
"الصمت عار".. نداء نسائي موريتاني لإنقاذ غزة
نواكشوط – تحت شعار "مليونية نساء موريتانيا لوقف قتل نساء وأطفال غزة"، شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط ، مساء أمس السبت، مسيرة نسائية حاشدة تنديدا بجرائم الإبادة والتجويع التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة ، وسط صمت عربي ودولي متزايد.
وانطلقت المسيرة من ساحة الحرية، الواقعة قرب القصر الرئاسي ومبنى البرلمان، باتجاه مقر ممثلية الأمم المتحدة ، بدعوة من منظمات نسائية وهيئات مدنية وسياسية، وبدعم من مختلف أطياف المشهد السياسي، في مقدمتها حزب "الإنصاف" الحاكم، وحزب "تواصل" المعارض.
وقدرت أعداد المشاركات بعشرات الآلاف، ورددت خلالها الهتافات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، والمنددة بجرائم الاحتلال بحق المدنيين، خاصة النساء والأطفال. كما رفعن لافتات تندد باستمرار الحرب والحصار على غزة، في وقت تتصاعد فيه الغارات ويشتد الخناق على السكان والنازحين.
نداء استغاثة
وفي كلمتها خلال الفعالية، أطلقت فاطمة الميداح، رئيسة مجلس نساء "الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني"، نداء استغاثة عاجلا إلى الأمة العربية والإسلامية لإنقاذ غزة، معتبرة أن "الصمت عار، والتخاذل عن نصرة المظلومين خيانة".
وأضافت الميداح "لا كرامة لنا إن تركت غزة وحدها، فعدوها وعدونا واحد، وقد ظهر ذلك جليا بعد طوفان الأقصى حين اجتمع الأعداء لتمكين الاحتلال"، مؤكدة أن الشعارات الدولية لحماية المرأة والطفل "انكشفت زيفا وباتت بلا معنى"، في ظل المجازر المستمرة.
وفي مستهل كلمتها، حيت الميداح الأسيرات والمرابطات الفلسطينيات، مشيدة بصمود المرأة الغزية التي باتت، "رمزا للتضحية والكرامة والتمسك بالثوابت".
رسالة تضامن
تأتي هذه المسيرة ضمن سلسلة احتجاجات شعبية في موريتانيا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دأب الموريتانيون على تنظيم مسيرات أسبوعية انطلاقا من الجامع الكبير وصولا إلى مقر سفارة الولايات المتحدة أو بعثة الأمم المتحدة، تعبيرا عن التضامن مع غزة ورفضا للعدوان المستمر.
وأكدت خديجة المجتبى، رئيسة رابطة الصحفيين الموريتانيين من أجل الأقصى، في حديثها للجزيرة نت، أن المسيرة "تعد امتدادا طبيعيا للحراك الشعبي الواسع في موريتانيا نصرة لغزة، وللتنديد بجرائم الاحتلال، التي تجاوزت كل حدود الإنسانية".
وأضافت المجتبى "الوضع في غزة مأساوي ولا يحتمل، والعالم يقف عاجزا عن وقف هذه المجازر، وهو ما يستدعي ضغطا شعبيا مستمرا لكسر الحصار ووقف الحرب التي تفتك بالأطفال والنساء".
وتابعت أن المسيرة "تحمل رسالة تضامن قوية من المرأة الموريتانية لأخواتها في فلسطين ، ورسالة إلى العالم بأن غزة ليست وحدها". لكنها في الوقت ذاته، "تعبر عن ألم عميق من عجز العالمين العربي والدولي عن فك الحصار وإيصال الغذاء للمحاصرين، الذين يموت أطفالهم جوعا أمام أعين الجميع".
أما الشابة سكينة، البالغة من العمر 20 عاما، فقد أجلت سفرها للمشاركة في المسيرة، وقالت للجزيرة نت إنها جاءت للإعلان عن دعمiا الكامل للمقاومة، و"لرفض الإبادة التي تمارس ضد أهلنا في غزة، هذه معركة كرامة وقضية أمة بأكملها".
تضحيات نسائية
طوال الحرب على غزة، لعبت المرأة الموريتانية دورا بارزا في دعم القضية الفلسطينية، سواء بالمواقف أو التبرعات العينية والنقدية. ووفق خديجة المجتبى، "تبرعت كثيرات بحليهن، ومنهن من قدمن أراضي وسيارات، بل إن نساء من البوادي قدمن من أنعامهن دعما لغزة".
وفي السياق ذاته، أشادت النائب البرلمانية ورئيسة اللجنة المنظمة للمسيرة، ازعورة شيخا بيدية، بمشاركة "نساء شنقيط، أرض المنارة والرباط"، مشيرة إلى أن الحشد النسائي مساء السبت "يعبر عن تجذر القضية الفلسطينية في وجدان الشعب الموريتاني".
وأضافت في حديث للجزيرة نت "من خلال هذه المسيرة أوصلت نساء موريتانيا، من مختلف التوجهات السياسية والاهتمامات المهنية، رسالة رفض واضحة للجرائم الوحشية المرتكبة في غزة، وتأكيدا على الالتفاف حول خيار المقاومة كطريق لاسترداد الكرامة".
وأوضحت أن "مليونية نساء موريتانيا" تجسد صرخة غضب شعبية، ورسالة نسائية حاسمة في وجه الصمت الدولي، تعكس حجم التضامن الشعبي المتجذر في البلاد، وتؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت في قلب أولويات الشارع الموريتاني، نساء ورجالا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
لا وجود لـ"مهدي منتظر" في تونس
يتحرك المشهد السياسي في تونس اليوم، على وقع "مبادرات" سياسية تُطلق بين الفينة والأخرى، تتخذ لها عنوانًا جذّابًا، هو "توحيد القوى الوطنية، لاستعادة الديمقراطية"، التي أُقيمت جنازتها يوم 25 يوليو/تموز 2021، فيما يُعرف بـ"انقلاب" الرئيس قيس سعيّد على مسار الانتقال الديمقراطي، بمنظومته الحزبية والسياسية والبرلمانية والإعلامية والدستورية. بداية هذه المبادرات، انطلقت من "جبهة الخلاص الوطني"، التي دعت منذ الأيام الأولى لـ"انقلاب 25 يوليو/ تموز"، إلى ضرورة توحيد المعارضة على قاعدة "المشتركات الوطنية"، من أجل استئناف المسار الديمقراطي، واستعادة الحريات، واستكمال بناء "الدولة الوطنية الجديدة"، على قيم المواطنة والمصالح القومية، وإعادة هيكلة أركان الدولة، التي تضررت – في تقدير الجبهة – بمسار الاستبداد خلال عقود طويلة، وخاصة خلال السنوات الخمس الماضية، بما يعزز مناعتها، بالاستناد إلى المنظومة الديمقراطية، التي انبجست من رحم الثورة التونسية، ومخرجاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كانت مبادرة (الجبهة)، بمثابة صرخة في وادٍ سحيق، فالمكونات الحزبية والسياسية، كانت – في جلّها – قد شقّت طريقها في بحر الانقلاب سَرَبًا، ممنّية النفس بالحصول على جزء من "الكعكة" الجديدة، وقد شجعت الرئيس التونسي، في السرّ والعلن، على القيام بالانقلاب، ولاحقًا على تصفية أهمّ خصم لها، وهو (حركة النهضة)، والمكوّن الرئيسي لجبهة الخلاص الوطني، التي تتضمن قوى وشخصيات وفعاليات يسارية ومستقلة. لم تيأس الجبهة من هاجس توحيد القوى السياسية لمناهضة الانقلاب، وكرّرت دعوتها ثانية، فور انطلاق عمليات الاعتقال والمحاكمات السياسية، محذّرة من أنّ ما يجري، بمثابة تمشيط "للشجرة التي تغطي الغابة"، وأنّ بقيّة القوى معنية بعملية الإقصاء والاستهداف.. لكنّ الجواب كان سريعًا: "لا يمكن أن نجلس مع حركة النهضة، المسؤول الأول عن "العشرية السوداء"، كما يقولون..". وتم رفض المبادرة، في ضوء سيلان لعاب الحكم والغنيمة السياسية لدى هؤلاء الرافضين. مبادرات سياسية غير أنّ رياح الانقلاب، التي جاءت لكنس كل التجربة الديمقراطية، دون أيّ تمييز أو محاباة، وما تكشّف لاحقًا، من "إجهاز" السلطة على كل المكتسبات، ضمن حالة "تدمير شاملة"، لأسس الدولة الديمقراطية، والانتكاسة الكبرى في مجال الحريات والحقوق، والمحاكمات التي أظهرت وثائقها، خلوّها من اتهامات حقيقية للمعتقلين من كلّ الأطياف السياسية، كما تقول هيئة الدفاع عنهم، جعل كل ذلك الساحة السياسية، تتحرك من جديد، بعد أن أيقنت أطرافها، أنّ ما يجري، لا يمكن أن يكون "تصحيحًا"، أو "إعادة بناء"، أو "تحريرًا وطنيًا"، كما تقول "منظومة الانقلاب"، لذلك كان لا بدّ من ردّ الفعل، الذي سيأتي ضمن مبادرتين أساسيتين: الأولى، قادها "الحزب الدستوري الحرّ"، سليل حزب الرئيس الراحل المخلوع، بن علي، الذي أطلق "مبادرة سياسية جامعة للمؤمنين بالدولة المدنية"، كما عنْوَنها، ونظّم من أجلها، ندوة سياسية (5 مايو/ أيار المنقضي)، شاركت فيها شخصيات يسارية وقومية وأكاديمية، ولفيف من المثقفين، الذين كانوا جزءًا من الحكم قبل ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011، لمناقشة تفاصيل هذه المبادرة، والتوصل إلى "صيغة تجميعية"، للقوى السياسية المتماهية مع حزب عبير موسي، وخلفيتها وتاريخها، وسجلّ مواقفها خلال السنوات السبع الماضية، عندما بدأت عملية ترذيل الانتقال الديمقراطي، وشيطنة الأحزاب والبرلمان الذي أنتجته منظومة ما بعد الثورة التونسية، رغم أنها صعدت للمشهد السياسي والبرلماني بفعل هذه المنظومة وتشريعاتها. بالطبع، لم يصدر عن هذه الندوة، أيّ وثيقة أو بيان يعكس إجماع الحضور حولها، أو حتى اعتبارها نواة أساسية لمشروع تجميع جديد. بل إنّ عددًا من الشخصيات الأكاديمية والسياسية المعروفة، أكدت في تصريحات إعلامية لافتة، أنها حضرت لكي تستمع للمبادرة، وليست طرفًا فيها، أو داعمة لها، وهو ما أعلن عنه كلّ من وزير التعليم السابق، ناجي جلول، والدكتور في علم الاجتماع، المولدي القسومي، وأستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية، أمين محفوظ، أحد أعضاء اللجنة المصغرة التي كتبت الدستور البديل لنص 2014، قبل أن يُلقي به الرئيس قيس سعيّد، في سلة المهملات لاحقًا. أما المبادرة الثانية، فقد أعلنتها كل من "رابطة حقوق الإنسان"، و"منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، من خلال الدعوة إلى "مؤتمر وطني للحقوق والحريات من أجل دولة ديمقراطية".. وقد انعقد المؤتمر، بحضور أطياف أيديولوجية، هي النسخة المعدّلة، من تلك الأطراف التي رفضت مبادرة (جبهة الخلاص)، منذ الأيام الأولى للانقلاب. ورغم صدور بيان ختامي عن المؤتمر، فإنّ مخرجات المبادرة، لم تكن سوى إعادة إنتاج لمكونات سياسية يسارية، مدعومة من المنظمة النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل)، التي تخفّت خلف المبادرة، خشية إغضاب السلطة، الغاضبة منها أصلًا، نظرًا لأدوارها ومواقفها، وما يتردد عن ملفات الفساد فيها، تلك التي ترتبط بقيادات وفروع وشخوص نقابية معروفة، كما تروّج أطراف قريبة من السلطة. اللافت للنظر هنا، أنّ جزءًا من الذين شاركوا في هذا المؤتمر، لا يُخفون أنّ اتحاد الشغل، كان بمثابة "غرفة العمليات" لهذه المبادرة، فقد خرجت من أروقته، ووقع تدعيمها بكلّ ثقلِ الاتحاد، الذي بدا وكأنه "يتموضع" في المشهد القادم، بعد عملية التهرئة التي حصلت له من سلطة الرئيس قيس سعيّد، بشكل بات يخشى من أيّ تحرك، يمكن أن يفتح عليه باب القضاء على مصراعيه. والنتيجة العملية لهاتين المبادرتين، هي الفشل في تشكيل منتظم سياسي معارض للسلطة، وقادر ــ من ثمّ ــ على "إنتاج" بديل للحكم الراهن، بالوسائل القانونية والدستورية، وبالأساليب النضالية المعروفة في كلّ الديمقراطيات، العريقة منها والناشئة.. ولسائل أن يسأل في هذا السياق: لماذا فشلت جميع هذه المكونات في التوصل إلى صيغة تجميعية موحدة لمن يُفترض أنهم جميعًا، ضدّ منظومة الحكم الحالية؟ أربعة أسباب رئيسية يمكن اختزال هذه الأسباب في العناصر التالية: 1- أنّ أصحاب المبادرتين، ونعني هنا، "الحزب الدستوري الحرّ"، و"رابطة حقوق الإنسان"، ومن شاركهما الاجتماعات التي عُقدت، كانوا أول المصفقين لانقلاب 25 يوليو/ تموز 2021، بل شكّلوا في البداية، حزامه الداعم لكلّ مقولاته ومعجمه السياسي والقانوني، ولعبوا دورَ ما يشبه "الناطقين الرسميين" باسمه في الداخل والخارج. وبالتالي، لم يكن من الممكن الرهان على أطراف تقول الشيء ونقيضه، وتتلون بمواقف حدّية، لا ضابطَ ولا أفقَ سياسيًا ديمقراطيًا لها.. لقد صمت هؤلاء جميعًا على عملية تفتيت التجربة الديمقراطية التونسية الناشئة، فكيف يمكن أن يتحولوا بين عشية وضحاها إلى دعاة للديمقراطية والحريات؟!.. كما يعلّق مراقبون. 2- أنّ هؤلاء، كانوا "عود الكبريت" في عملية شيطنة الانتقال الديمقراطي، بل لعبوا أدوارًا خطيرة، في إفشال الأفق الثوري التونسي الجديد، وقد كتب الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي -الذي كان لاعبًا أساسيًا في تلك العشرية-، ليُشير بوضوح في كتابه: "تونس والفرص المهدورة"، الصادر قبل فترة، إلى أنّ المنظمة النقابية و"الطيف التقدمي" في البلاد، لعبا دورًا مهمًا في تعطيل "الترويكا الحاكمة (بين 2012 و2014)، ومنعها من تحقيق أيّ منجز اجتماعي واقتصادي، قائلًا في هذا السياق: "لقد عطّلنا أعمالهم ومساعيهم، وتحركنا في كلّ الاتجاهات، لمنعهم من تحقيق أيّ شيء"، كما جاء في نص الكتاب، وأعاده في تصريحات إذاعية عديدة. كان الاتحاد العام التونسي للشغل وقتها، حاضنة لكامل الطيف المعارض لما يُسمى "الإسلام السياسي"، ممثلًا في حركة النهضة، والعباسي كان الأمين العام للمنظمة، وهو الذي قاد سيناريو تغيير الحكومة سنة 2014، وإفشال التجربة برمتها، إلى حدّ أن البعض اعتبر "جائزة نوبل" التي حصل عليها الاتحاد العام التونسي للشغل مع منظمة رجال الأعمال ورابطة حقوق الإنسان، التي عُرفت بالثالوث "الراعي للحوار الوطني"، بمثابة الجزاء على توقيع نهاية الانتقال الديمقراطي، وبداية العودة التدريجية للمنظومة القديمة (ما قبل الثورة)، التي ستجد في الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، ثم قيس سعيّد، الترجمة العملية لاستئناف "حالة الاستبداد" التي عادت أدراجها منذ يوليو/ تموز 2021. فكيف يكون "طابور الخراب" بالأمس، كما يُسميه البعض، مهندس البناء اليوم؟ وكيف يتسنّى لمن عطّل الديمقراطية، أن يتحول إلى لاعب أساسي فيها، لا سيما أنه لم يُقدّم مراجعات عن "أفعاله" التي ارتكبها خلال الفترة الماضية؟ وهل يمكن استئناف الديمقراطية بأحزاب وشخصيات، "لا ديمقراطية"، كما يتساءل قسم واسع من السياسيين والإعلاميين والمثقفين اليوم؟ 3- إنّ هذا الطيف من الأحزاب والمنظمات والنقابات، التي ترفض تشريك بعض الأطراف السياسية في "مبادرات إنقاذ وطني"، لم تُصدر حتى الآن، أيّ مراجعة لمواقفها المتقلبة، ولأدوارها التي يصفها بعض النقاد بـ"المشبوهة"، ولم تُعلن عن أخطائها التي ارتكبتها في حقّ التجربة الديمقراطية. وبالتالي ليست ــ في تقدير كثيرين ــ مؤهلة لمطالبة غيرها بالمراجعات، حتى تنزل من أعلى الشجرة، وتُبرهن عن رغبتها في وحدة وطنية حقيقية، وليست مغشوشة. 4- إنّ أيّ محاولة إقصاء لأيّ طرف أو فصيل سياسي، في إطار مبادرات "الإنقاذ الوطني"، التي يتم التسويق لها، تُفقِد هذه المبادرات، وطنيتها، وتجعلها مجرّد "هرطقة" سياسية مخاتلة، ستزيد في صبّ الزيت على حالة الانقسام المجتمعي والسياسي السائدة حاليًا منذ أكثر من 5 سنوات، بصورة أضرّت بالتجربة التونسية، بل بالبلاد برمتها، وبمستقبل الأجيال القادمة. هكذا فشلت المبادرتان، وأكدتا أنّ كل مسعى يتخذ هذا المسلك الأعرج، سبيلًا للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، وتوحيد المعارضة على قاعدة الإقصاء، ستكون نتيجته ومآله إلى غياهب التاريخ. فتاريخ الشعوب لا تكتبه الأحقاد والتصفيات السياسية، وسجلات الماضي البغيض، كما تُبيّن تجارب عديدة قريبة من أفقنا الجيوسياسي، على غرار جنوب أفريقيا ورواندا، وإسبانيا ما بعد فرانكو، وغيرها من التجارب في أنحاء كثيرة من العالم. "فيتو" تونسي خاص المثير في هذا السياق، أنّ نظام الحكم الحالي، مستفيد من حالة التشظّي والتشرذم السياسي للمعارضة، ورغم أنّه لم يتدخل لصناعة "معارضة الموالاة"، كما فعل صنوه، الرئيس الراحل بن علي، وعمل على استبعاد هؤلاء الذين صفقوا طويلًا لانقلابه، فإنّ المعارضة، لم تخرج من "جلباب" الرؤية القديمة، التي تُقسم المشهد السياسي، بعقل طائفي، ومعجم الحروب الأهلية، وثقافة التخوين، واضعة شروطًا لا عقلانية ولا سياسية لكلّ عملية توحيد ممكنة، بما جعلها تُساهم في تثبيت أركان "الانقلاب"، الذي تتكثف أزماته الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، فضلًا عن المشكلات الهيكلية صلب فلسفة النظام الجديد، وبنيته القانونية والتشريعية. ومع اقتراب فصل الصيف، من المنتظر ــ وفقًا للتقاليد السياسية التونسية المتعارف عليها ــ تأجيل المعركة السياسية، و"موضة" المبادرات السياسية. لا وجود "لمهديٍّ منتظر" في المشهد التونسي، فترذيل الزعامات السياسية على امتداد الاثني عشر عامًا الماضية، آتى أكله اليوم، وفقدت أحزاب وشخصيات اعتبارية مصداقيتها لسبب أو لآخر، بما يجعل (مبادرات التوحيد)، ومساعي الحوار الوطني، الذي يقوم على الإقصاء والإبعاد والتصفية السياسية، كمن يجدّف في الصحراء. ويخشى ملاحظون كثر، أن يكون النظام التونسي، الذي كان سببًا في هذه الأزمة وتداعياتها، هو الملجأ للمعارضة، للخروج من المأزق السياسي، كما بدأ يدعو البعض إلى ذلك، بوضوح لا مشاحة فيه، وتلك لعمري، من مفارقات المشهد السياسي التونسي المعقّد، إذ كلما تنافرت المعارضة وتشرذمت، واستمرت في حساباتها الخاطئة، تقترب أكثر فأكثر من الحلّ الذي لا يستبعد الحكم، بصرف النظر عمّن يتزعمه. إنه "فيتو" تونسي خاص: لا حلّ للأزمة السياسية، واستئناف الديمقراطية، من خارج الدولة والفاعلين الرئيسيين العقلانيين فيها.. فهل للمعارضة رأي آخر؟!


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
عشرات الآلاف في مظاهرات عدة باليمن وموريتانيا والمغرب نصرة لغزة
خرجت مظاهرات عدة في اليمن وموريتانيا والمغرب، اليوم الجمعة، تضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ففي اليمن، تظاهر عشرات الآلاف في مئات الساحات بمحافظات تسيطر عليها جماعة الحوثي ، أبرزها العاصمة صنعاء، والحديدة (235 ساحة) وصعدة (36 ساحة)، بحسب ما نقلته قناة المسيرة التابعة للجماعة. وجاءت التظاهرات تحت شعار "مباركة بانتصار إيران.. وثباتا مع غزة حتى النصر"، استجابة لدعوة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وجدّد بيان صادر عن الفعالية "ثبات الموقف اليمني مع غزة وفلسطين، ومواصلة الدعم والمساندة، والدفاع معهم عن المقدسات، بكل ما نملك ونستطيع". وفي موريتانيا، شارك المئات في مسيرة بالعاصمة نواكشوط للمطالبة بوقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة. وانطلقت المسيرة بعد صلاة الجمعة من الجامع الكبير وحتى مقر ممثلية الأمم المتحدة في نواكشوط، وفق مراسل الأناضول. ودعت للمسيرة هيئات موريتانية بينها "الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني"، و"المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة"، وهي منظمات غير حكومية معنية بتنظيم فعاليات داعمة لفلسطين. وحمّل المتظاهرون الولايات المتحدة مسؤولية استمرار العدوان على غزة، مطالبين بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل. وقفات بالمغرب وفي المغرب، شارك الآلاف، اليوم، في وقفات تضامنية مع قطاع غزة طالبوا فيها بفك الحصار وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع الذي يعاني حرب الإبادة الإسرائيلية. وخلال الوقفات التضامنية التي نظمت عقب صلاة الجمعة بعدة مدن مغربية، طالب المشاركون بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. ومن بين المدن التي شهدت وقفات جرسيف وتازة (شرق)، والدار البيضاء (غرب)، وصفرو وأزرو وواد زم (شمال)، وتطوان وطنجة (شمال)، وتارودانت (وسط)، استجابة لدعوة الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية). يأتي ذلك بينما تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي بشكل محكم معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى. وخلّفت الإبادة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نحو 189 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
علماء الأمة يطلقون "ميثاق طوفان الأقصى" لتوحيد الموقف الشرعي تجاه جرائم الاحتلال
إسطنبول- أطلق علماء الأمة الإسلامية اليوم الجمعة، "ميثاق علماء الأمة في طوفان الأقصى وتداعياته" في تجمع علماء حاشد عقد في مدينة إسطنبول ، بمشاركة واسعة من كبار العلماء والدعاة من مختلف الدول الإسلامية، إلى جانب مؤسسات علماء من شتى البلدان. ويأتي الحدث ثمرةَ مشاورات موسعة استمرت أشهرا بين مؤسسات إسلامية وعلمية، في ظل استمرار المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023. وشهد المؤتمر حضور عدد من كبار العلماء والدعاة من فلسطين، ومصر، وسوريا، والعراق، وتركيا، والمغرب العربي، واليمن، والسعودية، والسودان، وشرق آسيا، وغيرها، حيث بلغ عدد الهيئات ورابطات العلماء الموقعة على الميثاق 37 هيئة، بينما تجاوز عدد العلماء والشيوخ الموقعين 350 عالما وشيخا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. واجب تجاه فلسطين حصلت الجزيرة نت على نسخة من الميثاق الذي اعتمد رسميا في المؤتمر، وهو وثيقة توجه رسالة للأمة ولعلمائها وحكامها بأن فلسطين، بكامل أراضيها ومقدساتها، هي جزء لا يتجزأ من هوية المسلمين، وأن الجهاد لتحريرها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى ، واجب شرعي لا يقبل التنازل. ويؤكد الميثاق أن فلسطين أرض إسلامية، وأن الكيان الصهيوني باطل شرعا وقانونا، ولا يمكن القبول بأي شكل من أشكال التطبيع معه. كما يشدد على أن المقاومة واجب على كل مسلم، وأن الجهاد ضد هذا الاحتلال، هو جهاد دفع لا يتطلب إذنا من الحاكم أو تكافؤا في القوى، بل هو فرض عين على الأمة الإسلامية. وتركز الوثيقة على ضرورة دعم المجاهدين في فلسطين في مختلف الجوانب: النفس، المال، والكلمة، باعتبارهم يمثلون طليعة الأمة في مواجهة الاحتلال. كما تدعو إلى مقاطعة جميع المنتجات والشركات التي تدعم الكيان الصهيوني، مؤكدا أن كل تعاون مع الاحتلال يعد خيانة لقضية فلسطين. ويتناول الميثاق تفصيلاً الواجبات التي تقع على عاتق العلماء والحكام وأفراد الأمة في هذه المعركة المصيرية. إذ يطالب العلماء بتوجيه الأمة نحو الجهاد والتوعية بأهمية دعم المجاهدين، في حين يحمل الحكام المسؤولية الأكبر في قطع العلاقات بالاحتلال الإسرائيلي وتوجيه كافة الإمكانات لصالح المقاومة. أما الأمة، فيشدد عليها بتربية الأجيال الجديدة على قيم الجهاد وحماية المقدسات الإسلامية، داعيا إلى التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في محنته. وختاما، يؤكد الميثاق، أن معركة طوفان الأقصى هي جزء من صراع مستمر ضد مشروع الاحتلال الصهيوني، وأن الأمة مطالبة بتكثيف تضحياتها في كافة المجالات، بما يتناسب مع التحديات التي فرضها هذا الاحتلال على أرض فلسطين والمقدسات الإسلامية. توحيد الخطاب أكد الدكتور عبد الحي يوسف، رئيس لجنة الميثاق، أن "ميثاق علماء الأمة بشأن طوفان الأقصى وتداعياته" يعكس الاستجابة الطبيعية لدور العلماء في بيان الحق وتوضيحه للأمة، لا سيما في مواجهة ما سماه حملة شرسة يقودها بعض الأشخاص الذين يتنكرون للدين، والذين حاولوا تزييف الحقائق وادعوا أن معركة "طوفان الأقصى" عمل غير مشروع وإرهاب. وأوضح يوسف في حديث للجزيرة نت، أن الميثاق يتكون من خمسة أبواب تبدأ بديباجة توضح المصطلحات التي قد تكون غامضة، مثل الصهيونية، والسردية الصهيونية، والأقصى، وفلسطين، وحدودها وجهاد الدفع والمقاومة، مع توفير تعريفات "جامعة مانعة" لهذه المفاهيم لضمان فهم دقيق من الجميع. وأشار إلى أن الميثاق يهدف إلى ضبط خطاب العلماء في مواجهة التطورات المختلفة. ولفت إلى أن التنسيق بين هيئة علماء فلسطين وبقية الهيئات الإسلامية من مختلف البلدان يتم لضمان أن يظل الخطاب موحدا ومتسقا في جميع القضايا المطروحة، بما فيها الإجابة عن الشبهات التي يروج لها بعضهم، مثل تلك التي تدعي أن تسليم سلاح المقاومة أو القبول بالتهجير هو حقن للدماء، مؤكدا أن هذه الكلمات قد تكون مغلوطة في سياق استخدامها لتحقيق أهداف مشبوهة. وتحدث رئيس لجنة الميثاق عن ضرورة تنسيق خطاب العلماء في الفتاوى في النوازل، مثل تلك التي ظهرت عقب الحرب الإيرانية الصهيونية، التي أدت إلى اضطراب في آراء الناس وتعارض في بعض المواقف. كما أشار إلى أن الميثاق يسعى لإنتاج خطاب علماء موحد يُوزع على المؤسسات العلمية لضمان أن يكون جميع العلماء في العالم الإسلامي على كلمة واحدة. رسائل الميثاق من جانبه، أكد الدكتور نواف التكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين، أن الميثاق ليس مجرد بيان عاطفي، بل هو تأصيل علمي شرعي يعكس استجابة دقيقة لما يجري في فلسطين، ويعبر عن موقف الأمة الإسلامية الموحد تجاه العدوان المستمر في غزة. وأضاف أن الميثاق يتناول بالتفصيل أحكام ما جرى ويجري، وما ينبغي أن يحدث وما يجب أن يمنع، ليكون بمثابة مرجعية علمية توضح المواقف الشرعية في هذه القضية الكبرى. وأشار التكروري في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا الميثاق صيغ بتعاون واسع بين أكثر من 35 مؤسسة علمائية و350 عالما من كبار العلماء، حيث يجمع بين تأصيل شرعي للمواقف المختلفة، بعيدا عن التوظيف السياسي والانحياز الإقليمي. وفي حديثه عن الرسائل التي يحملها الميثاق، أكد التكروري، أنه موجه أولا إلى العلماء الذين يجب أن يكونوا في مقدمة المدافعين عن الحق، مؤكدا أن العالم الذي لا ينتصر للمظلوم ويصمت عن الظالم يفرط بالأمانة. كما أشار إلى أن الميثاق يدعو الحكام إلى تحمل مسؤولياتهم الشرعية والسياسية، محذرا من أن التخاذل أمام الجرائم الصهيونية لا يمكن أن يكون مقبولا. كما وجه التكروري رسالة للمفكرين والإعلاميين، مؤكدا أن الدفاع عن غزة ليس خيارا عاطفيا، بل هو موقف حضاري يعيد تعريف العدل والحرية والكرامة. وعن المجاهدين في غزة، شدد التكروري على أن سلاحهم هو سلاح عزة الأمة وكرامتها. وقال إن هذا الميثاق يمثل "خطوة جديدة في العمل العلمي الجماعي"، داعيا جميع علماء الأمة ومؤسساتها للانضمام إلى هذا المسار وتوحيد الجهود لمواجهة مشروع الإبادة الذي يمارسه الاحتلال.