
حرب الأعصاب.. إسرائيل تهدد وإيران تحت ضغط الحسم
أفول "محور الشر".. أم إعادة التموضع؟
بعد أعوام من الترويج لمفهوم "محور الشر"، تشير إسرائيل إلى انهياره، مؤكدة أن الضربات الموجهة منذ 7 أكتوبر أنهكت أذرع إيران في المنطقة.
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن عهد الوكالة قد انتهى، عكست رؤية إسرائيلية مفادها أن حزب الله في لبنان، و الحوثيين في اليمن ، والفصائل العراقية، وحتى حماس في غزة ، أصبحوا خارج المعادلة الفعلية للمواجهة.
فعلياً، اكتفى الحوثيون بإطلاق رمزي للصواريخ، وتجمد حزب الله تحت وقع ضربات موجعة استهدفت قياداته وبنيته التحتية، بينما التزمت الفصائل العراقية الحذر، وبدت سوريا برئاسة أحمد الشرع خارجة من دائرة التأثير، فيما غرق قطاع غزة في محاولات لملمة بنيته الداخلية.
لكن بالرغم من هذه الصورة، لم تخرج إيران منهارة، بل مارست سياسة "امتصاص الصدمة"، مركّزة على حماية برنامجها النووي ومحاولة استعادة زمام المبادرة.
5 سيناريوهات محتملة.. من الانهيار إلى إعادة التموضع
في مقال تحليلي نُشر على موقع معهد الشرق الأوسط تحت عنوان "الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: سيناريوهات الأيام والسنوات المقبلة"، رسم الدكتور بول سالم خريطة لمسارات محتملة تحدد مستقبل المواجهة بين الطرفين.
هذه السيناريوهات تتوزع بين دبلوماسية تبدو شبه مستحيلة، وتصعيد كارثي، وصمود استراتيجي، وانتقام غير متكافئ، وأخيرا تغيير داخلي محتمل في طهران.
1. صفقة مستحيلة؟
السيناريو الأول يُبقي الباب مواربًا أمام تفاوض محدود. لكنه يتطلب من إيران تنازلات تمس جوهر النظام، كالتفكيك الكامل لبنية التخصيب ووقف البرنامج النووي، وتقليص الترسانة الصاروخية، وحلّ الجماعات الموالية لها.
شروط يعتبرها سالم، وتعززها تصريحات ترامب و نتنياهو ، "استسلاماً غير مشروطًا"، لا يبدو أن طهران مستعدة له، مما يجعل هذا المسار أقرب إلى الأمنيات منه إلى الواقع.
2. التصعيد الانتحاري
الخيار الثاني يتمثل في تصعيد مباشر ضد المصالح الأميركية، لكن بول سالم يعتبره "مقامرة عالية المخاطر" قد تؤدي إلى تدخل عسكري أميركي ودولي واسع، وربما حتى صيني، إذا ما مست مصالح الطاقة.
ورغم امتلاك إيران لقدرات على زعزعة الاستقرار، فإن تكلفة هذه المغامرة تفوق مكاسبها، وتبدو القيادة الإيرانية مدركة لذلك.
3. الصمود الاستراتيجي.. السيناريو المرجح
هذا هو السيناريو الذي يراه سالم "الأكثر احتمالا"، حيث تختار إيران البقاء في عين العاصفة، تمتص الضربات، وتعيد التموضع على غرار تجربة صدام حسين بعد 1991 أو الأسد بعد 2012.
يبقى هذا الخيار النظام قائما، لكنه ضعيف، مفتقد للردع، وغير قادر على بسط السيطرة التامة داخليًا أو التهديد خارجيًا.
تداعيات هذا السيناريو خطيرة داخليا، إذ قد يشهد تصدعات مناطقية في بلوشستان و خوزستان ، مدعومة بانتفاضات داخلية.
ويضيف سالم: "قد نشهد انهيارًا بطيئًا للنظام، لا تحوّلًا مفاجئًا"، لكن النظام سيملك وقتًا لإعادة التقييم والتكيف.
4. الانتقام غير المتكافئ
حتى في ظل التراجع، تمتلك طهران شبكات استخباراتية وعسكرية سرية يمكن تفعيلها عبر عمليات سيبرانية، اختراقات أمنية، أو هجمات بالوكالة ضد مصالح إسرائيلية أو أميركية. وهذا السيناريو لا يعيد لإيران هيمنتها، لكنه يجعلها عبئًا دائمًا على خصومها.
5. تحوّل داخلي.. لحظة غورباتشيف إيرانية؟
السيناريو الأخير هو انقلاب داخلي أو تحول داخل النخبة الحاكمة، ربما نتيجة تدهور الوضع الداخلي أو وفاة المرشد علي خامنئي. قد يفرز ذلك قيادة جديدة تنفتح على تسوية "تحويلية" مع الغرب. لا يعني ذلك "لحظة غورباتشيف" كاملة، لكن تغيير المسار الاستراتيجي يبقى خيارا مطروحا في ظل انسداد الأفق الحالي.
وفي حديثه لبرنامج " على الخريطة" على سكاي نيوز عربية، قال الدكتور بول سالم إن "السيناريو الأرجح هو استمرار الحرب، لكن بنار أقل اشتعالا".
وأشار إلى أن إيران لا تزال تحتفظ بأدوات الردع مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة وشبكة الميليشيات. لكنه شدد على أن "النظام الإيراني خسر جزءا كبيرًا من قدراته الردعية، وأصبح مكشوفًا جويًا أمام الطيران الإسرائيلي والأميركي".
كما أشار إلى أزمة داخلية حادة تعيشها إيران، تتجلى في احتجاجات شعبية متكررة وسخط واسع من السياسات الثقافية والاقتصادية.
وأضاف أن "الأولوية الكبرى للنظام الإيراني الآن هي البقاء"، معترفًا بأن "القرارات المصيرية ستُتخذ في الأشهر المقبلة، خاصةً بعد رحيل خامنئي"، ومرجحًا أن "التغيير قد يأتي من داخل النظام نفسه، عبر الحرس الثوري أو نخب سياسية جديدة".
من جهة أخرى، أشار سالم إلى أن الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تعيش تخبطا واضحا في صنع القرار، إذ "يتحكم ترامب بمفرده في السياسات الخارجية، متجاوزا وزارتي الدفاع والخارجية".
ورغم تفضيله المعلن للمفاوضات، "لا يستبعد استخدام الخيار العسكري مجددا"، خاصةً مع وجود ملفات أمنية حساسة تتعلق بمحاولات إيرانية لاستهدافه شخصيًا.
وفيما يخص دول الخليج، أوضح سالم أن "رغبة الخليج في التسوية السياسية واضحة"، لكنها مشروطة بتقليص الطموح النووي الإيراني وانفتاحها على اقتصاد المنطقة. ومع ذلك، يبقى العائق الحقيقي أمام التهدئة الشاملة – برأيه – في تعنت الحكومة الإسرائيلية الرافضة لأي حل عادل للقضية الفلسطينية، ما يعقّد الاندماج الإقليمي حتى لو تراجعت إيران.
دخل الصراع بين إسرائيل وإيران مرحلة جديدة لا تقل تعقيدا عن سابقاتها. فإذا كانت الجولة الأولى من المواجهة قد أضعفت إيران عسكريًا وقلّصت نفوذ وكلائها، فإن الجولة الثانية ستكون على جبهة التوازنات الاستراتيجية لا الميدانية فقط. فهل تصمد طهران حتى يغيّب الوقت ترامب ونتنياهو؟ أم تكون المواجهة الكبرى أقرب مما نتصور؟. في انتظار الحسم، تبقى المنطقة على صفيح ساخن، فيما الزمن – مرة أخرى – يبدو اللاعب الأذكى على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 3 ساعات
- صحيفة الخليج
«الهدنة» تواجه عراقيل إسرائيلية.. وغزة مقبرة للأطفال
تواصلت المفاوضات الجارية في الدوحة، أمس الجمعة، حول التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وإبرام صفقة تبادل للأسرى، فيما وصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى العاصمة القطرية، في مؤشر على قرب تحقيق تقدم، بينما تحدثت مصادر عن أن الخرائط التي قدمتها إسرائيل تشمل السيطرة على 40 في المئة من قطاع غزة، في وقت حذرت صحيفة «إيكونوميست» من أن نتنياهو يماطل في صفقة وقف إطلاق النار، بينما تواجه «حماس» تحديات قد تفقدها أوراقها الأخيرة، في حين أكدت مسؤولة أوروبية، أن الاتحاد الأوروبي يضغط على إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في غزة. ونقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم، إن وصول المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف للدوحة سيكون أضمن مؤشر على قرب تحقيق تقدم. وبحسب مصادر سياسية، أمس الجمعة، فإن خريطة إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي التي قدمها الوفد الإسرائيلي خلال مفاوضات الصفقة تترك مدينة رفح بأكملها تحت السيطرة الإسرائيلية. وأشارت المصادر أيضاً إلى أن الخريطة تمهيد لتنفيذ خطة التهجير، وستحول رفح إلى منطقة يتم فيها تركيز اللاجئين لترحيلهم إلى مصر أو عن طريق البحر وفقاً للمصادر. ووفقاً للمصادر، فإن الاقتراح الإسرائيلي لانسحاب الجيش الإسرائيلي يترك لإسرائيل 40% من أراضي قطاع غزة وسيمنع 700 ألف من سكان غزة من العودة إلى ديارهم، وبالتالي إرسالهم إلى مخيمات اللاجئين في رفح. ومن جانبها، قالت مجلة «إيكونوميست» البريطانية في تقرير حديث، إن جهود وقف إطلاق النار في غزة لا تزال متعثرة، مشيرة إلى أن نتنياهو يماطل في إتمام الصفقة. وذكرت المجلة أن حركة «حماس» تواجه تحديات سياسية وعسكرية متزايدة قد تفضي إلى خسارتها أبرز أوراق التفاوض. ووفق التقرير كانت الآمال مرتفعة في وقت سابق من هذا الأسبوع بشأن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة مؤقتة، خاصة مع وصول نتنياهو إلى واشنطن، بالتزامن مع انطلاق محادثات متقدمة في العاصمة القطرية الدوحة. إلا أن اجتماعين بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يسفرا عن أي تقدم ملموس على الرغم من تصريحات ترامب بأنه سيكون «حازماً للغاية» مع ضيفه في سبيل إنهاء الحرب. من جهة أخرى، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن التكتل يسعى إلى إيجاد سبل للضغط على إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في غزة، في الوقت الذي تدرس فيه الدول الأعضاء في الاتحاد اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل بسبب ما تعتبره انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان. في غضون ذلك، أعلن دبلوماسيون، أمس الجمعة، تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة الذي تنظمه فرنسا والمملكة العربية السعودية، بهدف العمل على تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين إلى 28-29 يوليو/تموز. وكان من المقرر عقد المؤتمر الشهر الماضي، لكنه أُجِّل بسبب حرب إسرائيل وإيران إلى ذلك، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحفي عقب مشاركته في فعاليات (آسيان) في كوالالمبور، إلى تزايد المخاطر التي تهدد احتمالات إقامة الدولة. (وكالات)


البيان
منذ 4 ساعات
- البيان
عون: حصر السلاح اتخذ ولا رجوع عنه
وأكد الرئيس عون أن القرار بحصرية السلاح قد اتخذ ولا رجوع عنه؛ لأنه أبرز العناوين للسيادة الوطنية، وتطبيقه سيراعي مصلحة الدولة والاستقرار الأمني فيها حفاظاً على السلم الأهلي من جهة. وعلى الوحدة الوطنية من جهة أخرى. واعتبر أن تجاوب الأفرقاء اللبنانيين وتعاونهم مع الدولة عامل ضروري لحماية البلاد وتحصينها ومواجهة ما يمكن أن يخطط لها من مؤامرات. ورأى الرئيس عون أن التغيير في الظروف التي تمر بها المنطقة يسهل إيجاد الحلول المناسبة للمسائل الدقيقة التي تواجه اللبنانيين ومنها مسألة السلاح، لافتاً إلى أن قرار الحرب والسلم هو من صلاحيات مجلس الوزراء الذي يرى أين هي مصلحة لبنان ويتصرف على هذا الأساس. وشدد السفراء على التزام الاتحاد الأوروبي الثابت بدعم لبنان، مشيرين إلى استمرار دعمهم للمسار الإصلاحي، لا سيما في الشقين الاقتصادي والمالي، بالإضافة إلى استقلالية القضاء.


صحيفة الخليج
منذ 5 ساعات
- صحيفة الخليج
واشنطن ليست مستعجلة بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا
قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك: «إن الحكومة المركزية السورية والأكراد (لا يزالون على خلاف بشأن خطط دمج) قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المؤسسة العسكرية السورية». وأشار براك في تصريحات أمس الجمعة إلى أن دمشق قامت بعمل رائع في تقديم خيارات لقوات «قسد» للنظر فيها وأضاف «لا أعتقد أن هناك تقدماً في المحادثات بين الحكومة السورية المركزية والأكراد». ولفت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت شريكاً هاماً في الحرب ضد تنظيم «داعش» وتابع «نريد التأكد من حصول قوات سوريا الديمقراطية على فرصة معتبرة للاندماج بالحكومة السورية». وذكر باراك أن واشنطن ليست في عجلة من أمرها بشأن سحب قواتها بشكل كامل من سوريا، مؤكداً أن الولايات المتحدة على ثقة كاملة في الحكومة السورية وجيشها الجديد. وفي أواخر مايو الماضي، أعلنت دمشق اتفاقاً مع الولايات المتحدة حول ضرورة التخلص الكامل من الأسلحة الكيميائية في سوريا ومناقشة آليات دمج قوات «قسد» في مؤسسات الدولة. على صعيد آخر، نقلت قناة «الإخبارية» السورية، أمس، عن مصدر في وزارة الإعلام قوله: إنه لا صحة لما يتم تداوله عن وجود نية لدى الحكومة السورية لاتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه لبنان. يأتي ذلك، على خلفية التوترات الأخيرة بين سوريا ولبنان المتعلقة بملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية والذي أصبح محور نقاش في الأوساط السياسية والإعلامية خلال الفترة الماضية وفي هذا الصدد، أكَّدت الحكومة السورية على أولوية ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وضرورة معالجته بأسرع وقت من خلال القنوات الرسمية بين البلدين وفق القناة السورية. وتصاعد الجدل حول المعتقلين السوريين حيث شهد لبنان في الأشهر الأخيرة، حملات أمنية وترحيلات بحق لاجئين سوريين، ما أثار قلقاً واسعاً لدى دمشق ومنظمات حقوق الإنسان وقد تم تداول أنباء عن وجود أعداد كبيرة من السوريين المعتقلين في السجون اللبنانية لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بالإقامة غير الشرعية أو التسلل عبر الحدود وبعضها الآخر بتهم جنائية. وانتشرت مؤخراً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل شائعات حول نية الحكومة السورية اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد لبنان، مثل إغلاق الحدود أو اتخاذ تدابير دبلوماسية واقتصادية رداً على أوضاع المعتقلين أو سياسات لبنان تجاه اللاجئين السوريين. في أثناء ذلك، أظهر تقرير للأمم المتحدة لم يتم نشره بعد بأن مراقبي العقوبات بالمنظمة لم يرصدوا أي «علاقات نشطة» هذا العام بين تنظيم القاعدة والهيئة التي تقود الحكومة الانتقالية السورية وهي نتيجة قد تعزز مساعي الولايات المتحدة المتوقعة لرفع عقوبات الأمم المتحدة عن سوريا. ومن المرجح أن يُنشر التقرير، الذي اطلعت عليه رويترز هذا الشهر. يأتي التقرير في وقت يتوقع فيه دبلوماسيون أن تسعى الولايات المتحدة لإلغاء عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على هيئة تحرير الشام وكذلك على الرئيس الشرع الذي يؤكد رغبته في بناء سوريا ديمقراطية لا تستثني أحداً. وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن «العديد من الأفراد على المستوى التنفيذي لديهم آراء أكثر تطرفاً من الشرع ومن وزير الداخلية أنس خطاب، اللذين يُنظر إليهما بشكل عام على أنهما يعطيان أولية للبراجماتية على الأيديولوجية».