المكونات تطالب بـ"امتيازات فوق ديمقراطية" لا تتناسب مع ثقلها الديموغرافي، متهمًا الأطراف المدعومة خارجيًا بمحاولة فرض فيدرالية تؤدي إلى تقسيم سوريا.
وقال بوضوح: "لن نسمح بانفصال أي جزء من سوريا تحت مسمى الفيدرالية. ما نراه في السويداء هو تمرد مسلح بدعم إسرائيلي مباشر".
وبحسبه، فإن الحكومة السورية مستعدة للحوار، ولكن "ضمن ثوابت الدولة ووحدتها، لا في إطار صفقات تمثيلية شكلية كما كان الحال في الأنظمة السابقة".
الاتهامات: سلاح إسرائيلي و"تمثيل وهمي" في السويداء
تصريحات قبلاوي اتهمت بشكل صريح إسرائيل بتسليح جماعات داخل السويداء، وقال إن "83% من دروز إسرائيل يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وبعض العناصر تسللوا عبر الحدود بلباس مدني لدعم الفصائل المحلية".
وفي سياق متصل، انتقد قبلاوي محاولة بعض الشخصيات التحدث باسم "العرب السنة"، قائلاً إن الأغلبية السورية تدعم المسار السياسي الحالي بقيادة أحمد الشرع، مشيرًا إلى أن دمشق، حلب، وحمص "لا تشهد احتجاجات، بل تطالب بالاستقرار والسلم الأهلي".
لا دولة حقيقية.. بل سلطة بمظهر الدولة
في المقابل، قدّم الكاتب والباحث رستم محمود قراءة مضادة تمامًا، مشيرًا إلى أن اجتماع باريس يعكس أمرًا جوهريًا: "المسألة السورية لم تعد مسألة داخلية، بل أصبحت ملفًا دوليًا بسبب سلوك النظام الحاكم، ورفضه التأسيس لدولة وطنية حقيقية".
واعتبر أن الحكومة الحالية لا تملك أدوات الدولة بمفهومها المؤسساتي، مدللًا على ذلك بفقدان أبسط ركائزها: من غياب دستور واضح، إلى حل الجيش، وتدهور منظومة العدالة.
رستم أوضح: "عندما تُدار ثروات البلاد في فندق 'فور سيزنز' بين شبيحة النظام وبعض رجال الأعمال، فهذه ليست دولة، بل سلطة جباية".
رستم أعاد تعريف معادلة "الأغلبية والأقلية" من منظور ديمقراطي، قائلًا: " الديمقراطية ليست حكم الأكثرية العددية، بل احترام الأقليات وحقوق المواطنة والمساواة".
وأردف: "العرب السنة، وهم الأغلبية، لا يرون في الحكم الحالي دولة حقيقية. مشكلتنا مع السلطة، لا مع مبدأ الدولة".
وأعاد التأكيد على أن النظام الجديد يكرر أخطاء الأسد، عبر رفض الفيدرالية وتخوين المطالبين بها، رغم أن "كل الديمقراطيات الكبرى" تعتمد نظام الحكم الفيدرالي أو اللامركزي.
من وجهة نظر القوى الديمقراطية التي يمثلها رستم محمود، فإن الفيدرالية ليست مشروع تقسيمي، بل آلية لضمان حقوق الأطراف، خصوصًا في بلد مركزي الطابع مثل سوريا التي "عانت من تهميش الأطراف لعقود".
وضرب مثالا بميزانية ملعب العباسيين في دمشق التي، وفق قوله، كانت "أكبر من ميزانية محافظة الحسكة كاملة عام 2008".
واختتم قائلاً: "الفيدرالية لا تعني الانفصال، بل توزيع السلطة بشكل عادل. ما يحدث اليوم هو تكرار لأسدية جديدة بحلة شرعية".
لا ثقة في السلطة الحالية.. والفيدرالية هي الحل الواقعي
أما على الجانب الأميركي، فقد قدّم توم حرب، مدير "التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية"، نظرة أكثر براغماتية، مؤكدًا أن إدارة ترامب لا تملك استراتيجية واضحة تجاه سوريا، لكن "الكونغرس يضغط باتجاه احترام حقوق الأقليات وضمان التعددية".
وأكد حرب أن "الرئيس أحمد الشرع لا يملك جيشًا نظاميًا، ولا دستورًا، ويعتمد على مجموعات عشائرية متفرقة"، مشيرًا إلى أن هذا النمط من الحكم "لا يبني دولة، بل يكرر فشل النظام المركزي في سوريا".
وأشار إلى أن الفيدرالية "هي الضمانة الوحيدة لاحترام الجميع"، وقال بوضوح: "النظام المركزي انتهى في العالم العربي. وحدها الفيدرالية الليبرالية قادرة على حفظ وحدة سوريا مع احترام مكوناتها".
الملف الفيدرالي في سوريا بات حجر زاوية لا يمكن تجاهله، خصوصًا في ظل تصاعد التوتر جنوبًا، واستمرار الغموض حول العلاقة بين السلطة المركزية والمكونات الكردية والدرزية.
الشرع يجد نفسه اليوم في مفترق طرق: إما المضي في مسار "وحدة الدولة" بمفهومه التقليدي، على حساب مطالب المكونات، أو الانخراط في نموذج حكم تشاركي يعترف بالتعدد ويمنح الأطراف سلطات حقيقية.
وفي الحالتين، سوريا تدخل حقبة جديدة لم تعد فيها الحلول الشكلية مقبولة، ولا "الدولة الأمنية" قابلة للحياة. فهل يختار الشرع المصالحة الوطنية الحقيقية، أم الصدام مع الأطراف والمجتمع الدولي مجددًا؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الرئيس السوري يتسلّم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت
الرئيس السوري يتسلّم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت

البيان

timeمنذ 7 ساعات

  • البيان

الرئيس السوري يتسلّم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت

تسلم رئيس الجمهورية السوري أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، وبحسب وكالة الأنباء السورية "سانا" وجّه الرئيس السوري بمواصلة التقدّم في مسار العمل لضمان مشاركة شاملة تُعبّر عن إرادة الشعب السوري. وأعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب الانتهاء من إعداد المسودة النهائية للنظام الانتخابي المؤقت، وتسليمها إلى الرئيس أحمد الشرع للتصديق عليها. وأفادت عضو اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، حنان البلخي، بأن تشكيل اللجان الفرعية سيبدأ فور التصديق على النظام الانتخابي، مشيرةً إلى أنه "تم وضع جميع التعليمات التنفيذية الخاصة بإجراءات الترشح، واللجنة ملتزمة بمعايير النزاهة والشفافية في جميع مراحل عملها". وأضافت البلخي: "العملية الانتخابية ستُجرى وفق المعايير الدستورية والجدول الزمني المقرّر، والنظام الانتخابي يحرص على تمثيل جميع أطياف المجتمع دون استثناء"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا". وأشارت البلخي إلى أن اللقاءات الميدانية مع مختلف مكونات الشعب السوري جاءت بهدف ضمان أوسع مشاركة شعبية في صياغة المعايير الانتخابية، وتشكيل مجلس شعب جديد يكون معبّراً عن كل السوريين ويعكس تطلعاتهم في بناء سوريا الجديدة. وفي سياق متصل، أعلنت الرئاسة السورية أن الشرع تسلّم، مساء السبت، النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، و"وجّه بمواصلة التقدّم في مسار العمل لضمان مشاركة شاملة تُعبّر عن إرادة الشعب السوري". أصدر الرئيس السوري، أحمد الشرع، في 13 حزيران الماضي، المرسوم رقم 66 لعام 2025، القاضي بتشكيل لجنة باسم "اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب"، برئاسة محمد طه الأحمد. وتضمّ اللجنة كلاً من الأعضاء: حسن إبراهيم الدغيم، عماد يعقوب برق، لارا شاهر عيزوقي، نوار إلياس نجمة، محمد علي محمد ياسين، محمد خضر ولي، محمد ياسر كحالة، حنان إبراهيم البلخي، بدر الجاموس، أنس العبده. وقد كلّف المرسوم اللجنة العليا بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، تتولى انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب. وينصّ المرسوم على أن يكون عدد أعضاء مجلس الشعب 150 عضواً، موزّعين على المحافظات بحسب عدد السكان، ووفق فئتي الأعيان والمثقفين، بما يتماشى مع الشروط التي تُقِرّها اللجنة العليا للانتخابات.

«داعش» يطل برأسه شرق سوريا.. هجومان على نقاط أمنية لـ«قسد»
«داعش» يطل برأسه شرق سوريا.. هجومان على نقاط أمنية لـ«قسد»

العين الإخبارية

timeمنذ 9 ساعات

  • العين الإخبارية

«داعش» يطل برأسه شرق سوريا.. هجومان على نقاط أمنية لـ«قسد»

تم تحديثه الأحد 2025/7/27 10:53 ص بتوقيت أبوظبي تصعيد أمني جديد، في ريف دير الزور شرقي سوريا، مع تنفيذ خلايا تابعة لتنظيم «داعش» هجومين مسلحين، استهدفا نقاطاً أمنية في مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. الهجومان اللذان اعتبرهما مراقبون، مؤشرا على استمرار التهديدات الأمنية في المنطقة، أسفرا عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وسط معلومات أولية تشير إلى سقوط قتلى في صفوف المهاجمين. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن خلايا تابعة لـ«داعش» نفذت يوم السبت، هجوماً بالأسلحة الرشاشة استهدف نقطة عسكرية تابعة لـ«قسد» في بلدة ذيبان. وأوضح، أن حاجزا لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) تعرض -كذلك- لهجوم مماثل من قبل خلايا التنظيم، في المنطقة الواقعة بين بلدتي الشحيل والبصيرة شرقي دير الزور، دون ورود معلومات عن تسجيل خسائر بشرية. التوقيت تأتي تلك التطورات، غداة إعلان الجيش الأمريكي، مقتل عضو «بارز» في تنظيم «داعش» وابنيه، خلال عملية في محافظة حلب، شمال سوريا. وقالت القيادة الوسطى الأمريكية في الشرق الأوسط (سنتكوم) ، إن الغارة أسفرت عن «مقتل القيادي البارز في داعش الكبير ضياء زوبع مصلح الحرداني وابنيه عبد الله ضياء الحرداني وعبد الرحمن ضياء زوبع الحرداني». وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: «سنواصل ملاحقة إرهابيي داعش بلا هوادة أينما كانوا. إرهابيو داعش ليسوا بأمان في اماكن نومهم وعملهم، وحيث يختبئون. وإلى جانب شركائنا وحلفائنا، تلتزم القيادة المركزية الأمريكية بالقضاء نهائياً على إرهابيي داعش الذين يهددون المنطقة وحلفائنا ووطننا». تصاعد إرهاب داعش وأحصى المرصد السوري 134 عملية قامت بها خلايا «داعش» ضمن مناطق نفوذ قسد، منذ مطلع العام 2025، مشيرًا إلى أنها تمت عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات. ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر 52 قتيلاً، هم: 35 من قوات سوريا الديمقراطية والتشكيلات العسكرية العاملة معها، و 8 من تنظيم داعش و9 مدنيين. وتوزعت العمليات على النحو الآتي: 114 عملية في دير الزور أسفرت عن مقتل 22 من العسكريين و 3 عناصر من داعش ومقتل 9 مدنيين، بالإضافة إلى إصابة 27 آخرين. 12 عملية في الحسكة أسفرت عن مقتل 12 وهم: 4 من داعش، و7 من قوى الأمن الداخلي، وعنصر من قسد، وإصابة 2 آخرين. 8 عمليات في الرقة أسفرت عن مقتل 5 من العسكريين هم عنصر من قسد وعنصرمن الأسايش، و1 من داعش، وإصابة 8 آخرين بجروح. aXA6IDE4MS4yMTQuMTUuODAg جزيرة ام اند امز DK

لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟
لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟

اللقاء، الذي استمر 4 ساعات، هو الأول من نوعه منذ أكثر من 25 عامًا بين الجانبين السوري والإسرائيلي، ويأتي في توقيت بالغ الحساسية، أعقب سلسلة من الضربات الإسرائيلية التي طالت مواقع أمنية وعسكرية داخل دمشق ومحيطها. بحسب ما كشفه المدير العام لمجموعة الإعلام المستقلة، علي جمالو، في حديثه لبرنامج "ستوديو وان مع فضيلة" على سكاي نيوز عربية، فإن الإعلان عن اللقاء لم يصدر من أي جهة رسمية سورية، لا بالنفي ولا بالتأكيد، بل جاء من خلال تغريدة نشرها المبعوث الأميركي توم باراك ، أثارت موجة من التغطيات الإعلامية. التغريدة أشارت إلى لقاء تم مساء الخميس بين الطرفين السوري والإسرائيلي برعاية أميركية، وفتحت باب التكهنات واسعًا حول طبيعة التفاهمات التي جرى نقاشها. ورغم أن البيان الأميركي لم يشر إلى نتائج ملموسة، فإن تأكيد جميع الأطراف على "مواصلة الحوار وتهدئة الأوضاع" اعتبر، بحسب جمالو، إشارة إلى نية مبدئية للانخراط في مسار تفاوضي، ولو بحدوده الدنيا. أوضح جمالو أن الأزمات العالقة بين سوريا وإسرائيل لا يمكن تجاوزها في لقاء واحد، مشيرًا إلى أن "الملفات المتشابكة معقدة للغاية"، بدءًا من تمدد القوات الإسرائيلية خارج خط وقف إطلاق النار لعام 1974، مرورًا بالضربات الأخيرة على مواقع عسكرية وأمنية في السويداء ودمشق، وصولًا إلى استهداف مباشر لمبنى وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي قبل أيام فقط من اللقاء. وأضاف أن الولايات المتحدة تسعى منذ أشهر إلى "تبريد هذا الملف" عبر إطلاق ديناميكيات تفاوضية، مشيرًا إلى أن واشنطن تمارس ضغوطًا سياسية على الطرفين لخفض التصعيد. وهو ما أكدته تغريدة باراك، التي شددت على استمرار الجهود وعدم إغلاق باب الحوار. سياق سياسي معقد: من شيبردستاون إلى باريس لفهم دلالة هذا اللقاء، وضع جمالو الحدث في سياقه الزمني. فآخر لقاء رسمي رفيع مماثل جرى في مطلع العام 2000، في مدينة شيبردستاون بولاية فرجينيا الأميركية، وجمع حينها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ، برعاية أميركية. وقد حضر جمالو ذلك الاجتماع كعضو في الوفد الإعلامي المرافق، مشيرًا إلى أن المفاوضات حينها انهارت نتيجة تعقيدات داخلية وإقليمية. وعلى هامش زيارة الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع إلى باكو قبل نحو أسبوعين، بدأت اجتماعات تقنية غير معلنة بين شخصيات دبلوماسية وخبراء من الجانبين، يبدو أنها مهدت للقاء باريس، رغم أن الظروف على الأرض كانت تسير باتجاه تصعيد ميداني، لا تهدئة سياسية، خصوصًا بعد الأحداث الدامية في السويداء. إسرائيل والضغط: التهدئة مقابل "الابتزاز السياسي"؟ بحسب جمالو، فإن اللقاء لم يحمل عنوانًا سوى "الابتزاز السياسي"، على حد وصفه، معتبرًا أن إسرائيل تستثمر حالة الضعف العسكري والسياسي السوري لفرض شروط تفاوضية تصب في مصلحتها. وأضاف: "إسرائيل تريد أن تبتز الإدارة السورية التي لا تمتلك حاليًا القدرة العسكرية للرد، وهذه حقائق لا تحتاج إلى تجميل. أي محاولة للمواجهة تعني انتحارًا سياسيًا وعسكريًا." بهذا المعنى، يضع جمالو هذا اللقاء في خانة إدارة الصراع وليس حله، مشيرًا إلى أن غياب التكافؤ في موازين القوى، والانقسام السوري الداخلي، والتوترات الإقليمية، تجعل من الحديث عن "تطبيع محتمل" أمرًا بعيد المنال. لا يمكن فصل هذا اللقاء عن السياسة الأميركية الجديدة تجاه الملف السوري. فإدارة الرئيس دونالد ترامب – في ولايته الثانية – تعمل على إعادة هندسة المشهد الإقليمي، وتعتبر الجبهة السورية أحد المفاتيح المهمة لضمان استقرار الحدود الشمالية لإسرائيل من جهة، والحد من النفوذ الإيراني من جهة أخرى. ووفق ما صرّح به باراك، فإن الهدف الأول للقاء هو الحوار وتهدئة الوضع، فيما لمّح إلى احتمال عقد جولة ثانية من اللقاءات، مما يشير إلى رغبة واشنطن في استثمار هذا التواصل لتأسيس قناة تفاوضية مستمرة. هل هو لقاء سياسي أم أمني؟ رغم الطابع الرسمي للاجتماع، يعتقد محللون أن طبيعة الملفات المطروحة، مثل خفض التصعيد وضبط قواعد الاشتباك على الحدود، تحمل صبغة أمنية أكثر منها سياسية. وهو ما يدعم فرضية أن اللقاء كان أشبه بـ"غرفة تنسيق أمنية مؤقتة"، هدفت إلى منع انزلاق الأمور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة. السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه بعد هذا اللقاء هو: هل نحن أمام مسار سلام جديد، أم مجرد "هدنة دبلوماسية" سرعان ما تنتهي؟ المؤشرات الحالية لا تسمح بالكثير من التفاؤل. فالدولة السورية لا تزال غارقة في أزماتها الداخلية، وتواجه تحديات متعددة، من الجنوب إلى الشمال. وإسرائيل، من جهتها، تستثمر الوقت لمواصلة استراتيجيتها بضرب النفوذ الإيراني داخل العمق السوري، سواء في الجنوب أو في محيط دمشق. أما الولايات المتحدة، فهي تسعى إلى ضبط الإيقاع، وتفكيك العقد الإقليمية الواحدة تلو الأخرى، بدءًا من غزة، ومرورًا بلبنان، وليس انتهاءً بسوريا. بين الرمزية والخداع السياسي لقاء باريس ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل مؤشر على تحول تكتيكي في التعاطي مع الملف السوري-الإسرائيلي، تقوده واشنطن وتسعى من خلاله إلى خلق مساحات تفاهم، ولو مؤقتة، بين خصمين تاريخيين. لكن كما يشير علي جمالو، فإن "الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا من التغريدات الدبلوماسية"، وما يبدو كخطوة نحو التهدئة قد لا يكون سوى محطة جديدة في مسار طويل من الابتزاز السياسي والضغوط الإقليمية المتقاطعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store