
نتنياهو يستخدم "حقوق" النساء المسلمات لتبرير حربه
منى الطحاوي* - (الغارديان) 19/6/2025
بينما تقوم قواته بذبح المدنيين في غزة، يدّعي نتنياهو أنه يدافع عن استقلالية النساء الإيرانيات. لكنه ليس أول مُشعل للحروب يفعل ذلك.
* * *
استحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سجل النظام الإيراني المريع في حقوق النساء لتبرير حربه البشعة على إيران. هذا هو الرجل الذي قتلت حملة الإبادة الجماعة التي يشنها ضد الفلسطينيين في غزة، من النساء والأطفال، خلال عامها الأول، أكثر مما قتلته أي حرب أخرى خلال الفترة الزمنية نفسها في العقدين الماضيين.
اضافة اعلان
قال نتنياهو للإيرانيين في مقابلة مع قناة "إيران إنترناشونال": "لقد أفقروكم، لقد أعطوكم البؤس، والموت، أعطوكم الإرهاب. إنهم يطلقون النار على نسائكم، تاركين تلك المرأة الشجاعة المذهلة، مهسا أميني، تنزف على الرصيف لأنها لم تغطّ شعرها".
من غير المعقول أن نسمع نتنياهو وهو يدعو الشعب الإيراني إلى الانتفاض ضد الأهوال نفسها التي أخضع لها الفلسطينيين هو نفسه. لكن هذا غير مفاجئ. وأنا على دراية تامة بكيفية استخدام الإمبرياليين والمحتلين والغزاة أجساد النساء المسلمات وحقوقهن كسلاح لتبرير حروبهم.
كمصرية، أعلم أن المستعمرين، مثل اللورد إيفلين بارينغ، أول حاكم فعلي لمصر بين العامين 1883 و1907، دعم حقوق النساء المصريات بينما كان مناهضًا متعصبًا لحقوق اقتراع النساء في بلده. وبدلًا من تحرير النساء المصريات، جعل بارينغ من المستحيل على من يعارضون الاحتلال والنفوذ الأوروبي أن ينتقدوا التقاليد أو الممارسات الدينية من دون أن يُنظر إليهم كما لو أنهم يقفون إلى جانب الغرب.
وبصفتي امرأة من عائلة مسلمة، أتذكر جيدًا كيف ادّعت الولايات المتحدة أن غزوها لأفغانستان كان لـ"تحرير" النساء من كراهية طالبان للنساء. والآن، بعد عشرين عامًا من ذلك الغزو المتهور، وحرب كارثية واحتلال، وانسحاب إجرامي وفوضوي من أفغانستان، ها هي طالبان تحكم من جديد.
بل إن الأسوأ والأكثر خزيًا هو ما أعرفه، كنسوية، من أن النسويات البيضاوات في الولايات المتحدة، بخلاف النسويات الأفغانيات، كنّ مشجعات لذلك الغزو، وفشلن في إدراك خطورة استيلاء القوى الإمبريالية على قضايا حقوق المرأة.
وقد شاركت قيادات من "مؤسسة الأغلبية النسوية" -بمن في ذلك إلينور سميل، الرئيسة السابقة لـ"المنظمة الوطنية لنساء- في فعاليات في وزارة الخارجية الأميركية والتقين بمسؤولين حكوميين. ووصف عدد الربيع في العام 2002 من "مجلة الآنسة" الغزو الأميركي لأفغانستان بأنه "تحالف أمل".
قال نتنياهو في خطاب متلفز آخر موجه إلى الإيرانيين: "بينما نحقق هدفنا، فإننا نمهّد الطريق أمامكم لتحقيق حريتكم. هذه فرصتكم للوقوف وإسماع أصواتكم. المرأة، الحياة، الحرية -زن، زندگى، آزادى".
أشعل مصرع مهسا أميني -الامرأة الكردية ذات العشرين عامًا- في مستشفى بإيران في أيلول (سبتمبر) 2022 بعد أيام من احتجازها لدى "شرطة الأخلاق" التابعة للنظام بزعم عدم التزامها بارتداء الحجاب، ثورة نسوية رفعت شعار "المرأة، الحياة، الحرية". ونهضت النساء والأقليات المهمشة في إيران -لا لمحاربة قانون النظام للحجاب الإجباري فحسب، بل لمحاربة عقده الممتد لعقود.
لم تكن الإيرانيات في حاجة إلى نتنياهو للدفاع عن حريتهن آنذاك، ولا هُن يحتجن إليه الآن. على العكس من ذلك، تشكل محاولته الاستيلاء على هذه الانتفاضة الشجاعة أسرع طريق إلى تجريد النسوية من مصداقيتها -وهي التي غالبًا ما يتم وصفها بأنها "غربية" وغريبة.
إن الحروب والغزوات لا تدعم الثورات، بل تؤذيها. وأنا أعرف تمامًا، كامرأة مصرية، كيف حاول النظام في بلدي بكل الجهد الادعاء بأن ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 كانت تُدار من الخارج.
الدفاع عن "القيم الليبرالية والغربية" لحقوق النساء هو غطاء أخلاقي سهل لغزو أو حرب أو استعمار، تحركه في حقيقته الرغبة في السلطة أو الموارد أو كليهما.
ولو أن القادة الغربيين يهتمون فعلًا باستقلالية النساء الجسدية، ربما كان عليهم أن ينظروا إلى أقرب إلى الوطن. كان جورج دبليو بوش الذي ادعى الدفاع عن النساء الأفغانيات من البرقع وطالبان هو نفسه الذي قطع التمويل عن أي منظمة دولية للتخطيط الأسري تقدّم خدمات الإجهاض أو استشاراته، مباشرة في أول يوم له في منصبه.
هل ستطالب النسويات البيض اليوم بغزو الولايات المتحدة، حيث يتم استخراج طفل في طور الخداج من جسد امرأة سوداء ميتة دماغيًا، ضد رغبة شريكها وعائلتها، لأنها عوملت كمجرد حاضنة بسبب حظر الإجهاض في ولاية جورجيا؟
من الأسهل ملاحظة شرطة الأخلاق في إيران -الخليط من الأبوية فوق الثيوقراطية- لأنها مرئية بوضوح في فرض الحجاب. ولكن ما الفرق بين ذلك وحالة حمل قسري تفرضها جماعات دينية متطرفة مسيحية في الولايات المتحدة؟ إنه الخليط نفسه: أبوية فوق ثيوقراطية.
إن الحروب والغزوات لا تُحرر النساء. اسألوا فقط نساء أفغانستان اليوم. في كل مرة تدّعي قوة إمبريالية أنها "تحرر" النساء من "رجالهن"، يعود هؤلاء الرجال لاستعادة السيطرة على "نسائهم" بعد رحيل الغزاة. وقد حظرت طالبان 2.0 تعليم الفتيات، ومنعت النساء من العمل في القطاعين العام والخاص، باستثناء الصحة وبعض الإدارات الأخرى.
كما منعت النساء من السفر لمسافات طويلة برًا أو جوًا من دون مرافقة قريب ذكر، ومن زيارة الأماكن العامة مثل الحدائق والصالات الرياضية والحمامات العامة من دون مرافق ذكر. بل وأغلقت طالبان حتى صالونات التجميل الخاصة بالنساء.
بصفتي نسوية، شعرت بالفخر والإعجاب، وهتفت دعمًا للنسويات في إيران وهنّ ينهضن من أجل "المرأة، الحياة، الحرية". وأنا على يقين أنهن يدركن أن عدو عدوهن ليس بالضرورة صديقهن.
*منى الطحاوي Mona Eltahawy: صحفية وناشطة أميركية-مصرية، تكتب عن النسوية. من كتبها "الخطايا السبع الضرورية للنساء والفتيات" The Seven Necessary Sins for Women and Girls.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Netanyahu is using Muslim women's 'rights' to justify his war. What hideous, hollow hypocrisy
في ترجمات:
أميركا كدولة نفطية: مساوئ الاستقلال في مجال الطاقة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
الصفدي : منع اسرائيل الشعب الفلسطيني حقه في الغذاء والدواء 'جريمة حرب'
أكّد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم، أن كارثية الوضع الإنساني في غزة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع ومنع إدخال المساعدات يستدعي تحركًا دوليًّا فوريًّا لفرض إدخال المساعدات من خلال المنظمات الأممية المعنية، تنفيذًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وشدّد الصفدي خلال استقباله المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) فيليب لازاريني على أن منع إسرائيل الشعب الفلسطيني حقه في الغذاء والدواء جريمة حرب وخرق فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقيم الإنسانية المشتركة، يجب أن يتصدى له المجتمع الدولي بشكل فوري وفاعل. وأكّد الصفدي مركزية دور الأنروا الذي لا بديل عنه في غزة وفي مناطق عملها الخمس وفق تكليفها الأممي، واستمرار جهود المملكة في دعمها. وأكّد الصفدي ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، والتوصل لاتفاق دائم وشامل لإطلاق النار، ودعم الجهود التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة لتحقيق ذلك.


رؤيا نيوز
منذ 3 ساعات
- رؤيا نيوز
استمرار تشغيل المخبز الأردني جنوب غزة لتوفير الخبز للنازحين
تواصل الحملة الأردنية بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في تشغيل مخبز مركزي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ضمن جهود الحملة الأردنية المتواصلة منذ أكثر من شهر لتأمين الخبز للعائلات النازحة. وقالت الحملة، إنّ المخبز، القريب من محطة طبريا للمياه، يُعد من المخابز الأساسية في جنوب القطاع، ويخدم منطقة مكتظة بالنازحين الذين لجأوا إليها بعد طلب الاحتلال الإسرائيلي إخلاء مناطقهم. وأوضحت أن فرق الحملة، وبالتنسيق مع الهيئة، تقوم بخبز مئات الأكياس من الطحين يوميا، وتوزيع الخبز مجانا على العائلات في مناطق مختلفة، ولا سيما في منطقة المواصي التي أصبحت ملاذا للآلاف من النازحين. وبيّنت أن هذه الجهود الإغاثية تأتي في ظل أوضاع إنسانية صعبة يواجهها سكان القطاع، من إغلاق المعابر، وشح المواد الغذائية، وارتفاع الأسعار. من جهتها، ثمّنت الناشطة نور النجار، ممثلة الحملة الأردنية في غزة، دعم الأردن المتواصل للقطاع، موجّهة شكرها لجلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي العهد على الجهود المستمرة منذ أكثر من عامين في دعم الفلسطينيين شمالا وجنوبا.


وطنا نيوز
منذ 4 ساعات
- وطنا نيوز
إعلام إسرائيلي: ترامب تجاوز الخط الأحمر بتدخله في محاكمة نتنياهو
وطنا اليوم:في سابقة خطيرة من وجهة نظر سياسية دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب القضاء الإسرائيلي إلى إلغاء محاكمة نتنياهو، معتبرا أن هذه المحاكمة تلحق الضرر بمصالح إسرائيل القومية. ولم يكتف بذلك بل أتبع دعوته هذه بتهديد يتضمن معاقبة إسرائيل إذا لم تستجب لدعوته بتعليق تزويدها بالأسلحة. وقال محللون إسرائيليون إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضرورة وقف محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية )، تجاوزت الخط الأحمر وذلك إلى التهديد بوقف المساعدات الأميركية لإسرائيل إن استمرت المحاكمة ووجهت هذه الدعوة الأنظار في إسرائيل إلى طبيعة العلاقة بين أميركا وإسرائيل، خصوصا أن البعض حاجج بأن ترامب ليس أول رئيس أميركي يتدخل في الشأن الداخلي الإسرائيلي. وهناك من رفض دعوة ترامب وحذر منها، لأن إسرائيل في نظره ليست 'جمهورية موز'. ومع ذلك ذهبت السجالات حول الأمر إلى فضاءات مختلفة، بينها المقارنة بين إدارة بايدن التي أنقذت إسرائيل فعلا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وبين إدارة ترامب التي تحاول إنقاذ نتنياهو من براثن 'العدالة' الإسرائيلية. وقد برر ترامب تدخله الفظ في مجريات القضاء الإسرائيلي عندما كتب في تغريدة له: أن 'مأساة المحاكمة هذه ستعيق المفاوضات مع إيران وحماس. بعبارة أخرى، ما يفعله المدعون العامون الخارجون عن السيطرة مع بيبي نتنياهو هو ضربٌ من الجنون. تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات سنويا -أكثر بكثير من أي دولة أخرى- للدفاع عن إسرائيل ودعمها. لن نتسامح مع هذا. لقد حققنا للتو نصرا عظيما مع رئيس الوزراء بيبي نتنياهو وقيادته، وهذا يضرّ كثيرا بانتصارنا. دعوا بيبي يتحرك، لديه عمل عظيم ليقوم به'. وردا على تغريدة ترامب الأولى ضد محاكمته، كتب نتنياهو: 'شكرا لك أيها الرئيس ترامب على دعمك المؤثر لي ودعمك الهائل لإسرائيل والشعب اليهودي'. وفي وقت لاحق من الرد وبعدها ربط نتنياهو بين الدعوة وما قد يكون 'صفقة شاملة' منسقة قائلا 'سنواصل العمل معا لهزيمة أعدائنا المشتركين، وتحرير رهائننا، وتوسيع دائرة السلام بسرعة'. دولة مستقلة وتقريبا تجنب الساسة في إسرائيل الوقوف في وجه ترامب أو انتقاد دعوته بحدة، بل إن قلة منهم اختارت التعليق على الدعوة وأغلب هؤلاء من جانب الموالين لنتنياهو ممن يتفقون على أن المحاكمة سياسية وأنها كان ينبغي ألا تكون. لكن زعيم المعارضة ورئيس حزب 'هناك مستقبل'، يائير لبيد، ألمح في مقابلة مع 'يديعوت أحرونوت' إلى أنه 'مع كل الاحترام لترامب، لا ينبغي له التدخل في عملية قانونية في دولة مستقلة. أفترض أن هذا تعويض يُقدمه ترامب لنتنياهو لأنه سيُخضعه في قضية غزة ويُنهي الحرب. هذا يُناسب ترامب'. وانتقد عضو الكنيست ماتان كهانا بشدة تصريح الرئيس ترامب بشأن المحاكمة. بحسب قوله، ورغم الاحترام الذي تكنّه إسرائيل لرئيس الولايات المتحدة، ينبغي عليه الامتناع عن التدخل في النظام القانوني الإسرائيلي: 'هذا كل شيء. دعوا النظام القانوني الإسرائيلي وشأنه. لسنا جمهورية موز، بل دولة مستقلة ذات نظام قانوني قوي، لذا كفوا أيديكم عن النظام القانوني الإسرائيلي'. وكانت افتتاحية 'هآرتس' في أول يوم من دعوة ترامب لإلغاء محاكمة نتنياهو قد حذرت من التجاوب مع هذه الدعوة. وكتبت 'اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطوة بارزة، التدخل الفظ في شؤون إسرائيل الداخلية بأن يدعو إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو منحه العفو. رأي ترامب بشأن سلطة القانون والمؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة معروف للجميع، وعليه فليس مفاجئا أن يكون أحد ما -ويمكن التخمين من هو- حرص على أن يقنعه بالتدخل لإلغاء المحاكمة'. ورأت الصحيفة أن 'ترامب أخطأ حين قرر التدخل في هذا الموضوع، سواء لأن في ذلك ما يضعف جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي ويعمق الاستقطاب في داخلها، أم لأن تدخله الفظ يرسم صورة إسرائيل كدولة تابعة للولايات المتحدة'. وإذا كانت افتتاحية 'هآرتس' تركت الباب مواربا تجاه من حث ترامب على إعلان هذه الدعوة فإن المراسل العسكري للصحيفة، عاموس هارئيل فتح الباب وكتب: 'رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول تجنيد الرئيس الأميركي لابتزاز جهاز القضاء في إسرائيل بالتهديد، والتوصل إلى إلغاء الإجراءات الجنائية ضده، من دون إدانة أو إقرار بالذنب'. ولاحظ هارئيل أن نتنياهو وترامب يريان نفسيهما شركين في نجاح الهجوم على إيران ومنشآتها النووية، وأن 'ترامب يريد استخدام هذا الإنجاز في إيران لصالح إنهاء الحرب في غزة وإعادة المخطوفين والتطبيع بين إسرائيل والسعودية فإنه يوجد لنتنياهو طلب صغير آخر وهو 'ساعدني على التخلص من المحاكمة'. فظيع وأوضح أن ترامب استجاب لذلك من خلال التصريحات الأكثر عنفا، فكتب 'فظيع ما يفعلونه لبيبي نتنياهو. إنه بطل حرب عمل بشكل رائع مع الولايات المتحدة للتخلص من التهديد النووي الخطير في إيران. الآن هو في خضم مفاوضات حول الصفقة مع حماس التي ستعيد المخطوفين. كيف يمكنهم إجباره على الجلوس في قاعة المحكمة طوال اليوم على لا شيء. هذه حملة تصيد وهي تشبه كثيرا ما أجبروني على أن أمر به'. وقد هدد الرئيس الأميركي حتى بوقف المساعدات الأمنية لإسرائيل إذا استمر 'هذا الجنون'، حسب رأيه. ولم يقتصر الأمر على هآرتس والمعلقين فيها بل تخطاها إلى كل الصحف الإسرائيلية وخصوصا 'يديعوت أحرونوت'. وكتب بتسلئيل لافي في موقع 'زمان إسرائيل' أن 'لا شيء يضاهي تدخل الرئيس دونالد ترامب السافر وغير المسبوق في محاكمة بنيامين نتنياهو للإدلاء بشهادته حول وضع دولة إسرائيل في العصر الحالي. لقد أظهرت إسرائيل قوتها العسكرية وجبروتها على مدى عامين تقريبا في ساحة المعركة. قوتها السياسية محدودة بسبب اعتمادها الكبير على لسان الرئيس الأميركي. والآن، يُلقي هذا الرجل بظلاله الكبيرة على النظام القانوني الداخلي أيضا، وهو فعل لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد، ومشكوك بوجوده حتى على الساحة العالمية. وفي نظره 'تكمن الخطورة هنا في دخول الفيل إلى متجر الخزف ومحاولته تدمير ما بداخله. من وجهة نظره، يتعامل ترامب مع النظام القانوني الإسرائيلي كما يتعامل في بلده، أي أنه يتصرف وفقا لفهمه. إن الدعم الذي يحظى به من المحكمة العليا الأميركية، ومعظم أعضائها محافظون ويشاركونه آراءه، يُمثل نقطة انطلاق له للتصرف بحرية غير مسبوقة في التاريخ الأميركي'. وتحت عنوان 'بالون اختبار' أم تأييد لنتنياهو: ما وراء 'هوس' ترامب بإلغاء المحاكمة؟ كتب المراسل السياسي لـ'يديعوت أحرونوت' إيتمار آيخنر أن تكرار ترامب دعوته لإلغاء محاكمة نتنياهو دفع المؤسسة السياسية والدبلوماسية للتساؤل عن سبب 'هوس' الرئيس بهذه القضية. وقال إنهم يتساءلون عما دفع ترامب للاستيقاظ صباحا والمطالبة بإلغاء محاكمة نتنياهو، وما علاقة ذلك بخطط ترامب لإنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، وتوسيع اتفاقيات إبراهيم. قدرة ترامب وكتب آيخنر أن 'المؤسسة السياسية صُدمت بتغريدة ترامب الليلة، التي هدد فيها ضمنيا بتجميد المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل إذا لم تُلغَ محاكمة نتنياهو، وبالربط الذي عقده بين الأمرين. في السابق، قُدِّر أن ترامب قادر حتى على فرض عقوبات على قضاة نتنياهو، كما فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، وعلى قضاة المحكمة. ترامب يُحب سلاح العقوبات، لكن تجميد المساعدات لدولة بسبب معاملتها لرئيس وزرائها؟ لم يحدث مثل هذا من قبل'. وبعد أن يشرح آيخنر موقف معارضين يرون أن دعوة ترامب جاءت بطلب من نتنياهو يشير إلى أن 'هناك في المؤسسة السياسية من يُثير احتمال أن تكون هذه مبادرة من ترامب، من دون طلب نتنياهو، أو بعبارة أخرى نوع من 'التوبيخ' لرئيس الوزراء. المقصود هو أن ترامب يوجه رسالة إلى نتنياهو بأنه يساعده في إلغاء محاكمته، حتى لا يتمكن رئيس الوزراء من رفض طلبات الرئيس بإنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن، وتوسيع اتفاقيات إبراهام، مع كل الشروط التي سيطلبها من إسرائيل'. وفي كل حال، هناك في الحلبة السياسية الإسرائيلية من يرى في دعوة ترامب محاولة أميركية لاختبار الوضع في إسرائيل، وهو بمثابة 'بالون اختبار'، في الوقت الذي تريد فيه واشنطن معرفة ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لمثل هذه الخطوة التاريخية لإقامة دولة فلسطينية، فالدعوة لإلغاء محاكمة نتنياهو مرتبطة بهذا، وترامب يختبر حدود صلاحياته. تجدر الإشارة إلى أن لترامب أيضا 'قاعدته' الخاصة، وليس من المؤكد أنه سيرغب في إثارة غضب الإنجيليين الذين لن يرحبوا بمحاولة فرض دولة فلسطينية على إسرائيل. وأيا يكون الأمر، من الواضح أن المجتمع الإسرائيلي منقسم على نفسه تجاه دعوة ترامب وتجاه أي محاولة لتمييز نتنياهو. فالجمهور المؤيد لنتنياهو يؤيد الدعوة، بينما الجمهور الليبرالي يعارضها بشدة لأسباب كثيرة، بينها أنه حتى لو أقر نتنياهو بالذنب فإن تحريره من التهم من دون عقاب يخلق إحساسا بـ 'الإنفاذ الانتقائي' مما يضعف الردع الجماهيري. كما أن صفقة كهذه سينظر إليها كتنازل سياسي أو كضعف من جهاز القضاء، مما يمس بشكل متزايد ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة. إضافة إلى ذلك، فإن السير إلى صفقة كهذه مع شخص بمكانة نتنياهو ستطلق رسالة إشكالية إلى السياسيين والشخصيات العامة الأخرى وتخلق نمط سلوك يتمثل بانعدام المسؤولية. وأخيرا، سترى أجزاء كبيرة من الجمهور في الصفقة 'تسوية' غير عادلة، مما يخلق لديهم إحساسا بخيبة الأمل أو اليأس، بخاصة بعد سنوات طويلة جدا من الإجراءات القضائية. قضاء جبان عموما ينظر إلى أداء القضاء الإسرائيلي في محاكمة نتنياهو على أنه قضاء غير شجاع وإن لم يكن جبانا. واعتبر يوسي فيرتر في صحيفة 'هآرتس' أن دعوة ترامب هي 'القشة الأخيرة'، خصوصا أن محاكمة نتنياهو 'آخذة في التلاشي أمام أنظارنا. لم يعد من الواضح إذا كان يوجد لها أي فائدة. هذه المحاكمة تحولت إلى نكتة، أيضا في السابق هي لم تتميز بجدية كبيرة. هيئة القضاء صادقت أمس على تأجيل المحاكمة أسبوعا. وفي الأسبوع القادم سنرى ماذا سيحدث. وفي الأسبوع الذي يليه يخطط المتهم الأول، بصفته رئيس الحكومة، للذهاب إلى صديقه دونالد ترامب الذي بالتأكيد سيقول بصوته ما غرد به حتى الآن ضد المحاكمة وجهاز القضاء في إسرائيل'. وأضاف 'من المحتمل أن يكون ما فعله ترامب هو القشة الأخيرة، قبل لحظة من سحق ما بقي من احترام للمحكمة بشكل نهائي'. وأشار إلى أنه أمام أنظار جو بايدن كان هناك الخطر الذي سيحدثه الانقلاب النظامي لأمن إسرائيل'. وأضاف أن 'الرئيس الصهيوني الأخير تجند لإنقاذ إسرائيل من التفكك. ترامب في المقابل تم تجنيده لإنقاذ بيبي من التفكك على مقعد الاتهام'.