
اللامركزية الإدارية.. خريطة طريق لإعادة بناء سوريا أم ناقوس فرقة؟
يجزم الكثير من المراقبين بأن القبضة الحديدية التي طالما شكلت القوة الضاربة لنظام حكم البعث المركزي في سوريا كانت في الوقت نفسه واحدة من أهم أسباب سقوطه الدرامي حين ضيعت هوية المكونات السورية المتنوعة عرقيا ومذهبيأ لحساب هوية واحدة صيغت بعناية شديدة في رؤى المنظرين الأوائل للقومية العربية التي مورست بشكل عنصري شوفيني على ما يرى بعض السوريين وشابها من العيوب التي أثارت حفيظة الناقمين على هذا الأسلوب في الحكم ما جعل الدولة تفقد مناطق سيطرتها عند أول حراك شعبي وازن تهدد وجودها .
حراك حمل في طياته فضلا عن عناوين الحرية والكرامة سعيا محمومأ وراء الخصوصية المحلية على مستوى الثقافة والمعتقد و سطوة الجغرافيا والتوزيع العادل للثروة والأمان المنشود الذي تباينت نظرات من يبحثون عنه تحت اضواء شتى يشعها تغاير النزعات السياسية والأيديولوجية .
وأمام هذا الصراع النظري الذي ظهر خافتأ قبل أن يعلو جرسه رويداً رويداً عقب سقوط النظام السابق بدأ السوريون ومن مواقعهم المختلفة يطرحون خيارات متعددة لنظام الحكم الذي ينشدونه ، خيارات كانت اللامركزية الإدارية أهم عناوينها فيما لا يزال الكثير غيرهم يتشبثون بنظام الحكم المركزي بحلته الثورية الجديدة منذ أن داعب خيالهم ذلك الشعر الذي قيل في زهوة انتصار : " دمشق لنا إلى يوم القيامة" .
يرى شادي ( مهندس من مدينة السويداء) أن إعادة نظم الحكم في سوريا بعد انتصار الثورة إلى سابق عهده السلطوي المركزي قبيل التحرير بحيث يحكم قبضته على كل صغيرة وكبيرة في البلاد ويدس أنفه في قضايا تخص المجتمعات المحلية دونه هو الجنون بعينه وسيشكل حالة نكوص ثوري يعيد إلى النظام السابق وجاهة نظرته البائدة في مقاربة آلية الحكم في الوقت الذي أثبتت فيه الأيام أن أوضاع السوريين السياسية والمعيشية والإجتماعية تدفع باتجاه شراكة من نوع آخر لا تمت بصلة إلى تلك المنظومة القهرية في الحكم والتي كانت تفرض من موقع استعلائي على الكثير من المكونات والمحافظات المهمشة في سوريا الدولة المركزية المسيطرة.
وفي حديثه لـ "RT" أشار شادي إلى أن " اللا مركزية الإدارية" قد تكون الحل المنشود الذي يتوافق عليه السوريون الذين اشتكوا لعقود طويلة من هيمنة السلطة المركزية على القرارات السياسية والإقتصادية و التنموية والإدارية فيما هم لا يملكون من أمر محافظاتهم إلا ما يقرره حكام دمشق عنهم ودونهم.
وأضاف بأن طروحات مثل قانون الإدارة المحلية الذي كانت السلطات السابقة تتغنى به باعتباره يلحظ هموم أبناء المحافظات والمكونات المتنوعة لم يكن أكثر من ذر للرماد في العيون بحيث لم يفد هؤلاء منه شيئاً وبقي مجرد ديكور يسوق لتشاركية لم تحصل فيما كانت قرارات المشاريع التنموية الخاصة بهذه المحافظات تأخذ مسارها الروتيني الطويل والشائك في أدراج الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة الأمر الذي أسس لنوع من الغبن والتهميش لمحافظات بعينها فيما نالت محافظات حصتها وحصة غيرها من التنمية والاستثمارات.
وشدد شادي على أن المواطنين في محافظاتهم لم يكونوا يملكون القدرة على إختيار قيادييهم في مجالس المحافظات والبلديات لأن الأوامر في هذا الشأن كانت تصدر من دمشق الأمر الذي خلق حالة من الغضب والاستياء الكبير وساهم في انفجار الوضع لاحقا.
من جانبه يعرض كاميران وهو محام من شمال شرق سوريا لبعض التطبيقات العملية لنموذج اللامركزية الإدارية في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد وتقدمت قوى محلية فيها لتعويض غياب سلطة دمشق وإدارة هذه المناطق مثل المجالس المحلية في الشمال السوري وحكومة الإنقاذ في إدلب وسيطرة الفصائل في السويداء فيما برز الحكم الذاتي في شمال شرقي البلاد حيث عاش كاميران التجربة واقتنع بإمكانية البناء عليها كما يقول.
وفي حديثه لموقعنا لفت كاميران إلى أن تجربة الحكم الذاتي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يعيش فيها تجربة غنية ومفيدة ويمكن تعميمها على بقية المناطق السورية الأخرى بما بناسب خصوصية هذه المناطق.
وبدا كاميران متفهما لمخاوف البعض من اللامركزية عازباً ذلك إلى جهل السوريين عموماً بهذه التجربة وخلطهم فيما بين النظم الإدارية المتنوعة مثل اللا مركزية و الفيدرالية و الكونفيدرالية وتشارك الكثيرين في تفسير كل هذه العناوين على أنها تقسيم للبلاد أو توطئة للتقسيم في أحسن الاحوال. مشيرا إلى أن القرارات السيادية ستبقى في يد دمشق حال اعتمدت اللامركزية الإدارية .
فيما يمكن لكل محافظة أن تدير شؤونها في مجالات التعليم والكهرباء والمياه والصحة دون الرجوع الى العاصمة باعتبارها الأقدر على تحديد المخصصات والاحتياجات الفعلية المتعلقة بها كما أن قرارات تتعلق بالإعمار داخل المحافظة يمكن أن تصدر بسرعة كبيرة حين تكون محلية في حين أنها ستخوض سباق المسافات الطويلة إذا ما تركت إلى الحكومة المركزية التي ستشاور فيها عدة وزارات كماي يقول كاميران الذي لفت إلى أن هذه الآلية ستسمح باعتماد مجالس محلية منتخبة تسمح بإدارة المناطق وتحريك عجلة الإنتاج والتنمية ضمن خطة محلية صرفة بعيداً عن الخطط الوطنية الشاملة التي تحتاج إلى وقت طويل لإقرارها وتطبيقها ولا تلحظ احتياجات المحافظة بسبب من غياب تمثيل أبنائها في هذه الخطط كما يقول.
من جانبه يرى الدكتور محمود المختص في علم الاجتماع وهو من أبناء محافظة طرطوس أن اللامركزية الإدارية في حال اعتمادها ستسمح بتوسيع المشاركة السياسية لأن كل مواطن سيشعر بأنه بات مسؤولاً من خلال صوته عن تنمية المحافظة أو المنطقة التي ينتمي إليها وهو بذلك سيطوي صفحة القطيعة المدروسة التي تنتهجها النظام السابق مع صنع القرار المحلي وتشعباته الوطنية.
وفي حديثه لموقعنا أشار الدكتور محمود إلى أن سوريا على أبواب إعادة الإعمار وهي بحاجة إلى نوع من الغيرة الإيجابية بين أبنائها ومناطقها حول من سيسجل الدور الأبرز والأمثل في هذا السياق لافتاً إلى أن هذه الآلية ستجعل البيروقراطية والروتين في حدودهما الدنيا بسبب قلة المسارات التي ستسلكها المشاريع المعتمدة على نطاق محلي إذاتعلق الأمر بنظام حكم تسود فيه اللامركزية الإدارية فيما تتطلب هذه المرحلة قرارات شجاعة وسريعة تنطوي على توزيع عادل للثروة وتحقيق التنمية المتوازنة بدلاً من استئثار المحافظات الأساسية كدمشق وحلب بكل شيء.
وختم الدكتور محمود حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الدور القادم في هذا الشأن سيكون لمنظمات المجتمع المدني في سوريا والتي همشت لعقود ومورست عليها كل سياسات التضييق فيما هي اليوم مطالبة بأن تلعب دوراً جوهرياً في بناء الدولة من خلال إقامة ورشات توعية للمواطنين بماهية كل العناوين السياسية المرتبطة بنظم الحكم المختلفة وخصوصاً اللامركزية الإدارية فضلاً عن ممارسة الدور الفاعل في تقريب وجهات النظر بين كل المكونات السورية بخلفياتها السياسية والعقدية والعرقية حتى يسهل تلاقيها عند عنوان سياسي جامع.
خالد ( طبيب بيطري) من دمشق أشار في حديثه لموقعنا إلى أن نزوع السوريين من أبناء الأقليات العرقية والمذهبية ومعهم الكثير من أبناء السنة المعتدلين نحو اللامركزية الإدارية وغيرها من أشكال الحكم غير المركزي يبدو مفهوماً في ظل سياسات الدولة " الغير عقلانية" خلال مرحلة ما بعد السقوط والتي تمثلت في ارتكاب مجازر ضد العلويين في الساحل السوري والدروز في صحنايا واشرفيتها فضلاً عن التجييش المستمر والمتواصل ضد الأكراد في شمال شرق البلاد الأمر الذي شكل وفق خالد إحدى تجليات سلطة الحكم المركزية المستبد والذي لا يراعي التوزع المذهبي والعرقي والمناطقي في سوريا مشيراً إلى أن اللا مركزية الإدارية لا تعني التقسيم بأي شكل من الأشكال لا على المستوى الجغرافي ولا على المستوى المذهبي أو العقدي. وختم خالد حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن انتشار مطالب اللامركزية الإدارية في أوساط السنة المعتدلين جاء على خلفية تبرم أهل المدن وخصوصاً في دمشق من هيمنة سلطة " هيئة تحرير الشام" على حياتهم وخصوصياتهم تحت عنوان " أننا حررناكم" وهو الأمر الذي يرفضه أهل الشام بشدة كما يقول لأنه يمعن في مصادرة قراراتهم ويبث في اوساطهم وبين ظهرانيهم سوريين من بيئات اخرى يحتكرون دونهم كل ما يتعلق بشؤونهم.
وفيما يبدو الكثير من السوريين وخصوصاً من أبناء الأقليات العرقية والمذهبية متحمسين لمسألة اللامركزية الإدارية كنموذج للحكم في سوريا المستقبل القريب يسجل الكثير ممن يدورون في فلك السلطة الحالية رفضهم القاطع للفكرة باعتبارها تمهد للتقسيم في وقت تبدو البلاد فيه أحوج ما تكون لقبضة قوية وحكيمة تلم شعث المتفرقين حول بلادهم وتقطع الطريق على أية مشاريع تقسيمية كما يقولون.
وفي حديثه لـ "RT" يرى المحلل السياسي فهد العمري أن وجود فصائل مسلحة من أبناء المنطقة في عدد من المحافظات والأقانيم السورية مثل السويداء ومناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا وفي ظل طروحات مثل الفيدرالية واللامركزية الإدارية سيشجع هؤلاء على المضي قدماً في القطيعة مع حكومة دمشق وتعزيز مواقعهم الانفصالية سيما وأن هناك تفاوتا ملحوظاً في توزع الثروات ببن مناطق غنية تعتقد أن ثروتها ملك لها دون غيرها وآخرى فقيرة تنشد التوزيع العادل للثروة.
وأضاف بأن سوريا اليوم بحاجة لالتفاف الجميع حول قيادة الرئيس أحمد الشرع الذي لا يمكنه تمييع القرار السياسي والاقتصادي في البلد بالانصياع إلى مكونات آخرى قد يكون هواها في " أماكن مشبوهة" لا تنسجم ورؤية الدولة السورية الحالية. وحذر المحلل السياسي من الرهان على ما بات يعرف اليوم ب" حلف الأقليات" الذي يغرد خارج السرب الوطني كما يقول مشيراً إلى أن عدم وجود سلطة مركزية قوية في دمشق سيحول البلاد إلى " دكاكين سياسية" يفتحها كل فريق على حسابه الخاص. وعلى أنقاض الوحدة الوطنية التي لن تكون متوفرة إلا في ظل وجود نظام حكم مركزي يراعي الخصوصيات الثقافية والمناطقية بما لا يتناقض مع سلطة الدولة وسعيها لتظهير قرارها الوطني.
وختم العمري حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن من الطبيعي أن تركن البلاد بالدرجة الأولى إلى جسمها الصلب المتمثل في وجود قاعدة شعبية كبيرة تلتف حول الحكومة الحالية وترى رأيها في كل ما تذهب إليه باعتبارها تمثل مطالب هذه الأكثرية الشعبية في وجود سلطة مركزية تقطع الطريق على كل محاولات التقسيم التي يحاول البعض فرضها عن حسن نية أحيانا وعن نوايا سيئة في أحيان كثيرة آخرى.
المصدر: RT

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


روسيا اليوم
منذ 3 ساعات
- روسيا اليوم
سوريا.. توغلات إسرائيلية في محافظة القنيطرة
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتوغل قوة إسرائيلية مؤلفة من ناقلتي جند وعدد من العناصر، على أطراف قرية بئر العجم في ريف القنيطرة الأوسط، وتحديدا قرب برج المراقبة الحراجي، كما جرى استقدام آليتين للحفر. ووفق المرصد، يأتي هذا التوغل الجديد في سياق سلسلة تحركات عسكرية إسرائيلية على الأرض السورية، حيث تم توثيق 32 عملية توغل مماثلة منذ بداية الشهر الجاري، ما يمثل خرقا مستمرا للسيادة السورية. من الجدير ذكره أنه في أعقاب سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته داخل الأراضي السورية المتاخمة للمنطقة العازلة في الجولان. المصدر: المرصد السوري لحقوق الإنسانحمل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الرئيس السوري أحمد الشرع مسؤولية إطلاق النار من سوريا باتجاه الجولان. نشر الجيش الإسرائيلي صورا ومقاطع مصورة لتشغيل مستوصف ميداني للإسعاف والعلاج قرب قرية حضر جنوب غربي سوريا. أفاد "المرصد السوري" لحقوق الإنسان، بأن مناطق في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا، والريف الأوسط لمحافظة القنيطرة، شهدت سلسلة توغلات إسرائيلية خلال الساعات الماضية. أفاد "تلفزيون سوريا" بأن الجيش الإسرائيلي توغل اليوم الجمعة، في بلدة الرفيد بريف القنيطرة الجنوبي، جنوبي سوريا.


روسيا اليوم
منذ 5 ساعات
- روسيا اليوم
اللامركزية الإدارية.. خريطة طريق لإعادة بناء سوريا أم ناقوس فرقة؟
يجزم الكثير من المراقبين بأن القبضة الحديدية التي طالما شكلت القوة الضاربة لنظام حكم البعث المركزي في سوريا كانت في الوقت نفسه واحدة من أهم أسباب سقوطه الدرامي حين ضيعت هوية المكونات السورية المتنوعة عرقيا ومذهبيأ لحساب هوية واحدة صيغت بعناية شديدة في رؤى المنظرين الأوائل للقومية العربية التي مورست بشكل عنصري شوفيني على ما يرى بعض السوريين وشابها من العيوب التي أثارت حفيظة الناقمين على هذا الأسلوب في الحكم ما جعل الدولة تفقد مناطق سيطرتها عند أول حراك شعبي وازن تهدد وجودها . حراك حمل في طياته فضلا عن عناوين الحرية والكرامة سعيا محمومأ وراء الخصوصية المحلية على مستوى الثقافة والمعتقد و سطوة الجغرافيا والتوزيع العادل للثروة والأمان المنشود الذي تباينت نظرات من يبحثون عنه تحت اضواء شتى يشعها تغاير النزعات السياسية والأيديولوجية . وأمام هذا الصراع النظري الذي ظهر خافتأ قبل أن يعلو جرسه رويداً رويداً عقب سقوط النظام السابق بدأ السوريون ومن مواقعهم المختلفة يطرحون خيارات متعددة لنظام الحكم الذي ينشدونه ، خيارات كانت اللامركزية الإدارية أهم عناوينها فيما لا يزال الكثير غيرهم يتشبثون بنظام الحكم المركزي بحلته الثورية الجديدة منذ أن داعب خيالهم ذلك الشعر الذي قيل في زهوة انتصار : " دمشق لنا إلى يوم القيامة" . يرى شادي ( مهندس من مدينة السويداء) أن إعادة نظم الحكم في سوريا بعد انتصار الثورة إلى سابق عهده السلطوي المركزي قبيل التحرير بحيث يحكم قبضته على كل صغيرة وكبيرة في البلاد ويدس أنفه في قضايا تخص المجتمعات المحلية دونه هو الجنون بعينه وسيشكل حالة نكوص ثوري يعيد إلى النظام السابق وجاهة نظرته البائدة في مقاربة آلية الحكم في الوقت الذي أثبتت فيه الأيام أن أوضاع السوريين السياسية والمعيشية والإجتماعية تدفع باتجاه شراكة من نوع آخر لا تمت بصلة إلى تلك المنظومة القهرية في الحكم والتي كانت تفرض من موقع استعلائي على الكثير من المكونات والمحافظات المهمشة في سوريا الدولة المركزية المسيطرة. وفي حديثه لـ "RT" أشار شادي إلى أن " اللا مركزية الإدارية" قد تكون الحل المنشود الذي يتوافق عليه السوريون الذين اشتكوا لعقود طويلة من هيمنة السلطة المركزية على القرارات السياسية والإقتصادية و التنموية والإدارية فيما هم لا يملكون من أمر محافظاتهم إلا ما يقرره حكام دمشق عنهم ودونهم. وأضاف بأن طروحات مثل قانون الإدارة المحلية الذي كانت السلطات السابقة تتغنى به باعتباره يلحظ هموم أبناء المحافظات والمكونات المتنوعة لم يكن أكثر من ذر للرماد في العيون بحيث لم يفد هؤلاء منه شيئاً وبقي مجرد ديكور يسوق لتشاركية لم تحصل فيما كانت قرارات المشاريع التنموية الخاصة بهذه المحافظات تأخذ مسارها الروتيني الطويل والشائك في أدراج الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة الأمر الذي أسس لنوع من الغبن والتهميش لمحافظات بعينها فيما نالت محافظات حصتها وحصة غيرها من التنمية والاستثمارات. وشدد شادي على أن المواطنين في محافظاتهم لم يكونوا يملكون القدرة على إختيار قيادييهم في مجالس المحافظات والبلديات لأن الأوامر في هذا الشأن كانت تصدر من دمشق الأمر الذي خلق حالة من الغضب والاستياء الكبير وساهم في انفجار الوضع لاحقا. من جانبه يعرض كاميران وهو محام من شمال شرق سوريا لبعض التطبيقات العملية لنموذج اللامركزية الإدارية في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد وتقدمت قوى محلية فيها لتعويض غياب سلطة دمشق وإدارة هذه المناطق مثل المجالس المحلية في الشمال السوري وحكومة الإنقاذ في إدلب وسيطرة الفصائل في السويداء فيما برز الحكم الذاتي في شمال شرقي البلاد حيث عاش كاميران التجربة واقتنع بإمكانية البناء عليها كما يقول. وفي حديثه لموقعنا لفت كاميران إلى أن تجربة الحكم الذاتي في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يعيش فيها تجربة غنية ومفيدة ويمكن تعميمها على بقية المناطق السورية الأخرى بما بناسب خصوصية هذه المناطق. وبدا كاميران متفهما لمخاوف البعض من اللامركزية عازباً ذلك إلى جهل السوريين عموماً بهذه التجربة وخلطهم فيما بين النظم الإدارية المتنوعة مثل اللا مركزية و الفيدرالية و الكونفيدرالية وتشارك الكثيرين في تفسير كل هذه العناوين على أنها تقسيم للبلاد أو توطئة للتقسيم في أحسن الاحوال. مشيرا إلى أن القرارات السيادية ستبقى في يد دمشق حال اعتمدت اللامركزية الإدارية . فيما يمكن لكل محافظة أن تدير شؤونها في مجالات التعليم والكهرباء والمياه والصحة دون الرجوع الى العاصمة باعتبارها الأقدر على تحديد المخصصات والاحتياجات الفعلية المتعلقة بها كما أن قرارات تتعلق بالإعمار داخل المحافظة يمكن أن تصدر بسرعة كبيرة حين تكون محلية في حين أنها ستخوض سباق المسافات الطويلة إذا ما تركت إلى الحكومة المركزية التي ستشاور فيها عدة وزارات كماي يقول كاميران الذي لفت إلى أن هذه الآلية ستسمح باعتماد مجالس محلية منتخبة تسمح بإدارة المناطق وتحريك عجلة الإنتاج والتنمية ضمن خطة محلية صرفة بعيداً عن الخطط الوطنية الشاملة التي تحتاج إلى وقت طويل لإقرارها وتطبيقها ولا تلحظ احتياجات المحافظة بسبب من غياب تمثيل أبنائها في هذه الخطط كما يقول. من جانبه يرى الدكتور محمود المختص في علم الاجتماع وهو من أبناء محافظة طرطوس أن اللامركزية الإدارية في حال اعتمادها ستسمح بتوسيع المشاركة السياسية لأن كل مواطن سيشعر بأنه بات مسؤولاً من خلال صوته عن تنمية المحافظة أو المنطقة التي ينتمي إليها وهو بذلك سيطوي صفحة القطيعة المدروسة التي تنتهجها النظام السابق مع صنع القرار المحلي وتشعباته الوطنية. وفي حديثه لموقعنا أشار الدكتور محمود إلى أن سوريا على أبواب إعادة الإعمار وهي بحاجة إلى نوع من الغيرة الإيجابية بين أبنائها ومناطقها حول من سيسجل الدور الأبرز والأمثل في هذا السياق لافتاً إلى أن هذه الآلية ستجعل البيروقراطية والروتين في حدودهما الدنيا بسبب قلة المسارات التي ستسلكها المشاريع المعتمدة على نطاق محلي إذاتعلق الأمر بنظام حكم تسود فيه اللامركزية الإدارية فيما تتطلب هذه المرحلة قرارات شجاعة وسريعة تنطوي على توزيع عادل للثروة وتحقيق التنمية المتوازنة بدلاً من استئثار المحافظات الأساسية كدمشق وحلب بكل شيء. وختم الدكتور محمود حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الدور القادم في هذا الشأن سيكون لمنظمات المجتمع المدني في سوريا والتي همشت لعقود ومورست عليها كل سياسات التضييق فيما هي اليوم مطالبة بأن تلعب دوراً جوهرياً في بناء الدولة من خلال إقامة ورشات توعية للمواطنين بماهية كل العناوين السياسية المرتبطة بنظم الحكم المختلفة وخصوصاً اللامركزية الإدارية فضلاً عن ممارسة الدور الفاعل في تقريب وجهات النظر بين كل المكونات السورية بخلفياتها السياسية والعقدية والعرقية حتى يسهل تلاقيها عند عنوان سياسي جامع. خالد ( طبيب بيطري) من دمشق أشار في حديثه لموقعنا إلى أن نزوع السوريين من أبناء الأقليات العرقية والمذهبية ومعهم الكثير من أبناء السنة المعتدلين نحو اللامركزية الإدارية وغيرها من أشكال الحكم غير المركزي يبدو مفهوماً في ظل سياسات الدولة " الغير عقلانية" خلال مرحلة ما بعد السقوط والتي تمثلت في ارتكاب مجازر ضد العلويين في الساحل السوري والدروز في صحنايا واشرفيتها فضلاً عن التجييش المستمر والمتواصل ضد الأكراد في شمال شرق البلاد الأمر الذي شكل وفق خالد إحدى تجليات سلطة الحكم المركزية المستبد والذي لا يراعي التوزع المذهبي والعرقي والمناطقي في سوريا مشيراً إلى أن اللا مركزية الإدارية لا تعني التقسيم بأي شكل من الأشكال لا على المستوى الجغرافي ولا على المستوى المذهبي أو العقدي. وختم خالد حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن انتشار مطالب اللامركزية الإدارية في أوساط السنة المعتدلين جاء على خلفية تبرم أهل المدن وخصوصاً في دمشق من هيمنة سلطة " هيئة تحرير الشام" على حياتهم وخصوصياتهم تحت عنوان " أننا حررناكم" وهو الأمر الذي يرفضه أهل الشام بشدة كما يقول لأنه يمعن في مصادرة قراراتهم ويبث في اوساطهم وبين ظهرانيهم سوريين من بيئات اخرى يحتكرون دونهم كل ما يتعلق بشؤونهم. وفيما يبدو الكثير من السوريين وخصوصاً من أبناء الأقليات العرقية والمذهبية متحمسين لمسألة اللامركزية الإدارية كنموذج للحكم في سوريا المستقبل القريب يسجل الكثير ممن يدورون في فلك السلطة الحالية رفضهم القاطع للفكرة باعتبارها تمهد للتقسيم في وقت تبدو البلاد فيه أحوج ما تكون لقبضة قوية وحكيمة تلم شعث المتفرقين حول بلادهم وتقطع الطريق على أية مشاريع تقسيمية كما يقولون. وفي حديثه لـ "RT" يرى المحلل السياسي فهد العمري أن وجود فصائل مسلحة من أبناء المنطقة في عدد من المحافظات والأقانيم السورية مثل السويداء ومناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا وفي ظل طروحات مثل الفيدرالية واللامركزية الإدارية سيشجع هؤلاء على المضي قدماً في القطيعة مع حكومة دمشق وتعزيز مواقعهم الانفصالية سيما وأن هناك تفاوتا ملحوظاً في توزع الثروات ببن مناطق غنية تعتقد أن ثروتها ملك لها دون غيرها وآخرى فقيرة تنشد التوزيع العادل للثروة. وأضاف بأن سوريا اليوم بحاجة لالتفاف الجميع حول قيادة الرئيس أحمد الشرع الذي لا يمكنه تمييع القرار السياسي والاقتصادي في البلد بالانصياع إلى مكونات آخرى قد يكون هواها في " أماكن مشبوهة" لا تنسجم ورؤية الدولة السورية الحالية. وحذر المحلل السياسي من الرهان على ما بات يعرف اليوم ب" حلف الأقليات" الذي يغرد خارج السرب الوطني كما يقول مشيراً إلى أن عدم وجود سلطة مركزية قوية في دمشق سيحول البلاد إلى " دكاكين سياسية" يفتحها كل فريق على حسابه الخاص. وعلى أنقاض الوحدة الوطنية التي لن تكون متوفرة إلا في ظل وجود نظام حكم مركزي يراعي الخصوصيات الثقافية والمناطقية بما لا يتناقض مع سلطة الدولة وسعيها لتظهير قرارها الوطني. وختم العمري حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن من الطبيعي أن تركن البلاد بالدرجة الأولى إلى جسمها الصلب المتمثل في وجود قاعدة شعبية كبيرة تلتف حول الحكومة الحالية وترى رأيها في كل ما تذهب إليه باعتبارها تمثل مطالب هذه الأكثرية الشعبية في وجود سلطة مركزية تقطع الطريق على كل محاولات التقسيم التي يحاول البعض فرضها عن حسن نية أحيانا وعن نوايا سيئة في أحيان كثيرة آخرى. المصدر: RT


روسيا اليوم
منذ 6 ساعات
- روسيا اليوم
تصريح ناري يشعل السوشيال ميديا.. ماذا قال الشرع عن معاملة الأسد لأبناء منطقته؟ (فيديو)
وقال الشرع خلال لقاء مع وجهاء وأعيان محافظة القنيطرة والجولان: "عشنا في الزمن الذي يكون فيه أبناء منطقة الرئيس كلهم رئيس، فنحن نريد ألا نكرر هذا المشهد في سوريا من جديد، فالرئيس هو حصة لكل السوريين ومنطقة الرئيس هي مثلها مثل كامل سوريا نهتم بها على قدر اهتمامنا بباقي مناطق سوريا، وعلى العكس تماما، فأبناء منطقة الرئيس يحملون حملا أثقل من غيرهم بأن يحملوا صورة مشرفة وأنتم أهل لذلك وتكون المراقبة عليهم أكثر في خطواتهم وحركاتهم وانفعالاتهم وما إلا ذلك..". في حديث يعكس وعياً سياسياً عميقاً صرّح الرئيس "أحمد الشرع" أنه لا يوجد امتيازات خاصة لأي منطقة فقط لأنها مسقط رأس الرئيس.. هذا التوجه هو نقيض لما عاشه السوريون في حقبة سابقة.. حيث تحوّلت منطقة معينة إلى مركز للنفوذ والرعب.. وكل من يقترب منها أصبح فوق الدولة.❤️ وتابع الرئيس السوري: "نحن قمنا بثورة على كل ما كان في السابق من هذا النظام ومما تلاه من جرائم وأفعال وسلوكيات آذت هذا الشعب خلال الستين سنة الماضية ونسأل الله عز وجل أن يكون هذا تاريخ جديد لسوريا وللمنطقة بأكملها بكل تفاصيلها من ازدهارها من أخلاقها وسلوكياتها فهي ثورة وانقلاب على كل المشهد الماضي..". الرئيس أحمد الشرع في تصريح لافت خلال لقائه مع أهالي الجولان والقنيطرة: "عشنا في زمن كان أبناء منطقة الرئيس كلهم رئيس، ونحن لا نريد تكرار هذا المشهد. اليوم أبناء منطقة الرئيس يحملون حملاً أثقل من غيرهم، وعليهم أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية." وناقش الشرع خلال الاجتماع الأوضاع الخدمية والمعيشية والأمنية في المحافظة، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية، كما "استمع إلى مداخلات الحضور التي تناولت احتياجاتهم ومعاناتهم من التوغلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مؤكدا العمل على وقف الاعتداءات من خلال مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء دوليين". السيد الرئيس أحمد الشرع خلال جلسة حوارية مع أهالي القنيطرة: عشنا زمناً كان يُعامَل فيه أبناء منطقة الرئيس وكأنهم جميعاً رؤساء، ولا نرغب بتكرار هذا المشهد. اليوم، الرئيس هو لكل السوريين، ومنطقته شأنها كشأن أي منطقة في سوريا. المصدر: سانا اجتمع الرئيس السوري أحمد الشرع مع وجهاء وأعيان محافظة القنيطرة والجولان، حيث ناقش معهم الأوضاع الخدمية والمعيشية والأمنية في المحافظة.