
إسرائيل تستعد لمواجهة في سوريا وتنقل فرقتين من الجيش للحدود
فبينما ترفع تل أبيب شعار "حماية الدروز"، يرى مراقبون أن الحقيقة تتجاوز هذه الذريعة إلى محاولات استباقية لفرض توازنات جديدة في معادلة ما بعد الحرب، خاصة في ظل معطيات تكشف عن تفاهمات غير معلنة مع النظام السوري، بوساطة أميركية، لإخراج إيران من المعادلة السورية.
وسط هذا التداخل المعقد، تتحوّل السويداء من ساحة احتجاج داخلي إلى نقطة تماس إقليمي، يختلط فيها المحلي بالاستراتيجي، والإنساني بالجيوسياسي. فهل نحن أمام لحظة عابرة من التصعيد، أم بداية لتكريس مشروع إسرائيلي طويل الأمد على الأراضي السورية؟
حشود إسرائيلية على جبهة الجولان.. استعداد لمواجهة محدودة أم لحرب مفتوحة؟
أفاد محرر الشؤون الإسرائيلية نضال كناعنة خلال حديثه إلى برنامج" ستوديو وان مع فضيلة" على سكاي نيوز عربية أن إسرائيل بدأت نقل فرقتين عسكريتين من قطاع غزة إلى الحدود السورية، في خطوة تعكس – بحسب المصادر العسكرية – حجم التهديد الذي تستشعره تل أبيب من الجنوب السوري.
هذه التعبئة التي تشمل وحدات النخبة، مثل لواء المظليين، توحي بأن إسرائيل تستعد لعمل عسكري يمتد لأيام، لكنه قد يتطور بحسب الموقف الميداني وردود النظام السوري.
"الوضع في محافظة السويداء، كما يراه الجيش الإسرائيلي ، يتطلب جهوزية عالية واستعداداً لتصعيد متدحرج"، بحسب كناعنة.
السويداء تحت المجهر الإسرائيلي.. "الدروز" هدفٌ معلن أم ذريعة للنفاذ الجيوسياسي؟
السويداء، التي تقطنها غالبية درزية، باتت محط تركيز إسرائيلي مفاجئ، وسط تقارير تتحدث عن انتشار نحو 200 عنصر تابع للنظام السوري داخل المدينة، الأمر الذي ترى فيه إسرائيل "محاولة لفرض السيطرة بالقوة". لكن الجيش الإسرائيلي، كما يقول كناعنة، يواجه تحديات ميدانية بسبب عدم القدرة على التمييز بين المقاتلين والمدنيين، ما يصعّب تنفيذ ضربات دقيقة.
مع ذلك، فإن الرسائل الإسرائيلية واضحة، وهي أن "أي تصعيد ميداني للنظام في السويداء سيقابل بضربات على مراكز القرار في دمشق".
لكن هل يمثل هذا التبرير المعلن كل الحقيقة؟
إسرائيل تستثمر في الفوضى.. لتوسيع مشروعها"
من دمشق، يقدّم الباحث في العلاقات الدولية محمد العمري قراءة مغايرة تماماً للتصعيد الإسرائيلي. فهو يعتبر أن الذريعة الدرزية ليست سوى ستار لمخطط إسرائيلي أوسع يرمي إلى خلق منطقة نفوذ تمتد من السويداء إلى البادية السورية.
واشار العمري، خلال مداخلته الى الخطة إسرائيلية والمشروع الجديد التذي ترمي الى تحقيقه تهدف إلى:
إخراج الجبهة الشمالية من معادلة الردع.
فرض وقائع على الأرض على أي حكومة سورية مستقبلية.
إبقاء يد إسرائيل مفتوحة للتدخل متى شاءت في الجغرافيا السورية.
تحدث العمري صراحة عن أن استهداف مؤسسات الدولة السورية – وليس فقط القوات النظامية – يكشف نية مبيتة لتفكيك بنية الدولة، لا مجرد حماية أقلية.
دمشق – تل أبيب: مفاوضات سرية و"تفاهمات استراتيجية" بوساطة أميركية؟
كشف كناعنة خلال مداخلته عن وجود مفاوضات غير معلنة بين النظام السوري وإسرائيل، تمت عبر وسطاء في أذربيجان.
ورغم أن النظام السوري لم يعلن رسميًا عن لقاءات، إلا أن مصادر إسرائيلية تؤكد حصول اجتماعات مع مسؤولين سوريين، كان الهدف منها التفاهم على ملفات الجنوب السوري، ومنع الوجود الإيراني، ووقف تهريب السلاح إلى حزب الله.
لكن إسرائيل، وفق الرواية الإسرائيلية، تشعر بـ"غدر تفاوضي"، إذ ترى أن النظام السوري يحاول استغلال الحوار لتنفيذ وقائع ميدانية تتناقض مع ما يُناقش على طاولة المفاوضات.
"إسرائيل لا تستهدف إسقاط النظام، بل تدفعه للعودة إلى طاولة التفاهمات"، بحسب كناعنة.
الضربات في دمشق.. رسائل مباشرة لرأس النظام
يعكس التحول اللافت في الاستهداف الإسرائيلي من المواقع الإيرانية إلى المؤسسات الرسمية في دمشق تصعيدًا نوعيًا.
تسعى تل أبيب، وفق التقرير، إلى إيصال رسالة مباشرة إلى رأس النظام السوري بأن ما يحدث في السويداء "غير مقبول"، وأن استمرار هذه السياسة قد يعرّض النظام إلى استهدافات واسعة.
وتحذّر إسرائيل من أنها قادرة – كما فعلت في العمق الإيراني – على شن غارات مؤثرة دون الحاجة للتوغل أو التمركز البري، مستفيدة من قرب دمشق من الأجواء الإسرائيلية.
التفاهم الأميركي – الإسرائيلي.. دعم مشروط أم ضوء أخضر غير معلن؟
يرى نضال كناعنة أن هناك "تفاهمًا" وليس "تفويضًا" من واشنطن للتحرك الإسرائيلي في سوريا.
فرغم دعم إدارة الرئيس ترامب للنظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، إلا أن إسرائيل تحاول إقناع واشنطن بأن الحسم في الجنوب لا يجب أن يتم على حساب الأرواح المدنية، أو بتصفية جماعية لأي مكون محلي مثل الدروز.
"الولايات المتحدة تدعم سيطرة النظام السوري على كامل الأراضي، لكن بشروط"، يقول كناعنة.
وإسرائيل بدورها تعتبر أن هذا الدعم الأميركي لا يتعارض مع ضربات تكتيكية تهدف لتعديل السلوك لا إسقاط النظام، بل على العكس، قد تساهم في تحسين شروط التفاوض.
أزمة الشرعية والرفض الدرزي في الجولان
يذكّر العمري في الاثناء بأن الطائفة الدرزية في الجولان المحتل رفضت الهوية الإسرائيلية منذ عام 1981، ويعتبر أن "التذرع بحمايتهم الآن لا يُقنع أحدًا".
ويضيف أن حتى الأصوات الدرزية داخل إسرائيل محدودة التأثير ولا تمثّل ورقة انتخابية رابحة لنتنياهو، ما ينزع المصداقية عن ذريعة "الحماية".
"ما تقوم به إسرائيل الآن هو محاولة استباقية لفرض أمر واقع سياسي وجغرافي في سوريا، تحسبًا لأي تسوية دولية مقبلة"، بحسب العمري.
إسرائيل تكتب فصلاً جديداً في الصراع السوري.. تحت غطاء "الحماية"
ما تشهده سوريا اليوم هو فصلٌ جديد من التداخل الإقليمي، حيث تتحول قضايا داخلية مثل السيطرة على السويداء إلى ملفات تفاوض عابر للحدود.
إسرائيل لا تخوض حرباً شاملة، لكنها ترسم حدود نفوذها بنيران موضعية ورسائل صاروخية.
ومع نظام سوري يسعى لتثبيت شرعيته، وإدارة أميركية تُوازن بين دعم الاستقرار والانصياع لحلفائها، تبدو المنطقة مقبلة على تفاهمات بالنار.
أما السكان في الجنوب السوري، خصوصًا في السويداء، فهم من يدفعون ثمن هذه المعادلات المعقدة، في ظل غياب حلول وطنية حقيقية، واشتباك المصالح الخارجية فوق رؤوسهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 15 دقائق
- صحيفة الخليج
ميرتس لنتنياهو: الوضع في غزة لم يعد مقبولاً ونرفض ضم الضفة الغربية
برلين - أ ف ب أجرى المستشار الألماني فريدريش ميرتس مكالمة هاتفية الجمعة، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعرب خلالها عن «أمله بالتوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار» في قطاع غزة، وفق ما أفاد مكتبه. وأورد بيان أن فريدريش ميرتس «شدد على ضرورة إيصال المساعدة الإنسانية الطارئة إلى سكان قطاع غزة في شكل آمن ووسط ظروف لائقة»، مع تأكيده ضرورة «نزع سلاح» حماس. وأفاد المصدر عينه بأن «المستشار أعرب عن الأمل في التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في غزة». وشدّد على «ضرورة الإفراج فوراً عن الرهائن المتبقّين، بمن فيهم حاملو الجنسية الألمانية». وطالب ميرتس، بحسب البيان، بـ«التوصل إلى نظام قابل للتطبيق لما بعد الحرب في غزة، يراعي مقتضيات إسرائيل الأمنية، وحقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على السواء». وشدّد على ضرورة «الإحجام عن أيّ خطوات لضمّ الضفة الغربية»، وفق المصدر عينه. وخلال مؤتمر صحفي عقد في وقت سابق الجمعة في برلين، قال المستشار الألماني إن الوضع في غزة «لم يعد مقبولاً». وذكّر بالتزام ألمانيا أمن إسرائيل، قائلاً «نبذل كلّ ما في وسعنا لضمان حقوق كلا الطرفين. وموقفنا واضح». وتدارك: «لكننا نرى أيضاً معاناة الفلسطينيين، ولا نوفّر جهداً لتوفير المساعدة الإنسانية». وتسببت الحرب المستمرّة في غزة منذ أكثر من 21 شهراً بظروف إنسانية مأسوية، مع تهجير سكّان القطاع مرّة واحدة على الأقلّ، وشحّ شديد في المواد الغذائية وغيرها من الموارد الأساسية. ومنذ عام 2023، قتلت إسرائيل في حربها على القطاع 58667 فلسطينياً، غالبيتهم مدنيون من الأطفال والنساء.


سكاي نيوز عربية
منذ 15 دقائق
- سكاي نيوز عربية
بوتين وأردوغان يبديان "قلقا كبيرا" حيال التطورات في سوريا
وذكر المكتب الإعلامي للكرملين أن بوتين ناقش في مكالمة هاتفية مع أردوغان الأوضاع في سوريا وأوكرانيا. وقال الكرملين في بيان إن الرئيسين "عبرا عن قلقهما الكبير حيال التصعيد الأخير للعنف في هذا البلد". وأضاف: "اتفق الزعيمان على الحاجة إلى استقرار الأوضاع في سوريا من خلال تعزيز التوافق الوطني والحوار". وأبرز أن بوتين قال إن روسيا"ملتزمة بتسوية سياسية ودبلوماسية للصراع في أوكرانيا"، وشكر أردوغان على تسهيل إجراء محادثات ثنائية بين موسكو وكييف. وكان أردوغان شدد، الخميس، على أن بلاده "لن تسمح بتقسيم سوريا أو المساس بتعدد ثقافاتها ووحدة أراضيها". وأكمل: "أفعال إسرائيل تظهر أنها لا تريد السلام.. إسرائيل تسعى إلى تخريب وقف إطلاق النار". وقتل أكثر من 600 شخص في محافظة السويداء بجنوب سوريا، بحسب حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان بعد أيام عدة من الاشتباكات. هذا ونزح نحو 80 ألف شخص من مناطق سكنهم في محافظة السويداء. وشهدت السويداء، خلال الأيام الماضية، مواجهات دامية بين عشائر وفصائل محلية أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص.


صحيفة الخليج
منذ 15 دقائق
- صحيفة الخليج
الفاتيكان: نتنياهو اتصل بالبابا ليو بعد قصف كنيسة في غزة
روما - رويترز قال الفاتيكان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل بالبابا ليو اليوم الجمعة، وذلك بعد يوم من غارة إسرائيلية على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين. وذكر الفاتيكان في بيان أن البابا كرر خلال المكالمة نداءه لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب في غزة وعبر عن قلقه إزاء الوضع الإنساني «المأساوي» في القطاع الفلسطيني. وجاء في البيان أن ليو شدد أيضاً على ضرورة حماية أماكن العبادة وروادها، وجميع السكان في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.