
«الصفقة المقنّعة».. هل يعود احتلال غزة من بوابة الأمن ؟
تتحرك الدبلوماسية على وقع النار، وتبنى التفاهمات فوق ركام البيوت والأحياء، لكنّ أحداً لا يستطيع حتى اللحظة حسم طبيعة المرحلة القادمة: تسوية تنهي الحرب؟ أم تمهيد لوجود إسرائيلي مستدام داخل غزة تحت مسمى «الأمن»؟
في كواليس الصفقة
من واشنطن إلى الدوحة، مروراً بالقاهرة وتل أبيب، تُنسج خيوط اتفاق هشّ يفترض أن يُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار مقابل صفقة تبادل رهائن ومساعدات إنسانية وربما لاحقاً إعادة إعمار مشروطة.
لكن الحذر يعلو على التفاؤل، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية أن الخلاف لا يزال مستمراً حول التوقيت والمرحلية، خصوصاً في بند انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
فبينما تبدي إسرائيل «مرونة جزئية» وفق تسريبات دبلوماسية، تُصر على إبقاء ما تسميه «نطاقاً أمنياً» جنوب غزة في ما يشبه إعادة صياغة لمفهوم الاحتلال، ولكن بلغة جديدة: قوات منتشرة، مسيّرات دائمة وسيطرة استخباراتية على المعابر، وكل ذلك خارج التعريف التقليدي للاحتلال.
وفي هذا الإطار، أعلن البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيزور واشنطن في الـ7 من يوليو، بدعوة من الرئيس دونالد ترمب، لبحث «ترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار»، وسط حديث متزايد عن صفقة أسلحة ضخمة، وتفاهمات أمريكية – إسرائيلية تتجاوز حدود غزة إلى الإقليم الأوسع.
العقبة الأهم والرؤية المتناقضة
تكمن المعضلة في التناقض الجذري بين أهداف الطرفين: إسرائيل ترى أن انسحاباً كاملاً من دون «ضمانات ميدانية» يعني تكرار سيناريو 2005؛ أي الانسحاب دون نتائج سياسية حاسمة، مع بقاء حماس.
أما حماس، فتعتبر أن بقاء أي جندي إسرائيلي على الأرض، أو استمرار الحصار، يعني أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأن وقف إطلاق النار مجرد استراحة مقنّعة لاحتلال يتجدد بأدوات أكثر نعومة.
في هذا السياق، طرحت مصر وقطر تصوراً يقضي بانسحاب متدرج ومتزامن مع إطلاق الرهائن، وتشكيل لجنة أمنية عربية تشرف على الانتقال. لكن إسرائيل ترفض أي صيغة تتضمن «انسحاباً غير مشروط»، فيما تُبقي الإدارة الأمريكية على غموضها التكتيكي؛ دعماً لنتنياهو في الداخل وحرصاً على عدم انفراط التفاهم الإقليمي.
مواقف متباينة.. وسكوت دولي في المشهد الدولي، تبرز مفارقة لافتة: الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه «هدنة ممكنة»، لكنها لا تمارس ضغطاً حقيقياً على تل أبيب للانسحاب الكامل.
الأمم المتحدة تكتفي بالتحذير من «كارثة إنسانية»، من دون توصيف دقيق للوضع القانوني للوجود الإسرائيلي المرتقب.
الاتحاد الأوروبي منقسم، فيما تعتمد العواصم العربية مقاربة دبلوماسية حذرة، باستثناء المبادرات المصرية والقطرية التي حافظت على وتيرتها.
في غزة، يبدو المشهد أبعد من الدبلوماسية. فالقصف يتواصل في مناطق تعتبر آمنة، وسقوط المدنيين بات يومياً. في موازاة ذلك، تبني إسرائيل «ممراً عسكرياً» يفصل القطاع، وتفرض وقائع على الأرض، في ما يشبه وضع اليد على مناطق معينة، بحجة «تأمين ما بعد الحرب».
ماذا تريد إسرائيل؟
التحليلات الإسرائيلية نفسها منقسمة بين فريق يرى أن بقاء الجيش في غزة ضرورة مرحلية لضمان عدم عودة حماس إلى الحكم. وفريق آخر يحذر من «مستنقع سياسي وعسكري» يشبه ما واجهته إسرائيل في جنوب لبنان.
لكن ما يجمع عليه الطرفان هو أن إسرائيل لا تثق بأي صيغة تتيح لحماس استعادة نفوذها، حتى ضمن حكومة فلسطينية موحدة؛ ما يعني أن إعادة تأهيل غزة سياسياّ بعد الحرب ما زال رهن التفاهمات الدولية، وليس بقرار فلسطيني خالص.
نحو أي أفق؟
السؤال الجوهري اليوم لم يعد: متى ستنتهي الحرب؟ بل كيف ستنتهي؟ هل نكون أمام «نهاية مفتوحة»، تُبقي غزة بلا حكم واضح، ووسط وصاية أمنية غير معلنة؟ أم أن التسوية ستنجح في إرساء حد أدنى من التوازن بين الأمن الإسرائيلي والسيادة الفلسطينية؟.
وماذا لو رفضت حماس الصيغة الأخيرة من الاتفاق، وقرر نتنياهو الاستمرار في العمليات البرية؟ هل نحن أمام هدنة مؤقتة.. أم استنزاف طويل؟
بين الحديث عن «صفقة تاريخية» وواقع ميداني يكرّس نوعاً جديداً من السيطرة، يبقى الغموض هو الحاكم.
المشهد أمامنا ليس فقط اختباراً للنيات الإسرائيلية، بل أيضاً للقدرة الدولية على فرض تسوية عادلة.
فإن تمت الصفقة على قاعدة إنهاء العدوان وانسحاب حقيقي قد نكون أمام بداية مسار سياسي جديد.
أما إن كانت مجرد تغليف ناعم لإعادة الاحتلال، فستكون مقدمة لجولة عنف أخرى، بصيغة أكثر تعقيداً.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 27 دقائق
- الشرق الأوسط
إسرائيل: سنزود أوكرانيا بأنظمة مياه في المناطق المتضررة من القصف الروسي
أبلغ وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، السفير الأوكراني لدى إسرائيل يفهين كورنيتشوك، أن إسرائيل ستزود كييف بأنظمة مياه لتركيبها في شرق أوكرانيا. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، اليوم الجمعة، أنه سيتم إرسال هذه الأنظمة إلى المناطق الأوكرانية التي تضررت بنيتها التحتية بسبب القصف الروسي؛ مما تسبب في معاناة للسكان المحليين بسبب نقص المياه. وتشن روسيا هجمات عنيفة بالمسيرات والصواريخ على أوكرانيا؛ رداً على غارات شنتها كييف في أول شهر يونيو (حزيران) الماضي بمسيَّرات على مطارات داخل العمق الروسي، وأسفرت عن تدمير 40 طائرة عسكرية روسية، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وقال جهاز المخابرات الأوكراني إنه تم تدمير نحو 34 في المائة من القاذفات الروسية القادرة على إطلاق صواريخ «كروز». ووفقاً لتقديرات الجهاز، فإن قيمة القاذفات التي تم تدميرها أو إلحاق الضرر بها بلغت نحو 7 مليارات دولار.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
الجيش الإسرائيلي يؤكد أنه قتل عضو مهم في "فيلق القدس" بغارة على خلدة في جنوب بيروت
أكد الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة أنه قتل صلاح الحسيني وهو عضو مهم في فيلق القدس الإيراني بغارة على خلدة جنوب العاصمة اللبنانية بيروت أمس الخميس. وأكد الجيش الإسرائيلي أن "صلاح الحسيني" كان مسؤولاً عن تهريب الأسلحة من إيران عبر سوريا إلى لبنان والضفة الغربية. وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) قضيا على مخرب لبناني كان يروّج لتنفيذ مخططات إرهابية على الجبهة الشمالية بتوجيه من "فيلق القدس" الإيراني. وكتب على حسابه عبر منصة إكس: "هاجم الجيش الإسرائيلي أمس في لبنان بتوجيه استخباراتي دقيق وقضى على المدعو قاسم صلاح الحسيني، وهو مخرب لبناني الجنسية كان يعمل على الترويج لمخططات إرهابية ضد مواطني دولة إسرائيل وقوات الجيش على الجبهة الشمالية، وذلك بتكليف من "فيلق القدس" الإيراني." أضاف: "هذا وشكل الحسيني عنصرًا محوريًا في شبكة تهريب الوسائل القتالية من إيران عبر سوريا إلى مناطق عدة في الجبهة الشمالية ومناطق يهودا والسامرة، وكان على صلة بتجّار سوريين ولبنانيين. وقد عمل الحسيني بتوجيه من "فيلق القدس" وساهم في محاولات تهريب وسائل قتالية إلى داخل إسرائيل بهدف تنفيذ مخططات إرهابية". وتابع أدرعي: "تُعدّ تصفية الحسيني ضربة لقدرة التنظيمات الإرهابية المختلفة على الجبهة الشمالية ومناطق يهودا والسامرة على التعاظم، حيث تبتغي هذه التنظيمات استهداف مواطني إسرائيل وقوات الجيش الإسرائيلي." وأكد أدرعي أن الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) سيواصلان العمل على إحباط أي تهديد لأمن مواطني دولة إسرائيل، ودائمًا بحس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
حريق ضخم يندلع قرب قصر الشعب في دمشق.. والدفاع المدني: الوضع صعب والامتداد سريع
تداولت منصات التواصل الاجتماعي، مساء الخميس، مقاطع فيديو تُظهر حريقًا ضخمًا اندلع في المنطقة المحاذية لقصر الشعب الرئاسي في العاصمة السورية دمشق، وسط تصاعد ألسنة اللهب والدخان في مشهد أثار القلق بين السكان. وأفاد الدفاع المدني السوري بأن الحريق نشب في منطقة حراجية بين ضاحية الشام الجديدة (المعروفة بمشروع دمر) وقصر الشعب، مشيرًا إلى أن فرق الإطفاء تعمل على السيطرة عليه ومنع امتداده إلى المناطق المجاورة. وأوضح مدير الدفاع المدني بدمشق، حسن الحسان، أن "الوضع يُعتبر صعبًا، وامتداد الحريق يتسارع"، مؤكدًا أنه لم يُعرف بعد مصدر الحريق أو أسبابه. وبحسب ما أوردته سكاي نيوز عربية، فقد تزامن الحريق مع إقامة احتفالات ضخمة في محيط قصر الشعب بمناسبة الإعلان الرسمي عن الهوية البصرية الجديدة لسوريا، حيث تخلل الفعالية إطلاق كثيف للألعاب النارية بحضور جماهيري واسع، سواء في المكان أو في مناطق أخرى من البلاد. ولم تعلن السلطات حتى اللحظة عن تسجيل أي إصابات بشرية أو أضرار مادية خارج نطاق الغطاء النباتي. اشتعال حرائق مجهولة السبب في الأحراش المحاذية لقصر الشعب بـ #دمشق #تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا — تلفزيون سوريا (@syr_television) July 4, 2025