
هآرتس تصف الحرب على غزة بالوحشية وتدعو لوقفها
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها "الدماء تسفك من الجانبين هباء، ولن يجني منها أحد شيئا بعد الآن"، ورأت أنه لم يعد ممكنا إنكار أن الغالبية العظمى من ضحايا الحرب بغزة هم مدنيون أبرياء، مشددة على أن استمرار هذا القتل الجماعي لا يمكن تبريره بالوضع الراهن.
يذكر أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين انتقدوا صحيفة هآرتس ودعوا لفرض عقوبات عليها بسبب "نشر الدعاية الانهزامية والكاذبة والتحريض ضد الدولة أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
كما انتقدت هآرتس بشدة "مؤسسة غزة الإنسانية"، مشيرة إلى تحقيق أجرته جمعت فيه شهادات عسكريين إسرائيليين أكدوا أن الجيش أطلق النار عمدا على مدنيين احتشدوا قرب مراكز توزيع المساعدات.
وأضافت أن "الوضع في غزة بات بائسا للغاية"، مشيرة إلى ضرورة "أن يتوقف هذا الوضع فورا".
وبخلاف الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية الأخرى، عادة ما تنتقد هآرتس اليسارية التوجه ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما تتخذ بشكل عام موقفا معارضا للاحتلال ومؤيدا للسلام مع الفلسطينيين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 33 دقائق
- الجزيرة
تحوّل جذري في سياسة أوروبا تجاه سوريا
يمثّل نظام العقوبات الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا أحد أكثر أنظمة العقوبات متعددة الأطراف شمولًا واستدامة في القرن الواحد والعشرين، حيث امتد لأربعة عشر عامًا من القيود المتصاعدة. وفي أعقاب السقوط المفاجئ لنظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة تاريخية بالتحول عن سياسة العقوبات؛ فرفع معظم القيود الاقتصادية، مع الإبقاء على إجراءات محددة تستهدف الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السابق. يشكل هذا التحول محطة مهمة في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ويوفر رؤى إستراتيجية حول فاعلية استخدام العقوبات الاقتصادية كأدوات في الدبلوماسية الدولية وحماية حقوق الإنسان. التطور التاريخي للعقوبات الأوروبية على سوريا (2011–2024) جاءت العقوبات الأوروبية على سوريا ردًا على القمع الوحشي الذي انتهجه نظام الأسد ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا إلى الشوارع في مارس/ آذار 2011. وفرضت أولى العقوبات الرسمية بموجب قرار المجلس الأوروبي رقم 2011/273/CFSP بتاريخ 9 مايو/ أيار 2011، والذي مثّل أول إدانة أوروبية رسمية لـ"القمع العنيف واستخدام الذخيرة الحية ضد الاحتجاجات السلمية في مناطق متفرقة من سوريا، ما أسفر عن مقتل وجرح واعتقال عدد كبير من المتظاهرين". وقد شكّل هذا القرار الأساس القانوني لنظام عقوبات شامل يستهدف الأفراد والقطاعات الاقتصادية الحيوية على حدٍ سواء. تركّزت الحزمة الأولية من العقوبات على تجميد الأصول وحظر السفر بحق الأفراد المسؤولين مباشرةً عن انتهاكات حقوق الإنسان. غير أن الاتحاد الأوروبي سرعان ما أدرك أن هذه الإجراءات وحدها لا تكفي لمواجهة تصاعد الأزمة. لذا، وسّع نطاق القيود بشكل ملحوظ في ديسمبر/ كانون الأول 2011 من خلال القرار 2011/782/CFSP، والذي استند إلى بيان المجلس الأوروبي الصادر في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، والذي أعلن فيه أن الاتحاد الأوروبي "سيواصل فرض مزيد من الإجراءات على النظام السوري ما دام أنه استمر في قمع المدنيين". التوسع في العقوبات القطاعية شهدت العقوبات الأوروبية على سوريا تصعيدًا تدريجيًا تماشى مع تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد حدة النزاع. وفي عام 2013، تم توحيد الإطار العام للعقوبات بموجب قرار المجلس الأوروبي رقم 2013/255/CFSP، والذي فرض قيودًا قطاعية واسعة شملت تجارة الأسلحة، والسلع ذات الاستخدام المزدوج، ومعدات القمع الداخلي، وتقنيات المراقبة. شكّل هذا التحوّل نقلة إستراتيجية من العقوبات الفردية المحدودة إلى فرض قيود اقتصادية أوسع نطاقًا بهدف تقويض قدرات النظام على الاستمرار، مع محاولة تخفيف الأثر على المدنيين قدر الإمكان. غطّت هذه العقوبات مجالات حيوية من الاقتصاد السوري، منها صادرات الطاقة، والخدمات المالية، وتجارة السلع الكمالية. وصُممت بشكل خاص للحد من قدرة النظام على تمويل عملياته العسكرية، واستهدفت أيضًا المصالح الاقتصادية لداعمي النظام الإقليميين والدوليين. وتضمنت كذلك إجراءات استثنائية للإعفاءات الإنسانية، إدراكًا من الاتحاد الأوروبي للصعوبات الإنسانية التي قد تنشأ عن العقوبات الشاملة، وذلك لضمان استمرار وصول المساعدات والخدمات الأساسية للسكان. الإطار القانوني وآلية اتخاذ القرار استندت العقوبات الأوروبية إلى المادة 29 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، التي تشكّل الإطار الدستوري للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة. وتم تنفيذ هذه العقوبات من خلال هيكل قانوني مزدوج، يتألف من قرارات المجلس المتعلقة بالسياسة الخارجية، ولوائح المجلس التي تُطبَّق مباشرةً في الأنظمة القانونية الوطنية للدول الأعضاء. وقد أتاح هذا الإطار المزدوج تحقيق الاتساق السياسي على مستوى الاتحاد الأوروبي، وضمان تنفيذٍ فعّالٍ على الصعيد المحلي. تتطلب عملية اتخاذ القرار توافقًا بين الدول الأعضاء داخل المجلس، وهو ما يعكس الطبيعة الحكومية للسياسة الخارجية الأوروبية. وقد خضع الإطار القانوني للعقوبات لمراجعات دورية، وكان آخر تمديد قبل انهيار نظام الأسد مقررًا حتى 1 يونيو/ حزيران 2025، ما أتاح تحديث السياسات حسب المستجدات الميدانية وتقييمات الأداء. نطاق التدابير التقييدية وأنواعها شملت العقوبات الأوروبية على سوريا مجموعة واسعة من الإجراءات التي استهدفت مختلف عناصر الاقتصاد والبنية السياسية السورية. وتضمنت هذه العقوبات حظرًا شاملًا للأسلحة، بما في ذلك منع بيع أو توريد أو نقل المعدات العسكرية والسلع ذات الاستخدام المزدوج التي قد تُستغل في القمع الداخلي. كما فُرض تجميد موسع للأصول، استهدف 318 فردًا و58 كيانًا مرتبطين بالنظام، مع حظر سفر منعَ دخولهم إلى أراضي الاتحاد الأوروبي أو المرور عبرها. وامتدت هذه الإجراءات إلى قطاعات اقتصادية حيوية مثل الطاقة، والنقل، والخدمات المالية، وتجارة السلع الفاخرة، وحماية التراث الثقافي السوري. واستهدفت أيضًا تقنيات متقدمة للمراقبة واعتراض الاتصالات، منعًا لاستخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان. ويعد هذا الإطار من أكثر أنظمة العقوبات استقلالية واتساعًا التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على دولة خارج حدوده. آليات التنفيذ والامتثال تطلب تنفيذ العقوبات على سوريا تنسيقًا وثيقًا بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي والسلطات الوطنية للدول الأعضاء. وأُنيطت بهذه السلطات مهام مراقبة الامتثال، والتحقيق في المخالفات، وفرض العقوبات على المنتهكين. وبسبب التعقيد الخاص للعقوبات القطاعية والإعفاءات الإنسانية، صدرت توجيهات وتحديثات دورية لضمان توحيد التطبيق في جميع الدول الأعضاء. تفاوتت فاعلية آليات التنفيذ حسب نوع القيود المفروضة، ففي حين كان تطبيق عقوبات الأفراد مثل تجميد الأصول وحظر السفر أكثر وضوحًا وسهولة في التنفيذ، واجهت العقوبات القطاعية، خاصة في قطاعي الطاقة والخدمات المالية، تحديات أكبر في التطبيق. وأشارت تقارير عديدة إلى أن المنظمات الإنسانية عانت من صعوبات متكررة في التعامل مع شروط الإعفاءات الإنسانية، ما أثّر على إيصال المساعدات بشكل فعّال في بعض الحالات. سقوط نظام الأسد وإعادة تقييم السياسة الأوروبية تجاه سوريا أدى الانهيار المفاجئ لنظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024 إلى فتح نافذة لإعادة تقييم شاملة لسياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا. وأكّدت استنتاجات المجلس الأوروبي في 19 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه على "الفرصة التاريخية المتاحة لجميع السوريين لإعادة توحيد وبناء وطنهم"، مشددةً على أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة تستجيب لتطلعات الشعب السوري المشروعة. وشكّل هذا التحوّل نقطة انطلاق لمراجعة عميقة لنظام العقوبات الذي استمر لما يزيد على ثلاثة عشر عامًا. وجاء رد الفعل الأوروبي مصحوبًا بمزيج من الحذر والتفاؤل إزاء مستقبل المرحلة الانتقالية، مؤكدًا على ضرورة أن تكون العملية السياسية "سورية خالصة"، مع احترام استقلال سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها وفق القانون الدولي. النهج التدريجي لتخفيف العقوبات بدلًا من رفع العقوبات دفعة واحدة عقب التغيير السياسي، اختار الاتحاد الأوروبي اتباع نهج تدريجي وقابل للتراجع، يهدف إلى دعم عملية التحول في سوريا، مع الحفاظ على أدوات الضغط لضمان استمرار التقدم نحو الحوكمة الديمقراطية. بدأ تنفيذ هذا النهج في 24 فبراير/ شباط 2025، حين قرر المجلس تعليق عدد من التدابير التقييدية نتيجة التحولات الميدانية والسياسية في سوريا، لتسهيل التواصل مع الشعب السوري والشركات العاملة في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والنقل. شمل التعليق الأولي قطاعات محددة تُعدّ حيويةً للتعافي الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحّة. تضمنت هذه الإجراءات تعليق القيود القطاعية المفروضة على الطاقة والنقل، وشطب خمس مؤسسات مصرفية من قائمة العقوبات، إلى جانب استحداث إعفاءات مصرفية إضافية لتيسير الأنشطة الإنسانية ومشروعات إعادة الإعمار، وتمديد الإعفاءات الإنسانية السابقة دون تحديد سقف زمني. في 20 مايو/ أيار 2025، أعلن الاتحاد الأوروبي رسميًا قراره السياسي برفع العقوبات الاقتصادية، وذلك بعد أشهر من تقييم الوضع في ظل الحكومة الانتقالية. وجاء في بيان المجلس أن "الوقت قد حان لكي يعيد الشعب السوري توحيد صفوفه ويبني سوريا الجديدة، القائمة على أسس الشمولية والتعددية والسلام، والخالية من التدخلات الأجنبية الضارة". مثّل هذا القرار تحولًا جوهريًا في توجه الاتحاد الأوروبي من سياسة الضغط والاحتواء إلى تقديم الدعم الفعلي لعملية التحول الديمقراطي في سوريا. ومع ذلك، احتفظ القرار بضمانات مهمة، أبرزها استمرار فرض العقوبات على الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السابق، والإبقاء على القيود الأمنية بشأن تصدير الأسلحة والتقنيات الحساسة، إلى جانب وجود آليات لإعادة فرض العقوبات إذا تدهورت أوضاع حقوق الإنسان. إطار العقوبات الحالي وآليات التنفيذ تم تفعيل قرار رفع العقوبات عبر حزمة إجراءات قانونية اعتمدها المجلس الأوروبي في 28 مايو/ أيار 2025، شملت قرار المجلس (CFSP) 2025/1096 ولائحة المجلس (EU) 2025/1098، التي أدخلت تعديلات على الإطار القانوني الأساسي الساري منذ عام 2013. وجاء اعتماد هذه التدابير نتيجة عملية سياسية متأنية داخل الاتحاد الأوروبي، مما وفر الأساس القانوني لاستئناف الشركات والمنظمات الأوروبية أنشطتها في سوريا. تناول الإطار القانوني الجديد مختلف فئات القيود الاقتصادية المفروضة سابقًا، وتم رفعها رسميًا عن قطاعات الطاقة والنقل والخدمات المالية، بالإضافة إلى أغلب القيود التجارية الأخرى. وفي سياق عملية رفع العقوبات، أزال الاتحاد الأوروبي أربعة وعشرين كيانًا من قوائم العقوبات، شملت مؤسسات مصرفية وشركات تعمل في قطاعات إستراتيجية مثل إنتاج وتكرير النفط، وصناعة القطن، والاتصالات، والإعلام. وكان من أبرز هذه الكيانات مصرف سوريا المركزي، ما أتاح استئناف العلاقات المصرفية الدولية وتسهيل المعاملات الاقتصادية على نطاق واسع. وجاء اختيار هذه الكيانات بعد دراسة دقيقة لدورها في عملية التعافي الاقتصادي مقارنةً بمدى ارتباطها بالنظام السابق. القيود المتبقية والمخاوف الأمنية رغم الرفع الواسع للعقوبات الاقتصادية، احتفظ الاتحاد الأوروبي بمجموعة من القيود استجابةً لمخاوف أمنية ومسائل تتعلق بالمساءلة. تشمل هذه القيود استمرار حظر الأسلحة وقيود تصدير السلع والمعدات ذات الاستخدام المزدوج، إضافةً إلى قيود على تقنيات المراقبة والاعتراض وحظر تجارة التراث الثقافي السوري. تعكس هذه الإجراءات المخاوف المستمرة من إمكانية استخدام هذه الأدوات في القمع الداخلي أو تهديد الاستقرار الإقليمي. كما أبقى الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على 318 فردًا و58 كيانًا مرتبطًا بنظام الأسد، مع تمديدها حتى 1 يونيو/ حزيران 2026. تشمل هذه العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر المفروض على المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، تأكيدًا لالتزام الاتحاد الأوروبي بتحقيق العدالة، مع الحرص على تجنّب تحميل الشعب السوري مسؤولية جماعية عن جرائم النظام السابق. تقدم تجربة الاتحاد الأوروبي في فرض العقوبات على سوريا دروسًا مهمة حول الفرص والتحديات المصاحبة لاستخدام أنظمة العقوبات طويلة الأمد. وتُظهر هذه التجربة حدود وإمكانات العقوبات الاقتصادية كأداة لتعزيز التغيير السياسي وحماية حقوق الإنسان. ورغم أن العقوبات لم تُسفر وحدها عن إسقاط نظام الأسد، فإنها ساهمت في إضعافه وتقويض شرعيته دوليًا، إلى جانب إبراز التزام الاتحاد الأوروبي المستمر بحقوق الإنسان ضمن سياسته الخارجية. ويؤكد التحول من سياسة العقوبات إلى الدعم أهمية المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات السياسية السريعة. كما يبرز ذلك قدرة الاتحاد الأوروبي المؤسسية على الاستجابة الإستراتيجية في ظل التحولات المفاجئة. وفي الوقت ذاته، تكشف النتائج الإنسانية الجانبية للعقوبات الشاملة ضرورة اتباع مقاربات أكثر دقة وتوازنًا بين الضغط على الأنظمة الاستبدادية، وضمان حماية السكان المدنيين. الاستقرار الإقليمي والتنسيق الدولي تمتد انعكاسات المرحلة الانتقالية في سوريا لتشمل الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وتُمثل سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه العقوبات عنصرًا مركزيًا ضمن جهود التنسيق الدولي الأوسع. ويسهم التناغم بين تخفيف العقوبات الأوروبية والإجراءات المماثلة التي تتخذها الولايات المتحدة ودول أخرى في تعزيز فاعلية الاستجابة الدولية، وتقليل فرص التحايل على العقوبات أو تباين الرسائل السياسية. ويعزز هذا التنسيق قدرة المجتمع الدولي على دعم عملية الانتقال السياسي في سوريا دون التخلي عن أهداف المساءلة وضمان احترام حقوق الإنسان. كما يعكس تأكيد الاتحاد الأوروبي على ضرورة منع "التدخل الأجنبي الضار" مخاوفه من التأثير السلبي المحتمل لبعض القوى الإقليمية على العملية السياسية الداخلية في سوريا. ويُعد إطار العقوبات الحالي، بشقيه المرفوع والمُبقى، وسيلة لتعزيز السيادة السورية وردع محاولات تقويض المرحلة الانتقالية. رغم الخطوات الإيجابية لتخفيف العقوبات، تواجه سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا تحديات حقيقية في التنفيذ والمتابعة. فعملية الانتقال من نظام عقوبات شامل إلى إجراءات محددة تستلزم مراقبة دقيقة وتطبيقًا صارمًا لتجنب استغلال التسهيلات الجديدة من جانب جهات مرتبطة بالنظام السابق، أو متورطة بانتهاكات حقوق الإنسان. كذلك، فإن التزام الاتحاد الأوروبي بجعل سياسة تخفيف العقوبات "قابلة للعكس" يوفر مرونةً إستراتيجيةً، لكنه يخلق في الوقت ذاته قدرًا من عدم اليقين لدى الشركات والمنظمات الراغبة في استئناف أنشطتها في سوريا. ويشكل تحقيق التوازن بين دعم التعافي الاقتصادي وضمان المساءلة تحديًا سياسيًا مستمرًا، يتطلب تقييمًا دقيقًا ومتواصلًا لأدوات السياسة المعتمدة. ويبقى نجاح هذا النهج مرهونًا بمدى التزام الحكومة الانتقالية بمعايير الحوكمة الشاملة واحترام حقوق الإنسان. خاتمة تُجسّد سياسة العقوبات الأوروبية تجاه سوريا استجابة معقدة ومُتعددة الأبعاد لإحدى أكثر الأزمات السياسية والإنسانية إلحاحًا في القرن الحادي والعشرين. وفي ظل سعي سوريا لاستعادة استقرارها السياسي وتحقيق تعافٍ اقتصادي حقيقي، يُبرز تحول سياسة الاتحاد الأوروبي من العقوبات إلى الدعم عمقَ تعقيدات العلاقات الدولية، والدور المستمر للدبلوماسية متعددة الأطراف في مواجهة التحديات العالمية. ومن المرجح أن تُسهم الحالة السورية في صياغة توجهات الاتحاد الأوروبي المستقبلية بشأن العقوبات، والدعم الإنساني، والمساندة في مراحل ما بعد النزاعات، بما يعزز تطوير أدوات السياسة الخارجية الأوروبية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل تتخلى الصين عن حيادها ولماذا تخشى هزيمة روسيا؟
بينما تواصل الإدارة الأميركية تحركاتها لإنهاء الحرب بين روسيا و أوكرانيا ، أطلق وزير الخارجية الصيني وانغ يي تصريحا يتعارض مع موقف بلاده المُعلن بالحياد في هذه الحرب. وهو ما أثار تساؤلات فيما إذا كانت الصين بصدد تغيير موقفها وإعادة حساباتها الإستراتيجية على ضوء ما يشهده العالم من تطورات وتحولات ليست ببعيدة عنها. فقد نقلت وسائل إعلام صينية وغربية عن وزير الخارجية الصيني قوله إن بلاده "لا تريد أن ترى روسيا تخسر الحرب في أوكرانيا"، لأن ذلك قد يثير مخاوف من أن تحول الولايات المتحدة تركيزها الكامل باتجاهها. التصريح المفاجئ جاء خلال لقاء الوزير الصيني مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء الماضي على هامش مباحثات الجانبين في بروكسل والتي طالبت بكين بالتوقف عن تقويض أمن أوروبا. ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ظلت الصين تدعو بانتظام إلى محادثات السلام واحترام وحدة أراضي جميع الدول، بما فيها أوكرانيا. بكين لم تتبنَّ رسميا تصريحات وزير خارجيتها الأخيرة، ويظهر ذلك من خلال تصريحات أدلت بها المتحدثة باسم وزارة الخارجية بعد 4 أيام من تصريحات الوزير، حرصت خلالها على التأكيد أن "الصين لا تتدخل في القضية الأوكرانية، وأن موقفها موضوعي وثابت: التفاوض، ووقف إطلاق النار، والسلام"، معتبرة أن استمرار الأزمة الأوكرانية لا يخدم مصالح أحد. الرأي نفسه، تبناه العديد من المحللين السياسيين في الصين، الذين استبعدوا أن تغير بلادهم مواقفها المعلنة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ضمن هؤلاء البروفيسور فيكتور غاو، نائب رئيس مركز الصين والعولمة، الذي قال في تصريحات لبرنامج "ما وراء الخبر" إن استمرارية هذه الحرب لا تخدم أي طرف. الكثيرون في الصين يرون أن تصريح الوزير الصيني تم تأويله بشكل خاطئ أو "أن هناك من يحاول التضليل بشأن الموقف الصيني"، بل اتهم غاو قوى في الغرب بتصيد الفرص وتقديم تفسير خاطئ لموقف الصين. توتر مع أوروبا ورغم إعادة بكين تكرار موقفها تجاه الحرب، فإنها على ما يبدو على أعتاب أزمة سياسية ليست بالبسيطة مع أوروبا، ويظهر هذا جليا من تصريحات كالاس، التي دعت بكين للتوقف عما أسمته تقويض أمن أوروبا. وقالت كالاس إن "الشركات الصينية توفر طوق نجاة لموسكو للمحافظة على مجهودها الحربي ضد أوكرانيا، وتنفّذ بكين هجمات إلكترونية وتتدخل بديمقراطياتنا.. وهذه الأفعال تضر بأمن أوروبا". المخاوف الأوروبية يفسرها أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، بأنها تنبع من إدراك الأوروبيين بأنه لولا الدعم الصيني لروسيا لَما استطاعت أن تستمر في حربها على أوكرانيا. لكن الأوروبيين لا يستطيعون التخلي عن الصين بسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تجمعهم بها. وعلى ما يبدو فإن الأوروبيين ليسوا وحدهم الذين يشككون في مواقف الصين تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، فمن وجهة نظر جيمس روبنز، نائب وزير الدفاع الأميركي السابق فإن الصين تستفيد من مواصلة الحرب في أوكرانيا وتخشى فعلا من استدارة واشنطن تجاهها فيما لو وضعت الحرب أوزارها. وما يقلق واشنطن هو أن الصين أظهرت تطلعها لتوسيع نطاق نفوذها في المنطقة وتوسيع أسطولها البحري، وهو ما من شأنه أن يضر بالمصالح الأميركية، بحسب ما صرح به روبنز لـ"ما وراء الخبر". ومن وجهة نظر مؤيدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنه حاول منذ عودته للبيت الأبيض قبل 6 أشهر أن يحسّن علاقات بلاده مع الصين، وأن لا يجعل قضية الحرب الروسية الأوكرانية تقف عقبة أمام ذلك، رغم إدراكه بأن هذه العلاقات معقدة تجاريا وأمنيا. لكن الأوروبيين لا يثقون بأن أي تسويات سيتوصل لها ترامب مع الصين بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح القارة العجوز، لذلك هم يتطلعون لمقاربة توفيقية مع الصين خاصة بهم وحدهم، كما يقول عبيدي.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الدويري: نسب نجاح هجمات المقاومة تتجاوز المعمول به عالميا
لا تكشف مشاهد العمليات التي نفذتها المقاومة ضد القوات الإسرائيلية في خان يونس جنوبي قطاع غزة ، امتلاك معلومات دقيقة عن تحركات وتموضعات هذه القوات فقط، لكنها تظهر تطابقا بين التنفيذ والخطط الموضوعة لها بنسب تتجاوز النسب المعمول بها في العلوم العسكرية. فقد نشرت الجزيرة اليوم السبت مشاهد حصرية لكمينين نفذتهما كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وسط خان يونس، ضمن سلسلة "حجارة داود"، وقتلت خلالهما جنودا ودمرت دبابات وآليات عسكرية. وأظهرت المشاهد تفجير الآليات والاشتباك مع القوات من مسافة صفرية وفي مناطق مفتوحة، كما أظهر حديث المقاتلين خلال التنفيذ عن معرفة حتى بالسرية التي تنتمي لها هذه القوات وما تقوم به. وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت إن المقاتلين الفلسطينيين باتوا يعرفون تحركات وتموضعات القوات الإسرائيلية ويهاجمون على أساسها. لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري يقول إن ما تقوله الهيئة ليس جديدا، لأنه كان واضحا جدا في كل العمليات التي جرت طيلة شهور الحرب، لافتا إلى أن المهم في هذه العمليات "هو تطبيق الخطط بنسب نجاح تصل إلى 99%، بينما نسب التطابق المعمول بها عالميا تبدأ من 70%". فعالية القيادة والسيطرة ووفقا لما قاله الدويري -في تحليل للجزيرة- فإن هذا التطابق "يؤكد الفعالية الكبيرة لمنظومة القيادة والسيطرة لفصائل المقاومة، التي تمتلك معلومات دقيقة عن قوات الاحتلال تقوم بوضع خططها بناء عليها". ولا يقف الأمر عند نسب النجاح المرتفعة في التنفيذ، لكنه يتجاوز ذلك إلى طريقة التنفيذ التي يقول الخبير العسكري إنها لم تحدث في أي حرب سابقة وإنها يجب أن تدرس في الجيوش والكليات الفنية، وخصوصا المتعلقة بالقوات الخاصة المعنية بالمهام الشديدة الخطورة. فتحرك مقاتل القسام في منطقة مفتوحة وهو يحمل عبوة شواظ يزيد وزنها عن 20 كيلوغراما باتجاه دبابة تزن 60 طنا وتتحرك ببطء "ليس بالأمر السهل لأن هذه الآلية تثير القلق في نفس المقاتل حتى لو كانت متوقفة"، كما يقول الدويري. ولم يسبق أن شهد العالم تقدما بهذه الطريقة وتصوير العملية من 3 جهات كما تفعل القسام، وهو ما يؤكد اعتماد المقاومة على نقاط ضعف هذه الآلية المتقدمة جدا تتمثل في مباغتتها من النقطة العمياء التي لا يمكنها رصد الشخص القادم منها، بدليل أن المقاتل تقدم باتجاه الدبابة بينما آمرها يقف في البرج. غير أن التقدم باتجاه الآلية من نقطتها العمياء لا يعني سهولة العملية، لأن المقاتل يكون مطالبا بالتحرك سريعا في مساحة محدودة جدا، فضلا عن أن المسافة التي تفصل بين نزع فتيل العبوة وبين انفجارها لا تتجاوز 10 ثوان، حسب الخبير العسكري. وأظهرت المشاهد التي حصلت عليها الجزيرة إغارة مقاتلين من القسام على آليات وجنود إسرائيليين في خان يونس أمس الجمعة وأمس الأول الخميس، حيث استهدفوا دبابات "ميركافا" وناقلات جند، بعبوات شواظ وقذائف "الياسين 105″، من المسافة صفر، واشتبكوا مع قوة إنقاذ إسرائيلية.