
صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إيران
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية تداعيات العدوان المستمر على قطاع غزة والحرب مع إيران، مبرزة ما وصفته بفشل إستراتيجي يعكس عجز تل أبيب عن تحقيق أهدافها المعلنة، سواء في القطاع أو على الجبهة الداخلية، رغم الرواية الرسمية التي تتحدث عن "نجاحات" عسكرية وسياسية.
وفي مقال بصحيفة هآرتس، وُصفت الحرب على غزة بأنها "بلا مبرر"، في ظل صمود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتوالي المقاطع المصورة التي تظهر الكلفة البشرية الباهظة التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي، وأشارت الصحيفة إلى أن الشعور بالإحباط يتنامى في أوساط الجنود، رغم محاولات التقليل من هذه المعطيات.
وبحسب المقال، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر على مواصلة عملياته في غزة، رغم غياب الإنجازات الواضحة، وتزايد التساؤلات داخل الأوساط السياسية والعسكرية عن جدوى استمرار الحملة، بينما تخوض تل أبيب معارك خاسرة على الصعيد الدعائي والإنساني.
أما صحيفة معاريف، فقد ركزت على التداعيات الداخلية للهجمات الإيرانية التي استهدفت إسرائيل، مشيرة إلى أن آلاف المتضررين من القصف يرون أن الحكومة فشلت في حمايتهم.
ولفتت إلى أن "مقامرة نتنياهو" ضد البرنامج النووي الإيراني لا تعفيه من المسؤولية عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالممتلكات والخسائر الاقتصادية الناتجة عن التصعيد.
وذكرت الصحيفة أن مساعي الحكومة لتعويض المواطنين المتضررين تصطدم بتعقيدات بيروقراطية وتضارب في التصريحات الرسمية، مما يزيد من السخط الشعبي ويقوض الثقة بالإدارة الحالية، خصوصا مع تجاهل المخاوف المتكررة من التصعيد المستمر.
تحقيقات غير مجدية
وفي السياق ذاته، سلط تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على تحقيقات أعلنها الجيش الإسرائيلي بعد اتهامات بقتل مئات الفلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات.
وأشار التقرير إلى أن وثائق طبية صادرة عن منظمات غير حكومية مستقلة تؤكد وقوع أعداد كبيرة من القتلى والمصابين برصاص مباشر أو قصف مدفعي إسرائيلي.
لكن الصحيفة نبهت إلى أن التحقيقات الإسرائيلية نادرا ما تؤدي إلى محاسبة حقيقية، وسط انتقادات متصاعدة للمؤسسة العسكرية بشأن الإفلات من العقاب، وغياب الشفافية في مراجعة الانتهاكات المتكررة خلال العمليات العسكرية في القطاع.
من جهتها، ركزت صحيفة لوموند الفرنسية على إعلان الإدارة الأميركية تخصيص 30 مليون دولار لدعم الجهة المسؤولة عن توزيع المساعدات في غزة، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي في وقت يتزايد فيه التوتر حول مراكز الإغاثة.
وأشارت إلى أن الشركة المتعاقدة مع الجهات الدولية تواجه انتقادات بسبب غياب الحياد وشيوع مظاهر الفوضى وانعدام الأمن خلال عمليات التوزيع.
ترتيبات مؤقتة
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أن واشنطن تحاول عبر هذا الدعم إرسال رسالة سياسية بأنها منخرطة في تهدئة الأوضاع، دون أن تغيّر في واقع الاعتماد المفرط على ترتيبات مؤقتة لا تعالج جذور الأزمة الإنسانية.
وفي مقالة رأي نشرتها مجلة فورين أفيرز، شارك في كتابتها الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل ، تم التأكيد على ضرورة تبني خطة أوروبية موحدة وأكثر صرامة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ورأى بوريل أن الضغوط المنفردة من دول أوروبية لم تنجح في كبح الانتهاكات الإسرائيلية أو دفع عملية السلام إلى الأمام.
وأكدت المقالة أن الاتحاد الأوروبي يمتلك أدوات مالية وسياسية مهمة، لكنه لا يستثمرها بالشكل المطلوب، مطالبا الأوروبيين بلعب دور مستقل عن التوجهات الأميركية، واتخاذ مواقف أكثر فاعلية لحماية القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
وزير خارجية إسرائيل يشترط الاحتفاظ بالجولان للتطبيع مع سوريا
رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بتطبيع العلاقات مع سوريا ولكنه وضع شرطا لذلك، وجاء ذلك بعد تقرير إسرائيلي لم يستبعد توقيع اتفاقية سلام مع دمشق قبل نهاية العام الحالي. وقال ساعر للقناة "أي24" الإسرائيلية "إذا توفرت فرصة لتوقيع اتفاق سلام أو تطبيع مع سوريا شرط أن تبقى الجولان معنا سيكون ذلك إيجابيا لمستقبل إسرائيل". وجاء حديث الوزير الإسرائيلي، بعد أن كشف مصدر سوري للقناة ذاتها أن إسرائيل وسوريا ستوقعان اتفاقية سلام قبل نهاية عام 2025. ووفقا لما نقلته القناة، قال المصدر السوري إن من شأن هذه الاتفاقية تطبيع العلاقات بشكل كامل، وإن مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل ستكون "حديقة سلام" على حد تعبيره. وأشار المصدر السوري إلى أنه بموجب الاتفاقية "ستنسحب إسرائيل تدريجيا من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد غزو المنطقة العازلة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ". وأعلنت الرئاسة السورية، الأربعاء الماضي، أن الرئيس أحمد الشرع ، اجتمع مع وجهاء وأعيان محافظة القنيطرة والجولان، حيث ناقش معهم الأوضاع الخدمية والمعيشية والأمنية في المحافظة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" حينها عن الرئاسة السورية أن الشرع استمع كذلك إلى مداخلات الحضور التي تناولت احتياجاتهم ومعاناتهم من التوغلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وأكد الشرع وقتها أن العمل جار لوقف الاعتداءات الإسرائيلية من خلال مفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء دوليين. وفي نهاية الشهر الماضي، قالت 5 مصادر مطلعة لرويترز إن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر وأجرتا لقاءات وجها لوجه بهدف تهدئة التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين الجانبين. وذكرت مصادر أن عدة جولات من الاجتماعات المباشرة جرت في المنطقة الحدودية بما في ذلك الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل. لكن وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى قال حينها إن "هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، تتمحور على اتفاقية فصل القوات" أو ما تعرف بـ اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. وتحتل إسرائيل هضبة الجولان منذ حرب عام 1967 واستولت على المزيد من الأراضي في أعقاب الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مشيرة إلى مخاوفها بشأن ما سمته الماضي المتطرف للحكام الجدد في سوريا.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
"مصائد الموت".. أبرز مجازر إسرائيل بحق المجوّعين بغزة
مجازر ارتكبتها إسرائيل أثناء حرب الإبادة التي أطلقتها ضد قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأضحت مراكز توزيع المساعدات التابعة لـ" مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة و إسرائيل مصائد مستمرة للموت. ومنذ بدء عملها بقطاع غزة في نهاية مايو/أيار 2025، شهدت مراكز توزيع المساعدات الأميركية بشكل شبه يومي عمليات قتل واستهداف للمجوّعين، استخدمت فيها القوات الإسرائيلية القذائف المدفعية وصواريخ الاستطلاع، وفي بعض الأحيان مسيرات كواد كابتر لإطلاق الرصاص المتفجر. سياسة التجويع مارست إسرائيل سياسة التجويع ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وظلّ الغزيون يعانون من الجوع حتى وصل بهم الأمر إلى تناول أوراق الأشجار. وتزامنت هذه السياسة مع إغلاق الاحتلال جميع معابر القطاع، ومنع دخول أي مساعدات إلى السكان، لا سيما بعد استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة في مارس/آذار 2025. كما حرض عدد كبير من القادة الإسرائيليين حكومتهم، لا سيما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ، على عدم إدخال أي مساعدات إنسانية إلى غزة. في فبراير/شباط 2025، أسست الولايات المتحدة الأميركية بدعم إسرائيلي شركة "مؤسسة غزة" بهدف زعمت أنه "لتخفيف الجوع في قطاع غزة" عبر إيصال المساعدات للغزيين مع "ضمان عدم وقوعها بأيدي (حركة المقاومة الإسلامية) حماس". وبدأت تنشط أواخر مايو/أيار من العام نفسه. وفي نهاية مايو/أيار 2025، أعلنت المؤسسة فتح مركزين لها لتوزيع المساعدات على الغزيين، الأول يقع في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والثاني يقع بالقرب من وادي غزة وسط القطاع. وفي اليوم الأول لفتح المؤسسة مراكزها، توجّه آلاف الغزيين المجوّعين للحصول على المساعدات، لكن بدلا من ذلك أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي تجاههم، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم وإصابة العشرات، وتوالت بعد ذلك المجازر الإسرائيلية بالقرب من هذه المراكز حتى باتت تلقّب بـ"مصائد الموت". وفيما يلي عرض لأبرز المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق الغزيين طالبي المساعدات، وذلك منذ بدء مؤسسة غزة عملها في نهاية مايو/أيار 2025: إعلان 27 مايو/أيار 2025 ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي أولى مجازرها بحق طالبي المساعدات داخل مراكز "مؤسسة غزة" بعدما أطلقت الرصاص الحي تجاههم في مركز مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 46. 28 مايو/أيار 2025 نفذت قوات الاحتلال مجزرة ثانية بحق طالبي المساعدات بعدما فتحت النار عليهم بشكل مباشر عند مركز توزيع المساعدات في رفح، مما أدى إلى استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة 62 بجراح متفاوتة، وفقا للأرقام الرسمية. الأول من يونيو/حزيران 2025 استشهد 35 فلسطينيا وأصيب نحو 200 بجراح متفاوتة في موقع توزيع المساعدات في رفح، في حين استشهد فلسطيني بمركز توزيع جسر وادي غزة. الثاني من يونيو/حزيران 2025 قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 26 مدنيا وأصابت 92 آخرين بالقرب من مركز مساعدات رفح. 3 يونيو/حزيران 2025 قتلت قوات الاحتلال 27 فلسطينيا وأصابت أكثر من 90 آخرين بعدما فتحت النار عليهم في مدينة رفح. 6 يونيو/حزيران 2025 قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 8 فلسطينيين وأصابت 61 بجراح في مدينة رفح. 8 يونيو/حزيران 2025 استشهد 13 مجوّعا وأصيب 153 بجروح متفاوتة بنيران قوات الاحتلال وعناصر من الشركة الأمنية الأميركية قرب مراكز توزيع المساعدات برفح وقرب جسر وادي غزة. 10 يونيو/حزيران 2025 استشهد 36 مجوّعا وأصيب 124 برصاص قوات الاحتلال عند مركز توزيع المساعدات قرب جسر وادي غزة. 11 يونيو/حزيران 2025 استشهد 57 مجوّعا وأصيب 363 بجراح في مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال بالقرب من مراكز توزيع المساعدات في غزة. 12 يونيو/حزيران 2025 استشهد 21 مجوّعا وأصيب 294 بجراح بالقرب من مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة. 14-13 يونيو/حزيران 2025 استشهد 29 مجوّعا وأصيب 380 بجراح بالقرب من مركز توزيع رفح. 16-15 يونيو/حزيران 2025 استشهد 26 فلسطينيا وأصيب 117 بجراح متفاوتة بعدما فتحت قوات الاحتلال النار عليهم يوم 15 يونيو/حزيران. وفي اليوم التالي استشهد 38 مجوّعا وأصيب 182. 17 يونيو/حزيران 2025 ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة بحق منتظري المساعدات في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة بعدما قصفتهم بالمدفعية، مما أدى إلى استشهاد 51 مجوّعا وإصابة أكثر من 200 قرب جسر وادي غزة، فضلا عن استشهاد 8 في مركز التوزيع بمدينة رفح. 19-18 يونيو/حزيران 2025 استشهد 29 فلسطينيا من منتظري المساعدات بغزة يوم 18 يونيو/حزيران. وفي اليوم التالي استشهد 12 وأصيب 172 آخرون من المجوّعين. 20 يونيو/حزيران 2025 استشهد 25 فلسطينيا وأصيب أكثر من 120 آخرين من منتظري المساعدات قرب محور نتساريم وسط قطاع غزة. 21 يونيو/حزيران 2025 استشهد 5 مجوّعين وأصيب 15 بجراح جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي تجمعات للمواطنين من منتظري المساعدات جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع. إدانات لاقت مجازر إسرائيل بحق طالبي المساعدات إدانات فلسطينية ودولية، اتفقت في معظمها على أن جنود الاحتلال الإسرائيلي تعمدوا قتل المجوّعين واستعملوا في سبيل ذلك القذائف المدفعية والصواريخ، ناهيك عن الاستهداف المباشر بالرصاص الحي والقناصة. وفي منتصف مايو/أيار 2025، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن المراكز التي تديرها مؤسسة غزة تحولت إلى "مصائد موت" توظفها إسرائيل ضمن أدوات الإبادة الجماعية التي تنفذها في القطاع. وأشار المرصد إلى أن النموذج الذي تتبناه المؤسسة الأميركية يقوم على استدراج المدنيين نحو نقاط محددة ومكشوفة بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يتعرضون للقتل والإصابة. وفي 16 مايو/أيار الماضي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن عملية توزيع المساعدات في قطاع غزة تحولت إلى مصيدة للموت، مضيفة أن "النموذج الإسرائيلي الأميركي لتوزيع المساعدات في القطاع يُهين المحتاجين ويجرّدهم من إنسانيتهم". ويوم 3 يونيو/حزيران 2025، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل في حادث مقتل وإصابة فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على المساعدات في غزة، وطالب بمحاسبة الجناة، معتبرا أنه "من غير المقبول أن يخاطر الفلسطينيون بحياتهم من أجل الغذاء". وقال غوتيريش "إن على إسرائيل التزامات واضحة بموجب القانون الدولي الإنساني للموافقة على المساعدات الإنسانية وتسهيلها"، مؤكدا على ضرورة استعادة دخول المساعدات بلا عوائق على نطاق واسع من أجل تلبية الاحتياجات الهائلة في قطاع غزة فورا. وبعدها بأسبوع، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن "مؤسسة غزة ما هي إلا أداة دعائية بيد جيش الاحتلال الإسرائيلي يستكمل عبرها جريمة الإبادة الجماعية بكمائن الموت المغلفة بغلاف إنساني".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
"تكتيكات أمنية" إسرائيلية جديدة خلال اقتحام الضفة الغربية
جنين- 6 أيام قضاها رسمي صبيحات (50 عاما) وعائلته خارج منزلهم في بلدة رمانة بمدينة جنين شمال الضفة الغربية بعد أن طردهم جنود الاحتلال الإسرائيلي منه واستولى عليه وحوله لنقطة عسكرية. صبيحات واحد من 11 عائلة طردت من منازلها خلال الأسبوع الماضي، بعد أن استولى عليها جيش الاحتلال لأيام خلال اقتحامه بلدة رمانة والقرى المجاورة. ويصف صبيحات تلك الأيام بـ"الصعبة" ويقول "اضطررت لترك منزلي لعدوي، ونزحت مؤقتا إلى منزل آخر، لكني شعرت بمعاناة أهلنا في مخيم جنين وكذلك في غزة ممن فقدوا منازلهم ولا يمكنهم العودة إليها". ويضيف "وجدنا أثاث المنزل محطما بعد عودتنا، الأبواب والنوافذ والأجهزة الكهربائية، وبعض المنازل سرق منها مصاغ ذهبي، وفقد آخرون مبالغ مالية". فرض السيادة وعن اللحظات الأولى من اقتحام الجنود للبلدة وإجبار عائلته على مغادرة المنزل قسرا، دون السماح لها بأخذ أي شيء منه، يقول صبيحات للجزيرة نت "لحظة الاقتحام، كنت خارج المنزل ولكن الضابط الإسرائيلي هاتف ولدي الكبير، وطالبه بالخروج والعائلة خلال 3 دقائق فقط، وسط طرق عنيف من الجنود لباب المنزل، فخرجت عائلتي ونزحنا إلى منزل شقيقي في الطرف الآخر من البلدة". وبهذا، كانت رمانة تتعرض لأحد أكبر الاقتحامات التي مرت عليها خلال الأشهر الستة الماضية منذ بدء عملية "السور الحديدي" العسكرية على مخيم جنين، وخلال وقت قصير أخلى الجيش الإسرائيلي 11 منزلا وحولها لثكنات عسكرية. وبحسب الأهالي وسكان المنطقة، فإن جيش الاحتلال كان يحاول إخلاء معسكراته القريبة من تلك القرى لحماية جنوده من ضربات الصواريخ الإيرانية. في حين تعززت آراء باستغلال إسرائيل لما يحدث من حربها الممتدة ضد غزة ، والمخيمات، ولبنان، واليمن وسوريا، وإيران، لفرض خطتها بالسيادة الأمنية على الضفة وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، وتحويل المدن والقرى إلى مناطق خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال. وفيما كانت حملات الجيش الإسرائيلي، منذ 2021 تقوم على سياسة "جز العشب" وهو لفظ تستخدمه المخابرات الإسرائيلية وتقصد به ملاحقة أي مقاوم والقضاء عليه، فإن تحولا كبيرا طرأ على تعامل الاحتلال الأمني في الضفة مع مجيء وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ، يقوم على فرض السيادة اليهودية فقط، في أرض "يهودا والسامرة" كما يصفها سموتريتش وقادة المستوطنين في الحكومة الإسرائيلية. ويرى الباحث في مركز الدراسات الإسرائيلية وليد حبَّاس أن إسرائيل خلال عقدين من الزمن مررت فكرة أن إيران هي رأس الأفعى في العنف القائم في المنطقة، وأن أذرعها امتدت للضفة الغربية عبر المقاومة التي برزت في المخيمات والقرى الفلسطينية، وأيضا عبر حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) و الجهاد الإسلامي ، وبالتالي يجب القضاء عليها لضمان عدم خراب الشرق الأوسط. ويقول حبَّاس للجزيرة نت إن هناك مئات القرى والتجمعات الفلسطينية في الضفة تتاخم المستوطنات أو جدار الفصل أو طريق التفافي، ولذا فإن حرب إسرائيل هي مع الفلسطيني بشكل عام بكل أماكن وجوده، وباختلاف الوقت ستجد إسرائيل مبررات لإكمال هذه الحرب. وكثفت قوات الاحتلال عمليات التوغل إلى بلدات وقرى جنين، وبشكل متزامن، حيث اقتحمت بلدات جبع وميثلون وعنزة ورمانة وجلبون ويعبد وعانين وغيرها، واستمر بها لنحو أسبوع، وسيطر على منازل فيها. اقتحام وعنف وبعد يوم من اقتحام رمانة، توغل الاحتلال إلى قرية نزلة زيد جنوب جنين، وحوَّل منزليْ وجدي فضل وحسن البري إلى نقاط عسكرية بعد طردهم منها. وقال رئيس مجلس القرية عزيز زيد للجزيرة نت إن جنود الاحتلال نكَّلوا بأصحاب المنازل، حيث احتجزوا أحدهم وقيّدوا يديه، ووضع أحد الجنود حذاءه العسكري على رأسه، واعتقلوا الابن الأكبر لوجدي فضل أثناء دراسته لامتحانات الثانوية العامة التي يؤديها هذه الأيام، وعصبوا عينيه، واقتادوه لأطراف القرية واحتجزوه لعدة ساعات، وأغلقوا المدخل الغربي للقرية والشارع الرئيسي فيها، إضافة إلى صيدلية وبقالة تقع في المنطقة ذاتها. وفي قرية عانين (غرب جنين) طرد الاحتلال 5 عائلات من منزلين يعودان للشقيقين أسامة ونضال ياسين، وبحسب مجلس قروي عانين فقد أجبر الاحتلال العائلات الخمس (نحو 50 فردا) على ترك بيوتهم، طوال 5 أيام، وهي فترة اقتحام القرية، بينما نشر الجنود الحواجز في شوارع القرية وأعاقوا حركة المركبات والمواطنين واستجوبوهم. ويلاحظ أن عمليات الجيش الإسرائيلي لم تقتصر على بلدات وقرى محافظة جنين، بل امتدت لبعض قرى رام الله ونابلس وسلفيت. ووفق مختصين، فإن هناك تحولا في السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الوضع بالضفة الغربية بشكل عام، ففي حين كانت الاقتحامات السابقة تقوم على مبدأ "الدخول السريع والخروج السريع" بهدف تنفيذ اعتقالات محددة ثم الانسحاب، تشهد اليوم نمطا مختلفا يتسم بالتمركز الطويل، وتحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية، وإطلاق عمليات مفتوحة تمتد لأيام. تكتيكات أمنية ويقرأ المختص في الشأن الإسرائيلي ياسر منّاع هذا التحول بوصفه انتقالا من تكتيكات أمنية إلى سياسات تهدف للسيطرة المستدامة على الحيز المدني الفلسطيني، عبر خلق حالة استنزاف يومي وتعطيل الحياة الطبيعية في تلك القرى. ويؤكد منّاع للجزيرة نت أن هذا التغيير هو بهدف رسم "خارطة سياسية-أمنية" جديدة في الضفة، تتجاوز رد الفعل الأمني إلى رسم وقائع ميدانية ثابتة. ويضيف أن "المقصود هنا ليس فقط ملاحقة المقاومين، بل إعادة تشكيل البيئة السكانية والجغرافية بما يتيح للإدارة المدنية الإسرائيلية والمستوطنين هامش تحكم أوسع، سواء عبر التهجير البطيء أو تقويض البنية الاجتماعية للمجتمعات الفلسطينية". ويتابع أن ما نشهده ليس مجرد "أمن"، بل مشروع إعادة تموضع إستراتيجي طويل الأمد لا سيما في المناطق المصنفة إسرائيليا "ج" و"ب". وبشأن ارتباط تزايد النشاط الأمني في قرى الضفة خلال المواجهة الإسرائيلية مع إيران، يرى منّاع أن ذلك في قراءة أمنية ترى في الضفة جبهة مرشحة للاشتعال في أي لحظة. ويقول إن "العقيدة الأمنية الإسرائيلية في هذه الحالة تُبنى على قاعدة (الوقاية الاستباقية)، أي ضرب المحيطات السكانية القريبة من التجمعات العسكرية أو الطرق الالتفافية، خشية تحولها إلى بيئة حاضنة لهجمات مباغتة في حال توسعت دائرة المواجهة". ويضيف منّاع أن "إسرائيل لا تنفصل أبدا في تعاملها الأمني عن مشروعها السياسي، ما نراه حاليا من أنماط جديدة في السلوك العسكري، خاصة في شمال الضفة ووسطها، هو جزء من خطة أمنية-مدنية لخلق مناطق فراغ سلطوي، تمهيدا لإعادة هندسة السلطة الفلسطينية أو حتى تجاوزها في بعض المناطق".