logo
فلسفة السفينة: حين تحاصرنا الحياة من الخارج ولا نغرق إلا من داخلنا

فلسفة السفينة: حين تحاصرنا الحياة من الخارج ولا نغرق إلا من داخلنا

الجزيرة٣١-٠٥-٢٠٢٥
منذ أن بدأ الإنسان رحلته على هذا الكوكب، كانت محاولته الأولى في النجاة لا تتوقف عند مجرد البقاء، بل تعدته إلى محاولة فهم العالم المحيط به وإدراك معانيه. ومع ازدياد تعقيد الحياة نشأ عند الإنسان ميل فطري للرموز والاستعارات، يحمِّلها دلالات يتفاعل معها وجدانياً وفكرياً، ولعلّ البحر أحد أكثر الرموز تجلياً؛ فالبحر بسكونه الصافي حيناً وثورته الهادرة أحياناً يشبه الحياة بكل تناقضاتها.. وتأتي السفينة رمزاً لا يعلى عليه للإنسان في رحلته داخل هذا الكون.
السفينة ليست فقط جسداً مادياً يعبر الماء، بل هي استعارة للذات الإنسانية؛ لما نحمله من مشاعر وهواجس وفِكَر، ولقدرتنا على الصمود أمام التقلبات.
إن العبارة الشهيرة "السفن لا تغرق بسبب المياه المحيطة بها، ولكن بسبب المياه التي تتسرب إليها".. هذه العبارة تعد من أعمق الدروس الفلسفية والنفسية، التي يمكن أن تُعطى في فهم الذات وإدارة الصراعات، وبناء الحصانة النفسية في وجه التهديدات الخارجية.
كل إنسان مثل سفينة تبحر في محيط متلاطم، تحيط به تحديات نفسية واقتصادية وعاطفية واجتماعية وثقافية، وقد لا يكون التحدي في وجود تلك التهديدات الخارجية بذاتها، بل في كيفية إدارتها والتعامل معها دون السماح لها بالتسلل إلى داخل النفس.
إعلان
يشير مفهوم "المرونة النفسية" إلى قدرة الفرد على التعافي من الضغوط والصدمات، وهي القدرة التي تشبه تماماً صيانة السفينة لمنع الماء من التسرب. ليس المطلوب منك أن تسيطر على العالم، أو أن توقف الأمواج، بل أن تكون واعياً لما يدخل إلى وجدانك.. لا تترك المواقف السلبية تتحول إلى رسائل داخلية تكرس الإحباط أو دونية الذات.
النجاة الحقيقية ليست في منع الريح من الهبوب، ولا الأمواج من الارتفاع، بل في صيانة السفينة بإحكام إغلاقها، وبالقدرة الدائمة على تفريغ المياه قبل أن تستقر وتثقل الكيان
يتم الحديث عن "الاستبطان السلبي"، وهو تلك العملية التي يعيد فيها الإنسان توجيه الكلمات والفِكَر السلبية التي تلقاها من الخارج، ليجعلها جزءاً من خطابه الداخلي وكأنها حقيقة، وهنا تكون السفينة قد بدأت بالغرق فعلياً.. نحن لا نُهزم بسبب العالم، بل حين نؤمن بأننا لا نستحق النصر، حين نصدق أن الهزيمة حتمية.
نجد أن المجتمعات الأكثر قدرة على الصمود ليست تلك التي تخلو من التحديات، بل التي تحسن التماسك الداخلي، وتبني شبكات الدعم والتضامن مثل جسد السفينة المتماسك، الذي يمنع تشققاته من أن تتحول إلى ثغرات للماء.
يشير سارتر إلى أن الإنسان ليس ما يقال له بل ما يختاره أن يكون! وهذه العبارة تكاد تكون صدى مباشراً لفلسفة السفين.. أن تختار ما تسمح له بالدخول إلى كيانك وما تبقيه خارجاً.
هذا المبدأ ينطبق على كل شيء: العلاقات السامة، الخواطر السوداوية، الإحباطات المتكررة، الفقدان، الخيانة.. كلها مياه تحيط بنا، لكن السفينة لا يجب أن تستسلم. حين نبدأ بتصديق الأكاذيب التي قيلت لنا، حين نقلل من ذواتنا، حين نعيش في جلد الذات، حين نحمل فوق قلوبنا أوزار الجميع.. حينها نسمح لتلك (المياه) أن تتسرب، ونكون قد بدأنا فعلياً بالغرق من الداخل.
النجاة الحقيقية ليست في منع الريح من الهبوب، ولا الأمواج من الارتفاع، بل في صيانة السفينة بإحكام إغلاقها، وبالقدرة الدائمة على تفريغ المياه قبل أن تستقر وتثقل الكيان.
في كل مرة تتعرض فيها للأذى تذكر أنك لست البحر بل السفينة؛ والبحر -وإن علا- لا يستطيع ابتلاعك ما لم تسمح له بذلك.
لا تدع ما يحدث حولك يتحول إلى صدى داخلي يعكر صفوك، أنت لست مجبراً على أن تحمل العالم بأسره على كتفيك.. احم ذاتك، رمِّم روحك، ضع حدوداً واضحة بينك وبين ما يرهقك.
فلسفة السفينة ليست عزلة بل هي وعي.. وعي بأنك تختار ما يدخل إليك وتقرر ما يبقى في الخارج، إنها دعوة للاتزان، للصلابة، للتسامح دون الانكسار، وللبقاء حياً في أقسى الظروف.
تذكّر دوماً.. النجاة تبدأ من الداخل .
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولان أمميان يصفان ما يحدث بغزة بأنه جنون وبلا أخلاق
مسؤولان أمميان يصفان ما يحدث بغزة بأنه جنون وبلا أخلاق

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

مسؤولان أمميان يصفان ما يحدث بغزة بأنه جنون وبلا أخلاق

وصف مسؤولان أمميان أن ما يجري في قطاع غزة من قتل للمدنيين وحصارهم وتجويعهم وتدمير ما تبقى لهم من منازل وقصف خيام النازحين على يد الاحتلال الإسرائيلي بأنه جنون وغير أخلاقي وهو يمثل إبادة جماعية. فقد شددت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان بالمنطقة العربية ليلى بكر للجزيرة على أن وقت تحرك "الإنسانية واستمرار الإبادة في غزة يعني أننا بلا أخلاق". وأشارت بكر إلى أن حدوث إبادة جماعية في سنة 2025 أمر غير مقبول وغير مفهوم، وأن المنظمات الدولية عاجزة عن إدخال المساعدات للقطاع رغم كثرتها وأن تلك المنظمات تتعرض لعراقيل إسرائيلية. وفي ذات السياق قال ماجد الطوال نائب الممثل الخاص لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في فلسطين للجزيرة إن "ما يحدث في غزة جنون ويجب أن يتوقف". مشيرا إلى أن "7 من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل بشكل جزئي". في حين ذكرت بكر أن أنه لم يبق في قطاع غزة سوى 4 مستشفيات ميدانية فقط، موضحة أنه لم يعد للنساء بغزة أي حظ للنجاة وقد نخسر جيلا كاملا من الأطفال. وأيد ذلك نائب الممثل الخاص لليونيسيف؛ إذ ذكر أن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ارتفع من 5200 إلى 5800 خلال شهر واحد. وكان مكتب الإعلام الحكومي في القطاع قد ذكر في بيان له أن خطر المجاعة يتفاقم والموت يهدد مئات الآلاف بينهم 650 ألف طفل. وأضافت بكر أن المنظمات الدولية بحاجة إلى قدرة كاملة على الوصول للقطاع لمنع الإبادة، مشيرة إلى أن مسيرة تعافي قطاع غزة ستكون طويلة وصعبة. تزامنت تلك التصريحات مع بيان لمنظمات الأمم المتحدة أشارت فيه إلى أن نقص الوقود في غزة وصل إلى "مستويات حرجة"، وهو ما يهدد "شريان الحياة بالنسبة لـ 2.1 مليون شخص يتأرجحون على حافة المجاعة". وأوضح البيان الأممي أنه بدون كميات وقود كافية فإن جهودها الإنسانية تواجه انهيارا تاما.

الكفير.. مشروب خارق أم مبالغة صحية؟
الكفير.. مشروب خارق أم مبالغة صحية؟

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

الكفير.. مشروب خارق أم مبالغة صحية؟

الكفير مشروب حليبي مخمر يروج له على نطاق واسع لفوائده الصحية، خصوصا في دعم الهضم، صحة الأمعاء، وتقوية المناعة. ويعد غذاء أساسيا في ثقافات متعددة، وازدادت شعبيته بين محبي الصحة الطبيعية وذلك لكونه غنيا بالبروبيوتيك والعناصر الغذائية، ولسهولة هضمه، وهذا يجعله خيارا مفضلا لدى كثيرين، بل ويعتبره البعض أكثر فائدة من الزبادي. لكن هل يستحق لقب "المشروب الخارق"؟ ما الكفير؟ الكفير هو مشروب مخمر تقليدي تعود جذوره إلى منطقة القوقاز، حيث استمر اعتباره طعاما مقدسا لقرون. يحضر بإضافة "حبوب الكفير"، وهي مستعمرات حية من البكتيريا والخمائر، إلى الحليب الحيواني أو النباتي. هذه الكائنات الدقيقة تخمر اللاكتوز وتحوله إلى حمض اللاكتيك، ما يمنح الكفير نكهته الحامضة وقوامه السائل المشابه للزبادي. ويتنوع الكفير بين كفير الحليب (من البقر أو الماعز)، كفير الماء (من ماء محلى)، وكفير جوز الهند، وهذا يجعله مناسبا للنباتيين وغير المتحملين للاكتوز. يتميز الكفير ليس بطعمه فحسب، وإنما أيضا بكونه غنيا بالبروبيوتيك، الفيتامينات، والمعادن، وهذا يجعله مشروبا مفيدا لصحة الجهاز الهضمي والمناعة العامة. ليس مجرد بديل للزبادي للكفير فوائد متعددة تتجاوز كونه مجرد بديل للزبادي، إذ يتميز بتأثيره الأوسع على صحة الجسم بشكل عام. ومن أبرز هذه الفوائد: صحة الجهاز الهضمي: التوازن البكتيري المثالي يُعد تحسين صحة الجهاز الهضمي من أبرز فوائد الكفير، إذ يلعب دورا مهما في استعادة توازن "الميكروبيوم المعوي"، وهي مجموعة معقدة من البكتيريا النافعة والضارة التي تعيش في المعدة والأمعاء. ويؤدي اختلال هذا التوازن، نتيجة عوامل مثل المضادات الحيوية أو التوتر أو النظام الغذائي غير المتوازن، إلى اضطرابات هضمية تشمل الانتفاخ، الغازات، الإمساك، أو الإسهال. ويمتاز الكفير باحتوائه على نحو 60 نوعا من الكائنات الحية الدقيقة المفيدة، وهو عدد يفوق ما يحتويه الزبادي التقليدي. هذه الكائنات تساعد في إعادة التوازن للميكروبيوم وتعزز عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية. كما أظهرت دراسة نُشرت في مجلة كورس للعلوم الطبية عام 2022، أن للكفير تأثيرا فعّالا في تخفيف أعراض متلازمة القولون العصبي، سواء المصحوبة بإمساك أو بإسهال. الكفير والمناعة: دفاعات أقوى من الداخل يساهم الكفير في تعزيز الجهاز المناعي بفضل غناه بالبروبيوتيك، التي تدعم توازن الميكروبيوم في الأمعاء، حيث يتركز نحو 70% من جهاز المناعة. هذا التوازن يعزز إنتاج الأجسام المضادة ويزيد من نشاط الخلايا الدفاعية مثل الخلايا التائية. كما يساعد تنوع البكتيريا المفيدة في مقاومة الأمراض، ويحتوي الكفير أيضا على فيتامين "ب 12" (B12) الضروري لوظيفة المناعة الطبيعية، وهذا يجعله خيارا فعّالا لدعم الصحة الدفاعية للجسم. تنظيم السكر في الدم أشارت دراسات عدة إلى أن الكفير قد يساعد في تحسين السيطرة على مستويات السكر في الدم، خاصة لدى مرضى السكري. فقد أظهرت دراسة أُجريت عام 2021 في كلية الطب بجامعة مشهد الإيرانية أن تناول الكفير يُسهم في خفض مستويات السكر الصائم والأنسولين في الجسم. ويرتبط هذا التأثير بقدرة الكفير على تقليل الالتهابات، وتعزيز الهضم، وتحسين امتصاص المغذيات، وهذا يدعم توازن الجلوكوز بشكل عام. كما كشفت دراسة أخرى نُشرت عام 2020 في جامعة ألبرتا الكندية عن دور الكفير في الوقاية من السمنة والاضطرابات الأيضية، ما يُعزز بدوره تأثيره الإيجابي على المؤشرات الحيوية المرتبطة بمرض السكري. صحة عظام أفضل الكفير غني بالكالسيوم، المغنيسيوم، الفسفور، وفيتامين "د"، ويتميز باحتوائه على فيتامين "ك 2" الذي يلعب دورا مهما في توجيه الكالسيوم إلى العظام بدل من الشرايين، وهذا يعزز كثافة العظام ويقلل خطر هشاشتها. مناسب لحالات عدم تحمل اللاكتوز من أبرز مزايا الكفير أنه يعد خيارا مثاليا للأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز. فخلال عملية التخمير، تقوم البكتيريا والخمائر بهضم اللاكتوز وتحويله إلى حمض اللاكتيك، وهذا يقلل من نسبته في المنتج، ويجعله أكثر سهولة في الهضم لدى من يعانون من حساسية تجاه هذا السكر. الكفير والدماغ: الرابط بين الأمعاء والمزاج تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة وثيقة بين صحة الجهاز الهضمي والحالة النفسية، فيما يُعرف بـ"محور الأمعاء-الدماغ". فقد بيّنت دراسة نُشرت عام 2024 في جامعة فرجينيا، في مجلة الدماغ والسلوك والمناعة، أن البكتيريا النافعة في الأمعاء تُنتج نواقل عصبية مهمة مثل السيروتونين والدوبامين، التي تؤثر في المزاج والنوم ومستوى القلق. وبفضل احتوائه على البروبيوتيك، يُمكن للكفير أن يُسهم في تقليل مشاعر الاكتئاب والقلق، وتحسين المزاج والذاكرة، عبر تقليل الالتهابات وتحفيز إنتاج تلك النواقل العصبية. هل الكفير مشروب خارق؟ رغم أن الكفير يعد من المشروبات المفيدة لصحة الجهاز الهضمي والمناعة، إلا أنه ليس "سحريا"، ولا يغني عن اتباع نظام غذائي متوازن. وتختلف استجابة الأجسام له، وبعض فوائده ما تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات. كما أنه لا يناسب الجميع، خصوصا من يعانون من ضعف المناعة، الحساسية الشديدة للحليب، أو متلازمة القولون العصبي الحادة. وقد يسبب الكفير أعراض خفيفة مثل الانتفاخ أو الإسهال عند البدء في استهلاكه، لذا ينصح باستشارة الطبيب قبل تناوله بانتظام، خاصة في حالات الأمراض المزمنة أو العلاج المناعي. الكفير هو أكثر من مجرد مشروب؛ إنه نظام بيئي مصغر يعزز الصحة من الداخل، يدعم الهضم، يقي من الأمراض، ويسهم في تحسين المزاج والمناعة. ومع أن فوائده لا تزال قيد الدراسة والتوسع، إلا أن الدراسات الحالية والاستخدام الواسع تدعم بقوة مكانته كمشروب صحي غني بالفوائد ويعد إضافة فعالة لنظامك الغذائي.

الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة عواصف الغبار خصوصا بالعراق
الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة عواصف الغبار خصوصا بالعراق

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة عواصف الغبار خصوصا بالعراق

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إن العواصف الرملية والترابية تؤثر على نحو 330 مليون شخص في أكثر من 150 دولة، وتتزايد تأثيراتها على الصحة، الاقتصادات، والبيئة. واحتفلت الجمعية العامة للأمم المتحدة، السبت، باليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية وأعلنت تخصيص الفترة من 2025 إلى 2034 عقدًا أمميًا لمكافحة العواصف الرملية والترابية، التي وصفتها بكونها "تحديات عالمية" ناجمة عن تغير المناخ، وتدهور الأراضي، والممارسات غير المستدامة. وذكرت الأمم المتحدة في بيان أن "وتيرة حدة هذه العواصف الرملية والترابية في هذه المنطقة ازدادت بشكل ملحوظ ولافتٍ، في السنوات الأخيرة، وأصبحت تخلف آثارا مقلقة على الصحة، والبيئة، والاقتصاد، وعلى حياة الإنسان في العديد من دول المنطقة". وأكد بيان المنظمة الأممية أن العواصف الترابية رغم أنها أصبحت ظاهرة مألوفة، فإنه ينبغي التحرك لمواجهتها بخطوات عملية ومدروسة ومشتركة للحد من آثارها السلبية، وذلك من خلال البرامج التي تعزز ممارسات الزراعة والري المستدامة والذكية، وغرس المزيد من الأشجار، والتوعية المجتمعية. وتابع البيان، أنه "في هذا اليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية، والذي تُحييه الأمم المتحدة في 12 يوليو/تموز من كل عام، دعونا نجدد التزامنا الجماعي بالتصدي لهذه الظاهرة، ونتعاون لما فيه مصلحة شعوب المنطقة، ولتكن خطواتنا، مهما كانت صغيرة، بداية لتغيير أكبر، يحمي صحتنا وبيئتنا وكوكبنا". وأوضحت لورا باترسون، ممثلة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لدى الأمم المتحدة أن حوالي ملياريْ طن من الغبار تنبعث سنويا، مشيرة إلى أن أكثر من 80% من غبار العالم يأتي من صحاري شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وأن هذه الجزيئات يمكن أن تنتقل عبر القارات. من جهته، أشار الرئيس الحالي للجمعية الكاميروني فيليمون يانغ، إلى أن "الجزيئات المحمولة جوا من العواصف الرملية والترابية تساهم في 7 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، وتقلل من غلة المحاصيل، مما يؤدي إلى الجوع والهجرة". خسائر العراق والمنطقة العربية من جهتها، أكدت وكيلة الأمين العام، رولا دشتي، أن التكاليف الاقتصادية لهذه العواصف "هائلة"، مشيرة أن التكلفة السنوية للتعامل معها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبلغ 150 مليار دولار. وحثّت دشتي جميع الدول على إدراج العواصف الرملية والترابية ضمن الأجندات العالمية والوطنية، مؤكدة أن الحلول موجودة، لكنها تتطلب "العزيمة الجماعية والتمويل" لتوسيع نطاقها. وأكدت المسؤولة الأممية أن المنطقة العربية شهدت اضطرابا حادا هذا الربيع، مستشهدة بالعواصف الشديدة في العراق التي أربكت المستشفيات بحالات الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى عواصف في الكويت وإيران. كما أكد بيان الأمم المتحدة إلى وجود تصاعد ملحوظ بحدة العواصف الرملية والترابية في العراق خلال السنوات القليلة الماضية. وكان مرصد "العراق الأخضر"، قد قدر الخسائر الناجمة عن العواصف الترابية والرملية بنحو مليون دولار يوميا. ويعد العراق من أكثر البلدان تأثرا بالعواصف الترابية، وفي عام 2023 وحده، سجّل 158 يوما من العواصف الترابية، بحسب تصريح رئيس لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، الدكتور ماجد شنكالي للجزيرة نت. وفي مطلع العام الجاري، أطلقت الحكومة العراقية مبادرات للحد من الظاهرة، أبرزها مشروع لزراعة مليون شجرة، للحدّ من التصحر، غير أن التنفيذ بقي ضعيفا، وعشوائيا، وفق المراقبين. وكانت الحكومة العراقية قد طالبت في الاجتماع الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة العواصف الرملية والترابية بتعزيز دور التحالف الأممي لمكافحة هذه الظاهرة، التي تؤثر على تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة بالدول النامية، وخاصة في قارتي أفريقيا وآسيا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store