
ترمب... السلام أو الغرق في رمال المنطقة؟
نتنياهو يؤمن بنظرية انتهاز الفرصة، وتكريس وقائع على الأرض، لكنه بعد إخراجه إيران فتح الباب أمام إردوغان، وبالتالي أصبح يتنافس معه على الكعكة السورية، والأهم على رسم مسار المنطقة. هذا التنافس أوصلهما بعد ضرب إسرائيل للدولة السورية الوليدة إلى شفا المواجهة لولا تدخل الرئيس ترمب، وتهديده لنتنياهو بالتوقف عن مواجهة إردوغان، وحذره بأن إردوغان صديقه، ونصحه بأن يعود إليه عند الاختلاف على أحزمة النفوذ. بهذا القول الحاسم أصبح واضحاً أن المايسترو الجديد للشرق الأوسط هو الرئيس ترمب، وأن الصراع في المنطقة على أحزمة نفوذ ليس مسموحاً به، وأن ترمب وحده يوزع صكوك النفوذ في منطقة تتشكل من جديد. وبالفعل رتب ترمب لهما خطاً عسكرياً ساخناً لكي يتفاهما بسرعة قبل أن يدخلا في معركةٍ تبعاتها خطيرة على إسرائيل، وبالذات على مشروع ترمب للسلام في الشرق الأوسط.
أمام ترمب الآن فرصة ثمينة في المنطقة حيث لا نفوذ روسياً ولا إيرانياً، بل أميركي بامتياز، والعقبة الوحيدة أمامه هي نتنياهو، ورؤيته لـ«إسرائيل الكبرى»؛ لذلك قال وزير خارجية تركيا فيدان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي مؤخراً: «لا يوجد مشكلة فلسطينية ولا لبنانية ولا سورية ولا يمنية، بل مشكلة إسرائيلية». هذا يعني أن الأتراك يرفضون أن تكون إسرائيل المهيمن في المنطقة، بل يريدونها أن تكون دولة مثل غيرها، وأن يتشارك الجميع عرباً وأتراكاً وإسرائيليين في خيرات وتنمية المنطقة وأمنها. في المقابل، ترى الدول العربية المؤثرة أن لا «إسرائيل الكبرى» مقبولة، ولا نظرية «القرن التركي» لإردوغان مرغوبة، بل إن الحل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، واحترام سيادة الدول، والابتعاد عن نظرية الأحزمة الأمنية التي ستنزل بالدول العربية المجاورة أكبر الضرر، وهي لم تتعافَ بعدُ مما حدث. ويبدو أن ترمب يميل إلى نزع فتيل غزة، ثم طرح حل للقضية الفلسطينية، ويعتقد أنه قادر على جر كل الأطراف إلى توقيع اتفاقية جديدة قد تكون تطويراً لـ«الاتفاق الإبراهيمي».
بالرجوع لتاريخ الشرق الأوسط، ثمة حقيقة ثابتة أن الانتصار في حرب لن يعقبه بالضرورة سلام، وأن رمال المنطقة المتحركة ابتلعت آمالاً كباراً، وفيها غرقت دول، وعلى الرئيس ترمب أن يتعظ بهذا الماضي، ويستلهم حلاً لا يستبعد أحداً من التسوية الكبرى. ويكمن الخوف في استجابته لنتنياهو الذي ينتظر صرف انتصاراته العسكرية سياسياً، بتسويق اتفاقيات منفردة مع دول عربية، وهو مطلب قديم تمسكت به إسرائيل، وبه مزقت قدرات العرب التفاوضية؛ لذلك فإن قبول ترمب بهذا المسار سيرتب أخطاراً كبرى على رؤيته للسلام، وأي توجه منه لإجبار سوريا «الوليدة» دونما مراعاة لمصالح تركيا، ودونما موافقة عربية، سيكون بمثابة السير في حقل ألغام، وكذلك أي حل لا يُشرك الدول الأوروبية والإسلامية، وبالذات روسيا والصين، ولو شكلياً، سيكون انتقاصاً لهيبة الكبار، وربما سيوفر لتلك الدول ذريعة لتفخيخه، ثم تفجيره في المستقبل.
الآمال كلها معلقة الآن على ترمب؛ لأنه الوحيد القادر الآن على صناعة السلام العادل، ودفن مشروع «إسرائيل الكبرى»، وإلغاء «القرن التركي» بعدما أزاح مشروع إيران الثوري. إن ترمب يقف على عتبة التاريخ؛ فإما أن يفرض السلام العادل ويخلده التاريخ، أو ينصاع لرغبات نتنياهو فيغرق في رمال المنطقة كما غرق قبله ملوك وأباطرة ورؤساء عظام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
الشبكة السورية: انهيار خطير في منظومة الخدمات الأساسية بالسويداء
وجّهت منظمة حقوقية سورية نداء استغاثة للسماح بدخول كافة أشكال المساعدات الإنسانية إلى محافظة السويداء، جنوب سوريا، التي تشهد تدهوراً واسع النطاق، في الوضعين الإنساني والخدمي، جراء التوترات الأمنية وأعمال العنف المسلح التي اندلعت فيها منذ 13 يوليو (تموز) الحالي. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إن قرار حكمت الهجري، القاضي برفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقوافل الإنسانية، أسهم في «عرقلة أو تأخير إيصال جزء كبير من المساعدات الجاهزة، التي تتضمن مستلزمات طبية وإسعافية حيوية»، وذلك بالإضافة إلى القصف الإسرائيلي وعدم استقرار الوضع الأمني. سيارات خاصة تُجلي عائلات من البدو بينهم نساء وأطفال باتجاه مراكز إيواء في محافظتي درعا المجاورة ودمشق بالتنسيق مع الهلال الأحمر العربي السوري (رويترز) وأدّت الاشتباكات وأعمال العنف التي شهدتها السويداء خلال الأيام الماضية إلى نزوح جماعي قسري لعشرات الآلاف من المدنيين، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الأساسية، خصوصاً قطاعات الصحة، والغذاء، والمياه. وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أعداد النازحين بأكثر من 93 ألف مدني فرّوا من مدينة السويداء وعدد من قراها، ولا سيما الريفين الشمالي والغربي، فيما تشير الأرقام المتداولة إلى نزوح أكثر من 128 ألف مدني. وقد قامت الحكومة السورية بإجلاء نحو 1500 مدني من السكان البدو الذين تمت محاصرتهم في مدينة السويداء، تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، بينما تستمر عمليات انتشال جثث الضحايا من المناطق التي شهدت اشتباكات وأعمال عنف. قالت المؤسسة العامة للكهرباء لـ«الإخبارية» إن اشتباكات في السويداء تسببت في انقطاع خطوط الكهرباء وأدت إلى وفاة عاملين (الإخبارية السورية) وأفاد ناشطون في السويداء بأن منطقة عطل الكهرباء الرئيسية في منطقة كناكر، وهي منطقة غير آمنة، وأكّد موقع «السويداء 24» أن ورش الصيانة حاولت على مدى أسبوع الوصول إلى منطقة العطل لإصلاحه، ولم تستطع. كما تكبدت الشركة العامة للكهرباء في المحافظة خسائر فادحة. وعدا تضرر الشبكة، فقد قتل 7 من موظفيها، وتضرر المبنى خلال الاشتباكات، وتعرضت آلياتها للسرقة. وحذّرت الشبكة السورية من «حدوث انهيار خطير في منظومة الخدمات الأساسية في محافظة السويداء» نتيجة انقطاع شبه كامل في شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات منذ أكثر من 6 أيام متواصلة، والضعف الشديد في خدمة الإنترنت، التي حرمت السكان من التواصل وطلب المساعدة. كما توقفت معظم الأفران والمحال التجارية عن العمل، في ظل غياب بدائل لتأمين الغذاء، والنقص الحاد بمياه الشرب، وحصول حوادث نهب وتخريب استهدفت متاجر وأسواقاً رئيسية، ما زاد من هشاشة الأمن الغذائي للسكان. أكياسٌ تحوي جثثاً ملقاة على الأرض في مستشفى السويداء الوطني الثلاثاء تنتظر الدفن (رويترز) وفي القطاع الصحي، خرج المشفى الوطني عن الخدمة بشكل كامل، ونفدت الأدوية والمستلزمات الطبية، مع وجود جثامين متحللة داخل المشفى، دون إمكانية التعامل معها. وعدّت الشبكة هذه الأوضاع «انتهاكاً صارخاً للحقّ في الصحة والكرامة الإنسانية». وفي ظل استمرار تعثر وصول المساعدات الإنسانية، على الرغم من المساعي الحكومية والمجتمعية وجهود الوكالات الدولية والأممية لتأمين الاستجابة الإنسانية، قالت الشبكة إن عدم الاستقرار الأمني وتنفيذ إسرائيل غارات جوية على محيط المدينة، تسببا في تعطيل أو تأجيل عمليات الإغاثة. كما أسهم قرار حكمت الهجري، القاضي برفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقوافل الإنسانية، في عرقلة أو تأخير إيصال جزء كبير من المساعدات الجاهزة. وكانت فرق الهلال الأحمر العربي السوري التي تمكنت من دخول السويداء قد تعرضت لإطلاق نار على سيارة إسعاف، كما تم استهداف متطوعين، وما زال مصير رئيس مركز منظمة الدفاع المدني السوري في محافظة السويداء مجهولاً بعد فَقْد الاتصال معه.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
واشنطن تؤكد مقتل مواطن أميركي في السويداء الأسبوع الماضي
أكدت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، مقتل مواطن أميركي الأسبوع الماضي في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، حيث وردت تقارير عن مقتل مئات الأشخاص في اشتباكات. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس مقتل حسام سرايا مضيفة أن الولايات المتحدة تُقدم مساعدة قنصلية للعائلة. ورفضت المتحدثة الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وكانت قناة «إيه.بي.سي نيوز» ذكرت في وقت سابق أن أصدقاء وعائلة سرايا، وهو مواطن أميركي من أصل سوري، أكدوا أنه وأقارب آخرين كانوا من بين من شوهدوا في مقطع مصور يُقتلون بالرصاص. وقالت وزارة الدفاع السورية في وقت سابق إنها على علم بتقارير عن «انتهاكات صادمة» ارتكبها أشخاص يرتدون زياً عسكرياً في مدينة السويداء جنوب سوريا، مؤكدة أنه «لن يتم التسامح» مع مرتكبي هذه الجرائم في حتى لو كانوا من منتسبي الوزارة. وما زال الهدوء الحذر المشوب بالتوتر يسود محافظة السويداء وفق مصادر أهلية، مع استمرار استنفار الفصائل المسلحة المحلية في الريف الشمالي الغربي، بعد إجلاء أبناء العشائر البدوية المحاصرين. وخلال أسبوع من الاشتباكات في السويداء، نزح أكثر من 128 ألف شخص، وفق ما أفادت به «المنظمة الدولية للهجرة» التابعة للأمم المتحدة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وأن أكثر من 43 ألف شخص نزحوا في يوم واحد. كما وثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً، وإصابة أكثر من 783 آخرين، بجروح متفاوتة الخطورة، بين 13 و21 من يوليو (تموز) الحالي.

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
وزير الدفاع السوري: لن نتسامح مع أي مرتكب انتهاكات بالسويداء
شدد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، الثلاثاء، على أنه لن يتم التسامح مع أي من مرتكبي الانتهاكات في مدينة السويداء جنوب البلاد، حتى لو كان منتسباً لوزارة الدفاع. وأعلنت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع أن الوزارة ممثلة بأبو قصرة تابعت تقارير حول "انتهاكات صادمة وجسيمة ارتكبتها مجموعة غير معروفة ترتدي الزي العسكري في مدينة السويداء". كما قالت إدارة الإعلام والاتصال في الدفاع السورية، في بيان نشر على حساب الوزارة في منصة "إكس"، إنه "بناء على التعميمات الصارمة التي أصدرتها الوزارة بعدم دخول أية تشكيلات غير تابعة لها إلى منطقة العمليات العسكرية، تم تشكيل لجنة لمتابعة الانتهاكات التي حصلت في مدينة السويداء، والتحقيق في تبعية وخلفية الأفراد المرتكبين لها". كما أضافت أنه سيتم اتخاذ أقصى العقوبات بحق الأفراد المرتكبين للانتهاكات في مدينة السويداء ، بعد التعرف عليهم. "عمليات انتقامية" كذلك أردفت إدارة الإعلام والاتصال في الدفاع السورية أن أبو قصرة سيتابع تحقيقات لجنة الانتهاكات العسكرية بشكل مباشر. وتابعت: "أكدنا في تصريحات سابقة أن العديد من المجموعات المناطقية كانت متواجدة بمدينة السويداء، ونفذت عمليات انتقامية فيها". فيما ختمت قائلة إن "التحقيقات ستشمل كل من ظهر في التقارير الصادمة والمروعة، وستعرض النتائج حالما تنتهي أعمال اللجنة". تهدئة شاملة وتبادل المعتقلين وكان مصدر أمني سوري، قد كشف بوقت سابق الثلاثاء، أنه يجري تطبيق اتفاق وقف النار في السويداء بمعظم المناطق بلا خروقات. كما أضاف المصدر أن التهدئة بالسويداء ستتيح للحكومة إعادة العائلات إليها سريعاً، مشيراً إلى أن الخطوة التالية في المحافظة تنفيذ تهدئة شاملة وتبادل المعتقلين.