logo
سوريو ليبيا... محاولات خروج متعثر من «سجن الغربة»

سوريو ليبيا... محاولات خروج متعثر من «سجن الغربة»

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام

قبل نحو سبعة أشهر، اتّجه 25 شاباً سورياً، بينهم قُصّر، ممن يقيمون في ليبيا، إلى سواحل أوروبا عبر رحلة هجرة غير نظامية، عاد منهم 4، وغرق الباقون في البحر المتوسط.
هذه الحادثة بقدر ما تركت أثراً سيئاً حينذاك في نفوس عديد من السوريين، فإنها سلّطت الضوء على وجود جالية كبيرة لجأت إلى ليبيا، هرب بعضها من نظام الرئيس السابق بشار الأسد، في حين أن البعض الآخر يعيش في ليبيا من قبل.
وبقدر تنوع الجالية السورية في ليبيا، من طبقة رجال الأعمال، إلى المقاتلين المرتزقة، والأسر المقيمة منذ عهد الرئيس السابق معمر القذافي، والعمال، والراغبين في الهجرة إلى أوروبا... بقدر تنوع المشاكل وسبل النجاة.
كثير من السوريين لا يعتبرون ليبيا وجهة نهائية لهم، بل محطة في طريقهم إلى أوروبا. ولم يكن خبر غرق 21 منهم في «المتوسط» أخيراً، والذي شغل المعنيين بملف الهجرة واللاجئين في البلاد، أولى الكوارث؛ فقد فُجعوا بأكثر من ذلك.
وتشير تقارير منظمات محلية ودولية معنية بالهجرة إلى وفاة عديد من الفارين منهم في البحر المتوسط، أو سقوطهم في قبضة حرس السواحل الليبي الذي أبقى عليهم في السجون.
كثير من السوريين تكيّفوا مع طبيعة الأوضاع في ليبيا، فاندمجوا في المجتمع، وتفاعلوا مع أهل البلد ونمط الحياة فيه، لكن ذلك لم يمنع من وجود «صعوبات وانتهاكات» يتعرض لها كثيرون، ولا سيما طبقة العمال، ومن انتهت صلاحية أوراقهم الثبوتية.
سوريون يحتفلون في ساحة الأمويين بدمشق بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا... 13 مايو (أ.ف.ب)
اليوم وفيما سوريون في مختلف بلدان اللجوء يستعدون للعودة إلى بلدهم وقد بات ذلك متاحاً لهم، لا يزال سوريو ليبيا عالقين في منتصف الطريق. لا هم قادرون على الاحتمال مدة أطول ولا هم قادرون على الرحيل. ويقول سوريون في ليبيا إنهم يواجهون مشاكل عدة من قِبَل الخارجين عن القانون، تصل إلى حجز جوازات السفر.
استمعت «الشرق الأوسط» إلى شكاوى سوريين عديدين مقيمين في ليبيا، وتتمثل مشاكلهم بشكل أساسي في البطالة، والتعرض للخطف، ودفع «فديات» للميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى ارتفاع الغرامات الواجب سدادها لمن يرغب في العودة إلى وطنه الآن وقد أصبح ذلك متاحاً.
يفرض القانون الليبي المعدل في 14 مارس (آذار) 2024، والمتعلّق بدخول وإقامة الأجانب في ليبيا، رسومَ مخالفة البقاء بعد انتهاء صلاحية التأشيرة أو انتهاء فترة الإقامة، بمقدار 500 دينار عن كل شهر؛ أي ما يعادل نحو 90 دولاراً.
ولا تتوفر في ليبيا إحصاءات رسمية بشأن أعداد الوافدين بالنظر إلى انقسام البلاد منذ عام 2014، لكن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين سبق أن أعلنت في عام 2020، أن هناك قرابة 14.500 لاجئ وطالب لجوء من سوريا في ليبيا.
مطالبات أهالي المعتقلين السوريين في ليبيا الإدارة السورية الجديدة بالتحرك للكشف عن مصير أبنائهم المحتجزين هناك والمساهمة في تسهيل إجراءات عودتهم (متداولة)
أحمد كمال الفاخوري الذي كان وصل إلى ليبيا قبل 10 أعوام، ويقيم في طرابلس، ويعمل في أحد المطاعم مثل عديد من مواطنيه، قال لـ«الشرق الأوسط»: «فرضوا علينا غرامات لا يتصورها العقل؛ تقارب 1500 دولار للفرد». واشتكى الفاخوري من أنه لا يجد قوت يومه أحياناً، لقلة العمل، مطالباً السلطة السورية الجديدة بالتواصل مع الجهات الليبية لحل أزمتهم.
الفاخوري انتقل من مدينة درنة في أعقاب السيول التي ضربتها في أغسطس (آب) 2023، إلى طرابلس، وقال إنه رأى الموت بأم العين، واضطر إلى مغادرة درنة لعدم وجود بيت يؤويه: «الآن نعيش في عناء، ونريد أن يصل صوتنا للعالم، ليعرف الجميع كيف يعيش السوريون في ليبيا. نريد المغادرة إلى بلادنا».
النسيج السوري في ليبيا يضم الآلاف من الأطباء، والمهندسين، والدارسين في الجامعات، فضلاً عن عمال ينتشرون في الأسواق بحثاً عن لقمة عيش لأسرهم.
ولم يصدر عن وزارتَي العمل بحكومتَي ليبيا أي تصريحات بخصوص فرض «ضريبة مغادرة» محددة على السوريين المقيمين بالبلاد، لكن شهادات من الجالية السورية تؤكد مطالبتهم بدفع رسوم مغادرة تُحسب بناءً على مدة إقامتهم.
سقوط نظام بشار الأسد شجّع كثيرين على التفكير في العودة إلى بلدهم و«الخروج من سجن الغربة»، كما يقولون، لكنهم اصطدموا بضرورة تسديد هذه الرسوم التي تمثل عبئاً مالياً كبيراً على الأفراد كما العائلات.
«الشرق الأوسط» سعت للحصول على إفادة من الوزارتين بخصوص شكاوى السوريين من انتهاء أوراقهم الثبوتية، ومطالبتهم بتسديد غرامات يرون أنها «تفوق قدراتهم المالية»، لكن من دون رد من جانبهما.
وناشد السوري زكريا سعدي السلطات في شرق ليبيا وغربها إلغاء «ضريبة المغادرة»، ليتسنى لمن يرغب من الجالية السورية في العودة أن يفعل ذلك.
سعدي تحدث عن المعاناة اليومية لأبناء بلده، وقال: «من غير المعقول في ظل الظروف القاسية التي نعيشها، أن يُطلب من كل سوري هذه المبالغ كضريبة خروج من بلد لجأ إليه هرباً من الحرب». ويرى سعدي أن «هذه الضريبة تُعتبر عائقاً كبيراً أمام أي محاولة للعودة إلى الوطن، وتُشكّل عبئاً يفوق طاقتنا في ظل تردّي أوضاعنا المالية».
وقال إن «غالبية السوريين في ليبيا هم من العائلات البسيطة التي لا تمتلك دخلاً ثابتاً، وبعضها مهدّد بالطرد أو الخطف أو الاستغلال؛ ما يجعل المغادرة خياراً مصيرياً»، متسائلاً: «كيف يُطلب من المُهجَّر أن يدفع ثمن خروجه وكأنه سائح أو مقيم ميسور؟!».
ووجّه سعدي رسالة إلى وزارة خارجية بلاده، لاتخاذ موقف رسمي بهذا الخصوص، ومطالبة الجانب الليبي بإعفاء السوريين من الرسوم، والعمل على تنظيم آلية عودتهم وتسهيلها، وحماية من لا يزال مضطراً للبقاء.
يتحدث عديد من السوريين في ليبيا عن تعرضهم لمشكلات كثيرة بسبب انتهاء الإقامات وجوازات السفر. ونقلت وسائل إعلام سورية أن مراقبة التعليم في مدينة مصراتة (غرب ليبيا) منعت 100 تلميذ سوري من الالتحاق بالمدارس الحكومية؛ نظراً لانتهاء جوازات سفر أولياء أمورهم.
مهندس وعمّال بناء سوريون في ورشة إعادة إعمار منازل في قرى دمرتها الحرب في محافظة إدلب (أ ف ب)
ولعدم وجود سفارة أو قنصلية أو تمثيل دبلوماسي سوري في ليبيا، لم يتمكن آلاف من الوافدين السوريين من تجديد جوازات سفرهم، وظلوا عالقين على أمل تدخل سياسي ينهي أزمتهم.
وتُقدّم ليبيا التعليم المجاني في المدارس الحكومية لأبناء المقيمين الأجانب، وهو ما عدّه الدكتور الليبي أيمن بن حليم «عبئاً مالياً كبيراً على بلاده»، وقال إنه «نظراً للعدد الكبير من العمالة الأجنبية في ليبيا، خاصة من دول الجوار؛ تُستهلك موارد التعليم العام والمجاني بشكل مفرط».
واستغرب طارق لملوم، الحقوقي الليبي والباحث في شؤون المهاجرين وطالبي اللجوء، مما أسماه «وجود شروط إقامات مكلفة وتعجيزية في ظل اشتراط جوازات سفر على أشخاص فرّوا من بلدان نزاع، والحكومة في غرب ليبيا لا تعترف بتمثيل دبلوماسي لبلدهم».
وفي منتصف مايو (أيار) 2025، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إنه أصدر توجيهات بفتح سفارة وقنصلية لدى ليبيا. كما تحدث عبر حسابه على منصة «إكس» عن أنه سيزور ليبيا لاستكمال الإجراءات والتنسيق المشترك لفتح السفارة والقنصلية؛ بغية تقديم خدمات للسوريين في ليبيا، وتعزيز العلاقات بين البلدين.
ويتحدث السوري حيان القدّاح عن أوضاع أبناء بلده في ليبيا، ويشير إلى أن «منهم من ينتظم في العمل، وهناك من ينام في الطرقات لعدم امتلاك أموال لسداد أجرة السكن»، لكنه يلفت إلى مأساة ارتهان جوازات سفر البعض ممن لا يقدرون على سداد تكاليف الفندق.
ويحكي القدّاح في إفادة لـ«الشرق الأوسط» عن تعرض عدد كبير ممن أسماهم بـ«العمالة الوافدة» التي هربت من الأوضاع الأمنية والجيش في عهد الأسد، ولجأت إلى ليبيا باعتبارها خط أمان سعياً للهجرة إلى إيطاليا، لكن في النهاية تقطّعت بهم السبل.
وساهم الانقسام السياسي الليبي، ووجود حكومتين متنازعتين على السلطة، في تعقيد أزمة السوريين؛ إذ لا تعترف حكومة غرب ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالإجراءات التي تجريها غريمتها في شرق البلاد بقيادة أسامة حمّاد، والمدعومة من «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.
قوات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس (رويترز)
وسهّلت خطوط طيران «أجنحة الشام» نقل السوريين بأعداد كبيرة خلال السنوات الماضية من دمشق إلى بنغازي، لكنهم كانوا دائماً يواجهون عقبة عدم اعتراف المدن الواقعة تحت سيطرة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة بختم الخروج الذي حصلوا عليه في بنينا.
ويضيف القدّاح أن كثيراً من الشباب السوريين في السجون بطرابلس وبنغازي «لا يستطيعون دفع أموال الفدية المطلوبة منهم، والتي تصل إلى 3 آلاف دولار أحياناً». ويضيف: «السجون الليبية مليئة بالسوريين بتهمة الهجرة غير المشروعة، من بينهم أطفال ونساء».
وتحدث الباحث الحقوقي لملوم عن العراقيل التي تواجه السوريين في ليبيا، ومن بينها عدم السماح لهم بالسفر من طرابلس إلى عمّان بسبب عدم وجود خطوط مباشرة، لكنهم أيضاً «يصطدمون بجدار الإجراءات التعجيزية، ومنها السؤال عن الإقامة، أو دفع رسوم مخالفة البقاء في ليبيا من دون إقامات».
وتساءل لملوم: «كيف يجددون جوازاتهم ويستخرجون إقاماتهم، وليس لبلدهم تمثيل قنصلي في بلدنا؟!»، وأضاف: «الأمر الأهم أن الأغلبية منهم مسجّلون لدى مفوضية اللاجئين؛ أي إن تسجيلهم كان داخل مكتب وسط العاصمة، والدولة سمحت بذلك».
وانتهى لملوم إلى أن «هذه الإجراءات فتحت باب الاستغلال؛ إذ تعرض الكثير من السوريين للاستغلال والاحتيال من قِبَل مكاتب وأشخاص قاموا بعمل إقامات لهم، تبيّن لاحقاً أنها مزورة».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تيتيه تؤكد التزام البعثة إخراج ليبيا من حالة «الجمود»
تيتيه تؤكد التزام البعثة إخراج ليبيا من حالة «الجمود»

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

تيتيه تؤكد التزام البعثة إخراج ليبيا من حالة «الجمود»

أكدت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، التزام الأمم المتحدة بـ«العمل إلى جانب الجميع للمساهمة في إخراج البلاد من حالة الجمود الراهنة نحو مستقبل أكثر سلماً واستقراراً وازدهاراً». وتيتيه التي تواجه للمرة الأولى منذ تسلّمها منصبها الأممي، حالة من الغضب في ليبيا بعد تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، تسعى للحصول على دعم شعبي ودولي لمخرجات اللجنة الاستشارية المعنية بالانتخابات العامة. واستغلت المبعوثة الأممية مناسبة العام الهجري الجديد، وتقدمت بالتهنئة للشعب الليبي، متمنية أن يحمل هذا العام فرصاً جديدة لتحقيق السلام الدائم، والوحدة، والاستقرار. وقالت: «هذه مناسبة لنجدد التأكيد على أننا سنظل ملتزمين بالعمل على كسر الجمود». وسعى ليبيون غاضبون إلى اقتحام مقر البعثة الأممية في جنزور غرب العاصمة طرابلس، بدعوى أن «الإحاطات التي يتقدم بها المبعوثون لا تُقدّم حلاً للأزمة السياسية»، ورأوا أن البعثة «ملزَمة بإيجاد حل أو ترحل عن البلاد». ودخل نواب برلمانيون على الخط موجهين اتهامات للبعثة بـ«الانحياز» و«إدارة الأزمة السياسية وليس حلها»، لكن مسؤول بالبعثة الأممية يرى أنها «تعمل على إيجاد توافق بين جميع الأطراف المختلفة دون إملاءات». في سياق مختلف، قالت بعثة الأمم المتحدة، (الجمعة)، إن لجنة قانونية «أرست الأسس لمشروع قانون خاص بالمفقودين في ليبيا». وضمّت اللجنة، بحسب الأمم المتحدة، خبراء من مؤسسات تشمل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، ووزارة العدل، والمجلس الأعلى للقضاء، والهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني. ونوهت البعثة إلى أن الاجتماع يهدف إلى تعزيز الدعم المقدّم لعائلات المفقودين من خلال تحديد التعديلات اللازمة لمواءمة القانون الليبي مع المعايير الدولية، مع زيادة التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات المشاركة في عمليات البحث والتعرّف. وانتهت إلى أنه «بناءً على نتائج المسح الشامل للإطار التشريعي الليبي الحالي الذي أنجزه خبراء مستقلون؛ سيشكل مشروع القانون المقترح أساساً للمناقشات وجهود المناصرة المستقبلية». لجنة ليبية تنتهي من وضع أسس مشروع قانون خاص بالمفقودين برعاية أممية (البعثة الأممية) في السياق ذاته، جدد الاتحاد الأوروبي، من خلال بعثته لدى ليبيا، التزامه بدعم تطلعات الشعب الليبي لإنهاء حالة عدم الاستقرار والانقسامات، مشيراً إلى أنه «يدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا؛ والمضي قدماً نحو مستقبل يسوده الوحدة والسلام والازدهار للجميع». وكان «المجلس الأوروبي» قد قرر، (الخميس)، تمديد ولاية بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود المتكاملة في ليبيا «يوبام – ليبيا» عامين إضافيين حتى 30 يونيو (حزيران) 2027. وقالت البعثة الأوروبية لدى ليبيا في بيان، إن بعثة المساعدة الأوروبية لإدارة الحدود في ليبيا «تساهم في تعزيز قدرة السلطات الليبية على إدارة حدود ليبيا، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود، بما فيها الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومكافحة الإرهاب». ولفتت إلى أنها تقدم أيضاً «المشورة الفنية، وتنفذ أنشطة لبناء القدرات التشغيلية والتقنية، وتنفذ مشاريع، مدعومة بتدريبات وورش عمل متخصصة». وانتهت إلى أن «ضمان الاحترام الكامل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز نهج يراعي الفوارق بين الجنسين يُعد من الجوانب الأساسية لعمل البعثة». وأُطلقت البعثة في إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة (CSDP) في مايو (أيار) 2013.

ما مصير الانتخابات المحلية الليبية المؤجلة في ظل تصاعد الانقسام؟
ما مصير الانتخابات المحلية الليبية المؤجلة في ظل تصاعد الانقسام؟

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

ما مصير الانتخابات المحلية الليبية المؤجلة في ظل تصاعد الانقسام؟

منذ إعلان المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا نتيجة المرحلة الأولى للاستحقاق المحلي في 24 نوفمبر (تشرين الأول) 2024، والليبيون ينتظرون مصير المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية المؤجلة. وأمام ازدياد التساؤلات عن مصير هذه الانتخابات، قال عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات أبو بكر مردة، إن الوضع في بعض أحياء العاصمة «غير طبيعي»، في إشارة إلى التوتر الأمني المستمر بطرابلس، لكنه أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا لا يعني استحالة إجراء الانتخابات البلدية». ويستند مردة في تقديره إلى القول إن «المفوضية نفذت المراحل الأولية للعملية الانتخابية في ظل بيئة متوترة، خاصة مرحلتي نشر القوائم الأولية للمترشحين والطعون، وكذلك نشر قوائم الناخبين، وقد تجاوزتها دون أي عوائق أمنية تذكر». رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح (المكتب الإعلامي للمفوضية) المفوضية بدورها تقول إنها بدأت في تنفيذ بعض الإجراءات المتعلقة بهذه الانتخابات، وتحدث رئيسها عماد السايح، في تصريح صحافي نهاية الأسبوع الماضي، عن أن منتصف شهر أغسطس (آب) المقبل هو سقف زمني لموعد الاقتراع، من دون تفاصيل إضافية. ويرجع رئيس المفوضية أسباب إطالة زمن مراحل الإعداد للانتخابات البلدية إلى «الظروف الأمنية التي مرت بها العاصمة». وعلى الرغم من بقاء الأجواء المتوترة نسبياً بالعاصمة، فإن المفوضية نشرت في منتصف يونيو (حزيران) الحالي القوائم النهائية لناخبي المرحلة الثانية، وقالت إنها بصدد توزيع بطاقات الناخبين، وهي مرحلة التعامل مع المواطن بشكل مباشر وتسلمها من مراكز التوزيع، ويقول مردة: «في هذه المرحلة سيتبين للمفوضية الأوضاع الأمنية في العاصمة». ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، بحسب قرار صادر عن المفوضية. ونظم ليبيون وقفة احتجاجية في حي أبو سليم بطرابلس، عبّروا فيها عن قلقهم من الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية، التي قالوا إنها «تمت في ظروف استثنائية وأمنية حالت دون مشاركة واسعة من المواطنين»، وأشاروا إلى أن «عدد الناخبين المسجلين لا يعكس الكثافة السكنية للبلدية، والترشيح كان محفوفاً بالمخاطر». ولم يستبعد عضو مجلس المفوضية تأجيل الانتخابات البلدية في طرابلس «حال وجود تهديد مؤكد وفق تقارير الجهات المختصة لتأمين العمليات الانتخابية»، وقال: «هناك جهات أمنية تراقب وترصد وتقدم تقارير إدارة المخاطر، التي تمدنا بها غرفة عمليات تأمين الانتخابات». وانتهى إلى القول إن «العملية الانتخابية مستمرة حتى الآن وفق إجراءاتها العادية». أمّا من وجهة نظر أمنية، فإن وزير الداخلية السابق عاشور شوايل، «لا يرى إمكانية للدفع نحو إجراء الانتخابات البلدية في ظل ظروف أمنية مضطربة»، مشيراً إلى أن «الاقتراع يحتاج إلى استقرار أمني وتوعية المواطنين بأهميتها وتوضيح حقوقهم وواجباتهم». ويعتقد شوايل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مضي المفوضية في مسار الانتخابات «يأتي من منطلق أن ذلك من الواجبات المكلفة بها وباعتبارها ضرورة للانطلاق إلى ممارسة الديمقراطية التي يفتقدها الشعب الليبي للوصول إلى دولته المنشودة». عنصر أمني في دورية بأحد شوارع العاصمة طرابلس (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة) وسجل نحو 79 ألف ناخب في كشوف الانتخابات في 13 بلدية بالعاصمة طرابلس، وتشمل: قصر الأخيار، والقره بوللي، وسوق الجمعة، وعين زارة، وأبو سليم، وطرابلس المركز، وحي الأندلس، وجنزور، والصياد والحشان، والعزيزية، وسواني بني آدم، والماية، والمعمورة، والزهراء. ووسط الحديث عن التحديات الأمنية في طرابلس، يحرص المجتمع الدولي على إبداء الدعم لانعقاد الانتخابات البلدية. وكانت بريطانيا قد أبدت استعدادها لتقديم دعم فني واستشاري للمفوضية، ضمن لقاء السفير البريطاني مارتن لونغدن مع السايح في طرابلس، الأسبوع الماضي. هذا التضارب بين الوضع الأمني في طرابلس والحماس الدولي للمضي في الانتخابات البلدية لا يلقى ارتياحاً من جانب محللين ليبيين، ومن بينهم أستاذ العلوم السياسية في جامعة طرابلس الدكتور أحمد الأطرش. وعدّ الأطرش هذه اللقاءات لسفراء غربيين مع المفوضية ضمن «محاذير ومخاطر» تكمن في التدخل الذي وصفه بأنه «غير شرعي» لدول غربية في الشأن الداخلي، ما قد يسهم في «تأجيج أزمة المناطقية والجهوية». وتعاني ليبيا من انقسام حاد، وتمسّك أطراف سياسية عديدة في غرب ليبيا وشرقها بضرورة إقالة حكومة «الوحدة» المؤقتة، ورئاسة عبد الحميد الدبيبة. والحديث عن عقد انتخابات محلية في هذا التوقيت «لن يحظى بتفاعل مجتمعي في ظل الرفض الشعبي لدى أطياف عديدة للتعامل مع هذه الحكومة»، وفق سياسيين ليبيين.

تركيا ترفض موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الحدود البحرية مع ليبيا
تركيا ترفض موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الحدود البحرية مع ليبيا

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

تركيا ترفض موقف الاتحاد الأوروبي من اتفاق الحدود البحرية مع ليبيا

رفضت تركيا موقف الاتحاد الأوروبي من مذكرة التفاهم بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في البحر المتوسط، الموقعة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة عام 2019. وأكدت تركيا أن المذكرة الموقعة بين الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة الوفاق الليبية السابقة فائز السراج، في إسطنبول 27 نوفمبر «تشرين الثاني» عام 2019، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط، تتوافق تماماً مع القانون الدولي، وتبيّن أن أنقرة لن تسمح أبداً بانتهاك حقوقها ومصالحها المشروعة. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشالي، في بيان علّق فيه على ما جاء في البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي التي عُقدت في بروكسل، الخميس، إن النتائج التي اعتُمدت في القمة تُظهر أن اليونان و«إدارة جنوب قبرص اليونانية» «جمهورية قبرص» تواصلان مساعيهما لفرض مطالبهما المتطرفة، المخالفة للقانون الدولي ومبدأ العدالة، على الاتحاد الأوروبي. ووصف كيتشالي موقف الاتحاد الأوروبي بأنه «متحيز وذو دوافع سياسية»، فيما يتعلق بقضية حساسة ذات أبعاد قانونية وفنية، مثل ترسيم الحدود البحرية، عاداً ذلك «لا يخدم السلام والاستقرار الإقليميين». وجاء في البيان أنه «ينبغي على الاتحاد الأوروبي دعوة جميع أعضائه إلى الالتزام بالقانون الدولي، بدلاً من تبني ادعاءات لا أساس لها من الصحة القانونية»، مشدداً على أن تركيا ستواصل الدفاع بحزم عن حقوقها ومصالحها المشروعة في شرق البحر الأبيض المتوسط في إطار القانون الدولي. رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس خلال مشاركته في القمة الأوروبية (أ.ف.ب) وأدى توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط التركية، والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية، بشأن الأبحاث الزلزالية، إلى حشد جهود اليونان. واتبعت اليونان، التي تسعى عادةً إلى دعم الاتحاد الأوروبي في القضايا المتعلقة بتركيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، النهج نفسه في هذه الاتفاقية. وطرح رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، القضية على قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بعد أن أعطى أولى الإشارات إلى طرح القضية على قمة الاتحاد خلال قمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» في لاهاي يوم الأربعاء. ووصف ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقب قمة الناتو، مذكرة التفاهم البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية بأنها «غير مقبولة وغير قانونية ولا أساس لها من الصحّة، وليس لها أي أثر قانوني». وقال: «كما ذكرنا في ديسمبر (كانون الأول) 2019، ستطالب اليونان بإدراج حقيقة أن هذه الوثيقة غير قانونية، وغير معترف بها من قبل الاتحاد الأوروبي، ومن ثمّ لن تُحدث أي أثر قانوني، في البيان الختامي مرة أخرى». وأضاف: «أرى أنه من المهم أن يُكرر هذا بطريقة يمكن لليبيا فهمها بوضوح ودقّة في هذه المرحلة». إردوغان وقع مع السراج مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية أواخر عام 2019 (الرئاسة التركية) وفي البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي في 12 ديسمبر 2019، الذي أشار إليه ميتسوتاكيس، استُخدمت عبارات: «إن مذكرة التفاهم التركية الليبية بشأن تحديد مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تتوافق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية على الدول الثالثة». وبالنسبة لتركيا، تهدف الوثيقة، التي أقرها برلمانها في 5 ديسمبر 2019، إلى حماية حقوق تركيا وليبيا الناشئة عن القانون الدولي، وترى أنها رد قوي على المبادرات السياسية والاقتصادية التي تسعى إلى عزلها وحصارها في شرق البحر المتوسط. وتجادل تركيا بأن المذكرة أوضحت الحدود الغربية لولايتها البحرية في شرق البحر المتوسط، وأنها لن تسمح بأي أمر واقع في المنطقة. وبموجب المذكرة، أنشأت تركيا خطاً بطول 18.6 ميل بحري جنوب غربي حدود جرفها القاري، الذي أخطرت به الأمم المتحدة أيضاً في شرق البحر المتوسط. وحددت مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019 المناطق الاقتصادية الخالصة لتركيا وليبيا في شرق البحر المتوسط، وأثارت اعتراضات من دول في المنطقة، ولا سيما اليونان. تركيا وقعت مع حكومة الدبيبة للنفط والغاز الطبيعي عام 2022 (الخارجية التركية) وفي 3 أكتوبر «تشرين الأول» عام 2022، وسّع الجانبان نطاق المذكرة الأولى بمذكرة تفاهم جديدة تمنح تركيا حقوق التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المياه الإقليمية وداخل أراضي ليبيا. ونددت اليونان بالمذكرتين وعدّتهما باطلتين، ورفض مجلس النواب في شرق ليبيا الاعتراف بهما أو المصادقة عليهما حتى الآن. وأفادت تقارير إعلامية خلال الأيام الأخيرة، بأن مجلس النواب الليبي قرر تشكيل لجنة فنية لإعادة النظر في مذكرة التفاهم الموقعة عام 2019، وأن ذلك جاء بعد تحسن العلاقات مؤخراً بين أنقرة وشرق ليبيا وزيارات أبناء خليفة حفتر لتركيا ولقائهم مع عدد من مسؤوليها، فضلاً عن انتهاء الخلافات بين مصر وتركيا التي شكلت عقبة أمام النظر في المذكرة أو المصادقة عليها. وغداة قمة الاتحاد الأوروبي، بحث وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، مع وزير النفط والغاز الليبي خليفة رجب عبد الصادق، إمكانات التعاون بين البلدين في مجال الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي). Libya Petrol ve Gaz Bakanı Sayın Khalifa Abdulsadek ve Ermenistan Bölgesel Yönetim ve Altyapı Bakanı Sayın Davit Khudatyan ile gerçekleştirdiğimiz ikili görüşmelerde, enerji alanında potansiyel iş birliklerini ele aldık.Ülkemizin enerji arz güvenliğini güçlendirme ve bölgesel... — Alparslan Bayraktar (@aBayraktar1) June 27, 2025 وقال بيرقدار، على حسابه في منصة «إكس»، إن لقاءه الوزير الليبي في إسطنبول، الجمعة، تم خلاله تقييم فرص التعاون في مجال الهيدروكربونات، وبخاصة في مجال استكشاف النفط والغاز الطبيعي. وأضاف: «أكدنا أننا قادرون على الاستفادة من خبرة بلدينا في هذا المجال من خلال التعاون الملموس الذي يعود بالنفع المتبادل على الجانبين».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store