
صُبَابَةُ القَول(الميتودولوجيا) والتأسيس المنهجي
لقد عُرّفت (الميتودولوجيا) تعريفاتٍ كثيرةً، وقد أحصى (الدكتور حمّو النقاري) في كتابه (روح المنهج) جملة من تلك التعاريف، فمن ذلك أنها: «مبحث يتوسل بمراقبة وملاحظة الممارسة العلمية من أجل الدراسة المنسقة للمبادئ المؤصلة لهذه الممارسة، ولمناهج البحث المسلوكة فيها»، ومن تعريفاتها أنها: «مبحثٌ يبيّنُ مجموعة القواعد والخطوات المعتمدة في إنجاز بحث من الأبحاث»، ومن ذلك أيضاً أنها: «مبحث يختص بالنظر في ميدان معرفي محدد، طلباً لبيان مناهجه وتقنياته».
إن (الميتودولوجيا) مصطلح يعبر عن علم المناهج، أو دراسة المناهج المستخدمة في البحث، والتحليل، والاستقراء، والاستقصاء، سواء أكان ذلك في العلوم الطبيعية، أم في العلوم الإنسانية، أم في غيرها. فهو طريقة في التناول والتداول ترسم لنا مجموعة من المعايير، والطرق، والأساليب، والأدوات المستخدمة، بغية الوصول إلى نتائج علمية محددة، في مجال معرفي عام، أو في ميدان فكري واسع، ولعلنا لا نغالي إذا قلنا: إنها نهج المنهج، أو منهج المناهج، أو باختصار: المنهج الذي يرسم منهجاً. فهي جانب من التمنهج أطلق عليه بعضهم (محكمة التمنهج الميتودولوجي).
إننا حين نطبّق هذا النهج (الميتودولوجي) مثلاً على بعض النظريات، أو القضايا، أو الظواهر، أو الاتجاهات، أو المناهج في ميدان الأدب والنقد نستطيع الحصول على قيمة صافية، وإطارات دقيقة، ومقاييس مركزة، وأدوات واضحة، ومن ثم يخولنا ذلك النهج استعمال تلك المظاهر استعمالاً سليماً وناجعاً، ولو لم يكن من هذا النهج (الميتودولوجي) إلا التأسيس للفكرة، والترويج لها، وبنائها، ووضع أسسها، وتأثيثها، لكان ذلك كافياً. نستطيع أن نرى ذلك مثلاً في موضوعات من قبيل: نظرية الأدب، والأدب النسوي، والنقد الثقافي، والأدب الرقمي، واللغة العربية والذكاء الاصطناعي، واللسانيات الحاسوبية، والمنهج الأسلوبي الإحصائي، واللسانيات الجنائية، وغيرها.
على أن من أهم ما يمكن أن تقدّمه لنا (الميتودولوجيا) إسهامها في التأسيس المنهجي، وأعني بذلك التأسيس أننا قد نضطر أحياناً إلى اختراع منهج نقدي جديد، وابتكاره، وبنائه، ووضع أصوله الأولى، وأركانه الرئيسة، وعندئذ نكون بحاجة ماسة إلى منهج يبني منهجاً، كما لو كانت طائرة تحمل مروحيّة، أو سفينة تحمل قارباً، أو قطاراً يجرّ مقطورةً، أو شاحنة تنقل سيارة، وهكذا، فالمنهج الجديد لا بد له من إطار يستوعبه، أو منهج يتبناه ويقولبه، فينظّر له، ويهيّئ له أرضاً خصبة تكون قابلة للنماء، وإلا فكيف نخرج بمنهج نقدي جديد، وفقاً لضوابط علمية ومعرفية ومنهجية؟!
ونحن مثلاً حين نتأمل في الدراسات البينية التي نلمسها اليوم بشكل أكثر تطوراً نكون أمام خيار ضروري بتأسيس منهج علمي دقيق، ولا سيما أن البينية تتجاذبها علوم كثيرة، وتتنازعها اتجاهات متباينة – علمياً وتطبيقيًا – لذا كان من المهم التأسيس لمنهج (بيني) تفيد منه علوم العربية، والعلوم الإنسانية، وينسحب ذلك الأمر على كل اتجاه جديد في العلم والمعرفة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 9 ساعات
- الرياض
مجمع الملك سلمان وتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم "مصطلحات الحياة الفطرية"
أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، معجم "مصطلحات الحياة الفطرية" وذلك في إطار دعم الجهود العلمية والمعرفية الهادفة إلى توثيق مصطلحات الحياة الفطرية وتوحيدها، وفق منهج علمي دقيق يراعي السياق البيئي واللغوي، ويعزز استخدام اللغة العربية في المجالات البيئية والبحثية المتخصصة. و أكّد الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة, أن هذا المعجم يأتي امتدادًا لجهود المجمع في صناعة معاجم متخصصة تسهم في تمكين اللغة العربية في المجالات الحيوية، مشيرًا إلى أهمية التعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في بناء قاعدة معرفية لغوية تسد الفجوة المصطلحية في هذا القطاع، وتدعم المحتوى العربي في البيئة والأبحاث العلمية. وفي تصريح له بهذه المناسبة، قال الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد علي قربان: "يمثل معجم "مصطلحات الحياة الفطرية" إحدى ثمرات الشراكة النوعية بين المركز والمجمع، ويُعد مرجعًا مهمًّا لحفظ مصطلحات الحياة الفطرية في المملكة والمنطقة وتوثيقها، بما يعزز التواصل والفهم بين العاملين والباحثين في هذا المجال". وأشار إلى أن هذا المشروع الريادي يعكس التزام المركز بتعزيز الهوية البيئية الوطنية، وإثراء المحتوى العربي البيئي والمعجمي، ويسهم في ترسيخ استخدام اللغة العربية في المجالات العلمية المتخصصة، ويخدم الباحثين والمؤسسات العلمية والأكاديمية بالمراجع الموثوقة. وتولى فريق إعداد المعجم حصر المصطلحات وتطويرها علميًّا ولغويًّا؛ سعيًا إلى توفير مرجع لغوي دقيق يخدم المختصين والعاملين في مجال الحياة الفطرية، وييسر التواصل بينهم، ويسهم في تطوير الدراسات والبحوث ذات الصلة من خلال تقديم مصطلحات موثقة تشمل أسماء الكائنات، وتصنيفاتها، والموائل الطبيعية، والمفاهيم البيئية المرتبطة بالحفظ والاستدامة. ويستهدف المعجم فئات متعددة، تشمل: طلاب الجامعات، والباحثين، والمؤسسات الأكاديمية، والجهات العاملة في مجال تنمية الحياة الفطرية، ويهدف إلى تبسيط المفاهيم العلمية بما يمكّن الإعلاميين والمهنيين من نقل المعرفة البيئية بلغة سليمة ودقيقة. وسيُدرج المعجم ضمن منصة "سِوَار" للمعاجم اللغوية، التي طوّرها المجمع لتكون مرجعًا شاملًا يضم أكثر من (20) معجمًا متخصصًا في المجالات المختلفة، وتُحدَّث دوريًّا بالتعاون مع الجهات الوطنية المعنية. وصاحب إطلاق المعجم محاضرة عنوانها "الجهود السعودية في خدمة اللغة العربية: معجم الحياة الفطرية نموذجًا" وذلك بحضور الأمين العام للمجمع، و الرئيس التنفيذي للمركز، إضافةً إلى معرض مصاحب للتعريف بمشروعات المجمع ومبادراته اللغوية. ويجسد هذا المعجم التزام المجمع بدعم المحتوى العربي المتخصص، وإبراز الجهود الوطنية في حماية البيئة وتنمية الحياة الفطرية من خلال لغة علمية دقيقة، تسهل الفهم والتواصل، وتعزز حضور اللغة العربية في هذا المجال الحيوي.


الاقتصادية
منذ 9 ساعات
- الاقتصادية
هل يحقق الذكاء الاصطناعي ازدهارا عريض القاعدة؟
الإجماع نادر على أي شيء يتعلق بالذكاء الاصطناعي في أيامنا هذه. لكن أحد التوقعات التي يبدو أنها أصبحت راسخة بين أفراد شريحة ضخمة من الشركات والمستثمرين والمحللين يتمثل في أن هذه التكنولوجيا ستعزز الإنتاجية في مجموعة عريضة من المجالات. ولكن حتى لو تحققت هذه المكاسب، فهل يستحق الأمر كل هذا العناء؟ يتوقع كثيرون من المراقبين ــ وأنا منهم ــ تحقيق مكاسب ضخمة في الإنتاجية بدعم من الذكاء الاصطناعي. بادئ ذي بدء، تشير أدلة أولية من مجموعة متزايدة من دراسات حالات الاستخدام إلى ذلك. علاوة على ذلك، وبالنظر إلى التوسع السريع في وظائف الذكاء الاصطناعي، وانخفاض تكاليف التدريب واستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، وتبني الأدوات والأنظمة المفتوحة المصدر، يبدو من المحتمل أن يكون تطبيق الذكاء الاصطناعي في حكم الممكن بطرق مجدية في كل قطاع وفئة وظيفية تقريبا. بطبيعة الحال، لن يكون تطبيق الذكاء الاصطناعي على نحو فعّـال أمرا مفروغا منه، ولن يحدث بين عشية وضحاها، وذلك بسبب قضايا الوصول والانتشار ومنحنيات التعلم. ولكن حتى لو جرى التغلب على هذه العوائق، فمن غير المضمون على الإطلاق أن تحقق مكاسب الإنتاجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي فوائد عريضة القاعدة، عندما يتعلق الأمر بتشغيل العمالة والدخل. إذ يعتمد هذا على ما يحدث في مجالين: مجموعة أدوات الذكاء الاصطناعي وسوق العمل. نحن نعلم أن مجموعة أدوات الذكاء الاصطناعي تتوسع بسرعة. ولكن إذا ركزت معظم الإضافات على تكرار القدرات البشرية ــ وبالتالي استبدال العمال البشريين ــ فستكون التحسينات في الإنتاجية مصحوبة بآثار توزيعية سلبية. ولكن، كما أندرياس هوبت و أخيرا، فإن مجموعة فرعية كبيرة من المعايير الحالية التي تحكم أنظمة التعلم الآلي منحازة نحو الأتمتة (التشغيل الآلي)، ويشمل عدد قليل منها البشر في التقييمات. لمنع تحول تطوير الذكاء الاصطناعي إلى "لعبة تقليد"، ينصح هوبت وبرينجولفسون مجتمع المطورين بتبني "تقييمات القنطور"، حيث يقوم البشر وأنظمة الذكاء الاصطناعي بحل المهام بشكل مشترك. وهذا من شأنه أن يحول تطوير التعلم الآلي نحو التعزيز أو التعاون بين الآلة والبشر، بدلا من الأتمتة. ولكن، لضمان تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي على نطاق عريض، يجب أن ننظر أيضا إلى سوق العمل. لنتأمل هنا الولايات المتحدة. يعمل نحو 20% من العاملين في البلاد في القطاع القابل للتداول، والذي يشمل التصنيع (40%) والخدمات (60%) المتداولة على المستوى الدولي. أما العمال الباقون ــ نحو 80% ــ فيعملون ، مثل الحكومة، والتعليم، والضيافة، وتجارة التجزئة التقليدية، والبناء. على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، ازداد على نحو مضطرد التباين بين القطاعات القابلة للتداول والقطاعات غير القابلة للتداول، من حيث الإنتاجية والدخل. في عموم الأمر، تتباهى القطاعات القابلة للتداول ــ التي تشمل وظائف مثل إدارة الشركات المتعددة الجنسيات، وتصميم أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر، وتنفيذ مشاريع البحث والتطوير ــ بإنتاجية أعلى وأسرع نموا، فضلا عن نمو أعلى في الدخل. ولهذا السبب، حتى مع انخفاض العمالة في قطاع التصنيع ثم استقرارها، استمر الناتج ــ أو بمعنى أدق القيمة المضافة ــ في النمو. إذا لم نكن حذرين، سيعمل الذكاء الاصطناعي على توسيع الفجوة بين القطاعات القابلة للتداول وغير القابلة للتداول، وسيؤدي هذا إلى زيادة حادة في التفاوت. لن يتسنى للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى مكاسب إنتاجية على مستوى الاقتصاد بالكامل وزيادة عريضة القاعدة في الدخل إلا إذا جرى تطبيقه بفاعلية، ليس فقط في القطاعات القابلة للتداول وغير القابلة للتداول، بل وأيضا في الوظائف المتوسطة الدخل والأدنى دخلا في هذه القطاعات. لهذا السبب يجب بذل جهود متضافرة لتوجيه تطوير الذكاء الاصطناعي نحو زيادة الإنتاجية والتعاون عبر طيف الوظائف والدخل. خاص بـ "الاقتصادية" حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.


مجلة سيدتي
منذ 12 ساعات
- مجلة سيدتي
يثري المحتوى العربي البيئي.. تدشين معجم مصطلحات الحياة الفطرية
في إطار يستهدف دعم الجهود العلمية والمعرفية لتوثيق مصطلحات الحياة الفطرية وتوحيدها، على أسس منهج علمي دقيق يناسب السياق البيئي واللغوي، ويدعم استخدام اللغة العربية في المجالات البيئية والبحثية المتخصصة، أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية معجم "مصطلحات الحياة الفطرية". وفي هذا الصدد، علق الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، على خطوة تدشين معجم الحياة الفطرية ، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تأتي امتدادًا لجهود المجمع في صناعة معاجم متخصصة تسهم في تمكين اللغة العربية في المجالات الحيوية، وتوفير قاعدة معرفية لغوية تسد الفجوة المصطلحية في هذا القطاع، وتدعم المحتوى العربي في البيئة والأبحاث العلمية. تدشين معجم مصطلحات الحياة الفطرية يمثل معجم "مصطلحات الحياة الفطرية" نتاج الشراكة النوعية بين المركز والمجمع، وبدوره يعد مرجعًا مهمًا لحفظ مصطلحات الحياة الفطرية في المملكة والمنطقة وتوثيقها، حسب ما أوضح الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد علي قربان. وعمل فريق إعداد المعجم على حصر المصطلحات وتطويرها علميًا ولغويًا، وذلك من أجل توثيقه كمرجع لغوي دقيق يخدم فئات متعددة تتضمن طلاب الجامعات، والباحثين، والمؤسسات الأكاديمية، والمختصين والجهات العاملة في مجال تنمية الحياة الفطرية، حسب ما ذكر في واس. وسيتم حفظ المعجم داخل منصة "سوار" للمعاجم اللغوية، التي سبق وطورها مجمع الملك سلمان للغة العربية من أجل أن تكون مرجعًا شاملًا يضم أكثر من 20 معجمًا متخصصًا في المجالات المختلفة، وتُحدَّث دوريًّا بالتعاون مع الجهات الوطنية المعنية. أهداف تدشين معجم مصطلحات الحياة الفطرية عززت خطوة تدشين المجمع لمعجم مصطلحات الحياة الفطرية التزامه بدعم المحتوى العربي المتخصص، وإبراز الجهود الوطنية في حماية البيئة وتنمية الحياة الفطرية من خلال لغة علمية دقيقة، ولعل من أهم مكتسبات تدشين المعجم الآتي: تعزيز الهوية البيئية الوطنية، وإثراء المحتوى العربي البيئي والمعجمي. ترسيخ استخدام اللغة العربية في المجالات العلمية المتخصصة، ويخدم الباحثين والمؤسسات العلمية والأكاديمية بالمراجع الموثوقة. الإسهام في تطوير الدراسات والبحوث ذات الصلة من خلال تقديم مصطلحات موثقة تشمل أسماء الكائنات، وتصنيفاتها، والموائل الطبيعية، والمفاهيم البيئية المرتبطة بالحفظ والاستدامة. تعزيز حضور اللغة العربية في هذا المجال الحيوي. تبسيط المفاهيم العلمية بما يمكّن الإعلاميين والمهنيين من نقل المعرفة البيئية بلغة سليمة ودقيقة.