logo
جنود إسرائيليون: الجيش أطلق النار عمدا على فلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات

جنود إسرائيليون: الجيش أطلق النار عمدا على فلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات

الجزيرةمنذ 4 ساعات

القدس المحتلة- أفاد ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي بأنهم تلقوا أوامر صريحة بإطلاق النار عمدا على مدنيين فلسطينيين مجوّعين قرب مواقع توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة ، خلال الشهر الأخير، وذلك لإبعادهم أو تفريقهم رغم علم القادة بأن هؤلاء المدنيين لا يشكلون أي خطر.
وتشير شهادات الجنود والضباط ب الجيش الإسرائيلي إلى سياسة قمعية ممنهجة تستخدم فيها نيران المدفعية، والقناصة، والقذائف على حشود مدنية تبحث عن الغذاء، ما أسفر عن أكثر من 500 شهيد وآلاف الجرحى في أسابيع قليلة.
وبحسب "هآرتس"، فإنه -بعيدا عن أي حديث عن أخطاء فردية- تبرز صورة عمليات متعمدة لتجويع النازحين الفلسطينيين بالقطاع وإرهابهم بالقوة، مما يرقى إلى جريمة حرب موصوفة يجري تبريرها بذريعة "ضبط النظام" والتحقيقات الشكلية.
هذه السياسة -بحسب شهادات الجنود والضباط أنفسهم- حولت منطقة توزيع المساعدات إلى ساحة قتل جماعي، هدفها ردع الفلسطينيين لمجرد محاولتهم الحصول على الطعام.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد استشهد منذ 27 مايو/أيار 549 شخصا قرب مراكز الإغاثة أو في أماكن انتظار شاحنات الغذاء التابعة ل لأمم المتحدة ، وأصيب أكثر من 4000 شخص، مع صعوبة تحديد العدد الدقيق للضحايا بنيران الجيش الإسرائيلي.
تحقيق شكلي
تكشف شهادات الجنود والضباط تلقيهم أوامر صريحة بإطلاق النار على مدنيين مجوعين قرب مراكز الإغاثة، رغم عدم وجود أي خطر، وجاء ذلك ضمن التحقيق الذي أعده كل من نير حسون، ويانيف كوبوفيتش، وبار بيليغ، لصحيفة "هآرتس"، إذ نقلوا عن الجنود وصفهم الوضع بأنه "فقدان تام لنقاء السلاح في غزة".
وفي محاولة من السلطات الإسرائيلية للتنصل من المسؤولية وتجنب الملاحقة القضائية في المحافل والمحاكم الدولية، أوعز مكتب المدعي العام العسكري إلى آلية التحقيق التابعة لهيئة الأركان العامة بفتح تحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب في هذه المناطق.
وتقول الصحيفة إن "ما يجري ليس انزلاقا أو خطأ، بل سياسة ممنهجة لإرهاب وتجويع شعب بأكمله، في جريمة حرب سافرة تتستر خلف ذرائع وتحقيقات شكلية"، ووصفت إجراءات التحقيق بأنها "خطوة شكلية تهدف أساسا لامتصاص الانتقادات الدولية دون تقديم أي محاسبة حقيقية".
وبحسب رصد الصحيفة، فقد ازداد عدد القتلى الفلسطينيين المدنيين قرب مراكز التوزيع في الأسابيع الماضية، ففي شهر يونيو/حزيران، قتل 57 شخصا في اليوم الـ11، و59 في اليوم الـ17، ونحو 50 في اليوم الـ24، مقارنة بـ 27 قتيلا يوميا في الأسبوع الأول من الشهر ذاته.
وفي إجراء وصفته الصحيفة بـ"الشكلي"، عقدت القيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي نقاشا عن إطلاق المدفعية على تجمعات مدنية، ووفق مصدر حضر الاجتماع، فقد "تحدثوا عن المدفعية وكأنها خيار طبيعي، من دون أن يسأل أحد لماذا نستخدم هذه الأداة أصلًا ضد مدنيين".
ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير بالجيش الإسرائيلي، إن "تطبيع قتل المدنيين" أدى إلى هذه النتائج المروعة، متسائلا "لماذا يقتل من جاء ليأخذ كيس أرز؟ هل يجب قصفه بالمدفعية؟".
وبسبب هذه الشهادات، أمر مكتب المدعي العام العسكري بفتح تحقيق في بعض الحوادث، وأوضح مسؤولون قانونيون، أن الادعاء بأنها حالات فردية لا يصمد في الواقع، "لا نتحدث عن بضع إصابات، بل عن عشرات القتلى والجرحى يوميا بسبب قذائف مدفعية وهاون وقنابل يدوية" حسب قولهم.
ومع ذلك، تبقى التحقيقات العسكرية قليلة وشكلية مقارنة بعدد الحوادث، وغالبا ما تكتفي القيادة الجنوبية بأخذ شهادات القادة الميدانيين من دون فرض أي عقوبات تأديبية.
خلفية غامضة
تعمل مجمعات المساعدات التي يشرف عليها صندوق " مؤسسة غزة الإنسانية" منذ نحو خمسة أسابيع، ويجتمع يوميا فيها آلاف أو عشرات الآلاف من الفلسطينيين للحصول على الغذاء، لكن التوزيع غير منظم، بل يتحول إلى تزاحم جماعي على صناديق الغذاء.
تعد ظروف إنشاء هذا الصندوق وتمويله غير واضحة تماما، إلا أن المعروف أنه أُسس بمبادرة إسرائيلية بالتعاون مع مجموعات إنجيلية في الولايات المتحدة وشركات أمن خاصة.
وتعمل المراكز بحراسة الجيش الإسرائيلي، ويترأس المؤسسة مدير تنفيذي إنجيلي مقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ورئيس الوزراء ب نيامين نتنياهو ، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وتدير المؤسسة أربعة مراكز لتوزيع الطعام في غزة، ثلاثة في الجنوب وواحد في الوسط، ويعمل فيها موظفون أميركيون وفلسطينيون. أما الجيش الإسرائيلي فيحرس هذه المواقع من مسافات بعيدة تصل إلى مئات الأمتار، بحسب ما أفادت الصحيفة.
وأحصت الصحيفة 19 حادثة إطلاق نار في محيط هذه المستودعات منذ افتتاحها، ورغم أن هوية مطلقي النار ليست واضحة دائمًا، إلا أن الجيش الإسرائيلي يسيطر على المنطقة ولا يسمح بحركة المسلحين فيها من دون علمه.
عشوائية القتل
تفتح المستودعات عادة في تمام الساعة الواحدة صباحا، وتشير شهادات الجنود والضباط إلى أن الجيش الإسرائيلي يطلق النار على من يقتربون من الموقع لتفريقهم، سواء قبل هذا الموعد أم بعده، رغم أنهم مدنيون ومجوّعون، كما أكدوا أنه في بعض الحالات كان إطلاق النار ليلا باتجاه مناطق غير مضاءة، ما جعل المدنيين يخطئون في تقدير الحدود المسموحة لهم.
ووصف جندي في إفادته للصحيفة الوضع، "إنها ساحة قتل وميدان إعدام، حيث قتل بالموقع الذي وُجدت فيه ما بين شخص وخمسة يوميا، كنا نطلق النار عليهم كما لو كانت قوة مهاجمة، رشاشات ثقيلة، قنابل يدوية، قذائف هاون، من دون استخدام أي وسائل لتفريق التجمعات أو الغاز المسيل للدموع".
وأوضح أن إطلاق النار لا يتوقف إلا عندما تفتح مراكز التوزيع، ليعرف السكان عندها أن بوسعهم الاقتراب، مضيفا "نحن نتواصل معهم عبر النيران".
وأضاف "يتم إطلاق النار أيضا على من يلتف حول الموقع من مئات الأمتار، وأحيانا من مسافات قريبة، رغم أنه لا يوجد أي خطر علينا، لم أر أي إطلاق نار من الطرف الآخر ولا أي أسلحة، لا يوجد عدو ولا سلاح"، مشيرا إلى أنه يُطلق على ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في هذه المناطق بـ"عملية الفسيخ العسكرية"، في إشارة إلى وجبة السمك المملح المعروفة في قطاع غزة.
وأشار إلى أن القوات تطلق النار ليلا لتحذير السكان من الاقتراب باعتبارها "منطقة قتال"، موضحا أنه عند توقف قصف الهاون يبدأ الناس بالاقتراب فيُستأنف إطلاق النار لمنعهم، ما أدى أحيانًا إلى سقوط قذائف على المدنيين.
كما لفت إلى أن السكان غالبا لا يعرفون مواعيد فتح المراكز، ما يسبب فوضى، وقال "في بعض الحالات أُعلن فتح المركز ظهرا، فجاء الناس في الصباح الباكر، فتم إلغاء التوزيع تماما".
تواطؤ على الإجرام
بحسب شهادات الجنود "كان من المفترض الحفاظ على مسافات آمنة بين القوات المسلحة والمدنيين الفلسطينيين، لكن ما يجري على الأرض أن العمليات العسكرية تتداخل مع نشاطات شركات المقاولات، التي تحصل على أموال مقابل تدمير المباني في غزة".
وقال أحد الجنود في شهادته للصحيفة "يحصل المقاول على 5000 شيكل (1430 دولارا) عن كل بيت يهدمه، ولحمايته، نقترب من مناطق توزيع المساعدات، وعندما يقترب الناس، يحدث إطلاق نار وسقوط ضحايا".
وبرز في هذه الشهادات اسم العميد يهودا فاخ، قائد الفرقة 252، الذي سبق أن اتهم بتعريض الجنود للخطر وتدمير مستشفى في غزة، وقال ضباط في شهادتهم، إن فاخ هو من تبنى سياسة تفريق المدنيين المنتظرين شاحنات الأمم المتحدة بإطلاق النار.
كما أكد جندي مدرع احتياطي تلقيه أوامر بـ"إبعاد" المدنيين باستهدافهم بالنيران، موضحا أن "من ينتظرون الشاحنات يختبئون أحيانا وينقضون عليها، لكنهم لا يشكلون خطرًا حقيقيًا، ورغم ذلك، أصبح إطلاق القذائف إجراء روتينيا، يسقط فيه قتلى وجرحى في كل مرة".
وأوضح أحد الضباط في شهادته للصحيفة، أنه توجد حول مراكز توزيع المساعدات حلقات أمنية متتالية، في الداخل منظمون فلسطينيون، بعضهم مسلحون ويتبعون مليشيا " أبو الشباب" المحلية التي تدعمها إسرائيل، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي الحلقة الخارجية مستخدما دبابات وقناصة وقذائف هاون، بزعم حماية المنطقة وتسهيل توزيع المساعدات.
وأشارت شهادات أخرى من جنود وضباط، إلى أن بعض القتلى سقطوا فعلا بنيران جماعات "أبو الشباب"، وقال ضابط "هناك مناطق لا تدخلها حماس وتسيطر عليها هذه الجماعات، والجيش يشجعها ويدعمها".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: أشكر قطر التي عملت بشكل وثيق معنا من أجل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية
ترامب: أشكر قطر التي عملت بشكل وثيق معنا من أجل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

الجزيرة

timeمنذ 14 دقائق

  • الجزيرة

ترامب: أشكر قطر التي عملت بشكل وثيق معنا من أجل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

عاجل | ترمب: قطر والاتحاد الإفريقي بذلا جهودا حثيثة في التنسيق والعمل من أجل تحقيق هذا الاتفاق عاجل | ترامب: أشكر قطر التي عملت بشكل وثيق معنا من أجل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

هل تنجح خطة نتنياهو لـ"شرق أوسط جديد" أم يفرض العرب واقعا مختلفا؟
هل تنجح خطة نتنياهو لـ"شرق أوسط جديد" أم يفرض العرب واقعا مختلفا؟

الجزيرة

timeمنذ 19 دقائق

  • الجزيرة

هل تنجح خطة نتنياهو لـ"شرق أوسط جديد" أم يفرض العرب واقعا مختلفا؟

بعد الغارات التي نفذتها إسرائيل بمشاركة أميركية على منشآت نووية إيرانية بدا أن تل أبيب تتحرك بأقصى ما تملك من قوة لإعادة رسم خريطة المنطقة متسلحة بما تصفه بـ"نصر إستراتيجي" على العدو الأخطر، ومروجة لفكرة شرق أوسط جديد تنحسر فيه مكانة إيران وتتلاشى القضية الفلسطينية. ولم تكن الخريطة التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أشهر في الأمم المتحدة وغابت عنها الضفة الغربية و قطاع غزة مجرد صورة رمزية، فوفق المتابعين تمثل جزءا من تصور إسرائيلي لواقع إقليمي جديد تُحسم فيه القضايا العالقة بالقوة، وتتقدم فيه إسرائيل إلى صدارة المشهد كقوة مهيمنة لا كفاعل بين آخرين. وفي هذا السياق، يرى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" أن الضربة ضد إيران لم تكن سوى تتويج لسلسلة ممتدة من العمليات التي استهدفت ما تسميه إسرائيل "وكلاء طهران"، من غزة إلى لبنان. ووفق مكي، فإن المشروع الإسرائيلي لا يقتصر على تفكيك المحور الإيراني، بل يمتد ليشمل فرض نموذج شرق أوسطي جديد يقوم على التعاون الاقتصادي والانضباط الأمني، ويقصي كل من يعارضه. وتستند الرؤية الإسرائيلية -كما يصفها- إلى تصفية القوى الخارجة عن سيطرة الدولة، وتحويل دول المنطقة إلى كيانات "مطبعة" منشغلة بالتنمية، في حين تُقصى الجماعات المناهضة لإسرائيل وتُحاصر الأنظمة غير المنسجمة مع منطق السوق والتحالفات الغربية. تحولات سياسية كبرى ولا تبدو المعركة الأخيرة مجرد ضربة عسكرية، فبحسب تل أبيب باتت إيران أبعد عن امتلاك القدرة النووية، مما يمهد الطريق أمام تحولات سياسية كبرى، ومع ذلك يشير مكي إلى أن هذا الطموح يغفل حجم التعقيدات في المنطقة، ويحمل شيئا من الغرور الذي قد يصطدم مجددا بوقائع لا تنكسر بسهولة. أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى فيتحدث عن 3 مقاربات إسرائيلية لرؤية الشرق الأوسط الجديد: الأولى ظهرت في تسعينيات القرن الماضي حين ربط شيمون بيريز بين السلام مع الفلسطينيين واندماج إسرائيل في المنطقة، وتمثلت الثانية في تجاوز القضية الفلسطينية لصالح تطبيع سريع ومباشر مع العرب. أما المقاربة الحالية التي يقودها نتنياهو فترتكز على التفوق العسكري وحده، وهي لا حاجة فيها لاتفاقيات أو مقترحات سلام، بل قوة ضاربة تُسكت الخصوم وتفرض إيقاعا جديدا على الإقليم، وهكذا لا تعود تل أبيب تطالب بحل سياسي، بل تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية بالقوة بالتوازي مع تفكيك النفوذ الإيراني. وبناء على هذه الركائز ترى إسرائيل أن إضعاف محور المقاومة وحسم الصراع الفلسطيني لصالحها يقودان حتما إلى تطبيع واسع مع العرب، وتعود في ذلك -بحسب مصطفى- إلى نظرية جابوتنسكي القديمة "العرب لا يقبلون بإسرائيل إلا إذا كانت قوة لا تُقهر". لكن المعطيات على الأرض لا تسير في هذا الاتجاه بالسهولة المتخيلة، فحتى وإن تلقت إيران ضربة موجعة -كما تقول واشنطن وتل أبيب- فإن قدرتها على إعادة بناء برنامجها النووي لم تتلاشَ، كما أن الأطراف العربية -خاصة السعودية ومصر- لم تسلّم بعد بقيادة إسرائيلية للإقليم. الرؤية الأميركية للمنطقة بدوره، يرى الخبير العسكري الدكتور أحمد الشريفي أن الرؤية الأميركية للشرق الأوسط الجديد تتجاوز إسرائيل وحدها، وتهدف إلى إعادة تشكيل جغرافيا المصالح الأميركية على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي، لكنها بشكل يخدم التوازنات الإستراتيجية في وجه خصوم واشنطن، من طهران إلى بكين. ولا يستبعد الشريفي أن تكون الولايات المتحدة بصدد هندسة بنية إقليمية جديدة تجمع الحلفاء وتُقصي الخصوم، لكن هذا لا يعني -من وجهة نظره- أن إسرائيل ستكون القاطرة الوحيدة للمشروع، فدول الخليج وبعض العواصم الإقليمية كأنقرة والدوحة والرياض باتت فاعلة في المعادلة، وتملك أوراقا تجعلها شريكة لا تابعة. وفي خلفية هذه الحسابات، تعود القضية الفلسطينية إلى الواجهة رغم كل محاولات التهميش حسبما يرى الشريفي، فالسعودية مثلا لم تتخل عن شروطها للانضمام إلى ركب التطبيع، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية، بل إنها تعمل على حشد دولي لإطلاق مؤتمر خاص بهذا الهدف. وبحسب مكي، فإن هذا الحراك لا يخرج عن مسار مواجهة الرؤية الإسرائيلية التي تراهن على شطب القضية الفلسطينية من الذاكرة السياسية، كما أن مشاريع التنمية الخليجية الكبرى مثل نيوم تمضي في طريقها دون الحاجة إلى شراكة إسرائيلية، بل ربما تتفوق عليها وتحد من تأثيرها. ولا يُختزل الدور الأميركي في هذا السياق في الدعم العسكري لتل أبيب، فثمة مؤشرات على رغبة في احتواء إيران بدلا من إسقاطها، بل إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب -قبل أن يعود للتصعيد- حملت رسائل موجهة لطهران تدعوها إلى الانضمام للنظام الدولي مقابل رفع العقوبات. تبلور محور جديد لكن -كما يقول مكي- فإن طبيعة النظام الإيراني لا تسمح بسهولة بقبول مثل هذا العرض إلا إذا فقدت طهران آخر ما تبقى من رصيدها الأيديولوجي، وحتى في حال الانكفاء لا يبدو أن إسرائيل قادرة على فرض واقع إقليمي منفرد، خاصة في ظل تبلور محور جديد يضم تركيا وبعض العواصم العربية. هذا المحور -الذي تشكل بعض ملامحه العلاقة المتنامية بين أنقرة والرياض وعودة سوريا إلى دائرة التواصل العربي- قد يمثل -وفق مكي- موازنا فعليا للرؤية الإسرائيلية، وإن تطور وتبلور فسيحول دون فرض الشرق الأوسط الذي تحلم به تل أبيب، وسيعيد تشكيل المشهد على نحو مختلف. إعلان ويظهر الإخفاق الإسرائيلي في حسم معركة غزة وترددها في فرض تسوية نهائية في الضفة حدود ما يمكن أن تفعله القوة العسكرية. وعلى الرغم من كل الدعم الأميركي فإن القضية الفلسطينية تبقى عصية على التصفية ما دامت تستعيد حضورها كلما ظن البعض أنها اندثرت. وبينما يحاول نتنياهو تقديم نفسه باعتباره صانع التحولات الكبرى يرى مصطفى أن الداخل الإسرائيلي يشهد صراعا بين تيارين: أولهما إستراتيجي يسعى إلى تسويات عقلانية، وثانيهما أيديولوجي مسياني يرفض أي حل لا يتضمن الهيمنة المطلقة. وفي اللحظة الراهنة يبدو أن واشنطن ممثلة بترامب تراهن على إنقاذ الأول عبر تمكين نتنياهو سياسيا حتى لو تطلب الأمر إعادة تشكيل الائتلاف الحاكم.

إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟
إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

إيران وإسرائيل.. من يشعل المواجهة المقبلة؟

06:45 على وقع صمت المدافع بدأت الأسئلة تتكاثر بشأن من خرج رابحا ومن خسر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة، وسط تكتم إعلامي رسمي وشح في المعطيات الميدانية، مما جعل التحليلات تتأرجح بين النصر واللانصر. اقرأ المزيد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store