
تحليل العملات والذهب بين الفائدة والجغرافيا السياسية
في عالم الأسواق، لا تكشف الأرقام وحدها عن الصورة الكاملة. فالحركة الحقيقية تُصاغ خلف الكواليس، حيث تتقاطع القرارات الاقتصادية بالتوقعات المستقبلية، وتتداخل السياسات النقدية بالإشارات الجيوسياسية.
وخلال مايو/أيار 2025، تلازمت العوامل المؤقتة مع تأثيرات بنيوية ممتدة، لتنتج مشهدا معقّدا شهد تذبذب الدولار، وضعف اليورو، وتقلّبات في الجنيه الإسترليني، وتراجع الين، وهبوط اليوان رغم محاولات الدعم.
أما الذهب، فقد احتفظ ببريقه، وإن خفّ لمعانه مقارنة بشهر أبريل/نيسان. وفي هذا التحليل، نستعرض أبرز المؤشرات ونفكّ شيفرة المحرّكات لنفهم الواقع، ونتأهّب لاستحقاقات يونيو/حزيران.
الدولار الأميركي بين ضغوط التصنيف وانتعاش الثقة
أغلق مؤشر الدولار الأميركي في نهاية جلسة 30 مايو/أيار الجاري عند مستوى 99.26 نقطة، مسجلا انخفاضا بنسبة 2.67% مقارنة بأعلى مستوياته خلال الشهر، والتي بلغت 101.98 نقطة في 12 من الشهر نفسه. وتراوح المؤشر بين 98.69 و101.98 نقطة خلال الشهر، مما يعكس حالة من التذبذب بفعل التطورات الاقتصادية والسياسية.
أبرز المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو/أيار
البيانات الاقتصادية: أظهرت بيانات إنفاق المستهلكين تباطؤا ملحوظا، إلى جانب تسجيل طلبات إعانة البطالة الأسبوعية نتائج أضعف من المتوقع، مما دلّ على علامات ضعف اقتصادي أثّرت سلبا على أداء الدولار.
قرار المحكمة الفدرالية بإلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب: دعم الدولار لفترة قصيرة، لكنه لم يصمد طويلا أمام الضغوط الأخرى.
تصريحات الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي): عبّر بعض أعضائه عن الحاجة إلى التريث في رفع الفائدة، مما خفف من زخم الدولار.
تأجيل فرض الرسوم على أوروبا: أضفى قدرا من الاستقرار النسبي في الأسواق، وقدم دعما مؤقتا للعملة الأميركية.
العوامل الأساسية الممتدة
خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، حيث خفضت وكالة موديز تصنيفها من الدرجة الممتازة "إيه إيه إيه" (Aaa) إلى "إيه إيه1" (Aa1).
ارتفاع الدين العام و العجز المالي.
تصاعد التوترات التجارية مع الصين وأوروبا.
ارتفاع عوائد السندات الأميركية وزيادة تكلفة التمويل.
تراجع حيازة السندات الأميركية من قبل كبار المستثمرين مثل الصين واليابان، مما أثار مخاوف إضافية بشأن الثقة والأسواق.
التوقعات
من المرجح أن يبقى الدولار تحت ضغط العوامل الممتدة والسياسات الرئاسية، مع ترقّب قرارات الفدرالي وبيانات التضخم في يونيو/حزيران. ويُتوقع أن يحافظ الاحتياطي الفدرالي على نهجه الحذر، مما يُبقي الدولار عالقا بين تأثيرات المعطيات الاقتصادية والضغوط السياسية.
الذهب في مايو تقلبات وتراجع
بلغ الذهب أعلى مستوياته في مايو/أيار عند 3438 دولارا للأوقية، قبل أن يتراجع ليغلق الشهر عند 3289.39 دولارا، وهو انخفاض بنسبة 4.34% من الذروة الشهرية. وتعكس هذه التحركات حالة من التقلّب وتبدّل معنويات المستثمرين.
المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو
تأجيل الرسوم على أوروبا، وقرار المحكمة الأميركية بإلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، ساهما في تخفيف التوتر التجاري، مما قلل من إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن.
موقف الاحتياطي الفدرالي المتريث بشأن خفض الفائدة أبقى المستثمرين في حالة انتظار، مما قلل من جاذبية الذهب. وارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية عزز الإقبال على الأصول ذات العوائد، على حساب الذهب.
العوامل الأساسية الممتدة
مشتريات البنوك المركزية العالمية بلغت 244 طنا في الربع الأول من العام، وهو ما يمثل 22% فقط من الطلب الحقيقي، مما يشير إلى عمليات شراء غير معلنة، يُرجح أن تقودها دول مجموعة البريكس.
خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة عزز القلق المالي عالميا، مما قد يدعم الذهب على المدى البعيد.
تصاعد التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم عالميا.
التوقعات
سيبقى الذهب مرتهنا لتحركات التضخم، والسياسات التجارية، وقرارات الفدرالي. وعلى المدى القصير، تبقى التقلبات مرجّحة. أما على المدى الطويل، فيُتوقّع أن يحافظ الذهب على مكانته كأداة تحوط رئيسية في ظل بيئة عدم اليقين العالمية.
اليورو بين ضغوط الفائدة وتحديات النمو
سجّل اليورو خلال مايو/أيار قمة عند 1.1419 دولار، وأدنى مستوى عند 1.1065 دولار، قبل أن يغلق الشهر عند 1.1348 دولار. ويمثّل هذا الإغلاق تراجعا طفيفا بنسبة 0.62% من أعلى نقطة في الشهر، في ظل تباين السياسات النقدية الأوروبية وتضارب المؤشرات الاقتصادية.
أبرز المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو
تلميحات البنك المركزي الأوروبي بخفض الفائدة في يونيو/حزيران زادت من الضغط على اليورو.
تباطؤ التضخم في ألمانيا (صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا) دعم التوقعات بمزيد من التيسير النقدي.
تحسّن الإقراض المصرفي منح بعض الدعم الاقتصادي، لكن تأثيره على اليورو كان محدودا.
ضعف الدولار الأميركي دعم اليورو نسبيا.
العوامل الأساسية الممتدة
استمرار ضغوط التضخم.
تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.
التوترات التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة.
فجوة أسعار الفائدة بين اليورو والدولار الأميركي، مما يجعل الأصول المقوّمة بالدولار أكثر جذبا.
تراجع القطاع الصناعي الألماني، مما يؤثر سلبيا على التوقعات الاقتصادية في القارة.
التوقعات:
يُتوقع أن يبقى اليورو تحت ضغط خلال الأسبوع الأول من يونيو/حزيران، مع ترقب نتائج اجتماع البنك المركزي الأوروبي في الخامس من يونيو/حزيران. وإذا تم خفض الفائدة دون التلميح لمزيد من التخفيضات، فقد يمنح ذلك دعما مؤقتا للعملة. أما استمرار لهجة التيسير، فسيُبقي اليورو في دائرة الضعف.
الإسترليني.. تحركات ملحوظة وسط غموض سياسي
تراوح الجنيه الإسترليني خلال مايو/أيار بين أعلى مستوى عند 1.3595 وأدنى مستوى عند 1.3139، ليغلق في نهاية الشهر عند 1.3461 دولار. ويعكس هذا انخفاضا بنسبة 0.99% عن ذروته الشهرية.
إعلان
المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو
صعود حزب نايجل فاراج قبل الانتخابات خلق حالة من الغموض السياسي.
توقعات خفض الفائدة مارست ضغوطا على الإسترليني.
بيانات النمو الاقتصادي القوية وفرت دعما مؤقتا.
ضعف الدولار الأميركي حدّ من خسائر الإسترليني.
مخاوف بشأن قيود الميزانية أثرت سلبا على معنويات الأسواق.
العوامل الأساسية الممتدة:
توجهات السياسة النقدية لبنك إنجلترا.
ارتفاع معدلات التضخم.
العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
التوقعات:
سيبقى الإسترليني عرضة للتذبذب في ظل مزيج من الضغوط التضخمية، والغموض السياسي، وتردد بنك إنجلترا. وأي تأجيل إضافي لخفض الفائدة قد يمنح العملة دعما مؤقتا.
الين الياباني بين ضغوط العوائد وتلويح بالتدخل
تحرّك الين الياباني خلال مايو/أيار بين قمة عند 148.66 وأدنى مستوى عند 142.11، ليغلق عند 144.60 بانخفاض نسبته 2.73% من أعلى مستوياته. ورغم تصاعد تلميحات الحكومة للتدخل، فإن فجوة العوائد بين السندات الأميركية واليابانية ساهمت في استمرار ضعف الين.
أبرز المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو:
ارتفاع تضخم طوكيو عزز التوقعات بتشديد نقدي قادم.
تراجع الإنتاج الصناعي أثار مخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي.
تصريحات بنك اليابان (البنك المركزي) حافظت على الغموض حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
تصاعد التوترات الجيوسياسية زاد من الطلب على الين كملاذ آمن.
ضعف الدولار الأميركي قدم دعما نسبيا للين.
العوامل الأساسية الممتدة
ارتفاع معدلات التضخم.
خفض توقعات النمو الاقتصادي لعامي 2025 و2026.
تأثير الرسوم الأميركية على الصادرات اليابانية.
التوقعات
رغم غياب تدخل مباشر حتى الآن، فإن اقتراب الين من مستوى 147–148 قد يدفع بنك اليابان للتحرك المفاجئ لضمان الاستقرار المالي. كما أن استمرار المضاربات واتساع فجوة العوائد يزيدان من احتمالات التدخل الفعلي في السوق.
اليوان الصيني تحت الضغط رغم تدخلات بكين
سجّل اليوان داخل الصين أعلى مستوياته عند 7.2714 خلال مايو/أيار، قبل أن يغلق في 30 مايو/أيار عند 7.1998، متراجعا بنسبة 0.98%. أما في الأسواق الخارجية، حيث التداول أكثر تحررا، فقد بلغ ذروته عند 7.2874، وأغلق عند 7.2048، مسجلا تراجعا بنسبة 1.3%.
أبرز المؤثرات في الأسبوع الأخير من مايو
تسارع خروج رؤوس الأموال نحو أسواق ذات عوائد أعلى.
تثبيت بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) لسعر استرشادي أضعف عند 7.1876 في 27 مايو/أيار.
تخفيف التدخلات اليومية، مما يعكس مرونة أكبر في إدارة سعر الصرف.
تباطؤ قطاع المصانع.
تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
تزايد حرص المركزي على إبقاء اليوان منخفضا لدعم الصادرات.
العوامل الأساسية الممتدة
ضعف الطلب المحلي واستمرار أزمة العقارات.
التوترات التجارية المستمرة مع واشنطن.
ارتفاع رهانات البيع على المكشوف في الأسواق الخارجية.
فجوة الفائدة الكبيرة بين الصين والولايات المتحدة، نتيجة الفائدة الأميركية المرتفعة وسياسات التيسير النقدي الصيني.
استمرار تدفق الأموال نحو الخارج.
غياب إصلاحات مالية هيكلية تدعم النمو.
التوقعات
من المرجح أن يبقى اليوان تحت ضغط خلال المدى القريب، ما لم يتدخل المركزي بشكل مباشر أو تتحسن المعطيات الاقتصادية الداخلية بشكل مفاجئ. والاتجاه العام يبقى هبوطيا، لكن أي تهدئة تجارية أو بيانات إيجابية قد تُبطئ وتيرة التراجع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 28 دقائق
- الجزيرة
صور أقمار صناعية جديدة تظهر نشاطا مكثفا في منشأة فوردو الإيرانية
أظهرت صور أقمار صناعية جديدة التُقطت أمس الجمعة تصاعدا في أعمال البناء والحفر في منشأة فوردو النووية الإيرانية التي قصفتها الولايات المتحدة بقنابل خارقة للتحصينات فجر 22 يونيو/حزيران. وبحسب مجلة نيوزويك الأميركية فإن الصور الأخيرة، التي التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجي"، تُظهر وجود معدات ثقيلة لا تزال في الموقع، وأعمال حفر إضافية، ومؤشرات على أن مداخل الأنفاق المؤدية للمنشأة النووية قد تم إغلاقها عمدا قبل الضربات. وكانت منشأة فوردو النووية، التي تقع على بعد نحو 96 كيلومترا جنوب طهران، واحدة من 3 منشآت نووية استهدفتها الولايات المتحدة خلال عمليتها التي أطلقت عليها اسم "مطرقة منتصف الليل". وتُظهر الصور علامات على "تحرك حديث للتربة"، بما في ذلك طرق وصول جديدة ومناطق بها حفر، خاصة قرب مداخل الأنفاق الرئيسية. وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارا أنه تم تدمير المنشآت النووية المستهدفة بشكل كامل، كما أن التقييمات الأولية الأميركية وصفت الأضرار بهذه المواقع بأنها "شديدة للغاية"، لكن الصور المحدثة تشير إلى أن إيران ربما اتخذت إجراءات استباقية لحماية المكونات الحساسة. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بعد الضربة الأميركية أن المواقع النووية تم إخلاؤها، وأن اليورانيوم المخصب نُقل "إلى موقع آمن" قبل الضربات. ولا يزال من غير الواضح كمية اليورانيوم التي كانت موجودة في الموقع أثناء القصف، كما يقول محللون إن إغلاق الأنفاق بالتراب قد يكون لحماية الأصول تحت الأرض أو للحد من أضرار ما بعد الضربة. وتظهر في الصور الجديدة آليات تعمل قرب مداخل الأنفاق الشمالية للمنشأة النووية حيث تقوم الجرافات بإعادة توزيع التراب حول إحدى الحفر، وتُلاحظ مسارات وصول جديدة، وتعلق المجلة على ذلك بأن الصور الجديدة تُظهر أن إيران تعمل بنشاط إما لإخفاء الموقع أو لإعادة تأهيله. وبحسب نيوزويك فإن صورا سابقة من 19 و20 يونيو/حزيران كانت تُظهر وجود عدة جرافات وشاحنات قرب مدخل الأنفاق. ويعتقد المراقبون الآن أن ذلك كان جزءا من جهد منسق لإغلاق أو تعزيز نقاط الوصول. وتواصل وزارة الدفاع الأميركية تقييم فعالية الضربات الجوية لمنشآت إيران النووية. وقال وزير الدفاع بيت هيغسيث إن "تقييمنا الأولي هو أن جميع الذخائر الدقيقة أصابت أهدافها وحققت التأثير المطلوب"، مضيفا: "خصوصا في فوردو، الذي كان الهدف الأساسي، نعتقد أننا دمرنا القدرات هناك". أما بشأن الحالة طويلة الأمد لأجهزة الطرد المركزي في فوردو، فقد قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع إنها تعتقد أنها "لم تعد تعمل"، رغم أن الخبراء يقولون إن عمليات التفتيش الميدانية أو معلومات استخباراتية إضافية فقط يمكن أن تكشف مدى الضرر الحقيقي.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
حاكم كاليفورنيا يقاضي شبكة "فوكس نيوز" ويطلب تعويضا بـ 787 مليون دولار
رفع حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم دعوى تشهير ضد شبكة "فوكس نيوز"، زاعما أنها حرّفت بشكل متعمد تفاصيل متعلقة بمكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق هذا الشهر. وتطالب الدعوى التي رفعها نيوسوم أمس الجمعة أمام محكمة ديلاور، حيث "فوكس نيوز" مسجلة كشركة، بتعويض قدره 787 مليون دولار. وتحادث ترامب ونيوسوم هاتفيا في السابع من يونيو/ حزيران الحالي، دون أن يتطرقا إلى الاحتجاجات التي اندلعت ضد إدارة الهجرة والجمارك التي كانت تقوم بمداهمات في جميع أنحاء لوس أنجلوس بحثا عن مهاجرين غير نظاميين، وفقا للدعوى. في وقت لاحق من ذلك اليوم، أمر الرئيس الجمهوري ترامب بنشر آلاف من قوات الحرس الوطني في المدينة ردا على الاحتجاجات، متجاوزا أخذ موافقة حاكم ولاية كاليفورنيا. وصرح ترامب خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض في العاشر من يونيو/ حزيران بأنه تحدث مع نيوسوم "قبل يوم واحد"، وهو ادعاء دحضه نيوسوم بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب نيوسوم على منصة إكس "لم تكن هناك مكالمة. ولا حتى رسالة صوتية". وردا على ذلك، زعم مذيع "فوكس نيوز" جيسي واترز أن نيوسوم يكذب بشأن المكالمة. وقال صحفي آخر في "فوكس نيوز" هو جون روبرتس، إن ترامب أرسل له سجل مكالمات لإثبات كذب نيوسوم، لكن صورة الشاشة التي أظهرها للسجل تبين أن المكالمة جرت في 7 يونيو/ حزيران. تضليل متعمد وصرح نيوسوم لقناة "مايدس تاتش" بأنه معتاد على انتقادات فوكس نيوز "لكن هذا تجاوز الحدود (…) الصحفية والأخلاقية والتشهير والحقد". واتهمت الدعوى "فوكس نيوز" بتعمد تضليل المشاهدين بشأن المكالمة للإضرار بمسيرة نيوسوم السياسية، قائلة إن من شاهدوا تقرير واترز سيكونون أقل ميلا لدعم حملاته الانتخابية المستقبلية. ووصفت "فوكس نيوز" الدعوى بأنها "خدعة دعائية"، قائلة في بيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذا الإجراء القانوني "تافه ويهدف إلى قمع حرية التعبير". وقارن نيوسوم في بيان قضيته بدعوى رفعتها شركة "دومينيون" لأنظمة تكنولوجيا الانتخابات ضد "فوكس نيوز" عام 2023، واتهمت فيها الشبكة بتعمد نشر أكاذيب حول التأثير السلبي لآلات التصويت الخاصة بها على ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ومبلغ التعويض البالغ 787 مليون دولار الذي يطالب به نيوسوم يعادل تقريبا المبلغ الذي دفعته فوكس نيوز لإجراء تسوية مع "دومينيون".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ترامب يعلنها صراحة: "كندا ستدفع الثمن" ويعلق المفاوضات التجارية بالكامل
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة تعليقا فوريا لكل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا، جاء هذا القرار ردا على تطبيق كندا لضريبة الخدمات الرقمية "دي إس تي" بنسبة 3% على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى. ووصفت الإدارة الأميركية الضريبة بأنها 'هجوم فاضح'، وأعلنت عزمها فرض رسوم جمركية جديدة خلال 7 أيام، مما أعاد إشعال أزمة تجارية قد تطيح بالاستقرار الاقتصادي بين الحليفين، بحسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس. القرار الأميركي: تعليق فوري وتهديد مباشر وقال الرئيس الأميركي، في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" نقلته رويترز، إن القرار جاء: "استنادا إلى هذه الضريبة الفاضحة، نعلن إنهاء جميع المفاوضات التجارية مع كندا، بشكل فوري. وسنبلغ كندا بالرسوم التي ستدفعها خلال 7 أيام". ووصف ترامب كندا بأنها "دولة يصعب التعامل معها تجاريا"، متهما أوتاوا بتقليد سياسات ضريبية أوروبية تُحمِّل شركات التكنولوجيا الأميركية أعباء غير مبررة، وادّعى، بحسب ما أوردته شبكة فوكس بيزنس، أن كندا تفرض رسوما تصل إلى 400% على منتجات الألبان الأميركية. تحقيق رسمي ورسوم انتقامية وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت ، في تصريحات نقلتها رويترز، أن مكتب الممثل التجاري الأميركي سيُطلق تحقيقا بموجب المادة 301 من قانون التجارة، تمهيدا لفرض رسوم انتقامية بقيمة تصل إلى ملياري دولار أميركي سنويا على صادرات كندية. وأضاف بيسنت أن الإدارة الأميركية تعمل على تسريع التفاوض مع شركاء آخرين مثل الصين، والهند، والاتحاد الأوروبي واليابان، مشيرا إلى أن "الاتفاقيات الجديدة يمكن التوصل إليها بحلول عيد العمال". كندا ترد: لا تراجع عن السيادة الضريبية في المقابل، رد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني ، الذي تولى رئاسة الحكومة في مارس/آذار 2025 خلفا لجاستن ترودو، بتصريحات نقلتها رويترز، قائلا: "سنواصل الانخراط في مفاوضات معقدة… بما يخدم مصالح العمال والشركات الكندية، ولكن ليس تحت التهديد أو الإكراه." من جانبه، قال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبين، في مقابلة مع سي تي في نيوز بتاريخ 19 يونيو/حزيران: "لدينا جميع الأوراق الرابحة. لن نُعلِّق الضريبة تحت الضغط". كما ذكرت وكالة بلومبيرغ أن أوتاوا بدأت مشاورات قانونية لدراسة اللجوء إلى آليات فض النزاعات ضمن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (يو إس إم سي إيه)، أو رفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية إذا ما نفذت الولايات المتحدة تهديداتها. وفي هذا السياق، قال البروفيسور فرانك جيانغ، أستاذ التجارة الدولية في جامعة كارلتون، في تصريح خاص للجزيرة نت: "من منظور القانون التجاري الدولي، تملك كندا كامل الحق في فرض ضرائب سيادية على الأرباح الرقمية التي تتحقق داخل حدودها. المسألة لا تتعلق بعداء لأميركا، بل بتكييف السياسات الضريبية مع واقع الاقتصاد الرقمي". الضريبة الرقمية: إجراء بأثر رجعي وكلفة مرتفعة وبحسب ما نشرته وكالة رويترز، فإن قانون ضريبة الخدمات الرقمية الذي أقرّه البرلمان الكندي في يونيو/حزيران 2024، دخل حيّز التنفيذ في 28 من الشهر ذاته، ويُطبق بأثر رجعي بدءا من الأول من يناير/كانون الثاني 2022. وتُفرض الضريبة بنسبة 3% على الإيرادات الناتجة عن خدمات رقمية تستهدف المستخدمين الكنديين، إذا تجاوزت الإيرادات العالمية للشركة 750 مليون يورو (نحو 879 مليون دولار) والإيرادات المحلية 20 مليون دولار كندي (نحو 14.6 مليون دولار). وتوقعت الحكومة الكندية، وفق وثائق مالية رسمية نقلتها بلومبيرغ، أن تحقق الضريبة: 7.2 مليارات دولار كندي في الفترة بين 2023 و2027 (ما يعادل نحو 5 مليارات دولار أميركي). 500 مليون دولار أميركي سنويا من شركات أميركية مثل أمازون، ميتا، ألفابت، وأوبر. ملياري دولار أميركي بأثر رجعي تُستحق بحلول 30 يونيو/حزيران 2025. وأشارت رويترز إلى أن شركات التكنولوجيا بدأت بالفعل تمرير هذه الكلفة إلى المستهلك الكندي، حيث رفعت غوغل وأمازون رسومها بنسبة 2.5% إلى 3% على الإعلانات والخدمات الموجهة للسوق الكندية. وفي تحليله لهذه الخطوة، قال البروفيسور جيانغ: "صحيح أن الضريبة قد تُترجم إلى أسعار أعلى للمستهلكين، لكن المكسب الأوسع لكندا هو في فرض التوازن بين القوة الاقتصادية لشركات التكنولوجيا العالمية وحقوق الدول في تنظيم أسواقها. إنها معركة مبدئية أكثر منها مالية". الأسواق المالية تتجاهل التصعيد وعلى الرغم من التوترات السياسية المتصاعدة بين واشنطن وأوتاوا، والتلويح الأميركي بفرض رسوم انتقامية تصل إلى ملياري دولار أميركي سنويا، إضافة إلى تعليق رسمي للمفاوضات التجارية بين البلدين، فإن أسواق المال الأميركية أبدت مرونة لافتة في تعاملها مع هذه التطورات، مما قد يشير إلى ثقة المستثمرين المؤقتة بأن التصعيد لن يخرج عن الإطار السياسي. ونقلت نيويورك بوست أن الأسواق الأميركية أغلقت على مكاسب ملحوظة: ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.5% ليصل إلى 6,173.07 نقاط. ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 0.5% ليصل إلى 20,273.46 نقطة. أضاف مؤشر داو جونز أكثر من 400 نقطة أي ما يعادل نحو 1%. إعلان وأرجعت منصة ماركت ووتش هذه المكاسب إلى الأداء القوي لأسهم الذكاء الاصطناعي، وتوقعات المستثمرين بخفض مرتقب للفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي. لكن محللين حذروا من أن أي تصعيد إضافي مع كندا قد يُربك سلاسل الإمداد ويؤثر سلبا على الاستهلاك. تصعيد سياسي وتجاري متدرج وفي الأول من فبراير/شباط 2025، فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية بنسبة 25% على معظم السلع الكندية، إضافة إلى 10% على صادرات الطاقة، مبررة الخطوة بمخاوف تتعلق بالأمن الحدودي والمواد المُخدِّرة القادمة من كندا. وردت أوتاوا فورا برسوم على السلع الأميركية بقيمة 30 مليار دولار كندي (نحو 21.88 مليار دولار)، ثم وسّعتها لتصل إلى 155 مليار دولار كندي (نحو 113.05 مليار دولار) خلال 21 يوما، وفق ما أفادت به رويترز. وتزامن ذلك مع موجة غضب شعبي في كندا، حيث أطلقت حملات مقاطعة ضد المنتجات الأميركية، وأظهرت استطلاعات رأي نُشرت في "سي بي سي" الكندية أن ما بين 65% و90% من الكنديين توقفوا عن شراء المنتجات الأميركية أو السفر إلى الولايات المتحدة. وفي خضم التصعيد، أثار ترامب جدلا كبيرا بتصريحات متكررة حول إمكانية ضم كندا كولاية أميركية رقم 51. ليرد عليه رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو، في تصريح نقلته الجزيرة الإنجليزية، قائلا: "لا توجد فرصة واحدة في الجحيم أن تصبح كندا جزءا من الولايات المتحدة". وأظهرت نتائج استطلاع رأي أجرته أنغوس ريد أن 82% من الكنديين رفضوا تماما هذه الفكرة، بينما أيدها 13% فقط بشروط. أما السفير الأميركي لدى كندا بيت هوكسترا فقد صرّح لصحيفة واشنطن بوست: "أقضي معظم وقتي في تهدئة المخاوف، لا في التفاوض.. التصريحات تسبق الدبلوماسية للأسف". فشل في قمة السبع ومع استمرار التوترات، جاءت قمة مجموعة السبع لتُشكّل فرصة جديدة للحوار، لكنها تحولت إلى خيبة أمل جديدة. ففي القمة التي استضافتها كندا في ألبرتا بين 11 و16 من الشهر الحالي، اتفق ترامب وكارني -وفق ما نقلته رويترز- على "إطار تفاوضي يمتد 30 يوما" لمحاولة التوصل إلى حل تجاري متوازن. لكن ترامب انسحب من القمة مبكرا بسبب تصعيد في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل، ولم تتحقق أي نتائج ملموسة، ليتبع ذلك قرار تعليق المحادثات بالكامل. سيناريوهات مفتوحة وتوترات معقّدة ويرى الباحث في الاقتصاد الدولي بجامعة أوتاوا أحمد إسماعيل، في حديث للجزيرة نت، أن العلاقة بين كندا والولايات المتحدة تدخل مرحلة حساسة ومعقدة، إذ إن الخلاف التجاري تجاوز مسألة ضريبة رقمية وأصبح اختبارا حقيقيا لحدود السيادة الاقتصادية، ومدى قدرة القانون التجاري الدولي على احتواء التوترات بين الحلفاء. وقال إسماعيل: "في الأيام المقبلة، ستجد أوتاوا وواشنطن نفسيهما على مفترق طرق. فواشنطن، كما هو متوقع، ستُعلن خلال أسبوع عن قائمة موسعة من الرسوم الجمركية قد تشمل منتجات الألبان، الخشب، السيارات، والخدمات الرقمية، وهذا سيفتح الباب أمام تصعيد اقتصادي حاد". وأضاف أن كندا لا تنوي التراجع تحت الضغط، مشيرا إلى أن الحكومة الكندية، وفق تصريحات رسمية نقلتها بلومبيرغ، "تعتبر الضريبة الرقمية جزءا من سيادتها الاقتصادية ولا ترى مبررا قانونيا لإلغائها." كما أكد أن أوتاوا تدرس جديا خيار رفع دعوى تجارية رسمية بموجب اتفاقية "يو إس إم سي إيه"، أو اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية، وهو مسار قانوني قد يمتد لأشهر طويلة ويُعقد العلاقة أكثر. وفي ما يتعلق بالأسواق، أوضح إسماعيل أن المستثمرين يترقبون تأثير الأزمة على مؤشرات التضخم ، خاصة مع ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي "بي سي إي" إلى 2.7% بحسب ماركت ووتش، مشيرا إلى أن "أي تصعيد إضافي قد يُربك سلاسل الإمداد ويضرب ثقة المستهلكين، مما ينعكس سلبا على سلوك الإنفاق في قطاعات حيوية". وحذّر من أن تداعيات هذا النزاع قد لا تقتصر على أميركا الشمالية، بل قد تمتد إلى الأسواق العالمية عبر ضرب شبكات التوريد العابرة للحدود، لا سيما في مجالات الطاقة، المعادن النادرة، والخدمات الرقمية. وختم إسماعيل بالقول: "نحن أمام لحظة مفصلية. إن لم يتم احتواء التوتر بسرعة، فإن المواجهة قد تتحول إلى أزمة هيكلية، تكسر التوازن التجاري والسياسي الذي استمر لعقود بين كندا والولايات المتحدة."