
هجمات الحوثيين تتناقص وسط مخاوف من انتقام إسرائيلي أعنف
وبينما يتكهن المراقبون للوضع اليمني بأن الجماعة الحوثية تتخوّف من رد إسرائيلي أوسع بخلاف الموجات العشر السابقة، يبدو -وفق هذه التقديرات- أن الجماعة ستكتفي من وقت إلى آخر بتبني هجمات رمزية للحفاظ على سردية استمرارها في مساندة الفلسطينيين بغزة.
ومع استمرار الجهود الدولية والإقليمية في التوصل إلى اتفاق جديد بين حركة حماس وإسرائيل، تبقى الجماعة الحوثية هي التهديد المتبقي لتل أبيب بعد تمكنها من تدمير قدرات «حزب الله» وإسكات سلاح الفصائل العراقية، وصولاً إلى توجيه ضربات موجعة إلى إيران خلال حرب الاثني عشر يوماً.
وتؤكد الجماعة أنها لن تتوقف عن الهجمات إلا إذا توقفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات. كما تدّعي أنها مستمرة في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن.
طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون من مكان مجهول باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)
وفي مقابل ذلك، تقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين لا تُفيد الفلسطينيين في غزة، بقدر ما تستدعي إسرائيل لشن ضربات تدمّر ما بقي من المنشآت الحيوية والبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.
وكان أحدث هذه الهجمات الحوثية، الثلاثاء الماضي؛ إذ أعلنت إسرائيل اعتراض صاروخ باليستي، فيما تحدثت الجماعة عن إطلاق صاروخ وثلاث طائرات مسيرة، ضمن مساعيها -كما يبدو- للتضخيم من هجماتها.
وظهرت محاولات هذا التضخيم في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي؛ إذ زعم أن جماعته أطلقت 10 صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية في تل أبيب وبئر السبع وعسقلان وإيلات خلال أسبوع.
وذكر الحوثي أن جماعته مستمرة في حظر الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر تجاه باب المندب وخليج عدن وبحر العرب.
في ظل مواصلة الحوثيين هجماتهم باتجاه إسرائيل على محدودية أثرها العسكري مقارنة بمئات الصواريخ التي أطلقتها إيران خلال مواجهة الاثني عشر يوماً، إلا أن حكومة بنيامين نتنياهو لن تفوت أي فرصة للانتقام كما حدث في 10 موجات سابقة أدت إلى دمار واسع في البنى التحتية الخاضعة للحوثيين.
وبينما تهوّن الجماعة الحوثية -كما هو حال زعيمها عبد الملك الحوثي- من خطر الضربات الإسرائيلية، لا يستبعد المراقبون أن يكون رد تل أبيب هذه المرة ضمن حملة أكثر تدميراً وفتكاً قد تأتي على ما تبقى من مرافق وبنى تحتية تحت سيطرة الجماعة.
اندلاع حريق إثر سقوط شظايا صاروخ اعترضه الجيش الإسرائيلي (د.ب.أ)
وعقب هجوم الثلاثاء الماضي، كان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، توعّد بالرد على الجماعة المتحالفة مع إيران، وقال في بيان: «مصير اليمن هو مصير طهران»، في إشارة إلى الدمار الذي ألحقته الضربات الواسعة على إيران، بما في ذلك البنية التحتية النووية والصاروخية.
وهدّد كاتس بالقول: «بعد أن ضربنا رأس الأفعى في طهران، سنستهدف الحوثيين في اليمن أيضاً. من يرفع يده ضد إسرائيل ستُقطع».
ومنذ 17 مارس (آذار) الماضي استأنف الحوثيون هجماتهم باتجاه إسرائيل عقب انهيار الهدنة في غزة؛ حيث أطلقوا نحو 40 صاروخاً باليستياً والعديد من المسيّرات، وجميعها جرى اعتراضها أو لم تصل إلى أهدافها، باستثناء صاروخ انفجر قرب مطار بن غوريون في تل أبيب خلال الرابع من مايو (أيار) الماضي.
وكانت الجماعة قد أطلقت باتجاه إسرائيل نحو 200 صاروخ ومسيّرة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وحتى 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل استئناف الهجمات في مارس بالتزامن مع الحملة التي كان ترمب قد أطلقها ضد الجماعة لإرغامها على التوقف عن مهاجمة السفن.
حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)
ودفعت هجمات الحوثيين إسرائيل إلى شنّ ضربات انتقامية في عشر موجات دمّرت أغلب أرصفة مواني الحديدة الثلاثة. كما دمّرت مطار صنعاء و4 طائرات مدنية، ومصنعي أسمنت ومحطات توليد كهرباء.
واختارت إسرائيل في الموجة العاشرة من ضرباتها خلال 10 يونيو (حزيران) الماضي أن تقصف أرصفة ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين باستخدام سفنها الحربية لأول مرة.
كما نفذت إبان المواجهة مع إيران محاولة اغتيال في صنعاء لرئيس أركان الجماعة عبد الكريم الغماري، وهي العملية التي لا تزال نتيجتها طي الكتمان الحوثي.
على وقع تطورات الصراع الذي تشهده المنطقة، رأى وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن الجماعة الحوثية هي الأداة الإيرانية الأخطر، وأنه يجب ألا تكون بمعزل عن الجهود الدولية الرامية لتقويض نفوذ طهران التخريبي في المنطقة.
وقال الإرياني، في تصريحات رسمية، إن «ميليشيا الحوثي تمثّل الأداة الأخطر بيد النظام الإيراني، والنموذج الأكثر اكتمالاً لاستنساخ تجربة (الحرس الثوري) خارج حدود إيران، عبر تحويل جماعة آيديولوجية إلى ذراع مسلحة تمارس الوكالة في تهديد الأمن الإقليمي وابتزاز المجتمع الدولي».
الحوثيون استغلوا حرب غزة للتعبئة وتجنيد الآلاف من كل الفئات وأعينهم على مناطق سيطرة الحكومة (رويترز)
وأوضح الوزير اليمني أن الجماعة حوّلت بلاده إلى منصة لإطلاق الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ نحو دول الجوار، وتهديد أمن الطاقة العالمي وخطوط الملاحة الدولية، في تصعيد غير مسبوق يهدّد بنسف الاستقرار الإقليمي والدولي.
وحذّر الإرياني من إغفال الخطر الحوثي، وقال إن أي مقاربة دولية تستهدف تقليص الأدوات العسكرية لإيران دون معالجة الوجود المسلح للميليشيا الحوثية تعني عملياً ترك ثغرة استراتيجية في قلب الجزيرة العربية، تمنح طهران القدرة على مواصلة مشروعها التخريبي عبر وكيل جاهز، يستفيد من التضاريس الوعرة والأوضاع الداخلية المعقدة في اليمن.
عناصر حوثيون في صنعاء يحرقون علمَي أميركا وإسرائيل تضامناً مع إيران (رويترز)
وحسب الوزير، فإن تجاهل هذا الخطر في إطار السياسات الإقليمية والدولية سيمنح النظام الإيراني متنفساً استراتيجياً، يمكنه من استخدام الميليشيا ورقة ضغط في أي مفاوضات أو تسويات قادمة، أو خطة بديلة لتوسيع نفوذه في منطقة حيوية تطل على أحد أهم الممرات البحرية في العالم (باب المندب)، وقريبة من منابع الطاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي.
وأكد الإرياني أن أمن واستقرار بلاده ليس شأناً محلياً فحسب، وإنما ضرورة إقليمية ودولية، محذراً من استمرار سيطرة الحوثيين على أجزاء من الأراضي اليمنية، وقال إن ذلك «يضمن بقاء إيران في لعبة زعزعة الاستقرار، ويكرّس وجود بؤرة تهديد مباشر لحركة التجارة الدولية وممرات الطاقة، ويقوّض الجهود الدولية والإقليمية لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 34 دقائق
- عكاظ
المبعوث الأمريكي: نسعى لتسوية شاملة
أعلن الموفد الأمريكي توم براك أنه تسلم رد الحكومة اللبنانية على الورقة الأمريكية، ونحن راضون وممتنون، وسنتعمق في تفاصيله تمهيداً للوصول إلى تسوية شاملة. وأكد عقب لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون، أن لبنان والمنطقة يمران بـ«مرحلة مثيرة ومهمة»، معتبرا أن الفرصة سانحة اليوم أمام الجميع لإنهاء النزاع مع إسرائيل والتوجّه نحو مرحلة جديدة من السلام والاستقرار. وقال في مؤتمر صحفي أعقب لقاءاته الرسمية في بيروت، اليوم (الإثنين): «إن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يحترم لبنان، وأعلن التزامه بدعمه في مسار السلم والازدهار». وأفاد براك: «نحن الآن في صدد صياغة خطة للمستقبل بشأن لبنان، وهذا يتطلب حواراً معمّقاً، وشراكة حقيقية، فالتغيير بيد اللبنانيين، ونحن سنكون إلى جانبهم إن قرروا السير فيه». وأضاف: «لا نملي على لبنان كيف يجب أن يتعامل مع ملف سلاح حزب الله، هذا قرار لبناني داخلي، لكننا نود أن نرى معالجة مسؤولة لهذا الملف، لأن المنطقة تتغير بسرعة، وكل من يتخلف عن التغيير سيتكبّد الخسائر». وشدد على أن الجميع تعب من الفوضى والنزاعات، وحان الوقت لاغتنام هذه اللحظة التاريخية لإحداث تحوّل فعلي نحو الاستقرار، مضيفاً: نشعر بالأمل، ونؤمن بأن أمام لبنان فرصة حقيقية للمضي قدماً، ونحن ملتزمون بدعمه في هذه المسيرة. وبدا المؤتمر الصحفي للموفد الأمريكي وكأنه رسم أولي لخريطة طريق جديدة، لا تحدد فقط مستقبل العلاقات اللبنانية–الأمريكية، بل ترسم حدود الحركة لكل الأطراف الداخلية، وخصوصاً حزب الله. فواشنطن، وإن تظاهرت بالحياد في ملف السلاح، تركت إشارات صارخة بأنّ التغيير بات ضرورة، لا خياراً. ومع عودة براك إلى واشنطن، تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث قد تُتخذ قرارات تتجاوز الرد اللبناني نفسه، لتطال موقع لبنان في معادلة شرق أوسط يعاد تشكيله تحت عناوين السلام... أو الإخضاع. وتفيد تسريبات بأن الرد اللبناني يتضمن: أولا: الالتزام بتفاهمات وقف الأعمال العدائية الناتجة عن القرار 1701. ثانيا: أهمية تجديد ولاية اليونيفيل ودعم الجيش اللبناني، وتمكينها من أداء مهماتها بالتنسيق مع الجيش اللبناني، ويدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز الدعم اللوجستي والمالي للجيش اللبناني بما يتيح له توسيع انتشاره في منطقة جنوب الليطاني. - ثالثا: تفكيك منشآت حزب الله جنوب الليطاني، في سياق تعزيز سلطة الدولة وبسط سيادتها، وتثبيت منطقة خالية من أي مظاهر مسلحة خارج إطار الدولة. - رابعا: الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس والمناطق المتنازع عليها وعلى رأسها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ويجدد المطالبة بإعادة الأسرى والموقوفين اللبنانيين لدى سلطات الاحتلال، وبتوضيح مصير المفقودين. - خامسا: التأكيد على تطبيق اتفاق الطائف والقرار 1701. - سادسا: تفعيل «لجنة الميكانيزم» ووقف الاعتداءات ويطالب الولايات المتحدة بلعب دور فاعل في الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وضمان احترام تفاهمات وقف الأعمال العدائية. - سابعا: يدعو لبنان إلى رعاية عربية لمسار العلاقة اللبنانية – السورية بما يضمن عودة النازحين السوريين بصورة آمنة وكريمة، ويشدد على أهمية ضبط الحدود اللبنانية – السورية. - ثامنا: التمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري خصوصا في ما يتعلق بحماية السيادة، وتطبيق الإصلاحات، والتمسك بمرجعية الدولة ومؤسساتها. - تاسعا: المضي في مسار الإصلاحات المالية والاقتصادية ويُدرج هذا الالتزام في سياق إعادة بناء الثقة بالاقتصاد اللبناني واستعادة علاقته الطبيعية بالمنظومة المالية الدولية. - عاشرا: أهمية إعادة الإعمار وتسهيل التزامات لبنان وضع سلاح الفصائل الفلسطينية على طاولة الحل بما ينسجم مع اتفاق الطائف ومندرجات القرار. أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 44 دقائق
- صحيفة سبق
باراك: لبنان يحتاج لتحول جذري والحل في أيدي أبنائه لا بيد أي طرف خارجي
أكد المبعوث الأميركي توماس باراك أن الرد اللبناني على المقترحات الأميركية جاء ضمن النطاق المقبول، معتبراً أن لبنان والمنطقة يمران بمرحلة مهمة تستوجب استثمار الفرص السياسية المتاحة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده باراك في بيروت عقب لقائه الرئيس اللبناني جوزيف عون، حيث تسلّم منه أفكاراً لبنانية لحل شامل للأزمة، بحسب ما أفادت به الرئاسة اللبنانية. وأوضح باراك أن الحوار بين سوريا وإسرائيل قد بدأ بالفعل، وأن هناك حاجة إلى تحول جذري من جانب لبنان، داعياً القوى اللبنانية إلى التوصل إلى اتفاق داخلي يُمكّن البلاد من المضي قدماً. وشدد على أن بلاده لا تسعى لفرض حلول، بل لدعم مسار الحوار الذي يحترم التوقعات المحلية ويعكس مصالح اللبنانيين. وأشار إلى أن حزب الله بحاجة إلى رؤية مستقبل مختلف، مؤكداً أن الأمر لا يرتبط بإيران بل بإرادة اللبنانيين أنفسهم. وأكد أن الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب تحترم لبنان وتدعمه في مساعيه نحو السلام، مضيفاً أن إسرائيل تبدي رغبة في إنهاء النزاع، لكن التحدي يكمن في كيفية الوصول إلى ذلك.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
الموفد الأميركي "راضٍ للغاية" عن رد لبنان على مقترح "نزع سلاح حزب الله"
قال الموفد الأميركي توماس باراك، الاثنين، إنه "راضٍ للغاية" عن رد لبنان على الورقة الأميركية بشأن تخلي جماعة "حزب الله" عن سلاحها بحلول نوفمبر، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأضاف باراك للصحافيين بعد لقائه بالرئيس اللبناني جوزاف عون: "ما قدمته لنا الحكومة في فترة وجيزة جداً كان شيئاً مذهلاً، أنا راض للغاية عن الرد". وقدم فريق الرئيس اللبناني للمبعوث الأميركي رداً من سبع صفحات على المقترح الذي قدمه في 19 يونيو. الورقة الأميركية وسلاح حزب الله وعاد باراك إلى لبنان الاثنين، في زيارة تستمر ليومين للحصول على أجوبة على ورقته ونقاشها وتحديداً الشق المتعلق بسلاح "حزب الله" المذكور في الورقة، بالإضافة إلى العلاقة اللبنانية السورية من ترسيم الحدود بين البلدين وضبطها، والنازحين السوريين في لبنان، وصولاً إلى النقطة الثالثة وهي الإصلاحات المالية. وأوضح الموفد الأميركي أن "الرد اللبناني ضمن النطاق الذي نحاول الوصول إليه"، ومضى قائلاً: " جماعة حزب الله بحاجة إلى أن ترى أن هناك مستقبلا لهاً". وأشار إلى أن "الحوار بدأ بين سوريا وإسرائيل، وهناك حاجة لتحول جذري من جانب لبنان". والتقى المبعوث الأمريكي مسؤولين لبنانيين في بيروت، لمناقشة خطة مقترحة لنزع سلاح جماعة "حزب الله"، بعد ساعات من شن إسرائيل غارات جوية جديدة، وتنفيذ توغلاً برياً عبر الحدود. وتتضمن مقترحات الموفد الأميركي، التي سلمها إلى المسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الأخيرة في 19 يونيو ، نزع سلاح "حزب الله" بالكامل خلال أربعة أشهر مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية التي لا تزال تحتل عدة مواقع في جنوب لبنان، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية. ويعتبر مسؤولون ودبلوماسيون لبنانيون، التصعيد الإسرائيلي محاولة لزيادة الضغط على الجماعة، التي قال زعيمها نعيم قاسم في خطاب بثه التلفزيون، الأحد، إنها لا تزال بحاجة إلى السلاح للدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل.