
وسط وعود ترمب بالسلام.. المشهد الفلسطيني إلى أين؟
الدكتورة تمارا حداد – الأكاديمية والباحثة السياسية الفلسطينية
تتوالى بين الحين والآخر، وعود رنانة من الإدارة الأمريكية بقرب وجود اتفاق بشأن غزة، صحيح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، شخصية تريد أن ترسخ 'الفكرة الترامبية'، وهي شأن داخلي لـ'ترمب' ومحاولة حصوله لجائزة نوبل للسلام ولم يتبقى له إلا أن يحقق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وهذا بحاجة لمعززات، أولًا قبول بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة، لأن ملف قطاع غزة الوحيد ضمن إطار ملف أمني لإسرائيل.
نتنياهو يتحكم في مسألة إقرار السلام في غزة، أمنيًا وسياسيًا وإيقاف الحرب بحاجة لمعزز قبول نتنياهو، وطبعًا الأخير لن يقبل إلا إذا شعر إن حياته السياسية في مأمن، وأنه سيعود في أي انتخابات مستقبلية وهذا بحاجة لإعفائه من ملفات جنائية وتتعلق بالفساد والتي ما زالت جلسات القضاء قائمة حتى اللحظة وهذا ما يربك نتنياهو بالقبول في أي عملية وقف إطلاق النار على قطاع غزة إلا بيقينه من إعفائه.
كما أن ملف قطاع غزة جزء لا يتجزأ من ترتيبات أمنية إقليمية لن تحل إلا إذا كان هناك مسار شامل يهدف إلى إنهاء كل التهديدات الأمنية التي تحيط إسرائيل وأيضا مسار التطبيع مع عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى مسار إيجاد بديل من إدخال قوات عربية دولية إلى غزة بمعنى 'تدويل غزة' وإخراج الرهائن جميعهم.
والمشهد السياسي القادم يعكس قلقا مشروعًا حول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التطورات السياسية الإقليمية والدولية، لا سيما مع وجود دونالد ترمب في البيت الأبيض وتنامي تأثيره على السياسة الأمريكية.
قدم ترمب أيضًا خلال ولايته السابقة ما سُمي بصفقة القرن، والتي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة الأمريكية إليها، وأضعفت موقف القضية الفلسطينية دوليًا وقطعت عنها المساعدات، ورغم أن ترمب يروج دائمًا لفكرة إحلال السلام إلا أن سياسته تميل أكثر إلى تثبيت الواقع الإسرائيلي على الأرض.
المشهد الفلسطيني حاليًا معقد أمام انقسام داخلي يضعف الجبهة الفلسطينية وهناك تدهور اقتصادي وإنساني خصوصًا في غزة.
إلى أين؟
إذا استمر الوضع الفلسطيني الداخلي على ما هو عليه من انقسام وتراجع دولي من دعم القضية الفلسطينية، فإن القضية قد تُدفع نحو التهميش دون تشكيل دولة فلسطينية لذلك المرتكز الوحيد هو الضغط الأمريكي على نتنياهو لقبول حل سياسي وأيضًا تقبل الشارع اليميني الإسرائيلي الذي يرفض مرارًا وتكرارًا تشكيل الدولة الفلسطينية، وبالتالي بقاء الصراع مفتوحًا انعكاسه على زيادة التوتر وليس السلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 43 دقائق
- حضرموت نت
اخبار السعودية : "واشنطن بوست": تنصّت أميركي على اتصالات إيرانية بعد الضربات.. والبيت الأبيض يرد
كشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلًا عن مصادر مطلعة على معلومات استخباراتية سرّية، أن الولايات المتحدة اعترضت اتصالات إيرانية عقب الضربات الجوية الأميركية الأخيرة، تضمنت تقليلًا من حجم الأضرار التي لحقت ببرنامج إيران النووي، في وقت يستمر فيه الجدل حول فاعلية تلك الضربات. ووفقًا للصحيفة، فقد سُمع كبار المسؤولين الإيرانيين وهم يصفون الضربة بأنها 'أقل تدميرًا مما كان متوقعًا'، فيما أكّد مصدر لـ'رويترز' صحة فحوى تلك الاتصالات، لكنه أشار إلى أنها لا تُعد مؤشراً موثوقًا، مرجحًا أن يكون هناك تضليل مقصود في التصريحات الإيرانية الداخلية. في المقابل، رد البيت الأبيض على التقرير، ووصفت المتحدثة باسمه كارولاين ليفيت، ما ورد حول معرفة الإيرانيين بتأثير الضربات على منشآت نووية عميقة بأنه 'محض هراء'، مؤكدة أن 'برنامجهم للأسلحة النووية انتهى'. من جانبه، جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقابلة مع 'فوكس نيوز'، تأكيده أن الضربات 'دمرت البرنامج النووي الإيراني بشكل لم يشهده أحد من قبل'، معتبرًا أنها أنهت طموحات طهران النووية 'على الأقل لفترة من الزمن'. يُشار إلى أن تقييمًا أوليًا من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية قدّر أن الضربات عطّلت المشروع الإيراني لبضعة أشهر فقط، مما يفتح الباب أمام تساؤلات جديدة حول فعالية العمليات العسكرية مقابل تصريحات البيت الأبيض. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
ليست مسرحية.. إلا في الفصل الأخير!
هناك فيديو هزلى ساخر يصور رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامئنى، وهما يرقصان فرحين معًا، ويشجعهما من الخلف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان. عنوان الفيديو هو «نهاية الفيلم الهندى»، ومصممه قصد أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية التى استمرت ١٢ يومًا، كانت مجرد مسرحية أو «فيلم هندى» بالمفهوم الشعبى الدارج. عدد العرب الذين يعتقدون أن ما حدث كان مسرحية كثير، سواء كمواطنين عاديين أو حتى بعض المسئولين. لا أملك المعلومات الحاسمة، لكى أؤكد هل كانت مسرحية أم لا، لكن ومن خلال بعض المؤشرات، فأنا أميل إلى أن ما حدث كان حربًا وعدوانًا إسرائيليًا صارخًا بمشاركة أمريكية كاملة، حقق بعض الأهداف، وأخفق فى بعضها الآخر. السؤال ما الأسباب والمؤشرات التى تجعلنى أستبعد وجود المسرحية؟ الإجابة أن ألف باء المسرحية تحتاج إلى طرفين متفقين يحصلان على مكاسب، ليس تكسيرًا لطرف على آخر. ما رأيناه أن إسرائيل شنت عدوانًا سافرًا على إيران يوم ١٣ يونيو الجارى دمرت خلاله العديد من منظومات الدفاع الجوى الإيرانية. فهل هناك مسرحية توافق خلالها إيران على تدمير جزء كبير من مخزونها الصاروخى ومنشآتها النووية وتقبل فيها اغتيال أهم قادتها العسكريين وأهم علماء برنامجها النووى؟! والأخطر ما هو نوع هذه المسرحية التى تجعل إيران تقبل هذا النوع من المهانة القومية عبر الاختراق الاستخبارى الإسرائيلى غير المسبوق لكل المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية. السؤال الأخير: ما نوع هذه المسرحية التى تجعل إيران تخسر معظم ما بنته منذ ثورتها عام ١٩٧٩؟ هى أنفقت الكثير من المال والجهد ودخلت فى عداوات كثيرة مع معظم بلدان المنطقة وتمكنت من السيطرة الفعلية على القرار فى هذه الدول، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة. ونتيجة للتطورات منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إيران تكاد تكون الخاسر الأكبر. هى فقدت سوريا بالكامل، وبالتالى انقطع الحبل السرى إلى لبنان، وحزب الله تعرض لضربات عنيفة، والحشد الشعبى العراقى ضعف دوره تمامًا، والحوثيون فى اليمن تلقوا أخطر الضربات، أما غزة فلم تعد صالحة للحياة لسنوات، وتتمنى حركة حماس أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ٧ أكتوبر. بعد كل هذا: كيف يمكن أن نطلق على ما حدث أنه مسرحية. ما الذى يجعل إيران تقبل المشاركة فى مسرحية تخسر فيه برنامجها النووى أو على الأقل يتم تعطيله لسنوات، وتخسر فيه أهم القوى والأذرع التى بنتها طوال السنوات الماضية، وما الذى يجعلها تشارك فى مسرحية تخسر فيها معظم منظوماتها للدفاع الجوى، بحيث تصول المقاتلات والمسيرات الإسرائيلية والأمريكية، كما تشاء فى سماواتها؟! فى الناحية الأخرى فإن هذه المسرحية المتخيلة مكنت إسرائيل من التحول إلى القوة الأكبر، والأهم فى المنطقة، وصار رئيس وزرائها وكبار قادتها يتبجحون بأن يدهم قادرة أن تطال أى مكان فى الشرق الأوسط. وبعد أن كانت إيران تأمل أن تكون القوة الإقليمية الأهم فى المنطقة، صارت إسرائيل تعلن بوضوح أن ستعيد بناء المنطقة على أسس جديدة. ونتذكر أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى كشف عن هذه المقولة ليلة الجمعة ٢٧ سبتمبر الماضى بعد دقائق من اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبنانى، وهو الشخصية الأهم فى المشروع الإيرانى بالمنطقة. اغتالته إسرائيل ومعه كبار قادة وكوادر الحزب. فهل كان كل ذلك مسرحية؟! مرة أخرى ظنى أن قيام إيران بإبلاغ قطر بأنها سوف تقصف قاعدة العديد فى الدوحة، وبالتالى إخلاؤها هو الجزء «المسرحى» الوحيد فى الموضوع، ومفهوم أنه موجه للرأى العام الإيرانى لحفظ ماء الوجه، والسبب ببساطة أن إيران لم تعد قادرة على استمرار المواجهة مع إسرائيل وأمريكا، وكانت تخشى أن يكون الهدف النهائى هو إسقاط نظامها وتفكيك دولتها، وبالتالى قبلت هذه النهاية المعقولة بعد أن صمدت بصورة واضحة وقصفت العمق الإسرائيلى. الأحداث منذ ٧ أكتوبر لم تكن مسرحية إلا فى لحظات قليلة، من دون أن يؤثر ذلك على جوهر أن المشروع الإسرائيلى حقق نتائج سياسية مهمة على الأقل حتى الآن. وختامًا لنفترض جدلًا أن ما حدث كان مسرحية، فالسؤال هنا: وما دور العرب فيها.. وهل كسبوا أم خسروا؟!


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
عقيدة ترمب بين العزلة والاندماج
في أعقاب الضربة التي وَجَّهتها الطائرات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية، ارتفع عاليًا في الداخل الأميركيّ، جدل واسع حول الرئيس ترمب، وما إذا كان صاحب عقيدة بالنسبة للسياسات الخارجية الأميركية، أم أنه يتحرك من منطلق الحدس والحدث ليس أكثر. الجواب في واقع الأمر يقتضي الرجوع إلى الوعود التي قَطَعها سيد البيت الأبيض على نفسه، في بداية ولايته الثانية، وفي مُقَدِّمها إنهاء الحروب وإحلال السلام. تبدو الإشكالِيّة الآنِيّة والتي انفلش الحوار من حولها في الداخل الأميركي، تدور حول ما إذا كان على الولايات المتحدة في عهده أن تنعزل عن قضايا العالم الخارجي، أو تندمج فيها، ولهذا نرى شقاقًا وفراقًا واسعَيْن بين تيارَيْن داخل الحزب الجمهوري نفسه، وقد كان منهم من رفض فكرة الهجوم على إيران، مثل ستيف بانون، القطب اليميني الأميركي الأشهر، والذي اعتبرها حرب نتانياهو وليس حرب ترمب، في حين حاول التيّار الآخر الدفاع عن الرئيس بوصفه صاحب عقيدة .. ماذا عن تلك العقيدة؟ المثير في الأمر أن ترمب نفسه لم يُقدِّم ذاته على أنه صاحب فكر سياسيّ مُؤَدْلَج بعينه، وهو أمرٌ طبيعي يَتَّسِق مع بنيته الفكرية كرجل أعمال، بعيد كل البعد عن المناورات والمداورات السياسية. المدهش في المشهد أنّ مَن سعى إلى بسط هذا المفهوم هو نائبه جي دي فانس، المثقف السياسي بامتياز، والذي تعهدته ولا تزال جماعات ذات طبيعة فلسفية وسياسية تعمل وراء الكواليس، تمتد من عند "الأوبس داي" ولا تنتهي بمؤسسة "التراث" التي تُعَدُّ العقلَ الفاعل لهذه الإدارة. على أنّ ما فَجَّرَ الحديثَ حول فكرة عقيدة ترمب، هو الخلاف الكبير في تقييم الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية، وما إذا كانت "المهمة اكتملت" بالفعل، أم أن ترمب فتح صندوق "باندورا"، ما يمكن أن يَجُرَّ الولايات المتحدة إلى حالة حرب، تضحي عَمَّا قليل مقدمة طبيعية لمستنقع عسكري جديد للولايات المتحدة الأميركية، لا يقل ضراوة عن مستنقعَيْ فيتنام وأفغانستان، في سبعينات وثمانينات القرن المنصرم على التوالي. القصة باختصار غير مُخِلٍّ، بدأت من عند تقريرين متضادَيْن، الأول صدر عن "استخبارات الدفاع الأميركية DIA"، ويحمل تشكيكًا واسعًا في نتائج الهجوم، وأنه لم يُنْه الحلم النووي الإيراني، وذلك بناء على معلومات تمَّ جَمْعُها من الداخل الإيراني بعد 24 ساعة من القصف الجوي، وأن جُلَّ ما تم إصابته لا يتجاوز المداخل الخاصة بالمفاعلات، فيما الجسم الصلب لا يزال سليمًا على أعماق كبيرة مختلف في تقديرها. أما التقرير الثاني، فيرجع إلى وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركية CIA، والتي حسم مديرها وبتكليف المشهد بقوله إن منشآت إيران قد تمَّ تدميرها عن بكرة أبيها دفعةً واحدةً. التقرير الأول يعطي قارءه انطباعًا بأنّ إيران ربما تحتاج لبضعة أشهر فقط كي تعيد من جديد بناء ما تمَّ هدمه، أما الثاني فيفيد بأن الإيرانيين ربما يحتاجون إلى عامٍ أو عامَيْن فقط لإعادة تشغيل مفاعلاتهم والبدء من جديد في الدوران مع العالم الخارجي ضمن تلك الدائرة المُفرَغة. هنا يطفو على السطح مضمون "عقيدة ترمب" والتي تحدث عنها دي فانس، وكأنه يحاول تجسير الهوة بين اليمين المتشدد داخل الحزب الجمهوري، والآخر العقلاني الرافض لتلك الضربة. فكرة عقيدة ترمب التي حاول نائبه التسويق لها تنطلق من أن ترمب لا يريد نزاعات طويلة الأمد، تستهلك القدرات وتستنزف الموارد، وإنما ضربات جراحية انتقائية، بهدف تغيير المسار وليس إنهاء الأنظمة. يعتقد دي فانس أنّ غالبية إن لم يكن كل تجارب الولايات المتحدة الأميركية العسكرية، بعد الحرب العالمية الثانية، والانتصار المُدَوِّي لها في أوربا، أعتبرت انتكاسات وانكسارات، لا انتصارات. من هذا المنطلق يؤمن دي فانس أنّ ترمب وفيما يتصل بإيران، لم يتجاوز هذا التقدير، بمعنى أنه لم يَسْعَ ولن يسعى حكمًا إلى نزال بري وتدخل عسكري على الارض، فقد تعلم الجميع من درس العراق الأخير بصورة خاصة. غير أن هناك الكثيرين في الداخل الأميركي، يعتقدون أن دي فانس ألقى برداءه هو على جسد ترمب الذي يتعرض لطعنات من الكثيرين، ومنهم أعضاء من الجمهوريين في مجلس الشيوخ يشككون في رواية ترمب حول القضاء المبروم على برنامج إيران النووي. من جهة اخرى عَزَّزت رواية الفاينانشيال تايمز، عن قيام إيران بتوزيع مخزونها من اليورانيوم المُخصَّب، والذي يتجاوز 400 كيلوغرام، بنسب تصل إلى 60% على عدد من الأماكن السرية، والتي لا يعرفها أحد، حتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو أمر يسير إذا رغبت السلطات الإيرانية في دولة تبلغ مساحتها 1.64 مليون كيلومترمربع. غير أن هذه الرواية ربّما تمثل خنجرًا في خاصرة "عقيدة ترمب"، لأنها باختصار غير مخلٍّ، تفتح الباب واسعًا لمعركة واسعة مع الإيرانيين، خلال السنوات القادمة، لا سيما أن ترمب لديه حوال ثلاثة أعوام ونصف في البيت الأبيض، وهذا معناه أنه لن يستطيع الفكاك من قدر الحرب. في مؤتمر حلف الأطلسي في لاهاي قبل بضعة أيام، بدا ترمب وكأنه يلمح بالفعل إلى العودة مرة أخرى إلى استخدام سيناريوهات الفوة العسكرية، إذا عاودت إيران مشاغبة فكرة الحصول على الطاقة النووية من مفاعلاتها مجهولة المصير حتى الساعة. والشاهد أن النقاش اليوم حول أميركا الانعزالية وأميركا المندمجة مع العالم الخارجي، قد أخذ مسارًا مغايرًا وربما مثيرا لا سِيَّما بعد أن علا صوت عضو الكونجرس الديمقراطية اليسارية الشابة ألكسندريا كورتيز بعزل ترمب، الأمر الذي لقى هوى كبيرً عند نسبة غالبة من النواب أو الشيوخ. إشكالية اندماج أميركا أو انعزالها، تعود بنا في واقع الأمر إلى سؤال أكثر عمقًا: "هل أميركا أمة يمكن الاستغناء عنها، أم لا يمكن؟" هذا التساؤل تصَدَّتْ له "كوري شاك" من معهد أميركا إنتربرايز، والتي شغلت منصبًا في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأميركية خلال إدارة جورج دبليوبوش. عند شاك أن واشنطن ربما عليها التعاون والإلتحام مع العالم، عبر الشراكات، لا من خلال الهيمنة والسيادة، وإلّا فإنّها ستجد نفسها أمام أكثر من كعب أخيل يقودها إلى مواجهات عسكرية قاتلة في الكثير من البقاع والأصقاع حول العالم، قد تكون إيران اضعف تلك النقاط، مقارنة بالصدام الذي يمكن أن يجري بين لحظة وأخرى في بحر الصين الجنوبي، أو فوق جزيرة تايوان حال رغبت بكين في إعادة ضمها إليها بالقوة العسكرية، عطفًا على المخاوف المزعجة من أن تمتد أطماع القيصر بوتين لجهة المزيد من أراضي أوروبا الشرقية ودول البلقان. ما بين أنصار العزلة الذين يقطعون بأن واشنطن ليست شرطي العالم أو دركه، وبين الذين يرون القدر الواضح لأميركا في إعادة رسم مسارات نظامٍ دوليّ جديد، تبدو هناك فترة ضبابيّة تغشى الداخل الأميركي، ومن علائمها التضارب في تقديرات الاستخبارات مؤخرًا، بل إن مديرة مجمع الاستخبارات الأميركية تولسي غابارد عينها، قد اختلفت مع ترمب حول عدم سعي ايران لامتلاك سلاح نووي الأمر الذي ينذر بمغادرة قريبة لها لفريق الرئيس بعد أن يهدأ غبار المعركة. الخلاصة أنّ الأمر يتجاوز ترمب إلى روح أميركا المأزومة وهو أمر طبيعي في ظل قطبية منفردة بمقدرات العالم حتى الساعة.