
هدنة ترامب في غزة.. فرصة تسوية أم فخ سياسي؟
ترامب يفرض الإيقاع: التهدئة أو التصعيد
ظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه المرة أكثر إصرارا على فرض اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. في منشور على منصته "تروث سوشيال"، أعلن موافقة إسرائيل على شروط اتفاق هدنة لستين يومًا، مؤكدًا أن واشنطن ستتولى التنسيق مع الوسطاء القطريين والمصريين لإنهاء الحرب خلال هذه المهلة، ومطالبا حماس بالموافقة، محذرًا من أن "البديل سيكون أسوأ".
لم يخفِ ترامب أيضًا نيته الضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب خلال لقائهما المرتقب في واشنطن، وهو ما يعكس تصميمه على تحقيق اختراق سياسي في ملف غزة، يعزز مكانته كـ"صانع صفقات"، ويقدم إنجازا يمكن استثماره داخليا وخارجيا، خاصّة مع رغبته في توسيع اتفاقات أبراهام نحو مزيد من الدول العربية.
إسرائيل: موافقة مشروطة ورسائل تهديد مزدوجة
ورغم ما أعلنه ترامب من "موافقة إسرائيلية"، إلا أن الرسائل الآتية من تل أبيب تكشف واقعًا مغايرًا. فقد أفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن أي وقف للعمليات العسكرية سيكون مشروطًا بـ"رسالة ضمان" أميركية، تتيح لإسرائيل استئناف العمليات العسكرية إذا لم تلتزم حماس بشروط تتعلق بنزع سلاحها واستبعاد قادتها.
كما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين تهديدا صريحا بأن الجيش الإسرائيلي مستعد لتحويل غزة والمخيمات إلى "رفح ثانية" إذا لم تحرز مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى أي تقدم.
وبحسب مسؤول سياسي بارز، فإن استمرار العمليات العسكرية يبقى خيارًا مطروحًا، ما لم تتجاوب حماس مع الطروحات الإسرائيلية.
من الجانب الآخر، عبّرت حماس عن استعداد مشروط للتجاوب مع المبادرة. ففي حديثه إلى "سكاي نيوز عربية" عبر برنامج الظهيرة، قال إبراهيم المدهون، مدير مؤسسة "فيميد" الإعلامية، إن الحركة تضع أولوية مطلقة لوقف الحرب وحقن الدماء، لكنها ترفض بشكل قاطع أي طرح يتعلق بنزع سلاحها أو إبعاد قياداتها، معتبرًا ذلك "ليس فقط مرفوضًا، بل غير قابل حتى للنقاش".
المدهون أكد أن القرار داخل حماس مؤسساتي، وأن القيادة الداخلية، رغم ظروف الحرب، تملك الكلمة الفصل. وأوضح أن حماس منفتحة على إطلاق سراح الأسرى مقابل انسحاب إسرائيلي كامل وضمانات حقيقية لوقف دائم للحرب، لكنها تشكك في نوايا واشنطن وتعتبر أن ترامب يتحدث "بلسان إسرائيل" في بعض مواقفه.
وأشار إلى أن الحركة لا تتخذ قراراتها بضغط خارجي، بل عبر مشاورات بين قيادتها العسكرية والسياسية، في الداخل والخارج، وعلى رأسها المكتب السياسي ومجلس الشورى و كتائب القسام ، مع التشاور مع الحلفاء الإقليميين مثل قطر و تركيا و مصر. وشدّد على أن القبول بهدنة لا يعني القبول بإملاءات سياسية أو شروط استسلام.
ترامب ونتنياهو.. علاقة ملتبسة وضغوط متبادلة
يرى طارق الشامي، الباحث والكاتب السياسي، من جهته أن علاقة ترامب بنتنياهو تمر بمرحلة غير مسبوقة من الضغط والتداخل. فالرئيس الأميركي لا يكتفي بدعم سياسي أو عسكري لإسرائيل، بل بات يوجه انتقادات علنية ويتدخل في ملفات داخلية إسرائيلية، في مشهد لم يُسجل في تاريخ العلاقات بين واشنطن وتل أبيب.
وبحسب الشامي، فإن ترامب يرى في اللحظة الراهنة فرصة ذهبية للضغط على نتنياهو ، الذي ارتفعت شعبيته في الداخل الإسرائيلي بعد الضربات التي وجهت إلى إيران. ومع ذلك، فإن نتنياهو يواجه مأزقا داخليا، إذ إن أي تنازلات قد يفقده دعم اليمين المتطرف، ما يجعله يبحث عن توازن صعب بين إرضاء واشنطن والحفاظ على تحالفاته.
ترامب، من جانبه، يتعامل مع الملف بعقلية صانع صفقات، لكنه ليس ميلاءً لتقديم "ضمانات مكتوبة"، كما يشير الشامي، بل يمارس نفوذه عبر التهديد بالتصعيد أو استثمار القنوات الإقليمية في تمرير مقترحاته، ويراهن على أن "اللحظة الفارقة" قد تجبر الطرفين على قبول شروطه.
حسابات حماس.. بين الواقع الميداني والضمانات الغائبة
في المقابل، تبدو حماس أكثر ميلا إلى الهدنة هذه المرة، لكن بشروط تضمن استمرار المفاوضات لما بعد فترة الستين يومًا، مع اشتراط وقف الحرب بالكامل، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح الأسرى.
فالحركة، كما يقول المدهون، تدرك فداحة الكارثة الإنسانية في غزة ، لكنها لا تقبل بحل جزئي يُستخدم كغطاء لعودة الاحتلال بعدها بيد أكثر دموية.
ويؤكد المدهون أن أي طرح يهدف إلى نزع سلاح حماس أو تهجير قادتها هو تمهيد لمشروع تهجير فلسطيني أوسع، لا تقبله لا حماس ولا السلطة الفلسطينية ولا أي طرف فلسطيني.
ويشدّد على أن مرونة الحركة مرهونة بضمانات سياسية واضحة ومراقبة دولية تضمن عدم استغلال الهدنة لمصالح إسرائيلية تكتيكية.
دور الوسطاء واحتمالات انتشار نموذج 'قوة عربية مشتركة'
في ظل تعقيد المشهد، يتزايد الحديث عن مقترحات غير معلنة تشمل نشر قوات عربية مشتركة لإدارة غزة، بدعم أميركي. وتشير معلومات تسربت عن محادثات واشنطن إلى أن الفكرة تتضمن مشاركة عربية، في إدارة المرحلة الانتقالية، مع إبعاد حماس عن الواجهة، دون مواجهتها مباشرة.
لكن هذا السيناريو، وإن كان مرضيا لإسرائيل والولايات المتحدة، يواجه رفضًا شعبيًا وميدانيًا في غزة، فضلًا عن أنه يتطلب توافقًا دوليًا معقدًا، وإجماعًا فلسطينيًا غير متوفر حاليًا.
على الأرض، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تعمل بكثافة. وأشار مراسل سكاي نيوز عربية في القدس، بشار زغير، في هذا الخصوص إلى أن مشاهد القصف والدمار، مثلما حدث في استراحة شاطئ غزة، تتكرر بلا توقف، رغم محاولات تبريرها المتكررة من الجانب الإسرائيلي.
ويرى أن رواية إسرائيل باتت تتعامل مع سكان غزة وكأنهم "كتلة واحدة" تُختزل في حماس، ما يُفاقم مناخ الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ويجعل من الصعب على أي وساطة أن تكتسب المصداقية في أعين سكان القطاع ما لم تقترن بضمانات حقيقية ووقف كامل للعدوان.
رغم الحزم الذي يبديه ترامب، والانفتاح الحذر من قبل حماس، والموافقة المشروطة من تل أبيب، فإن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لا يزال محفوفًا بالمخاطر.
فالتهدئة، كما تُطرح حاليًا، ليست سوى مرحلة مؤقتة قد تفتح الباب لحل أوسع، أو تعيد الجميع إلى مربع النار. ويبقى السؤال: هل يملك ترامب ما يكفي من النفوذ لإلزام الطرفين بقبول تسوية شاملة؟ وهل تستطيع حماس أن تقبل هدنة دون أن تدفع ثمنًا سياسيًا وأمنيًا؟ وهل يسمح اليمين الإسرائيلي بأي تنازل يُنظر إليه كـ"نصر لحماس"؟.
الإجابة ستكون ميدانية أولًا، وسياسية ثانيًا، وخاضعة لحسابات الإقليم في نهاية المطاف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 29 دقائق
- العين الإخبارية
سعر الذهب اليوم يتراجع بعد اتفاق تجاري بين أمريكا وفيتنام
تراجعت أسعار الذهب اليوم الخميس مع انحسار التوتر بين الولايات المتحدة وفيتنام عقب إبرامهما اتفاقًا تجاريًا. يأتي ذلك بينما يترقب المتعاملون بيانات الوظائف الأمريكية في وقت لاحق من اليوم للحصول على مؤشرات حول مسار الفائدة الأمريكية. سعر الذهب اليوم بحلول الساعة 0329 بتوقيت أبوظبي، هبط الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 3345.57 دولار للأوقية (الأونصة). وخسرت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.1% إلى 3356.60 دولار. رسوم جمركية أقل وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأربعاء إن الولايات المتحدة ستفرض رسومًا جمركية أقل مما تعهدت به بنسبة 20% على سلع مختلفة من فيتنام. وتعد الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا عاشر أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. في الوقت نفسه، سعى المفاوضون الأمريكيون والهنود إلى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لخفض التعريفات الجمركية قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب في التاسع من يوليو/ تموز. ومع ذلك، لا تزال الخلافات حول منتجات الألبان والصادرات الزراعية الأمريكية دون حل، حسبما أفادت مصادر مطلعة على المحادثات. ولم يُظهر ترامب مؤشرات على تمديد الموعد النهائي للمفاوضات على الرغم من تعثر المناقشات مع اليابان، وهي شريك تجاري رئيسي آخر، لكنه عبّر عن تفاؤله بشأن الاتفاق مع الهند. الوظائف الأمريكية وجاء في تقرير التوظيف الصادر عن مؤسسة إيه.دي.بي للأبحاث أن عدد وظائف القطاع الخاص في الولايات المتحدة هبط 33 ألف وظيفة في يونيو/ حزيران، مسجلًا أول انخفاض في أكثر من عامين إذ أعاقت حالة عدم اليقين الاقتصادي التوظيف. ويترقب المستثمرون الآن تقرير الوظائف غير الزراعية ويصدر اليوم الخميس، ومن المتوقع أن يُظهر زيادتها 110 آلاف وظيفة في يونيو/ حزيران بانخفاض من 139 ألفًا في مايو/ أيار، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز. وتتوقع السوق حاليًا خفض سعر الفائدة الأمريكية 66 نقطة أساس هذا العام بين سبتمبر/ أيلول وديسمبر/ كانون الأول. أسعار المعادن النفيسة بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.6% إلى 36.36 دولار للأوقية، وخسر البلاتين 0.5% إلى 1412.13 دولار وهبط البلاديوم 0.4% إلى 1150.28 دولار. aXA6IDIwOS4yNDIuMjA2LjEzNSA= جزيرة ام اند امز SI

سكاي نيوز عربية
منذ 31 دقائق
- سكاي نيوز عربية
نتنياهو: سنقضي على حماس حتى جذورها
ونقل بيان صادر عن مكتب نتنياهو قوله، خلال كلمة ألقاها في مدينة عسقلان جنوب إسرائيل: "أقول لكم. لن تكون هناك حماس بعد الآن. لن تكون هناك حماستان. لن نعود إلى ذلك الوضع. انتهى الأمر". وأضاف نتنياهو: "سنحرر جميع رهائننا"، وتابع: "سنقضي على حماس حتى جذورها". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن، الثلاثاء، أن إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لهدنة مدتها 60 يوما في النزاع المستمر منذ 21 شهرا. وخلال هذه الفترة، ستعمل الولايات المتحدة مع جميع الأطراف لإنهاء الحرب. ودعا ترامب حركة حماس إلى الموافقة على الاتفاق. من جانبها، قالت حماس، الأربعاء، إنها ستدرس المقترح المقدم من الوسطاء، مضيفة عبر قناتها على تطبيق تليغرام: "نتعامل مع هذا الأمر بمسؤولية كبيرة". بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر ، إن غالبية أعضاء الحكومة الإسرائيلية يدعمون اتفاقا بشأن غزة يتضمن إطلاق سراح الرهائن. وكتب ساعر على منصة إكس: "إذا توفرت الفرصة، يجب ألا نضيعها!". ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو الرئيس ترامب في واشنطن الأسبوع المقبل.

سكاي نيوز عربية
منذ 35 دقائق
- سكاي نيوز عربية
نهاية "عربات جدعون" في غزة.. وإسرائيل تطلق "الأسد ينهض"
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن "المرحلة الجديدة من الحرب على غزة تحمل اسم الأسد ينهض". وقال وزير الدفاع الإسرائيلي ، يسرائيل كاتس: "تهدف المناورة إلى تحقيق الهدفين - إعادة الرهائن وضمان عدم تواجد حماس هنا، ولن نتراجع عن هذا الهدف". وأضاف: "إعادة الرهائن والانتصار - هذه مهمتنا، ولا مجال للتخلي عنها، ولا مجال للتنازل عنها، ونحن نتفهم الثمن الذي دفعناه وأرى المواد طوال الوقت، وربما ترون أن حماس لم تتغير، فهي تسعى باستمرار للعودة إلى ما كانت عليه". كما أشار إلى أن "حماس خططت لمساعدة إيران على تحقيق خطتها لتدمير إسرائيل حتى في الحملة الأخيرة.. الهجوم بالصواريخ وغزو من سوريا ولبنان والأردن وغزة، ومن أي مكان آخر لشن هجوم على إسرائيل". وتعرض الجيش الإسرائيلي خلال الـ 24 ساعة الماضية لسلسلة من الحوادث في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، قتل فيها قائد دبابة وأصيب 8 جنود 3 منهم في حالة خطيرة. يأتي ذلك وسط جهود مكثفة يبذلها الوسطاء لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث كشفت حركة حماس، الأربعاء، عن إجراء مشاورات وطنية لمناقشة مقترحات الوسطاء بشأن اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين.