logo
الأضحية.. شعيرة بروح إنسانية

الأضحية.. شعيرة بروح إنسانية

الوطن١١-٠٦-٢٠٢٥

حدثني أحد الزملاء أنه وخلال فترة استيراد الذبائح الحية من أستراليا، كان من المعتاد أن يرافق الشحنات عدد من النشطاء في الدفاع عن حقوق الحيوان، من أجل ضمان أن تتم معاملة الخرفان بصورة جيدة.
يقول زميلي؛ في أحد الأعوام قررت أن أشتري خروفاً أسترالياً حياً كأضحية، وأن أقوم بذبحه في المنزل، فتوجهت إلى منطقة الحظائر في سترة، وعثرت على خروف تتوفر فيه كل المواصفات، وبعد أن دفعت الثمن، سحبته لأضعه في سيارتي (سوبار فان)، إلا أنني تفاجأت باعتراض إحدى المسؤولات عن حماية حقوق الحيوان، موضحة أنه يجب أن تكون السيارة التي تنقل الخراف مفتوحة.
ويضيف؛ بعد شد وجذب معها، شرحت لها أنني سأضع الخروف في سيارة مغطاة ومكيفة، حرصاً على راحته، لكنها أصرت على موقفها، مما اضطرني إلى دفع دينار لصاحب (بكب) ليقوم بنقل الخروف مع غيره من الخراف، وتسليمها لأصحابها بعد البوابة الرئيسية.
تذكرت هذه المحادثة، وأنا أشاهد عشرات الفيديوهات التي توثق الأضحية في مختلف دول العالم، وكيف يتم التعامل معها، في الأغلب، بروح من الإنسانية والرحمة، كما أوصانا ديننا الحنيف، مع بعض الاستثناءات المؤسفة هنا وهناك، وهو ما يجعلنا ندرك أننا لسنا بحاجة لمن يعلمنا كيف نعامل الأضحية، فالإحسان إليها هو من صميم تعاليم الإسلام.
رغم أن النصوص الدينية واضحة في الدعوة إلى الرحمة، إلا أن التطبيق الواقعي أحياناً يشهد تجاوزات، سواء من حيث طرق النقل أو الذبح أو حتى التعامل مع الأضحية قبل وأثناء وبعد النحر، وهنا تأتي أهمية الوعي المجتمعي، وأهمية تنظيم الجهات الرسمية لهذه العملية بما يحفظ كرامة الشعيرة، ويضمن حسن معاملة الحيوان.
في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل الجهود التي يبذلها الكثيرون في الحفاظ على هذه الروح الإنسانية. من اختيار الأضحية بعناية، إلى توفير الراحة لها، وصولاً إلى الذبح السريع والرحيم. وفي هذا السياق، نرى أن المسلمين يملكون رصيداً روحياً وأخلاقياً عظيماً يجعلهم أقدر الناس على احترام الأضاحي، دون الحاجة إلى ضغوط من خارج ثقافتهم ودينهم.
الأضحية في جوهرها درس في الطاعة والرحمة والكرم، وهي فرصة سنوية لتجديد النية، وتعميق الإحساس بالآخرين، وتقدير النعم. ومع كل تكبيرة تقال، وكل سكين تحد، وكل دم يراق في سبيل الله، هناك دعوة لأنسنة الشعائر والعودة إلى الروح النقية للإسلام.
فما أحوجنا في هذا الزمن إلى أن نحيي شعائرنا بإحسان، وأن نذكر أنفسنا أن ديننا لم يأت فقط ليضبط العلاقة بين الإنسان وربه، بل بينه وبين كل مخلوق.
وكل عام وأنتم بألف خير، وتقبل الله منكم طاعاتكم وقرباتكم..

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عاشوراء والهوية الوطنية
عاشوراء والهوية الوطنية

البلاد البحرينية

timeمنذ 9 ساعات

  • البلاد البحرينية

عاشوراء والهوية الوطنية

تُعرّف الهوية الوطنية بأنها مجموعة الخصائص والصفات التي تُميّز مجتمعًا أو أمة عن غيرها، وتشمل العناصر الثقافية، واللغوية، والتاريخية، والقيَميّة المشتركة، ما يعزز الانتماء والفخر بالوطن، ومما نعتزّ به ونفخر ويشكّل جزءًا من هويتنا البحرينية الأصيلة المتجذرة في هذا الوطن المعطاء، الإحياء المميّز لذكرى استشهاد سبط النبي الأكرم (ص) الإمام الحسين بن علي عليه السلام، وهو نهج يمثّل تاريخًا وامتدادًا توارثناه أبًا عن جدّ وتَعارف عليه أهل البحرين بكل تلاوينهم بانسجامٍ وطنيٍ أصيل عُرفت البحرين به. عاشوراء البحرين ليست موسمًا ناجحًا لشعائر تحتضن زخمًا جماهيريًّا كبيرًا تتكاتف بها جهود المخلصين من أهل العزاء مع جهود الجهات المختصة الأمنيّة والخدميّة وحسبْ، عاشوراء البحرين تتشّح فيها أزقة المدن والقرى بسواد الحِداد على سيّد الشهداء، عاشوراء البحرين خطباء لامعون بأساليبهم المتفرّدة في الوعظ والرثاء، عاشوراء البحرين ردّ وإنشاد رواديد شنّفوا أسماع الناس بأطوار الندْب والعزاء، عاشوراء البحرين قصائد وأدب ملأ أرشيف المكتبة الحسينية وبات مرجعًا للشعراء، عاشوراء البحرين مواكب سيّارة تجوب شوارع البحرين صُبحا ومساء، عاشوراء البحرين فن أُسست له الجمعيات والمراسم الحسينية لتقدّم واقعة الطف رسالة خالدة بأسلوب عصريٍ جميل، عاشوراء البحرين و'عيش الحسين' ومضائف أهل الكرم وبركات مآتم أمهاتنا وأخواتنا النساء. عاشوراء البحرين تلازم فيه كلمة 'مأجورين' التحية والسلام، وتعني الدعاء بأن ينال من يُشارك ويحيي العزاء الأجر الكثير والثواب الجزيل من الله تعالى نظير عمله الصالح بمواساته وحزنه واستذكاره مُصاب الإمام الحسين (ع) والثلّة الطيبة من أهل بيته وأنصاره. كل تلك النِعم تستوجب الشكر والثناء على الجهود الرسميّة التي تسخّر كل مؤسسات الدولة ذات الاختصاص لخدمة العزاء والمعزّين، وبدعم ورعاية وتوجيهات مباشرة من قيادتنا الحكيمة، وشكر النعمة بالحفاظ عليها وإبعادها عن كل مكدّرٍ بعيد عن غاياتها. هنيئًا لمن ارتبطت هويتّه بإحياء ذكرى سيد شباب أهل الجنة، وأدام الله بركات الشعائر الحسينية على هذا البلد الطيّب، والتي بها نستشعر التوفيق لحُبّ الله لنا استنادًا للحديث النبوي الشريف 'أحبّ الله من أحبّ حسينًا'.

خصائص الحضارة في البحرين
خصائص الحضارة في البحرين

الوطن

timeمنذ 10 ساعات

  • الوطن

خصائص الحضارة في البحرين

عند التأمل في تاريخ البحرين نلحظ أن ما ميّز هذه الحضارة على مر العصور هو ما تمتعت به من خصائص جوهرية منحتها تفردها وعمقها الحضاري. فقد كانت البحرين، ولاتزال، مثالاً لحضارة متجذرة بالإيمان، منفتحة على الآخر، إنسانية في رؤيتها، ومرنة في تطورها، ممّا جعلها قادرة على التفاعل البنّاء مع المتغيرات المختلفة دون أن تفقد هويتها الأصيلة عبر العصور. كما تتسم حضارة البحرين بأنها منفتحة، عرفت كيف تتفاعل مع الثقافات الأخرى دون أن تنسلخ عن ذاتها. وموقع البحرين الجغرافي جعلها على تماس مباشر مع حضارات متعددة، فاستفادت منها علمياً واقتصادياً، لكنها لم تذُب فيها، بل صهرتها في قالب إسلامي بحريني مميز. هذا الانفتاح الواعي أكسب البحرين بعدًا عالميًا، دون أن يفقدها طابعها المحلي وعروبتها. ولعلّ من أهم سمات هذه الحضارة أيضًا. بأنها حضارة أخلاقية جعلت من قيم الأخلاق أساساً لمنهجها في كل شؤونها ومجالاتها وفي مختلف الميادين وعلى مدار تاريخها، كما أنها اتسمت بتسامحها الديني وقبولها للآخر حيث عاش في البحرين عبر التاريخ أتباع ديانات مختلفة كالنصرانية واليهودية والوثنية والأسبذية، ثم جاء الإسلام وأرسى قواعد العدل والرحمة، فلم يُكره أحد على اعتناق الدين، بل ضُمنت لهم الحقوق والعيش الآمن، وفق ما أقره النبي ﷺ حين أرسل كتبه لحكام البحرين، وهذا التسامح ليس تنازلاً وضعفاً، بل تجسيداً لحضارة تُقيم ميزان العدل على الجميع وتتميز بعطائها السخي للحضارات الأخرى. ومن الخصائص اللافتة أيضاً أنها حضارة إنسانية، تُعلي من شأن الإنسان وكرامته، انطلاقاً من قوله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم»، فالحياة في البحرين تمحورت دائماً حول رفاه الإنسان وتعليمه وأمنه. ومن خصائص حضارة البحرين بأنها من بين الحضارات المعدودة التي تتسم بالأصالة والمرونة فهي على الرغم من تفاعلها وتأثرها بالحضارات المجاورة إلا أنها حافظت على شخصيتها وهويتها وجذورها مع سعة امتداد وقوة تأثيرها، مع قدرتها على التكيّف، حيث لم تقف عند الماضي، بل أعادت تشكيل ذاتها عند كل مرحلة تاريخية، محافظة على جوهرها، منفتحة على العصر. فقد واكبت الحداثة في التعليم والإدارة والاقتصاد، دون أن تقطع صلتها بماضيها المجيد. علاوةً على ذلك اتسمت بارتكازها على العلم واهتمامها بالعلوم والعلماء لذا نشطت فيها وعلى مدار تاريخها الحركة العلمية، فشهدت البحرين كثيراً من الإنجازات والابتكارات والإبداع والإنتاج العلمي الذي تميزت به وأضافته وبسخاء للحضارات البشرية الأخرى. فمثّل العلم قيمةً أساسيةً في الوعي البحريني منذ وقت مبكر، سواء في الحرص على تعلّم الدين أو على نشر الفقه والمعرفة في محيطها. ومن بين سمات حضارة البحرين بأنها متوازنة جمعت بين متطلبات الروح والعقل والجسد، لذا ظهرت فيها منذ بواكيرها المعابد والطقوس الدينية وانتشرت فيها عدة ديانات، وهي حضارة مؤمنة حيث بادر أهلها إلى اعتناق الإسلام واستقبلوه بإيمان راسخ وقناعة واعية، فجعلوا من قيمه منطلقاً في حياتهم، لا سيّما مبادئ التوحيد، والعدل، والتسامح، والإخاء. فكان الدين أساساً لنهضة المجتمع، ومحركاً للتماسك الاجتماعي، ومنظّماً للعلاقات والمعاملات، مما أكسب المجتمع البحريني طابعاً أخلاقياً متماسكاً عبر القرون. ومن أبرز السمات المتجذرة في حضارة البحرين أيضاً أنها حضارة سلمية، تؤمن بأنّ السلام أساس الاستقرار، وأن العنف لا يبني مستقبلاً. فقط ظلّت البحرين عبر تاريخها رافضةً للعنف والحروب، حريصةً على التعايش، تفضّل لغة الحوار على منطق القوة. وهذا النهج لم يكن فقط إرثاً تاريخياً، بل بات اليوم منطلقاً واضحاً في سياسة المملكة ومواقفها من القضايا الإقليمية والدولية وهذا الموقف يعكس امتداداً طبيعياً لروح حضارة بحرينية تؤمن بالإنسان، وترى في السلم قيمة إنسانية عُليا، لا تتبدل بتبدّل الظروف. إنّ هذا الموقف ليس مجرد سياسة مرحلية، بل هو انعكاس حقيقي لجوهر حضاري عميق، يؤمن بأنّ السلام هو السبيل الأمثل للرقي والازدهار، وأن السلم ركيزة ثابتة في هوية البحرين التاريخية والمعاصرة. إنّ ما تقدم يؤكد دون أدنى شك سمو حضارة البحرين وعُلُو شأنها وإنسانيتها وأصالتها. إنّ خصائص حضارة البحرين ليست طارئة ولا سطحية، بل نابعة من أعماق تكوينها التاريخي والديني والثقافي، وهي التي جعلتها -وما زالت- نموذجاً لحضارة حيّة، متزنة، ومؤثرة في محيطها الإقليمي والعالمي. * باحث في التاريخ وأكاديمي

على أبواب إجازة الصيف
على أبواب إجازة الصيف

البلاد البحرينية

timeمنذ يوم واحد

  • البلاد البحرينية

على أبواب إجازة الصيف

تبذل العائلات قصارى جهدها خلال العام الدراسيّ؛ فلا تدّخر جهدًا ولا فلسًا ولا فِكرًا لتأمين سنة دراسية ناجحة لأولادها، وتحلم كل عائلة ومعها سائر مكونات المجتمع بأن تحصد ثمار تخطيطها الجيد، بل وأن يجني أبناؤنا ثمار تعبهم وجدّهم أثناء العام الدراسي.. ثمّ نستقبل بكل سرور إجازة الصيف، نستقبل فترة من حياة أبنائنا يسميها البعض خطأ وقت فراغ، ويتفنّن الأطفال في أثنائها في 'قتل' وقت الفراغ وهدر الزمن. ولمّا كان الوقت موردًا مهمًّا للإنسان، ومسؤولًا عنه أمام الله وعباده، فإنّ إجازة الصيف ليست وقت فراغ بالنسبة إلى طلابنا وشبابنا. نعم هي فترة يحتاجها المتعلم لاستعادة أنفاسه، والاستعداد للعام الدراسي الجديد، لكنها فترة ليست قصيرة، فهي تناهز ربع العام، لذا تتطلّب تصوّرًا دقيقًا وواضحًا لإجازة الصيف، حيث يغتنم الأطفال والشباب هذا الزمن الطويل بشكل مفيد، فلا يمضي العمر سُدى. إنّ الإجازة الصيفية جزء مهمّ من حياتنا يحتاج تخطيطًا جيدًا يلبّي حاجات أبنائنا، لذا لابدّ أولًا من الاستماع إلى هؤلاء الأطفال والشباب وفهم نظرتهم إلى هذه الفترة المهمّة من السنة ومن حياتهم. إنّ المدرسة لا يمكن أن نحمّلها منفردة المسؤوليّة في بناء شخصية أبنائنا وإكسابهم العديد من المهارات؛ فالكثير من الأطفال والشباب بحاجة إلى اكتساب مهارات رياضية واجتماعية بالإضافة إلى تطوير مهارات القراءة السريعة أو الكتابة السريعة أو مهارات فهرسة المعلومات ومهارات الكتابة على الحاسوب، فضلًا عن مهارات الحياة عمومًا. ويمكن أن يكتسب الشباب هذه المهارات من خلال دورات تدريبية على غرار تلك التي تقوم بها مراكز الأطفال والمراكز الشبابية وغيرها. فضلًا عن الدخول في الحياة العملية مع الوالدين أو الأقارب في مجالات الصناعة والبيع والشراء، أو المشاركة في الأعمال التطوعيّة؛ حيث توفّر هذه المجالات فرصة كبيرة للشباب لتوسيع دائرة معارفهم، وتطوير ذواتهم من خلال ما يكتسبونه من مهارات متنوّعة ولا سيما في التعامل المباشر مع وضعيات حياتية واقعية. إنّه متى شعر الأطفال والشباب بالاستفادة من هكذا دورات وتجارب حياتية، واستشعروا الفروق الواضحة بين الخبرات المدرسية والمهارات الحياتية المكتسبة خلال الإجازة الصيفيّة، فإن النظر إلى وقت الإجازة الصيفية سيتغيّر؛ فلا مجال لقتل وقت الفراغ ولا هدر الزمن، إنما المجال لتصميم الأهداف وتحقيقها من أجل بناء الذات صيفًا وشتاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store